طرق رئيسية غارقة في الظلام
تحقيقات
10 نوفمبر 2015 , 02:00ص
امير سالم
انتقد مواطنون غياب الإضاءة الليلية بمسارات عدة طرق حيوية بالدوحة وبالطرق الخارجية، وأكدوا أن الإضاءة تكاد تكون منعدمة عقب غروب الشمس ولفترة تقترب من 4 ساعات يوميا في بعض المناطق، وتنقطع تماما في أنحاء متفرقة بهذه الطرق خلال فترات الذروة المسائية، ومنها الطريق الدائري الرابع على سبيل المثال.
وأكدوا في حديثهم لـ «العرب» أن قائدي السيارات يتعرضون لضغوط كبيرة أثناء القيادة في هذه المسارات غير المضاءة، وقد تدفعهم إلى الوقوع في فخ الحوادث المميتة، لافتين في الوقت نفسه إلى غياب العدالة في توزيع الإنارة بالشوارع وفي الفرجان التي تعاني من ضعف الخدمة، منوهين بأن هناك مناطق تحظى بخدمات إنارة جيدة تضيف أجواء مبهجة مثل منطقة أسباير زون، بينما تعاني مناطق أخرى مثل الدفنة من الظلام وتراجع مستوى الرؤية إلى أدنى مستوى لها.
وطالبوا بضرورة تشكيل لجان لمتابعة ورفع مستوى خدمات الإنارة بكافة المحاور، ومد المناطق بما تحتاجه من إضاءة، منوهين بأن غياب الإنارة في أجزاء من طريق الشمال وطريق «الخرارة» المؤدي إلى مدينة مسيعيد كان السبب الرئيسي في زيادة معدلات الحوادث المرورية مؤخرا.
ورصدت «العرب» على مدار الأيام الماضية غياب الإنارة ليلا بعدة محاور مرورية حيوية منها على سبيل المثال: الطريق الدائري الثالث في المسافة الممتدة بين إشارتي أم غويلينا، وجسر أبوعبود، رغم حيوية المنطقة باعتبارها الممر الواصل بين الدوحة القديمة ومنطقة الكورنيش وأبراج الدفنة، وكذلك في مسافات بين راس أبوعبود وطريق مطار حمد الدولي، ولاحظت «العرب» وجود حالة من الظلام الدامس في أنحاء متفرقة من الطريق الدائري الرابع.
ولا يختلف الحال داخل الفرجان عن الشوارع الرئيسية وإن كان أقل حدة بحكم كونها ليست طرقا سريعة، لكن مشكلة نقص الإضاءة تؤرق السكان وأصحاب السيارات المارة بالشوارع الفرعية نظرا لإمكانية وقوع حوادث سير ناجمة عن غياب مستوى الرؤية.
ارتفاع معدلات الحوادث
أشارت أحدث الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء إلى وقوع 451 حادثا مروريا في شهر سبتمبر الماضي، ما أسفر عن وفاة 15 شخصا، وتعرض 53 آخرين لإصابات بليغة، و596 إصابة أقل حدة، وتتنوع أسباب الحوادث بين الإهمال وتجاوز السرعة المقررة وغياب الوعي المروري لكن أحدا لم يشر إلى أن غياب الإنارة بالطرق الرئيسية والفرعية قد يخلق ظروفا مواتية لوقوع حوادث مرورية نظرا لانخفاض مستوى الرؤية ليلا، وهو ما يعتبره مواطنون استطلعت «العرب» رأيهم في السطور التالية أحد أسباب وقوع الحوادث المرورية.
إهمال أم ترشيد؟
«من غير المقبول أن يتواصل مسلسل غياب الإنارة وتعطلها وعدم تشغيلها في عدة محاور مرورية مهمة داخل الدوحة وخارجها على هذا النحو الذي نعيشه حاليا». هذا ما أكده السيد يوسف آل محمود، موضحا أن حالة الظلام التي تضرب عدة مسارات مرورية سواء كانت طريق رئيسية أو داخل الفرجان تخلق أجواء مواتية لوقوع حوادث مرورية مميتة بسبب غياب الرؤية.
وقال: «إن غياب الإنارة أو لجوء المسؤولين لترشيد إنفاقها بالشوارع من خلال تأخير تشغليها في مرحلة ما بعد غروب الشمس لمدة تتجاوز الثلاث ساعات -وهو أمر ملحوظ مؤخرا- يجعل قائدي السيارات ومستخدمي الطرق في مواجهة مع مشكلات طارئة غير متوقعة نتيجة غياب الرؤية، موضحا أن غياب الإنارة يتساوى مع الخطأ البشري، ويمهد لحدوثه ما يجعل الظلام سببا رئيسيا في وقوع الحوادث.
