المقاهي وليس «فيس بوك» المحرك الرئيسي لانتفاضة فلسطين

alarab
حول العالم 09 نوفمبر 2015 , 01:23ص
تايمز أوف إسرائيل
قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل: إن الانطباع السائد بين الإسرائيليين والفلسطينيين بأن موجة أعمال العنف الحالية ناجمة عن التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو انطباع خاطئ، رغم إشارة كثير من المحللين إلى موقع فيسبوك باعتباره محركاً رئيسياً في عمليات التصعيد الأخيرة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت أن تحقيقات إسرائيلية مع فلسطينيين نفذوا هجمات ضد الاحتلال الإسرائيلي وتم اعتقالهم في أعقابها أظهرت صورة مختلفة: فكثير من منفذي الهجمات لا يمتلكون حسابات على فيسبوك أو شبكة تواصل اجتماعي، بل لم تصل إليهم مقاطع الفيديو التي تحض على استهداف الإسرائيليين.

وأشارت الصحيفة إلى أن منفذي الهجمات تم تحريض بعضهم من خلال الطراز القديم الذي اضطلع بدور محوري في أحداث القرن الماضي في فلسطين: إذ يأتي هذا التحريض من الأحاديث والثرثرة في المقاهي، وبعض البرامج التلفزيونية، ولكن أساس هذا التحريض هو الإشاعات التي تنتشر سريعا عبر أحاديث المقاهي، والتي لعبت جزء كبيرا في تعبئة الفلسطينيين ضد الإسرائيليين.

في الماضي، كانت تُدعى هذه الظاهرة «فزعة»، وهي مصطلح عربي يشير إلى تنبيه أو صرخة مدوية تهدف إلى تحفيز الجمهور على الهجوم. يبدو أن هذه الآلية القديمة تقف في قلب التحريض الذي يقود هذه «الانتفاضة» الأخيرة، التي شهدت أدوات من التحريض يعود تاريخها إلى ثورة 1936 ممزوجة بأولئك الشبان المعاصرين الذين يحصلون على معلوماتهم (من بين مصادر أخرى) من مواقع التواصل الاجتماعي لعام 2015.

بالتأكيد أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تغيب عن الساحة. فهي تلعب دوراً واضحاً في تأجيج العواطف في التصعيد الأخير، حماس وآخرون يبرعون بخبث في استخدامها، ولكنها كما يبدو ليست مركزية بالشكل الذي تحدث عنه الإعلام.

نصف الشبان الفلسطينيين في المدن يستخدمون الفيسبوك، ولكن في القرى ومخيمات اللاجئين الصورة مختلفة تماماً. المهاجمون القادمون من قرى منطقة الخليل، على سبيل المثال، ليس فقط أنهم ليسوا على الفيسبوك، ولكنهم غالباً ما يعيشون في منازل من دون خدمات كهرباء عادية.

شابة من قرية بالقرب من نابلس قالت للمحققين: إنه لا توجد في قريتها إمداد ثابت للكهرباء، وشرحت أنها قررت تنفيذ هجوم عندما سمعت صدفة أحدهم يتحدث عن أن هديل الهشلمون، وهي فلسطينية منقبة تعرضت لإطلاق النار بيد جندي من غيفعاتي في الخليل بعد أن حاولت تنفيذ هجوم طعن، قُتلت بدم بارد، وتم ذبحها وتدنيسها. عندها قررت تنفيذ الهجوم للانتقام من موت شابة لم تكن تعرفها.

الرواية رمزية في نتيجة أخرى دراماتيكية توصلت إليها التحقيقات: عدد من منفذي الهجمات يخرجون لتنفيذ هجماتهم خلال أقل من ساعة من سماعهم لأنباء أو إشاعات مزعومة، سواء من خلال شرائط الفيديو على الإنترنت أو شفوياً، عن «جرائم قتل» الفلسطينيين من قبل إسرائيل. آخرون يخططون لهجماتهم على مدى فترة وحتى يقومون بتصوير شهاداتهم الأخيرة في أشرطة فيديو يُراد بثها بعد وفاتهم.

هذه الحقيقة –أن بعض منفذي الهجمات تم تحفيزهم على القيام بعمل ما من خلال تصريح بسيط من الجيران أو أفراد العائلة، أو من خلال صورة صعبة من احتجاجات عنيفة أو من هجمات سابقة تم بثها على التلفزيون – تسلط الضوء على الأهمية الثابتة لهذه المنصات التقليدية في تأجيج العنف.

في الواقع، أبرز الوسائل الإعلامية التي أشار إليها منفذو الهجمات بأنها كانت عاملاً مؤثراً في قرارهم هي قناة «الأقصى» التابعة لحماس، التي لديها عدد كبير من المتابعين في الضفة الغربية، إلى جانب قناة تلفزيونية تابعة لحركة الجهاد وقناتين أخريين: «القدس» و»فلسطين مباشر». كل هذه القنوات الفلسطينية تحظى بشعبية وبرامجها، كما يعتقد المحققون، تساهم في شعور منفذي الهجمات بأنهم يؤدون رسالة.