

لطالما شكلت اللغة العربية جسرًا للتواصل الثقافي والمعرفي بين الشعوب في مختلف أنحاء العالم، مساهمةً بذلك في التقريب بينهم، وتعميق فهمهم لثقافة الآخر وعاداته وتقاليده. وهذا ما ينعكس في قصة الطالبة ليدي جالاغونيا، من دولة جورجيا، 28 عامًا، التي تتابع دراستها لدرجة الدكتوراه، تخصص اللغة العربية في جامعة ولاية تبليسي وإحدى المشاركات في الفعاليات التي ينظمها مركز مناظرات قطر.
قالت جالاغونيا، التي تنكب على تعلّم اللغة العربية منذ عشر سنوات لـ «العرب»: «أصبحت اللغة العربية جزءًا لا يتجزأ من حياتي، ومن مساري الأكاديمي والمهني؛ فهي من أقوى اللغات وأكثرها انتشاراً بالعالم، وهي موضوع رسالة الدكتوراه التي أقدمها، واللغة التي أتواصل بها ليس فقط مع أصدقائي العرب الذين تعرفت عليهم طوال فترة إقامتي ودراستي في البلدان العربية، بل أيضًا مع زملائي المتخصصين في اللغة العربية».
وأضافت:»حين نتخذ قرارًا ما بشأن مستقبلنا، فهذا لا يعني أننا ندرك ما الذي ينتظرنا، أو أننا نرغب كليًا في اتباع هذا المسار، لكن بفضل الاكتشاف والتجربة، تتعزز الثقة بخياراتنا أكثر. بالنسبة لي، فقد كنت محظوظة بما يكفي لإيجاد ما سيضيف شيئًا مميزًا لحياتي، وهو تعلم اللغة العربية. لقد كنت كثيرة الاهتمام باللغات وعلومها؛ وعندما أدركت أن اللغة العربية ستفتح لي الأبواب لدخول خمس وعشرين دولة، أدركت أنها اللغة التي ينبغي عليّ تعلمها، لأنها الجسر الذي سيوصلني إلى حيث أريد أن أكون».
وأشارت جالاغونيا إلى أهمية تعلم لغة جديدة، على اعتبار أن «خلف كل لغة جديدة نتعلمها، عالم جديد»، بالقول: «السنوات التي قضيتها في تعلم العربية لا تتعلق بالقواعد أو المفردات فحسب، لكنها عززت فهمي لطرق تفكير الشعوب العربية، وكيف يعبرون عن مشاعرهم، وما هي الطرق التي يرون بها العالم وما إلى ذلك».
وأكدت أن تعلم اللغة هو وسيلة للتعرف على ثقافة معينة. وقالت بهذا الخصوص: «ساعدتني قراءة الأدب العربي والنصوص الفلسفية والاستماع إلى الموسيقى العربية والتواصل مع الأفراد باللغة العربية، سواء كان ذلك في الفصول الدراسية أو خارجها، على فهم العديد من تجليات الثقافة العربية».
وتابعت: «كما تعد اللغة العربية واحدة من أكثر اللغات انتشارًا في العالم وواحدة من اللغات الرسمية للأمم المتحدة مما يجعلها من أقوى اللغات وأكثرها جذبًا للراغبين في تعلمها كلغة ثانية».
ولفتت جالاغونيا إلى أن تعلم العربية أضاف إلى حياتها الكثير من الخبرة والمعارف الجديدة والذكريات التي لا تمحى، وأن بفضلها حظيت بأصدقاء جدد يشاركونها الاهتمام نفسه.
وناشدت جالاغونيا جميع المهتمين بالتعرف على الثقافات العربية على تعلم اللغة العربية لكونها هي الوعاء الحامل لمظاهر هذه الحضارة وثقافتها، قائلةً: «أنصح كل من لديه اهتمام بالتعرف وفهم هذه المنطقة الجغرافية من العالم، بتعلم اللغة العربية، التي ستتيح له الوصول إلى العديد من الفرص على مستوى الحياة المهنية والأعمال والحياة الأكاديمية والمعرفة الشخصية، وما إلى ذلك».
شغفها بتعلم اللغة العربية قادها لتصبح منذ عام 2021 عضوة في أكاديمية النخبة التابعة لمركز مناظرات قطر، عضو مؤسسة قطر، وهي أيضًا مؤسِسة مركز المناظرات العربية في جامعة ولاية تبليسي (جورجيا) ومدربة لفريق الجامعة. وعن تجربتها هذه، تقول: «بالرغم من أن إتقان فن المناظرات يعد تحديًا على جميع الصُعد، خاصة عندما تكون لغة المناظرة ليست هي لغتك الأم، إلا أن ذلك شجعني على الاستمرار ومساعدة الطلاب الآخرين في اكتساب المهارات الأساسية للمناظرة باللغة العربية. فإلى جانب ورش العمل وجلسات التناظر التي يقدمها مركز مناظرات قطر، ساعدتني عملية تدريس العربية على اكتشاف أشياء جديدة وتعلم المزيد».
وحول صعوبة تعلم اللغة العربية أو استخدامها، قالت: «إن تعلّم أي مهارة أو لغة جديدة يصاحبه الكثير من التحديات، ولكن مع الإصرار والالتزام، يصبح الصعب سهلًا، ويمكنني القول إن اللغة العربية ليست لغة صعبة التعلم؛ لكن ما قد يجعل الأمر يبدو كذلك، هو كونها لغة غنية المفردات وعميقة الدلالات. علاوة على ذلك، هناك من يتحدث اللغة العربية الفصحى والعربية الحديثة أو ما تسمى باللغة البيضاء، وهناك من يتحدث اللهجات العربية العامية المتعددة».
تنعقد قمة TED بالعربي في الدوحة يومي 18 و19 مارس 2023 في إطار الشراكة بين مؤسسة قطر وTED، وترحب بمشاركة متحدثي TED من جميع أنحاء العالم الناطق باللغة العربية لمشاركة قصصهم وأفكارهم بلغة الضاد.