ونوه بأن هناك في عدة مناطق لا تتوافر بها الإنارة، وإن تواجدت فهي شاحبة ولا توفر مسافة رؤية كافية أمام قائدي السيارات حتى يقودوا بسهولة وأمان ويتفادوا الحوادث، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة تشغيل الإنارة في كافة المسارات والمحاور المرورية، وعدم الاهتمام بإنارة منطقة علي حساب أخرى تعيش حالة دائمة من الظلام الدامس عقب غروب الشمس يوميا حتى شروقها في صباح اليوم التالي.
وأكد آل محمود على أهمية التركيز على التوزيع الجيد لخدمة الإنارة بالشوارع، وخاصة الحيوية منها مثل الطرق الدائرية الرابطة بين قلب الدوحة وأطرافها والمناطق الخارجية، موضحا إمكانية تخفيف الأنوار في بعض مسارات الطريق ولكن دون قطعها تماما -طالما كان التخفيف من أجل الترشيد- وليس إهمال في تقديم خدمة ضرورية لا توجد أي أسباب ضرورية في منعها.
أماكن مضاءة.. وأخرى مظلمة
«المشكلة لا تكمن في غياب الإنارة في محاور مرورية، وتوافرها في محاور أخرى، أو في مسارات دون غيرها بالطريق الواحد، ولكنها تتمثل في سوء توزيع هذه الخدمة بصورة تحقق العدالة دون إهدار أو تقتير». هذا ما أشار إليه المواطن عبدالله البلوشي، كاشفا عن وجود كثافة في الإنارة بأماكن بعينها، بينما تختفي تماما في محاور أخرى، ويستوي في ذلك الطرق الرئيسية أو في الفرجان.
وأكد أن غياب الإنارة وتأخر تشغيلها في عدة محاور يضع قائدي السيارات أمام ضغوط أثناء القيادة؛ لأن الأجواء لم تعد طبيعية، ولا توفر قيادة آمنة نظرا لعدم وضوح الرؤية، موضحا أن لجوء قائدي السيارات لتشغيل مصابيح الإضاءة الليلية بكامل طاقتها، لن يعوض غياب الإضاءة المفترض تواجدها بالشوارع، لأن الأنوار العالية للسيارات قد تتسبب هي الأخرى في وقوع حوادث لأنها شديدة الإزعاج وتجعل الرؤية صعبة لكونها شديدة التركيز.
الظلام يضرب طريق الخرارة
وقال البلوشي: «إن غياب الإنارة خاصة في الفرجان يضع قائدي السيارات أمام مشكلات ومفاجآت غير سارة قد تنتهي بحوادث خطيرة» مشددا على ضرورة تشكيل لجان من الجهات المسؤولة عن الإنارة لمتابعة مدي انتظامها، والمبادرة سريعا لإصلاح مناطق الأعطال، مع وضع خطة شاملة لضمان توزيع عادل للخدمة في كافة الأنحاء سواء كانت طرق رئيسية أو فرجان أو طرق خارجية.
ودعا إلى ضرورة حرص المسؤولين على حماية أرواح مستخدمي الطرق في ظل ارتفاع نسبة الحوادث المرورية رغم إجراءات وضوابط وحملات التوعية المرورية، وكشف البلوشي عن أن طريق «الخرارة» الممتد باتجاه المنطقة الصناعية وصولا إلى مدنية مسيعيد، يعاني من الظلام الدامس ليلا بطول مساره رغم أنه شريان مروري مهم.
وأضاف: «تقع جهة عملي بهذا الطريق، وأواجه صعوبات كبيرة في قيادة سيارتي خلال رحلتي الذهاب والعودة من الدوام المسائي نظرا لصعوبة مستوى الرؤية، وحالة الظلام الدامس التي تضرب الطريق» لافتا إلى أن نقطة الإضاءة الوحيدة بالطريق توجد في محيط دوار الخرارة، وقال: «إن الرؤية تكاد تكون معدومة تماما بالطريق، وهو أمر يثير القلق بالنسبة لي وباقي مستخدمي الطريق من التعرض لمفاجآت غير سارة خاصة أن الطريق تقع عليه حوادث كثيرة مؤخرا خاصة في الأوقات المتأخرة ليلا».
وقال: «إن طريقا بهذه الأهمية لدى كثيرين لا يصح أن يبقى عبئا على سالكيه من أصحاب السيارات بسبب غياب الإضاءة الليلية»، مشددا على ضرورة تلافي مزيد من الحوادث مستقبلا من خلال البدء في مد خدمة الإنارة بالطريق.
