خلال المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في مناطق النزاعات.. مريم العطية: متابعة حثيثة لأوضاع الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة

alarab
محليات 09 أكتوبر 2025 , 01:23ص
حامد سليمان

افتتحت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أمس أعمال المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالشراكة مع مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، وبالتعاون مع اليونسكو واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. ويبحث المؤتمر، الذي يشارك فيه عدد من المسؤولين الدوليين والخبراء والإعلاميين، سبل تعزيز حماية الصحفيين وضمان سلامتهم أثناء تغطية النزاعات، والتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم. ورحبت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية في كلمتها بالمسؤولين والخبراء والمختصين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، المشاركين في أعمال المؤتمر الدولي حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، المنعقد بتنظيم مشترك من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، بشبكة الجزيرة الإعلامية.

وقالت: يأتي تنظيم هذا المؤتمر في سياق متابعتنا الحثيثة لأوضاع الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، إلى جانب حرصنا على متابعة تنفيذ مخرجات مؤتمراتنا السابقة، ومن أبرزها توصيات إعلان الدوحة الأول، الصادر عن المؤتمر الدولي حول حماية الصحفيين في الحالات الخطرة، المنعقد في يناير من العام 2012.
وقالت سعادة السيدة مريم العطية: مع اعتزازنا بالإشارة إلى هذا الإعلان في العديد من قرارات مجلس حقوق الإنسان، وترحيبنا بترجمة عددٍ من توصياته إلى واقعٍ حي، ومن ذلك إنشاء وحدة مختصة بسلامة الصحفيين في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإننا نجدد تصميمنا من خلال هذا المؤتمر على المضي قُدمًا في تعزيز الحماية وترسيخ البيئة الآمنة والتمكينية للصحفيين.
وقالت: إننا إذ نُدرك أهمية وسائل الإعلام في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، فإننا نُثمن عاليًا أدوار الصحفيين وما يبذلونه من تضحيات في سبيل تسليط الضوء على الانتهاكات في مناطق النزاعات المسلحة، ولفت أنظار العالم إلى الكوارث الإنسانية الناجمة عن معاناة السكان المدنيين في الحصول على الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وغيرها من الخدمات الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
وأوضحت أن تفاقم الانتهاكات الجسيمة والاستهداف الممنهج للصحفيين وذويهم ومجتمعاتهم، يهدف إلى إسكات أصواتهم المعترف بها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأضافت سعادتها: نُعربُ عن قلقنا البالغ إزاء الأرقام المُفزعة لوقائع القتل المتعمدة، بما في ذلك مقتل مائتين وأربعة وخمسين صحفيًا في قطاع غزة، منذ بداية هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023 وحتى الآن، ومقتل عشرات الصحفيين في مناطق النزاعات الأخرى حول العالم.
وأكدت أنه لم يعد مقبولًا الاكتفاء بالإدانة، فاتساع نطاق الجرائم والانتهاكات الخطيرة الموجهة ضد الصحفيين يُشير إلى حاجتنا الماسة لحراكٍ واسع تشترك فيه الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وجميع أصحاب المصلحة، إلى جانب المؤسسات الأممية، بهدف تفعيل قواعد القانون الدولي، وإجراء إصلاحاتٍ شاملة لآليات الحماية، بما يعزز كفاءتها في مراقبة إعمال الالتزامات الدولية ذات الصلة، وإنهاء الإفلات من العقاب عبر مساءلة منتهكيها، وتعزيز ضمانات عدم التكرار.
وأشادت بالشراكة المثمرة والممتدة مع مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، بشبكة الجزيرة الإعلامية، موجهة الشكر لجميع المشاركين في أعمال المؤتمر، معربة عن تطلعها إلى أن تسهم آراؤهم وتجاربهم، وتوصياتهم الناجعة في تعزيز حماية الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة. 
وقالت: نعلن التزامنا بمتابعة تنفيذ مخرجات هذا المؤتمر، بالتعاون مع مختلف الشركاء وستظل قضية حماية الصحفيين على رأس أولوياتنا، دعمًا للحقيقة، وانتصافًا للضحايا.

