دراسة توصي بنظام متكامل لدمج ذوي الإعاقة في سوق العمل

alarab
محليات 10 يونيو 2021 , 12:56ص
الدوحة - العرب

أوصت دراسة متخصصة بدمج ذوي الإعاقة في سوق العمل بضرورة تأسيس نظام متكامل للرعاية والتأهيل المهني لذوي الإعاقة، والعمل على زيادة وعي المجتمع بمشكلة الإعاقة وأسبابها وأنواعها، وكيفية الحد منها. وأكدت الدراسة التي أعدتها الدكتورة هلا السعيد سفيرة النوايا الحسنة، وبروفسور التربية الخاصة، ومديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة، أهمية الاستعانة بالتكنولوجيا المتقدمة في مجالات التصدي لمشكلة الإعاقة، وتوفير مناخ اقتصادي متكامل تنص قوانينه على رعاية وحماية الحقوق الاقتصادية لذوي الإعاقة بشكل عام.

ودعت الدراسة إلى تدريب وتأهيل ذوي الإعاقة في بيئة العمل، وإعدادهم لتقلد الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص بالدولة، ووضع القوانين والعقوبات الصارمة لكل جهة ترفض توظيف ذوي الإعاقة.
وقال د. هلا في الدراسة أن دمج وتوظيف ذوي الإعاقة يعد من الواجبات الوطنية؛ لأن هذه الفئة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وإن الاهتمام بمحور العمل بالنسبة لذوي الإعاقة، لا ينطلق من مفهوم المساواة وتكافؤ الفرص كأهداف مجردة، بل ينطلق من مفاهيم اقتصادية وإنتاجية، ويخفف من عبء الإعاقة على الأسرة والدولة، لافتة إلى أن العمل من الناحية النفسية والاجتماعية ليس مجرد بذل الجهد العقلي أو الجسدي لإنجازه، بل يعني التفاعل بين الإنسان والبيئة المادية والاجتماعية التي يعيش فيها الفرد.
وأكدت أن «التهيئة المهنية» تركّز بالدرجة الأولى على إعداد الطلاب والطالبات للعمل مستقبلاً في أحد مجالات الحياة، والوصول بهم للاستقلالية المهنية التامة، والعمل على إعداد وتهيئة الطلبة من ذوي الإعاقة كل حسب قدراته للانخراط بسوق العمل. وفيما يتعلق بتوظيف ذوي الإعاقة في مؤسسات وشركات الدولة، فإن هذه العملية تتم على مراحل للوصول للاستقرار والأمان الوظيفي، وتشمل التهيئة المهارية والتعليمية والفنية، وتطبيق برنامج الدمج الكلي والجزئي بالمجتمع الخارجي، ثم التهيئة المهنية، وعمل زيارات لطلبة التهيئة لبعض المؤسسات في الدولة لمعرفة طبيعة عملهم في تلك المؤسسات، وإجراء محاضرات تثقيفية توعوية لموظفي المؤسسات التي سيتم توظيف ذوي الإعاقة لديها، والمتابعة الدورية لهم في أماكن عملهم. 
وأشارت د. هلا إلى عوامل رئيسية يجب مراعاتها عند القيام بعملية تشغيل ذوي الإعاقة، وتشمل مدى تطبيق المؤسسة لاتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة في التشغيل والتوظيف، وموافقة الشركات والمؤسسات على عمل ذوي الإعاقة، وتهيئة الفئة على العمل (التأهيل والتدريب المهني)، واختيار الوظيفة أو «العمل» المناسب لذوي الإعاقة، وتحليل العمل كما يتناسب مع نوع الإعاقة وشدتها.
وشددت على ضرورة مراعاة التاريخ الوظيفي للفرد ذي الإعاقة لمعرفة مدى إبداعه أو إخفاقه فيها، والتعرف على مستواه العملي والتعليمي، ونوع العمل، والمقدرة الجسدية لديه، وحصر الأعمال ومتطلباتها، والاطلاع على موقف الأهل من عمل ذي الإعاقة وإقناعهم بضرورة عمله.
وقالت: «إن دمج ذوي الإعاقة يُحقّق منافع اقتصادية، وإنّ حصول الأشخاص من ذوي الإعاقة على خدمات إعادة التأهيل في وقت مُبكّر يُساعد على الاستفادة من إمكاناته، وتقليل الخدمات الصحية التي يحتاجها مُستقبلاً».

