د. آمنة بلعلي: الشعر روح النشاط النقدي.. وإن انتهت القصيدة

alarab
محليات 09 يونيو 2021 , 12:24ص
الدوحة - العرب

أقام الملتقى القطري للمؤلفين جلسة جديدة من مبادرة «الناقدات وما يقاربن»، التي يقدمها الدكتور عبدالحق بلعابد، أستاذ قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة بجامعة قطر، واستضاف خلالها الناقدة الجزائرية الدكتورة آمنة بلعلي، وأقيمت الجلسة عبر قناة «يوتيوب» الملتقى.
استهل د. بلعابد الجلسة بالتأكيد على أن هذه المبادرة تأتي ضمن مبادرات الملتقى القطري للمؤلفين، والتي تدعو إلى تعزيز ثقافة النقد في المجتمع، وتغيير الصورة النمطية للقراءة، باستضافة عدد من المفكرين والنقاد العرب. لافتاً إلى أن المبادرة تأتي احتفاء بالصوت النسائي الفارق في الإنجاز العلمي والمعرفي.
وحول مشروعها للناقد المتحرر من القيود، وكيفية دراستها للخطاب الشعري، ثم دراستها للخطاب السردي بعد ذلك. قالت د. آمنة: إنه من الصعب التحدث عن نفسها، «فأنا لا أدعي امتلاكي لمشروع نقدي، بسبب أن النقد حالة متحولة باستمرار، والناقد مثل المبدع، يبدأ ولا يدري إلى أن يصل، وبالتالي فهو مثل النهر الذي يجري، ويخرق الأرض، دون أن يدري إلى أين يصب، وهكذا هو الناقد».
وتوقفت عند النشاط النقدي الذي توصف به، وهو ما يرتبط بالفضاء الجامعي في عقد الثمانينيات في القرن الماضي، لافتة إلى النشاط النقدي والمعرفي والتفاعل الذي يشبه الصراع بين رؤيتين معرفيتين، إحداهما تتمسك بالتراث، والأخرى ترنو إلى الحداثة.
وقالت إنه أمام هذا الزخم، فإنها تحاول التوفيق بين الرؤيتين، والأخذ منهما، «وهو ما ساهم في مساري النقد، والخاص بالعلاقة بين التراث والمعاصرة، وكيفية الاستفادة من المناهج الغربية لنقارب نصوصنا الحاضرة أو التراثية، لنفهمها بالطريقة الأفضل». وتابعت: إنها بدأت بالشعر الحديث، والتوقف عند حركة الحداثة الشعرية، «وقرأت شعر الرواد ومواقفهم وتحولاتهم، وقرأت كذلك الزخم الهائل من المعرفة، والنقاش بين دعاة الحداثة أو التجديد، وبين دعاة التمسك بالتراث، أو ما عُرف بالصراع بين القديم والحديث، فهذا الزخم المعرفي الذي بدأت به كباحثة كان له أثر كبير، في التحول الذي شكل الخيط الناظم، والمنهجي والمعرفي في مسارها النقدي».
وحول التحليل النقدي للخطاب، وما يتمتع به من نفس طويل. قالت إنه مثلما قادها الشعر إلى الزخم المعرفي، والجدل الكبير بين التراث والمعاصرة، فإن الشعر نفسه قادها إلى التصوف، والذي عرفته من خلال الرمز الديني في الشعر أيضاً. لافتة إلى إشكالية النص المركب، «والذي عندما باشرت التعامل معه، وقفت مشدوه أمام الإشكالات المعرفية التي يسفر عنها، والإشكالية التي يطرحها هذا النص، والذي شكل إشكالية في التلقي في القرن الرابع».
وقالت: إن «هذه الإشكالية هى التي انطلقت منها في هذا النص المركب، ولم أجد لمعاينته، سوى توليفة أستطيع من خلالها أن أعاين النص المركب، فقرات البنيوية، والسيميائية، للإجابة عن هذه الإشكالية الخاصة بالتلقي في النص الصوفي، والمحرك الذي كان ينتظر التوليفية الغربية، ولم أتخذها كأداة للتطبيق فقط، ولكني اتخذتها لأجد الإجابة الوافية لحل الإشكال الذي يكمن في علاقة التصوف سواء كان معتقداً أم نصاً أو تربية روحية؛ ولذلك اتخذت هذه التوليفة للقيام بعملية التأويل، ولهذا كان الخيط المنهجي في ذلك هو التأويل».
وحول ما إذا كان الشعر ما زال «ديوان العرب»، وأنه يعبر في العصر الحديث عن كينونة الإنسان. أجابت مؤكدة أنها لم تترك الشعر «فالشعر هو روح النشاط النقدي، لأسباب عديدة، منها تلك العلاقة الوطيدة بين الشعر والوجود والكينونة، وهو ما قال به فلاسفة كثر، فالشعر لغة، واللغة هي الكينونة بالمفهوم الفلسفي؛ ولذلك فإن الشعر موجود في حياتنا، ولذلك فهو الوجود، والشعر لا ينتهي، وإن انتهت القصيدة».
وميزت د. آمنة بلعلي بين الشعر والقصيدة. وقالت: «الشعر موجود في حياتنا، أما القصيدة العمودية، فقد يحدث لها تحول وانحسار». لافتة إلى أن هناك جوانب أخرى فرضت التوجه إلى الرواية على حساب الشعر، ما جعل البعض بهجر الشعر، والذي هو موجود، وإن تغير في تجلياته، فالشعر كينونة الإنسان، وهو موجود في كل آن».
ورأت أن «النقد هو حالة ترتبط بالضرورة الشعرية، فلا يمكن للنقد أن يعالج ما هو شعري، فالشعر موجود بيننا ولم ينحسر، وموجود في كل شيء، وهو يحيا بنا ونحيا به، فالشعر يخاطب الشيء في الإنسان، وهو روحه وقلبه، ولا يخاطب الشيء العابر، كما أنه عطف القلوب على القيم، كما قال الأقدمون، والإنسان مرتبط دائماً بالقيم، مهما كانت هذه القيم، ومهما شهدت من تحول؛ لأنه دائماً يبقى ثوابتها».
وحول التوصل إلى الآليات التي يمكن أن نضعها لقراءة الشعر. أجابت عن ذلك. قائلة: «إنها لم تتبن الصراع الذي كان محتدماً بين القديم والحديث، إن المنهج الحقيقي، ينبع من النص، ومن هنا أستنبط الطريقة التي تناسبه، فالنص هو الأبجدية الأولى للقراءة».
وحول ما إذا كانت المنظومة الشعرية العربية قد وصلت لتكتب قصيدة تفاعلية أو رقمية، كما هو الحال في الغرب. ردت قائلة: «كنت عاينت بعض الأشعار التي تسمى شعراً رقمياً، ووجدت من الشعراء من ينقل قصائده الحداثية إلى الحاسوب، ليضفي عليها بعض التغييرات من روابط وموسيقى، وهو النوع الذي يُسمى بالشعر الرقمي، ووجدت أن هذا النوع بعيد عن الشعر العربي، على خلاف ما هو موجود في الغرب».