أوضحت الدكتورة آمال أنطوان عيسى أخصائية طب الأسرة في مركز الغويرية الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية أن اكتئاب الصيف هي حالةٌ من الاضطراب في المزاج تصنّف علميّاً تحت الاضطراب العاطفي الموسمي أو الاكتئاب الموسمي أي الاكتئاب، الذي يأتي مع الفصول صيفاً أو شتاءً، مصحوبا بتغيرات في الأفكار، المشاعر، السلوك والحالة الجسدية.
وقالت د. أمال أنطوان لـ «وقاية»: يشعر المصابون باكتئاب الصيف معظم الوقت بحزن شديد، إحباط أو يأس، بفقدان الاستمتاع بممارسة الأنشطة التي طالما كانوا يحبونها، كذلك الشعور بالإرهاق والكسل، صعوبة في التركيز، تغيرات في الشهية والنوم، الإحساس بالذنب وانعدام الثقة بالذات، القلق والتململ حتى من الأمور البسيطة وتباطؤ في التفكير والحركة، وقد يصل الأمر إلى فقدان الرغبة بالحياة والتفكير بالموت.
وأضافت: يؤثر تقلب المزاج على الحياة اليومية بشكلٍ متفاوت من خفيف، متوسط إلى وخيم حسب عدد الأعراض وحدّتها. ويخلق صعوباتٍ عديدة في القيام بأبسط الأمور اليومية في العمل كما الدراسة أو العلاقات الاجتماعية. أكثر العوارض التي تترافق مع كآبة الصيف هي نقص في الشهية وفقدان الوزن مصحوبة بالأرق والتوتر. تبدأ هذه العوارض بالظهور في أواخر فصل الربيع ومع حلول فصل الصيف وتمتد لحوالي ٤ أو ٥ أشهر، تختفي في الخريف لتعود وتظهر في فصل الصيف التالي. يعتبر اكتئاب الصيف أقل شيوعاً من اكتئاب الشتاء عالمياً. ولكن في البلدان الأكثر حرّاً والأقرب إلى خط الاستواء تكون كآبة الصيف أكثر انتشاراً. ومن المتوقع ازدياد حالات كآبة الصيف مع استمرار التغيير المناخي وتزايد موجات الحر في أماكن عدة في العالم.
النساء أكثر عرضة
وأكدت أن أي شخص معرض للإصابة بالاكتئاب، لكن تعتبر النساء عرضة للإصابة باكتئاب الصيف أكثر من الرجال، كذلك يزيد التعرض للكآبة في عمر الشباب وفي حالة وجود تاريخ شخصي لأمراض المزاج أو تاريخ عائلي في الاضطراب العاطفي الموسمي، لكآبة الصيف أسباب بيولوجية، نفسية واجتماعية.
وأشارت إلى أن أشعة الشمس الصيفية الساطعة لها تأثير على كيمياء الدماغ وخاصةً هرمون السعادة «السّيروتونين» وهرمون «الميلاتونين» المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية للجسم خلال الصيف، وبطول النهار ويقل فرز هرمون «الميلاتونين» الذي ينظم النوم ما يجبر الناس على النوم لساعاتٍ أقل وينتج عن ذلك تعب جسدي وإرهاق.
وأردفت: كذلك عندما يكون الطقس حاراً نتفادى الخروج من المنزل ونمكث في أماكن مغلقة لفترات طويلة بسبب الجو السيئ ويقل التواصل الاجتماعي، فندخل في دوامة من العزلة، قلّة النشاط البدني، الوحدة والأكل غير المنتظم ما يؤثر سلباً على المزاج، كما يترافق فصل الصيف بالعطل الدراسية والإجازات من العمل فيتغير الروتين اليومي في المنزل من مواعيد الأكل والنوم والنشاطات وهذا التغير في نمط الحياة يخلق توترا عند البعض، فمع انتهاء الفصل الدراسي يشعر الأطفال والشباب بالملل والفراغ ما يؤثر سلباً على حالتهم النفسية، خلال فصل الصيف أيضاً تكثر النفقات المادية من جراء الإنفاق على النشاطات المسلّية والسفر ما يزيد من الضغوطات المالية ويساهم في الشعور بالتوتر في الصيف.
ونوهت أخصائية طب الأسرة في مركز الغويرية الصحي أن من أهم النصائح الوقائية لتفادي حدوث اكتئاب الصيف هو معرفة العوامل المسببة له واستدراكها، وهناك مجموعة من الإرشادات الوقائية المفيدة، مضيفة: التزموا بروتين يومي واتبعوا جدولا لتناول الوجبات، الاستيقاظ والخلود إلى النوم بشكلٍ منتظم، واحرصوا على النوم لساعات كافية لنيل قسطٍ كافٍ من الراحة، والتزموا بنظام غذائي صحي ومتوازن ولا تنسوا شرب المياه بكمية جيدة، ومارسوا الرياضة بانتظام واملأوا وقت الفراغ بممارسة الهوايات والأنشطة التي تستمتعون بها مثل المطالعة، التنزه، الطهو، الرسم، السفر، مارسوا تمارين التنفس للاسترخاء والتغلب على التوتر، وحافظوا على الروابط العائلية، كما عليكم أن تحرصوا على التواصل مع الأصدقاء والمشاركة في المناسبات الاجتماعية.
العلاجات النفسية
وتابعت: توجد علاجات عديدة فعالة لاكتئاب الصيف وتشمل العلاج النفسي والأدوية المضادة للاكتئاب، تكون العلاجات النفسية محادثة مع متخصصين وتهدف إلى تعلّم طرقٍ إيجابية للتفكير والتأقلم مع الضغوطات النفسية، يتحسن معظم الأشخاص المصابين بالاكتئاب بالأدوية أو العلاج النفسي أو كليهما.
وأشارت إلى أن الخدمات متوفرة في المراكز الصحية التابعة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية، ولكن يتردد العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية في تلقي العلاج إماً عن طريق الأدوية أو المتابعة مع المعالجين النفسيين لما للأمراض النفسية من وصمةٍ في مجتمعاتنا العربية ومغالطاتٍ وأفكارٍ خاطئة حولها وحول العلاجات.
وشددت على أهمية نشر الوعي حول الصحة النفسية والتوضيح أنه يوجد علاجات فعالة لهذه الأمراض كباقي الأمراض، فإذا كنت تعاني من أي هذه العوارض لا تتردد في زيارة طبيب أسرتك في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية لطلب المساعدة في أقرب وقتٍ ممكن.