التدريب ضرورة لضمان نجاح الدمج

أوضحت الدراسة أن استراتيجيات دمج ذوي الإعاقة تعتمد على تغيير الثقافات والأولويات وفقاً للعديد من الأمور، من أبرزها التأكيد على أنَّ لكلّ شخص قيمته في المجتمع، وأكدت الدراسة أن يكون التواصل مبنيّاً على الاحترام، والترحيب، والودّ، وذلك مع جميع الأشخاص بمن فيهم ذوو الإعاقة، لافتة إلى ضرورة الإقرار والاعتراف بطبيعة وجود التحدّيات الخاصّة في المجتمع، ممّا يُساهم في فهمها واحتضانها؛ لأنَّ التحدّيات الخاصّة يُمكن أن تتواجد في أيّ فئة سكّانية على اختلاف الجنس، والعمر، والعِرق، كما بإمكانها أن تُؤثّر على مُعظم الناس من خلال الحوادث، والمرض، والشيخوخة.
وأشارت الاستراتيجية إلى العديد من الخطوات، أهمّها التعرُّف على مواهب ذوي الإعاقة وتنميتها، وإنشاء خطّة لتوظيف ذوي الإعاقة وتهيئتهم للوظيفة، وتطبيق البند الخاص، وحقهم بالعمل والتوظيف المساواة وعد التميز الاحتفاظ بهم كموظفين في الشركات.
ووفقاً للدكتورة هلا السعيد تستهدف الاستراتيجية تمكين الأفراد من ذوي الإعاقة من تطوير علاقاتهم بأقرانهم، وبناء المهارات الاجتماعية.
كما تشمل تدريب الأفراد من ذوي الإعاقة ليُصبح دمجهم أمراً فعّالاً وناجحاً، ويبدأ من المرحلة المبكرة الدمج الجزئي ثم الدمج الكلي وصولاً للتمكين.
وتتضمن الاستراتيجية تحديث وتجهيز المرافق والخدمات التي يحتاجها ذوو الإعاقة.
وتوظيف أفرادها للقيام بأدوار تمثيلية، وإظهارهم في وسائل الإعلام، والتواصل عبر استخدام لغة وألفاظ مُناسبة ومُهذّبة في التواصل والأدلّة الإرشادية في التواصل، ومشاركة صور الأشخاص من ذوي الإعاقة في الرسوم البيانية، ومواقع الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكدت الدراسة إمكانية استخدام استراتيجيات أخرى يُمكن اتّباعها لدمج ذوي الإعاقة، ومن أهمّها زيادة تمثيلهم في الأدوار السياسية في المجتمعات، وتعزيز الدمج الاجتماعي في المدارس، وتقديم المنح الجامعية للرياضيين منهم، وجعل إمكانية السفر الجويّ مُتاحاً للجميع.

