مدير عام كتارا ومثقفون عرب: قطر تضيف 5 آلاف قصيدة لمدونة المديح النبوي

alarab
مدير عام كتارا ومثقفون عرب: قطر تضيف 5 آلاف قصيدة لمدونة المديح النبوي
ثقافة وفنون 09 يونيو 2022 , 05:43م
قنا

 

في مدح خير البرية، والتغني بشمائل الحبيب المصطفى الهادي البشير والسراج المنير، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بأجزل العبارات وأقواها لفظا ومعنى استطاعت دولة قطر أن تضيف لمدونة المديح النبوي ما يزيد على 5 آلاف قصيدة من الشعر الفصيح والنبطي عبر جائزة كتارا لشاعر الرسول.
وبعيدا عن المتوجين بجائزة كتارا لشاعر الرسول فقد قدمت الجائزة لمدونة المديح النبوي منذ انطلاقتها في دورتها الأولى عام 2016 وحتى إعلان الدورة السادسة مؤخرا، 5181 قصيدة في الشعر الفصيح والشعر النبطي، حيث تقدمت للجائزة في دورتها الأولى 828 قصيدة في الشعر الفصيح، وفي الدورة الثانية تقدمت لها 755 قصيدة منها 630 في الشعر الفصيح، و125 في الشعر النبطي، أما الدورة الثالثة فقد جمعت من أنحاء العالم العربي 942 قصيدة منها 853 في الفصيح و89 في الشعر النبطي، لتشهد الدورة الرابعة ارتفاعا في عدد المشاركين بلغ نحو 1158 منها 1082 قصيدة في الشعر الفصيح و76 قصيدة في الشعر النبطي، لترتقي الجائزة في دورتها الخامسة وتحصد من قصائد الشعراء العرب 1498 منها 1358 في الشعر الفصيح و140 قصيدة من الشعر النبطي.
وقد عملت جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم على إحياء وتجديد شعر المديح النبوي ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي (صلى الله عليه وسلم) بتعداد صفاته الخلقية والخلقية، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعرا والإشادة بصفاته المثلى والصلاة عليه تقديرا وتعظيما.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "هذه أكبر جائزة في العالم العربي في هذا المجال وقدمت أكثر من 5 آلاف قصيدة للمكتبة العربية، ويتم اختيار أفضل 30 قصيدة في كل دورة لتطبع في ديوان خاص، مما يظهر أن كتارا تعد أهم جهة جمعت وأبدعت مع الشعراء في استحداث أصوات شعرية يبدعون شعرا في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، سواء فصيح أو نبطي الذي يمثل إضافة مهمة لديوان المديح النبوي.
ونوه الى ان القصائد التي لم تتأهل للفوز بالجائزة تكون إضافة مهمة ويكون للشاعر المشارك فرصة لتطوير أدواته للمشاركة مرة أخرى، فهناك شعراء لم يتأهلوا لنهائيات الجائزة في دورات سابقة ثم فازوا في دورات أخرى ما يدل على أن الجائزة قد اكتسبت سمعة طيبة في العالمين العربي والإسلامي، وهو ما يترجمه شعارها ذو الدلالات العميقة /تجمل الشعر بخير البشر/.
ويوضح الباحث والناقد المغربي الدكتور جميل حمداوي أستاذ التعليم العالي في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن أشعار المديح النبوي تعود إلى بداية الدعوة الإسلامية مع قصيدة "طلع البدر علينا"، وقصائد شعراء الرسول كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبدالله بن رواحة وكعب بن زهير صاحب اللامية المشهورة ومطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبـــول متيم إثرها لم يفـــد مكبـــول

