السادة: تراجع النفط والغاز يهدد جدوى المشاريع الجديدة
اقتصاد
10 نوفمبر 2015 , 12:10ص
الدوحة - العرب
قال سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة: إن اجتماع المائدة المستديرة السادس لوزراء النفط والطاقة في آسيا، يسعى للنظر في التحديات التي تواجهها المنطقة، في ضوء الواقع الجديد لأسواق الطاقة العالمية، وللتأكيد على الدور الذي تلعبه الدول الآسيوية في هذا الصدد.
وأشار سعادته، خلال افتتاح أعمال اجتماع المائدة المستديرة السادس لوزراء النفط والطاقة في آسيا، الذي تستضيفه وزارة الطاقة والصناعة بالتعاون مع منتدى الطاقة الدولي أمس، إلى أن الاجتماع يعد فرصة لجميع صناع القرار والشخصيات البارزة في قطاع الطاقة، حيث يواصل المجتمعون الجهود التي يقوم بها منتدى الطاقة الدولي في تحقيق التعاون الإقليمي الآسيوي في مجال الطاقة، استكمالا لأعمال الدورة الخامسة للطاولة المستديرة لوزراء الطاقة التي عقدت في سول في سبتمبر 2013.
وأكد السادة وجود حاجة ماسة لتبادل وجهات النظر بشأن مقومات العرض والطلب التي تؤثر في وضع السوق، والحديث عن التدابير، سواء كانت سياسات محلية أو مبادرات تعاون دولي، واللازمة لتصحيح توجهات السوق، بما يتيح للاقتصادات العالمية بما فيها الاقتصاد الآسيوي تحقيق التنمية المستدامة.
الجدوى
وبين أن انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي يهدد الجدوى الاقتصادية للمشاريع الجديدة، ويؤخر المشاريع المزمع تنفيذها، ويقلل من تدفق الاستثمارات، حيث انخفضت على سبيل المثال الاستثمارات العالمية في مجال التنقيب عن النفط وإنتاجه في العام 2015، بمقدار 130 مليار دولار، أو ما يقارب %20 مقارنة بالاستثمارات في عام 2014، مما يبعث على القلق بشأن مستقبل هذه الصناعة، ويمكن أن يؤدي إلى نقص في الإمدادات وما يتبعه ذلك من عواقب.
ولفت إلى أن الحديث عن آفاق النفط والغاز كمصادر للطاقة على المدى الطويل يتطلب الحديث عن استنفاد تلك الموارد، إذ بدأ العديد من حقول النفط والغاز في آسيا بالانخفاض التدريجي، كما أن الحالات التي لا يصاحبها توسع في الإنتاج يكون استنفاد الموارد فيها بوتيرة متواضعة تقل كثيرا عما كانت عليه في السابق.
وأضاف: «إنه بالنظر إلى صعوبة الحفاظ على معدلات الإنتاج الحالية في الحقول الموشكة على النضوب، والانخفاض التدريجي في معدل الإنتاج فيما تبقى من موارد النفط والغاز، فإن استمرار انخفاض أسعار النفط والغاز لفترات طويلة سيعوق الاستثمارات وقدرتها على زيادة القدرة الإنتاجية، مما سيؤثر على حجم المعروض من النفط والغاز في المستقبل».
عدم وضوح
وأكد سعادة الوزير أن عدم وضوح حجم الطلب على الطاقة، والظروف المضطربة التي تشهدها الأسواق العالمية لا تشجع المنتجين على الاستثمار في تطوير الموارد التي ستزداد الحاجة لها مستقبلا.
ونوه بأن تنامي مكانة القارة الآسيوية يقابله حتما تنامي التحديات والفرص الماثلة في طريق تطورها، مبيناً أن تلك التحديات تختلف باختلاف البلدان التي تشكل قارة آسيا، والتي تتفاوت بشكل كبير في مستويات المعيشة ومراحل التطور وأنماط وإنتاج الطاقة واستهلاكها.
وأشار إلى أن تطلعات الدول الآسيوية أوجدت مجموعة من التحديات التي تواجه واضعي سياسات الطاقة في المنطقة، كتحسين كفاءة الطاقة وإدخال إصلاحات على سياسات دعم أنواع الوقود، والحد من الهدر في الاستهلاك وتنويع مزيج الطاقة.
تحدِّ
وقال سعادة الدكتور السادة، إن القاسم المشترك والتحدي الأصعب الذي يواجه الدول الآسيوية نتيجة لهذه التطلعات الاقتصادية والتنموية هو تأمين احتياجاتها من الطاقة، مع عدم إغفال جانب آخر بالغ الأهمية ينطوي تحت هذا التحدي، وهو «أنه يتعين على دولنا أن تولي اهتماما بالغا لمسألة الحد من ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، خاصة بالنظر إلى الدور المتنامي الذي يلعبه الفحم في مزيج الطاقة الآسيوي»، مبينا أن هذه القضايا ستتم مناقشتها خلال الطاولة المستديرة المنعقدة في الدوحة.