الشيخ ناصر بن فيصل: مهنة الصحافة تتعرض لاختبارات تهدد دورها الإنساني

قال سعادة الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني، المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية في كلمته أمام المؤتمر: أقف أمامكم اليوم في هذا المؤتمر الدولي الهام لحماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، وبينما لم تجف بعد دماء صحفيينا في قطاع غزة دفاعا عن الحقيقة، تتعرض مهنة الصحافة لاختبارات تهدد كينونتها ودورها الإنساني.
وأضاف سعادته أن حماية الصحفيين قضية جوهرية تمس مستقبل المهنة وحياة العاملين فيها، وهو ما يضفي أهمية بالغة على المؤتمر.
وتابع: جعلت شبكة الجزيرة الإعلامية من حماية صحفييها وسلامتهم أولوية راسخة، فعملت على تطوير برامج تدريبية متخصصة لطواقمها العاملة في مناطق النزاعات، وحرصت على تبني أعلى معايير السلامة المهنية ومع ذلك، ظل مراسلوها عرضة للاستهداف لمجرد قيامهم بواجبهم، حيث بلغ عدد شهداء الجزيرة حتى الآن اثنين وعشرين شهيداً، عشرة منهم ارتقوا فقط خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
وأكد سعادته أن الصحافة لم تكن يوماً طرفاً في النزاعات، بل كانت عيناً لنقل الحقيقة، وصوتاً للضحايا، وأداة لتوثيق معاناة المدنيين، وإن احترام هذا الدور وضمان حرية الصحفيين في أداء رسالتهم هو المدخل الطبيعي لتحقيق العدالة، وإلا فإن جرائم الحرب ستظل بلا شهود، والإنسانية ستبقى بلا ذاكرة.
وأشار أنه في ظل هذه التحديات، تؤكد الجزيرة أن سلامة الصحفيين يجب أن تكون ضمن أولويات مجلس الأمن الدولي، وتدعو إلى تفعيل قرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة، بعد أن فقد مئات الصحفيين حياتهم خلال العقد الأخير وسط إفلات تام من العقاب.
ونوه إلى أن شبكة الجزيرة الإعلامية تطالب بتوحيد المبادرات وتعزيز التضامن بين المؤسسات الإعلامية والمنظمات الحقوقية والدول، لوقف قتل الصحفيين وإنهاء سياسة إفلات قتلتهم من العقاب.
وقال: نحن واثقون أن شركاءنا الإستراتيجيين في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، الذين نتقاسم معهم شرف تنظيم هذه الفعالية، سيظلون كما كانوا دوماً سنداً لنا في حمل هذه الرسالة الإنسانية النبيلة.
وتوجه سعادته بالشكر والتقدير للوفود المشاركة من المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، الذين تكبدوا عناء السفر للمشاركة والإسهام في إنجاح أعمال هذا المؤتمر الهام.
وأضاف سعادته: لقد عملت الجزيرة منذ سنوات على الدفع بهذه القضية إلى الأمام، وكان أبرز محطاتها إطلاق إعلان الدوحة لحماية الصحفيين عام 2016، وهو الإعلان الذي حظي بترحيب مجلس حقوق الإنسان واليونسكو، ويعد أول وثيقة دولية تدفع بها مؤسسة إعلامية لاعتمادها في أروقة الأمم المتحدة.
وأكد أن الرسالة القوية التي يجب أن نبعث بها من هذا المؤتمر هي أن إسكات الكلمة الحرة لن يوقف الحقيقة، بل سيزيدها حضوراً وقوة كما أن مسؤوليتنا المشتركة هي أن نقف صفاً واحداً مؤسسات ومنظمات وحكومات لحماية الصحفيين حمايةً للحقيقة ذاتها.
وأعرب سعادته عن تطلعه أن يحقق المؤتمر أهدافه، وأن يسفر عن توصيات عملية من شأنها تعزيز حماية الصحفيين والحد من الاعتداءات التي يتعرضون لها خلال أداء واجبهم المهني.