وقد سميت هذه القصيدة بالبردة النبوية لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كسا صاحبها ببردة مطهرة تكريما له.
وأضاف أنه أتى بعد ذلك شعر الفتوحات الإسلامية إلى أن ارتبط بالشعر الصوفي مع ابن الفارض والشريف الرضي، مشيرا إلى أن شعر المديح النبوي لم ينتشر ويزدهر إلا مع الشعراء المتأخرين، وخاصة مع الشاعر البوصيري في القرن السابع الهجري والذي يعتبره كثير من النقاد المؤسس لشعر المديح النبوي خصوصا مع قصيدته الشهيرة "البردة" التي يقول الإمام البوصيري في مطلعها:
أمن تذكر جيــــــران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلــــة بـــدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة وأومض البرق في الظلماء من إضم

وأشار الناقد المغربي الدكتور جميل حمداوي إلى أن الإمام البوصيري عارضه كثير من الشعراء ممن عاصروه أو جاءوا بعده، ومنهم عبدالله الحموي الذي عاش في القرن التاسع الهجري وكان مشهورا بميميته، ومن أهم الشعراء المغاربة مالك بن المرحل السبتي من شعراء القرن السابع الهجري كما في ميميته المشهورة حيث اهتم الشعراء المغاربة منذ القدم بما يسمى "قصائد المولديات"، والتي تختص بمولد النبي الكريم والاحتفاء به، لافتا إلى أن من أشهر من عارض البوصيري في العصر الحديث أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة "نهج البردة"، منوها بأن شعر المديح النبوي يتميز بصدق المشاعر ونبل الأحاسيس ورقة الوجدان وحب الرسول (صلى الله عليه وسلم) طمعا في شفاعته يوم الحساب.
وأوضح أن جائزة كتارا لشاعر الرسول التي تقدم إليها مرتين، قد ساهمت في إحياء شعر المديح النبوي فقد تسابق فيها كثير من الشعراء في الأقطار العربية، مؤكدا أن المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا من خلال هذه الجائزة استطاعت أن تمثل حائط صد منيعا أمام حملات التشويه التي يطلقها من يعادون الإسلام بين فترة وأخرى وأن الجائزة تعزز في نفوس المسلمين مكانة نبيهم خير البرية الذي أنار العالم بهديه الشريف.
من جانبه، أكد الناقد الدكتور أحمد درويش أستاذ البلاغة والنقد بجامعة القاهرة في تصريح لـ/قنا/ أن الجائزة عملت على إحياء شعر المديح النبوي خاصة في الشعر الفصيح حيث يشترك سنويا بالجائزة ما يقارب ألف شاعر فهذه الجائزة تحدث حراكا كبيرا وأثرا تاريخيا على مستوى الشعر العربي عموما وشعر المديح النبوي خاصة، وذلك بعد حركة الجزر الكبرى التي مر بها شعر الفصحى في أواخر القرن العشرين والانصراف إلى قصيدة النثر وعدم الوزن، فقد أسهمت الجائزة في الاندفاع نحو الشعر الفصيح بشكل ملحوظ، فإذا أضيف إليها شرف الموضوع وهو المديح النبوي فإنها تحدث أثرا تاريخيا في الشعر.
وأضاف أن الجائزة والتي يكون لها موضوع واحد وتنتج فيه مئات وآلاف القصائد سوف يشكل ظاهرة ملحوظة في تاريخ الشعر العربي الحديث وسوف تبرز القصيدة الفصحى والملتزمة خلقيا ولغويا على مسرح الشعر وتطوره.
وحول التقييم الفني والإبداعي للمحتوى الذي قدم للجائزة قال إن الشعر لا ينفصل فيه المحتوى عن الشكل، فالشاعر الذي يكتب في المدائح النبوية لابد له أن يكون مطلعا على ديوان المدائح النبوية الواسع ولابد أن يكون صاحبه ذا موهبة ولديه قدرة على صناعة الصورة والخيال ويكون قادرا على أن يضيف لهذا التراث وليس مجرد استنساخ.
