الحكومة الجزائرية تكلف الجيش بإنهاء العنف بين العرب والأمازيغ

alarab
حول العالم 09 يوليو 2015 , 05:48م
وكالات
كلفت الحكومة الجزائرية الجيش والقضاء بإنهاء أعمال العنف بين العرب والأمازيغ، في منطقة جرداية بالجنوب، التي أسفرت عن أكثر من 20 قتيلا وعشرات الجرحى في الأيام الأخيرة.

وقد أقيمت متاريس من الإطارات المطاطية والعربات اليدوية ومختلف الحاجيات، وأحرقت مراكز تجارية ومنازل وسيارات في مدينة القرارة، إذ كانت آثار مواجهات الأيام السابقة بادية صباح الخميس، كما ذكر مصور وكالة فرانس برس.

إلا أنه لم يلاحظ انتشار أي جندي في هذه المنطقة، التي قُتل فيها 19 شخصا، ليل الثلاثاء والأربعاء، وهذه أكبر حصيلة منذ بَدْء الأزمة بين العرب والأمازيغ في ديسمبر 2013، وذلك بسبب استخدام الأسلحة النارية لأول مرة. وقُتل على الأقل ثلاثة آخرون في منطقة وادي مزاب، الذي يبعد 500 كلم جنوب العاصمة الجزائرية.

والقتلى في القرارة هم 16 من الأمازيغ وثلاثة من العرب، وفق أحد أعيان المزابيين، الذي قال لفرانس برس إن العائلات لم تتسلم بعد الجثث من مشرحة المستشفى.

ومن بين القتلى المزابيين شخص في الثلاثين من سكان برج البحري في الضاحية الشرقية للجزائر العاصمة، توجه إلى المنطقة بهدف "حماية أملاكه". وقُتل برصاصتين في الظهر ببندقية صيد، وفق ما قال أقرباؤه لفرانس برس.

وقد اندلعت الموجة المفاجئة لأعمال العنف قبيل منتصف ليل الثلاثاء؛ عندما فتح رجال مقنعون ومسلحون ببنادق صيد النار على سكان، كما تفيد رواية غير مؤكدة للأحداث، نشرتها صحيفة الأخبار اليومية.

وأضافت الصحيفة أن العائلات انتشلت الجثث بصعوبة؛ بسبب عدم توفر الأمن الذي يتيح لرجال الإطفاء التدخل.

وتحدثت صحيفة الوطن عن وجود "حشود مقنعة" على متن درجات نارية، أرغموا الناس على مغادرة منازلهم ثم أحرقوها، وبدا عناصر الشرطة عاجزين حيال ذلك.

وقد اتخذت القضية أبعادا وطنية؛ حملت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على عقد اجتماع طارئ، مساء الأربعاء، مع رئيس الوزراء عبد المالك سلال ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح.

وإثر الاجتماع كلف الرئيس بوتفليقة قائد المنطقة العسكرية الرابعة، التي تتبعها ولاية غرداية، بـ"الإشراف على عمل مصالح الأمن والسلطات المحلية المعنية من أجل استتباب النظام العام والحفاظ عليه، عبر ولاية غرداية"، وفق بيان للرئاسة.

كما كلف بوتفليقة رئيس الوزراء بـ"السهر بمعية وزير العدل (...) على أن تتكفل النيابة العامة بسرعة وبحزم بكل خروقات القانون عبر ولاية غرداية، لاسيما المساس بأمن الأشخاص والممتلكات".

ومن المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء إلى المنطقة خلال النهار.

ومنذ أكثر من سنتين، أرسلت لدى اندلاع كل موجة من أعمال العنف، تعزيزات من الشرطة والدرك، لكنها لم تتمكن من بسط الأمن في الوادي الصخري الكائن على أبواب الصحراء.

يتعايش في هذه المنطقة منذ قرون المزابيون (قبائل زناتة)، وهم أقلية دينية من البربر الإباضيين، وعرب يتبعون المذهب المالكي (مسلمون سُنَّة). وانضم إليهم على مر العقود سكان آخرون اجتذبهم التمدن واكتشاف النفط في حقول قريبة.

ويواصل المزابيون الذين يشكلون الأكثرية في المنطقة - ويشكل معقلهم غرداية المشهورة بهندستها المعمارية المميزة، المصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) - حياتهم وفق طريقتهم الاجتماعية الخاصة بهم.

وتحدث الأستاذ الجامعي رستم الجزائرية، وهو مزابي، لصحيفة الوطن عن "خطة لخنق شعب بكامله، مع حملة افتراء مكيافيلية منظمة، تهدف إلى فرض عزلة معنوية وسياسية وإعلامية عليهم".

وأضاف أن "السلطة ترى أن الطريق يقوم على فرض شروط الخضوع والتخلي عن تمايزهم وتطبيق عملية تؤدي إلى تفكيك حضارتهم واضمحلالها، باستخدام التهديد والتخويف بطريقة مدروسة ومنتقاة".

وذكرت صحيفة لا تريبون - الخميس - أن "الحل العسكري" لم يسفر عن أيَّة نتيجة. وأضافت أن "الأزمة هي وجه من الوجوه التي تعبر عن أزمة الدولة الوطنية التي لم تعمد إلى الإفادة من خصوصية المناطق، بل تجاهلت أشكال التنظيم الذاتي المتوارثة عبر الأجيال".