الجلاصي: تعزيز التعاون الدولي لحماية الإعلاميين

أكد السيد توفيق الجلاصي، مساعد المدير العام لليونسكو للاتصال والمعلومات، أن منظمة اليونسكو، بصفتها الوكالة الأممية المكلفة بحماية حرية التعبير وسلامة الصحفيين وضمان الوصول إلى المعلومات، ترحب بانعقاد هذا المؤتمر في الدوحة الذي يعزز التعاون الدولي في مجال حماية الإعلاميين.
وقال الجلاصي، في كلمة مسجلة، إن الإعلام الحر والمستقل شرط أساسي للديمقراطية، ولكن من المهم أيضاً ضمان سلامة الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي أثناء أداء دورهم الحيوي. 
وأضاف أن الصحفيين حول العالم يواجهون تهديدات ومضايقات ورقابة، وغالباً ما يتعرضون لأعمال عنف مميتة، بينما تبقى الصحفيات أكثر عرضة للتحرش، سواء عبر الإنترنت أو خارجه.
وأوضح أن اليونسكو، بصفتها الجهة المنسقة لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، تعمل على تعزيز التعاون الدولي، ودعم الآليات الوطنية للحماية، وبناء بيئات آمنة تمكن الصحفيين من أداء رسالتهم دون خوف. وشدد الجلاصي على أن سلامة الصحفيين ليست مجرد حماية لأرواح الأفراد، بل هي أيضاً حماية لحق المجتمعات في الوصول إلى معلومات موثوقة، وأحياناً منقذة للحياة.
وأشار إلى أن حماية الصحفيين في مناطق النزاعات تظل أولوية لليونسكو، مضيفاً: لقد أكدنا مراراً عمليات قتل الصحفيين في غزة والسودان وأوكرانيا واليمن وغيرها من مناطق النزاع، ونؤكد أن الصحفيين مدنيون يجب حمايتهم وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2222.

دعوة لإصدار صكوك دولية تكفل الحماية القانونية 

دعا خبراء دوليون وممثلون عن منظمات أممية وحقوقية، إلى العمل على إقرار صكوك دولية ملزمة تكفل الحماية القانونية الفعلية للصحفيين والإعلاميين العاملين في مناطق النزاعات المسلحة، مشيرين إلى الارتفاع المتسارع في حجم وخطورة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون.
جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة من المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ومركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، تحت عنوان «دور الآليات الدولية والوطنية في حماية الصحفيين: واقع الانتهاكات وجهود الحماية».
وشارك في الجلسة كل من ناصر مرزوق المري، مدير الشؤون القانونية في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وجون بوسكو مايغا من منظمة اليونسكو، وباربورا بوكوفسكا من منظمة المادة 19، ومحمد العبيدي من الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة. وأشار المشاركون في الجلسة، إلى تزايد الانتهاكات منذ عام 2012، وارتفاعها بشكل ملحوظ اعتبارًا من عام 2022، لا سيما في مناطق الشرق الأوسط التي تعد من أكثر المناطق تضررًا.
وأوضحوا أن النزاعات المسلحة لم تكتف بتقويض بيئة العمل الصحفي، وإنما أصبحت تمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة الصحفيين ولحقهم في الحياة، في ظل غياب الحماية الفعلية وانعدام فرص المساءلة والمحاسبة، ما قد يفاقم من خطورة هذه الانتهاكات ويعوق جهود الحماية. ولفتوا إلى أن الأطر التشريعية القائمة لحماية الصحفيين غالبًا ما تبقى حبيسة النصوص، إذ تواجه الآليات الوطنية تحديات كبيرة في تنفيذ هذه القوانين على أرض الواقع، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات المسلحة، حيث تتراجع فعالية المؤسسات القانونية.
وشدد المشاركون على أن غياب آليات مساءلة فعالة يشكل أحد أبرز التحديات التي تعوق حماية الصحفيين، حيث لا تزال نسبة كبيرة من الجرائم المرتكبة بحقهم تمرّ دون تحقيق أو محاسبة، ما يعزز ظاهرة الإفلات من العقاب ويضعف ثقة الضحايا في منظومة العدالة الدولية.
وأشاروا إلى محدودية التمويل المخصص لآليات توثيق الانتهاكات ومتابعة التحقيقات الدولية، ما يؤدي إلى بطء الاستجابة وعدم مواكبة حجم التهديدات المتزايدة.