وحول أبرز ما أضافته جائزة كتارا لشاعر الرسول لديوان الشعر العربي أوضح الناقد الدكتور محمد مصطفى سليم أستاذ الأدب والنقد بجامعة قطر، لـ/قنا/ أن الجائزة على مدار خمس سنوات بصرت القراء والنقاد كذلك بملامح جديدة في كتابة المدائح النبوية، التي أصبحت تتسع لتستوعب مظاهر التجديد في الشعر العربي الحديث، فهناك تجريب وفنيات عالية، كما توجد خيالات محلقة، دون أن تفقد وقارها.
وأضاف أن القصائد التي تقدم سنويا تحقق هذا المستوى الفني وتثبت أن الشعر يمكن تطويعه في المدائح النبوية ويحمل الجانب التطويري والفني، مؤكدا أن الجائزة أضافت قيمة مهمة وهي أنها رسخت دعائم المديح في المشهد الإبداعي والأدبي العربي.
من جانبه، قال الدكتور أنور أبو سويلم أستاذ النقد الأدبي في جامعة مؤتة بالأردن، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن ما تقدم في دورة واحدة العام الماضي تجاوز 1400 قصيدة، ومن ثم فالجائزة أضافت لمدونة الشعر العربي، وحتى وإن كان هناك تفاوت في مستويات الإبداع الشعري.. لكن تبقى القصائد المؤهلة إلى مراحل متقدمة كثيرة كذلك وهي معبرة أيضا وقد أضافت صورا حديثة، فالشعراء القدامى كانوا يمدحون بصورة مباشرة، وحاليا بدأ الشعراء يستخدمون تقنيات شعرية في أشعارهم مثل التناص والإيحاء والرمز، وهذه الأساليب جديدة في بناء القصيدة، إلى جانب الإيقاع والنغم الداخلي فهذا مجال إبداعي آخر حيث أبدع فيها الشعراء المشاركون.
أما الشاعر القطري مبارك آل خليفة يؤكد، في حديثه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن جائزة كتارا لشاعر الرسول كان لها ريادة في اختيار المديح النبوي في الشعر عامة وجعل الشعر النبطي ضمن فئات الجائزة، حيث وجهت الجائزة هؤلاء الشعراء إلى قراءة القرآن الكريم والسيرة النبوية لمعرفة كل ما يمكن أن يقال عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي مضاعفة في الأجر والثواب أيضا، مؤكدا أن الجائزة كان لها الأثر الكبير في طريقة الشعراء أنفسهم، وبعد خمس سنوات من انطلاقها نرى تغييرا في الأساليب وتجديدا وميلا نحو الروحانية والعمق التاريخي والأدبي.
يشار إلى أن جائزة كتارا لشاعر الرسول قد أعلنت مؤخرا عن انطلاق الدورة السادسة وتستمر في تلقي القصائد المرشحة حتى الأول من نوفمبر المقبل.
وتهدف الجائزة التي انطلقت دورتها الأولى في 2016 إلى تعميق حب المصطفى صلى الله عليه وسلم في قلوب الأجيال المعاصرة المحاطة بالكثير من الأفكار والتيارات التي تسعى للانحراف بهم عن طريق الهداية، إلى جانب تشجيع المواهب الشابة وصقلها وتنميتها، والأخذ بيد الشباب ليترجموا نبوغهم إلى أشعار تخدم الإسلام، وكذلك التأكيد على أهمية الشعر في وحدة الأمة الإسلامية والعربية.
وتبلغ قيمة الجوائز الإجمالية للجائزة 3,8 مليون ريال قطري (1.04 مليون دولار أمريكي)، وذلك في فئتي الشعر الفصيح والشعر النبطي، بمعدل 3 جوائز لكل فئة، حيث يحصل صاحب المركز الأول على مليون ريال، وينال صاحب المركز الثاني جائزة بقيمة 600 ألف ريال، أما صاحب المركز الثالث فيحصل على مبلغ 300 ألف ريال.