سبب غير رئيسي
«لا يمكن اعتبار مشكلة غياب الإنارة الليلية أو انقطاعها أو تأخرها لبعض الوقت بالطرق والمحاور المرورية وحتى الفرجان سببا رئيسيا في وقوع الحوادث؛ لأن الحوادث تقع نتيجة السرعة الزائدة وعدم الالتزام بقواعد المرور». هذا ما أشار إليه المواطن ناصر سليمان محمد، موضحا أن معظم الحوادث تقع نهارا وليس ليلا، وأن العامل البشري هو رئيسي في الوقوع في فخ الحوادث المرورية، وليس ما يتعلق بخدمات مساعدة مثل الإنارة، أو حالة الطريق نفسه.
ودافع «محمد» عن عدم وجود إنارة في مسارات بعض الطرق بالقول: «ربما يكون انقطاع مفاجئ، أو عطل فني، أو محاولة لترشيد استهلاك الكهرباء لبعض الوقت خصوصا في فترة ما بعد الغروب يوميا»، لكنه أكد أهمية أن تكون الشوارع مضاءة خاصة أن قطر تستعد لأحداث عالمية كبرى في المستقبل القريب مثل مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022، فضلا الرؤية الوطنية 2030، لافتا إلى أن تطلع قطر لمكانة تليق بها بين دول العالم المتقدم يستدعي أن تكون الدوحة وباقي مدن البلاد من أفضل بلدان العالم من حيث حالة الشوارع والطرق والمرافق والخدمات ومنها الإنارة بطبيعة الحال.
وقال: «إن غياب الإضاءة ليس ظاهرة كبيرة ولا خطيرة حتى تهدد حركة السير في كافة المحاور المرورية والطرق الرئيسية والفرعية، كما أن حال خدمات الإنارة في قطر أفضل كثيرا مقارنة بدول عربية وخليجية أخرى»، لافتا إلى أن الازدحام له دور كبير في الحوادث المرورية الناجمة عن سلوك شخصي وليس أي مؤثر خارجي آخر.
وأوضح بالمقابل أن خدمات الإنارة باعتبارها ضرورة حياتية لتسهيل حركة الانتقال الأمن في حاجة دائمة لمزيد من التحديث والتطوير حتى تكون على المستوى المطلوب.
مفاجآت طريق الشمال
«في الطرق الخارجية لا يمكن أن تكون حركة المواصلات آمنة بدون إنارة، خاصة في خط الشمال نظرا لزيادة احتمالات حدوث أمور طارئة بالطريق ليلا ومنها الظهور المفاجئ للسيارات والشاحنات القادمة من الطرق الفرعية». هذا ما أكده المواطن إبراهيم الخاجة، لافتا إلى أن غياب الإنارة يخلق حالة من التوتر لدى قائدي السيارات، وقد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة، وهو ما يجعل القيادة غير آمنة في بعض المناطق، وقال: «إن غياب الإنارة عن شوارع وطرق رئيسية وفي أوقات الذروة مساء لا يمكن تبريره ولا القبول، وحتى وإن كان من باب ترشيد الاستهلاك».
وفيما يتعلق بإمكانية أن يكون قطع الإضاءة أو تأخير تشغليها في عدة مسارات بالطرق الرئيسية من باب «الترشيد»، أوضح الخاجة أن خسارة مزيد من الإضاءة أقل أهمية، ولا يقاس بخسارة أرواح قد تزهق في حوادث مرورية ناجمة عن غياب الإضاءة، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الإضاءة في الفرجان ضعيفة جدا، ولا توفر أجواء مثالية للقيادة بها دون خوف من حدوث مفاجآت غير سارة.
إبهار في أسباير.. وكآبة في الدفنة
ودعا الخاجة إلى الحزم في مراجعة تقديم الخدمات الضرورية وفي مقدمتها الإضاءة بالشوارع والطرق الرئيسية، وضمان توافرها على نحو مقبول خاصة بالطرق الرئيسية كثيفة الحركة المرورية، موضحا أن هناك تفاوتا في مستويات الإضاءة في كافة الأنحاء بالدوحة وخارجها، فبعض المناطق ومنها الدفنة -علي سبيل المثال- تخفت بها الإضاءة ليلا رغم وجود تفريعات ومحاور وإشارات مرورية متنوعة ومعقدة في مسافة قصيرة، منوها بأن مناطق أخرى ومنها أسباير تحظى بأضواء مبهرة للغاية، بينما يعاني الدائري الرابع من غياب الإضاءة ليلا في أجزاء كبيره منه.
وأكد «الخاجة» أهمية التركيز على توفير خدمات الإنارة بالشوارع والمناطق الحيوية ليلا وبصورة لائقة، لافتا إلى أن الإضاءة ليست مجرد خدمة، وإنما شيء ضروري يعبر وجوده عن مدى رقي وتقدم البلاد، وقال: «إن حالة الشحوب التي تعانيها المناطق الحيوية داخل الدوحة نتيجة غياب الإنارة أو عدم توافرها بالقدر الكافي تفرض أجواء من الكآبة بما لا يليق مع المظهر الحضاري المأمول في قطر».