أورفينا جيريشا: إنشاء لجنة دولية بشأن جرائم قتل الصحفيين خطوة مهمة

أكدت السيدة أورفينا جيريشا تابسيسونو، المفوضة في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمقررة الخاصة بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات، أن حماية الصحفيين تمثل محوراً رئيسياً في عمل اللجنة الأفريقية، التي تتابع بدقة حالات الانتهاكات ضد الصحفيين في القارة.
وقالت في مداخلة مسجلة، إن اللجنة اعتمدت عام 2019 إعلان مبادئ حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في إفريقيا، الذي ينص على أن الحق في التعبير عبر وسائل الإعلام لا يجوز أن يخضع لقيود قانونية غير مبررة، كما يدعو المبدأ العشرون منه الدول الأطراف إلى ضمان سلامة الصحفيين والعاملين في الإعلام، واتخاذ التدابير القانونية للتحقيق في الهجمات ضدهم ومقاضاة مرتكبيها. وأضافت أن اللجنة تبنت عام 2020 قراراً حول سلامة الصحفيين والعاملين في الإعلام في أفريقيا، شدد على ضرورة التحقيق والمعاقبة وضمان حصول الضحايا على سبل إنصاف فعالة. وأوضحت أن اللجنة يمكنها اتخاذ إجراءات عاجلة عند تلقيها بلاغات عن اعتداءات ضد الصحفيين، من بينها توجيه نداء عاجل إلى الدولة المعنية تطالبها فيه بحماية الصحفي المعني وتقديم تقرير مفصل عن الإجراءات المتخذة.
وشددت على أن اللجنة الأفريقية تتابع تقارير الدول الأعضاء وتعيد مساءلتها عند تجاهل قضايا الاعتداء على الصحفيين، مشيرة إلى أن القرار رقم 185 لعام 2011 أكد على حرية الصحفيين واستقلاليتهم، ودعا جميع أطراف النزاعات إلى احترام مهنتهم وضمان سلامتهم وفقاً للقانون الإنساني الدولي. واختتمت بالقول إن فكرة إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم قتل الصحفيين في مناطق النزاع قد تكون خطوة مهمة، لكن نجاحها يعتمد على وضوح آليات جمع الأدلة ومساءلة الجناة.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية وقف الحضور دقيقة صمت على أرواح الصحفيين الذين قضوا فى مناطق النزاع فى جميع أنحاء العالم. كما تم افتتاح معرض مصور يضم آليات ومعدات وصور الصحفيين الذين استشهدوا في قطاع غزة والعراق.