واستعرض سعادته آخر التطورات التي طرأت على قطاع الطاقة وآثارها على قارة آسيا، مضيفا أن كل الدول تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على مدى السنة ونصف السنة الماضيين، بانخفاض أسعار النفط، حيث شهدت تلك الفترة هبوطا مستمرا في أسعار النفط من 110 دولارات إلى أقل من 50 دولارا للبرميل في الوقت الراهن.
وطأة التراجع
وذكر أن شركات النفط الوطنية والعالمية شعرت بوطأة هذا الانخفاض، كما عانت اقتصادات الدول المنتجة للنفط من العجز في ميزانياتها، في حين استفادت كبريات الدول المستهلكة من انخفاض الأسعار، بينما كان لكل من الارتفاع الكبير في إمدادات النفط الصخري وضعف نمو الطلب العالمي، دور كبير في انخفاض أسعار النفط، وأسفر ذلك عن عدة تداعيات، أهمها انكماش الاستثمار في مشروعات التنقيب، وتطوير صناعة النفط والغاز، وتغيّر أنماط التجارة في تلك السلع.
وفي موضوع ذي صلة، قال سعادة وزير الطاقة والصناعة: «إن الفحم يحتل المركز الثاني بين مصادر الطاقة الأكثر استخداما في العالم، ورغم التحديات البيئية الناتجة عن استخدام الفحم فإنه يبقى عنصرا أساسيا في مزيج الطاقة في قارة آسيا، غير أن حركة سوق الفحم شهدت بعض التغيرات هي الأخرى، مع زيادة نسبة الإنتاج الموجهة لتلبية احتياجات قارة آسيا».
وبيَّن سعادته أن «أي استثمارات موجهة لتطوير مصادر الطاقة المستقبلية سيكون لها تأثير بالغ على مزيج الطاقة الإقليمي، خاصة أن الفحم لا يزال يشكل عصب صناعة الطاقة في الكثير من الدول الآسيوية، لذلك ربما يكون مستقبل الفحم إلى جانب الغاز في آسيا، أحد القضايا التي ينبغي مناقشتها في هذا الاجتماع الآسيوي».
وفرة الغاز
وأضاف أن وفرة الغاز الطبيعي في أنحاء كثيرة من العالم، ومدى جاذبيته كمصدر نظيف للطاقة، تظل حافزا قويا لبذل المزيد من الجهود لتطوير مشاريع الغاز الطبيعي. مضيفا: «ولا تزال هناك فرص أمام الغاز الطبيعي للدخول إلى أسواق جديدة، من بينها العديد من الأسواق الناشئة التي ستجد الغاز المصدر الأمثل للطاقة، في ظل التوجه الحالي للالتزام بتحقيق أهداف أكثر صرامة لمواجهة التغير المناخي».
وأشار سعادة الدكتور السادة إلى أن النمو الكبير الذي حققته صناعة الغاز الطبيعي المسال حتى الآن على مستوى العالم كان نتيجة لعدة عوامل، من بينها التكنولوجيا المبتكرة والتعاون والاستثمار، إلى جانب الالتزام المطلق بالسلامة في جميع مراحل الإنتاج، داعيا إلى مواصلة التركيز على عوامل النجاح، والسعي لمزيد من التعاون في إيجاد الحلول للتغلب على التحديات.
وأكد سعادته على أهمية الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة والترويج لاستخدامه، كونه الوقود الأحفوري الأمثل لحماية البيئة.
التعاون
كما دعا سعادته المؤتمرين إلى التعاون الفعال من أجل تحقيق أهداف التنمية والاستدامة في بلدان القارة، ضمن إطار اتفاقية تغير المناخ العالمي، من خلال تبني مواقف متوازنة تراعي مصالح الجميع، معربا عن تقديره لكل الجهود التي بذلت لعقد الاجتماع.
يناقش الاجتماع عددا من المواضيع ضمن جلسات مختلفة تأتي إحداها تحت عنوان: «أسواق النفط الراهنة.. واقع جديد، أو مجرد دورة أخرى، وماذا يعني ذلك بالنسبة للقارة الآسيوية؟»، إلى جانب جلسة أخرى تناقش تفاعل الغاز والفحم في مزيج الطاقة في آسيا، إضافة إلى استعراض لآفاق الطاقة النظيفة، ودور السياسات في رسم مستقبلها.
يذكر أن اجتماع المائدة المستديرة يعقد مرة كل سنتين في إحدى الدول الآسيوية النفطية، حيث عقد للمرة الأولى في الهند عام 2005، وكانت المملكة العربية السعودية قد استضافته عام 2007، وبعدها أقيم باليابان عام 2009، فيما عقد الاجتماع الرابع في الكويت خلال العام 2011، وكان آخر اجتماع في العام 2013 في مدينة سول بكوريا الجنوبية.