التدريب يسهّل دمج ذوي الإعاقة في المجتمع

حددت الدكتورة هلا السعيد خلال الدراسة مفهوم الدمج لذوي الإعاقة بالقول إنه إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة وضمّهم في الأنشطة اليومية، إلى جانب تمكينهم من القيام بأدوار مُماثلة لأقرانهم من غير ذوي الإعاقة في جميع جوانب الحياة، لافتة إلى أن عملية الدمج تؤدي إلى تفعيل دور هذه الفئة في المجتمع، من خلال مشاركتهم في الأنشطة المُجتمعية، وإقامة العلاقات الاجتماعية، واستخدامهم للخدمات العامّة بسهولة الوصول، مثل: استخدام وسائل النقل، والمكتبات، وخدمات الرعاية الصحية، والتعليم، وغيرها. كما يتضمّن التأكد من وجود سياسات فعّالة ومُؤثّرة في المجتمع تُمكّن الأفراد من ذلك.
وأكدت ضرورة تحويل ذوي الإعاقة من مستهلك إلى منتج، خاصة أن نسبة ذوي الإعاقة تصل إلى 15% من إجمالي سكان العالم، وقد تصل إلى 20% أي ما يُقارب مليار شخص، إلا أنّهم يُواجهون حواجز اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، تمنعهم من المشاركة الكاملة والفعّالة في المجتمع، بما في ذلك تلقّي الرعاية الصحية، والتوظيف، والتعليم.
وأوضحت أن عملية دمج ذوي الإعاقة ستكون سبب حمايتهم من أمور عديدة، وإعطائهم الثقة بالنفس، وشعورهم بالمساواة، وعدم اضطهاد المجتمع لهم، منوهة بأن احتمالية عدم التحاق الأطفال من ذوي الإعاقة بالمدرسة تصل إلى الضعف مُقارنة بباقي الأطفال، كما أن الأشخاص من ذوي الإعاقة يُواجهون أحياناً أخطاراً تُهدّد أمنهم، حيث تُعدّ الفتيات والنساء من ذوي الإعاقة أكثر عرضة من 4 إلى 10 مرّات للعنف مُقارنة بغيرهن، وأوضحت أن الدراسات تقول إن الدمج له مردود إيجابي على الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع والدولة، وأن ميزانية الخدمات الصحية والتعليمية والمباني المتخصصة وبرامج المناهج والأدوات المساعدة والمعونات الشهرية الاجتماعية لهذه الفئة مكلفة اقتصادياً، وأن الدمج يُحقّق منافع اقتصادية، لافتة إلى أن حصول الأشخاص من ذوي الإعاقة على خدمات إعادة التأهيل في وقت مُبكّر يُساعد على الاستفادة من إمكاناتهم، وتقليل الخدمات الصحية التي يحتاجونها مُستقبلاً. 
وأشارت الدراسة إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق ذوي الإعاقة تكفل حقوقاً مُماثلة لجميع الأفراد، وأن اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة من الأمم المتحدة عام 2006 والتي صدقت عليها 163 دولة ملزمة للجميع.

عوامل رئيسية واجبة في عملية التشغيل

حددت د. هلا السعيد خلال الدراسة العوامل الرئيسية الواجب مراعاتها عند القيام بعملية تشغيل ذوي الإعاقة. وتشمل هذه العوامل مدى تطبيق المؤسسة لاتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة في التشغيل والتوظيف، وموافقة الشركات والمؤسسات على عمل ذوي الإعاقة، والتهيئة اللازمة لعمال (التأهيل والتدريب المهني).
وأكدت ضرورة اختيار الوظيفة أو «العمل» المناسب لذوي الإعاقة، وتحليل العمل، كما يتناسب مع نوع الإعاقة وشدتها، ومراعاة التاريخ الوظيفي للفرد ذوي الإعاقة لمعرفة مدى إبداعه أو إخفاقه فيها، والتعرف على مستواه العملي والتعليمي، ونوع العمل، والمقدرة الجسدية لذوي الإعاقة، وحصر الأعمال ومتطلباتها، وشددت الدراسة على ضرورة التعرف على موقف الأهل من عمل ذوي الإعاقة، وإقناعهم بضرورته.
وكذلك المواصلات ومدى توافرها لتسهيل عملية التشغيل، ومدى توفر السلامة العامة في مكان العمل، والتأكد من التجهيزات الضرورية لمكان العمل أي يناسب نوع الإعاقة، وإجراء أية تعديلات لازمة، واتقاء أية مخاطر يمكن حدوثها له.