إسرائيل تفلت من العقاب.. تحديات متعددة في مناطق النزاعات

تناولت الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر الدولي حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، والتي حملت عنوان «الصحفيون ووسائل الإعلام الشاهد والضحية»، جُملة من التحديات التي تواجه الصحفيين في نقل الحقيقة بمناطق النزاع. 
وقالت السيدة ايرين خان: اليوم، أتذكر كل الذين ماتوا من أجل تقديم الحقيقة في غزة، وأشير إلى أن الصحفيين الموجودين في غزة يقومون يومياً بواجبهم وينامون في الخيام ويواجهون الظروف القاسية لأنهم أعيننا على ما يحدث في القطاع، الذي أصبح أكثر منطقة مميتة للمراسلين والصحفيين في التاريخ الحديث.
وأضافت: في الأسبوع الماضي، تم قتل صحفيين فرنسيين في أوكرانيا، والقتل هو أكثر طريقة بشعة وقاسية لمنع وسائل الإعلام من تقديم المعلومات، وقتل الصحفيين يجب أن يتم مقاضاته والتحري عنه، ففي الضفة الغربية وغزة أفلت الإسرائيليون من العقاب بنسبة 100 %، فلم يتم مقاضاتهم، وعلى سبيل المثال الشهيدة شيرين أبو عاقلة التي قتلها الإسرائيليون ولم يتم اتخاذ أي إجراءات. 
وتابعت: الصحفيون ينقلون الحقيقة لنا، والعديد من الصحفيين اليوم يشعرون بأن شعار كلمة صحفي التي توجد على ملابسهم وعلى ستراتهم تعتبر خطراً لأنها تحدد أن الشخص صحفي ويتم استهدافه. وأشارت إلى أن استهداف الصحفيين والإفلات من العقاب من الجرائم خلال الحرب التي يجب أن تتم معاقبة مرتكبيها، لأن الصحفيين يقومون بأداء دورهم في إيصال المعلومة، ويجب أن يتم اتباع القوانين العالمية في ذلك.
ودعت المقررة الأممية لتوحيد الجهود من أجل منع الإفلات من العقاب لكل من يقتل الصحفيين، لافتةً إلى أنه لا يمكن الاعتماد فقط على القوانين الوطنية، وأهمية النظر إلى النظام العالمي والقوانين العالمية.
وشددت على أهمية احترام مهنة الصحفي، وأن تتم معاملته بشكل إنساني، كونه يقدم الدعم للمتضررين في الحروب، فيقوم بدوره لنقل الحقيقة، ما يوجب أن يتمتع بكل الحقوق لممارسة دوره. 
وقال وائل الدحدوح: ما جرى بحقنا كصحفيين جزء مما جرى بحق أهلنا في قطاع غزة وفلسطين، وهو إبادة، وأقل كلمة تصف ما جرى أن هؤلاء الصحفيين يتعرضون إلى إبادة، والأفكار تتزاحم حول كيفية التوفيق بين التجربة الشخصية والتي دفعت فيها ثمناً باهظاً وبين تجربة الأسرة الصحفية.
وأضاف: كيف يمكن إقناع الصحفيين في العالم بما يتعرض له الصحفيون في قطاع غزة؟، فهذا شيء لم يسبق لنا أن عشناه، رغم تغطيتنا لكل الحروب على قطاع غزة، وكل الخطوب والأحداث على مدار الثلاثين عاما الماضية على القطاع، ولكننا هذه المرة وجدنا أنفسنا أمام لحظة مختلفة تماماً وعن كل التجارب السابقة. 
وأردف الدحدوح: إسرائيل كان لديها قرار مسبق بأن ترتكب جرائم حرب، ليس فقط بحق الصحفيين، وإنما بحق الناس في قطاع غزة، ولتمارس هذه السياسة وللتخفيف من وصولها للعالم، أغلقت قطاع غزة وقطعت الكهرباء والمياه وشوشت على الاتصالات ومنعت الزملاء الصحفيين من الوصول لقطاع غزة، واستفردت بالصحفيين الفلسطينيين، وظنت بأنه ببعض عمليات القتل والاستهداف الممنهجة سوف تبعدهم عن مسرح الجريمة، وتثنيهم عن القيام بهذا الواجب، وبالتالي تفعل ما تشاء من جرائم دون عيون الحقيقة.
وأكد تيم الحاج هزاع أن النظام السوري السابق واجه الصحفيين منذ بداية الثورة، وذلك بفرض قوانين وبالعنف الجسدي وصولاً إلى الاغتيالات المباشرة، حيث وصلت القائمة إلى أكثر من 700 صحفي وإعلامي بينهم نساء، وأن النظام حارب الكلمة الحرة، فعرف الصحفيين في سوريا أنها السلاح الذي سيحد من عمليات القتل والفاتورة البشرية الكبيرة التي دفعها السوريين على امتداد هذه السنوات الطويلة. 
وقال عثمان البشير خضر: الحرب مؤلمة وقاسية، خاصةً عندما تكون مراسلاً تلفزيونياً أو شاهداً على الحرب من الدرجة الأولى، فتضطر أن تشاهد مشاهد مؤلمة لضحايا وجثث ومصابين وأشلاء ودماء، ومن يحاولون البحث عن المأوى والطعام، نتيجة حاجتهم إليها في ظروف الحرب، وقد غطيت جزءا كبيرا من الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، فكانت هناك مشاهد تجبرني أن أكون صحفيا لأقدم يد العون للمستغيث.
وأكد وليد العمري أن هناك مسحا لشهادات عدد كبير من الصحفيين الفلسطينيين العاملين في الميدان في قطاع غزة والضفة الغربية، وخلص إلى أن تعليمات السلامة المهنية التي تدرب عليها وطبقها الصحفيون لم تعد ذات صلة بواقع العمل الصحفي تحت الاحتلال، وأن الشهادات كانت مرعبة.

تحذيرات من تزايد الاعتداءات الممنهجة

حذر خبراء وحقوقيون دوليون من خطورة تزايد الاعتداءات الممنهجة على الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة، مشيرين إلى أن هذا التصعيد لا يعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني فحسب، وإنما يجسد حالة مقلقة من الإفلات من العقاب، ويضعف الثقة في قدرة المجتمع الدولي على إنفاذ القانون.
جاء ذلك خلال الجلسة الثانية، والتي جاءت بعنوان «السياق القانوني لحماية الصحفيين ووسائل الإعلام أثناء النزاعات المسلحة». وأكد المشاركون أن استهداف الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام خلال النزاعات المسلحة يشكل خرقًا خطيرًا للقواعد المستقرة في القانون الدولي الإنساني، ويهدد بتقويض البنية القانونية التي تكفل حماية المدنيين، مشيرين إلى أن المادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 تنص على أن الصحفيين يُعتبرون أشخاصًا محميين طالما لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، وأن أي اعتداء متعمد عليهم يمكن أن يُصنف جريمة تستوجب الملاحقة القضائية الدولية.

القتل ليس الشكل الوحيد للاعتداء على الصحفيين

ناقشت الجلسة الرابعة، «مبادرات الدول والمنظمات والمجتمع المدني: التحديات والفرص».
وأكد المشاركون على أن نصائح الأمن والسلامة التي كانت تقدم للصحفيين في السابق، كارتداء السترة أو غيرها من النصائح لم تعد كافية للوقاية من استهداف الجيوش في مناطق النزاع.
وأشاروا إلى أن العنف الذي تمارسه إسرائيل في المنطقة ليس بجديد ولا مفاجئ بالنسبة لمن يعيشون بها، وذلك بسبب المسار التاريخي الذي لم تحاسب فيه إسرائيل في السابق، لذا استمرت بقتل الصحفيين، وأن القتل ليس الشكل الوحيد من العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد الصحفيين.
ولفتوا إلى أن هناك قتلا ممنهجا للصحفيين، لأنهم شهود على جرائم حرب ارتكبت، وهم الموثقون الوحيدون على هذه الجرائم.
وأوضحوا أن القتل ليس الشكل الوحيد للاعتداء على الصحفيين، وأن هناك من فقدوا أطرافهم بسبب القصف الإسرائيلي الممنهج، وأن الكثير من الصحفيين قُتلوا بـ «الدرون».