استخدام البيوت المحمية المبردة للزراعة التقليدية غير كافٍ
الزراعة التقليدية تفشل أحياناً لأن النبتة تزرع في أرض حارة
تقنية «الهاديروبونيك» تهتم بأدق التفاصيل التي تساهم في ازدهار النبتة
درجة حرارة التربة والمياه تؤثر على الإنتاج الصيفي
انتهى الموسم الزراعي التقليدي لأنواع الخضراوات المحلية، مثل الخيار والباذنجان وغيرها، ويبدأ الموسم الخاص بإنتاج الخضراوات الصيفية، مثل القرع والبطيخ وبعض أنواع الورقيات مثل النعناع، إلا أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمزارع والتطور الذي شهده هذا القطاع يسهل عملية الاستمرار بالإنتاج، حتى باتت الخضراوات المحلية تتوافر في الأسواق على مدار العام.
وفي هذا الإطار وضعت وزارة البلدية والبيئة خطة زمنية على ثلاثة سنوات لتوزيع نحو 3500 بيت مبرد، يسهم في تحسين الإنتاج في المزارع القطرية.
زيادة الإنتاج وتقليل النفقات
ويستعرض السيد ناصر أحمد الخلف، صاحب إحدى المزارع وشركات التطوير الزراعي، في لقاء مع «العرب»، تطور هذا القطاع منوهاً بأدق التفاصيل التي تساهم في زيادة الإنتاج وتقليل النفقات، وقال إن هناك تقنية الهايدروبونيك، والتي تساهم في استمرار عملية الإنتاج طيلة العام، مع زيادة إنتاج المتر المربع، وتقليل استهلاك المياه، وأضاف أن هذه التقنية تضمن أدق التفاصيل التي تساهم في استمرار الإنتاج وجودة المنتجات، من خلال درجة حرارة مياه السقاية والتربة والأسمدة المستخدمة.. إلخ، موضحاً أن الخطأ الذي يقع فيه معظم المزارعين في الإنتاج صيفاً هو استخدام بيوت مبردة للزراعة التقليدية، وهذا الأمر لا ينجح بسبب درجة حرارة التربة والمياه التي تصل إلى 45 درجة مئوية مماً يؤدي إلى هلاك النبتة.
وعن تطوير البيوت المحمية قال الخلف: تطوير هذه البيوت يتضمن معالجة نوع الحديد المستخدم في تشييدها، بحيث يعكس درجة الحرارة، وكذلك نظام التضليل المستخدم في البيوت المحمية التي ابتكرتها بعض المزارع القطرية يختلف عن الأنظمة المستخدمة عالمياً، فهي توفر المناخ المناسب للنباتات للنمو والإنتاج.
وتطرق الخلف إلى بعض تفاصيل هذه الزراعة التي تتيح التحكم بدرجة الحرارة، قائلاً: تتيح هذه التقنية التحكم بدرجة حرارة مياه الري والبيت المحمي، والتحكم في درجة الحرارة يساعد على نجاح الموسم الزراعي، حيث إن الزراعة التقليدية تفشل أحياناً، لأن النبتة تزرع في أرض حارة. وحتى إذا سُقيت بمياه باردة، فإن ذلك لا يحدث فرقاً، فتموت جذور النبتة التي تمتص الغذاء من الماء.
التحكّم بدرجة حرارة التربة
وأضاف: تقنية الهايدروبونيك عبارة عن استخدام أكياس زراعية تتيح التحكم بدرجة حرارة التربة والبيت المحمي ومياه الري وأشعة الشمس، بحيث لا تقل أشعة الشمس عن الحد المطلوب، ولا تزيد عنه فتموت النبتة. وبين الخلف أن النظام الجديد من خلال إمكانية التحكم بدرجة الحرارة ونسبة الرطوبة وما إلى ذلك داخل البيت المحمي، فإنه يتيح المناخ المناسب للنبتة، ولذا فإنها تنتج بكامل طاقتها.
وعن تقليل نسبة استهلاك مياه الري في النظام الجديد، أوضح الخلف أن ذلك يتم من خلال استخدام ألياف جوز الهند، أو الصوف الصخري، في الأكياس الزراعية، التي تقلل استهلاك المياه بنسبة 90% لخلوها من العناصر الغذائية.
وأشار الخلف إلى أن تطوير التقنيات الزراعية أسهم في تمديد الموسم الزراعي، حيث كانت بداية الموسم في شهر يناير ونهايته في شهر أبريل، ووفقاً للتطوير الجديد أصبحت بداية الموسم مطلع نوفمبر ونهايته في شهر يونيو.
الاكتفاء الذاتي
وعن مساهمة المزارع في تحقيق الاكتفاء الذاتي، يرى الخلف أن الدولة ليست بحاجة لإنشاء مزارع جديدة، فالعدد الحالي (1400 مزرعة) كاف لتحقيق الاكتفاء الذاتي إذا تحولت المزارع إلى التقنية الجديدة، مؤكداً أن الدعم الذي تقدمه الحكومة للمزارع يشكل فرصة كبيرة للمزارعين القطريين، ويتيح المجال للابتكارات والتطوير الزراعي، كما يساهم في زيادة المحصول اليومي الذي يتم توريده إلى الأسواق ويعزز جودة المنتج، وذلك من خلال نتائج الأبحاث التي تقدمها وزارة البلدية والبيئة في المجال الزراعي، إضافة إلى دعم
المزارع بالبذور والبيوت المحمية، فضلاً عن البرامج التسويقية التي تنظمها الوزارة كأحد أشكال الدعم للمزارعين.
تأهيل 200 مزرعة
تؤكد وزارة البلدية والبيئة أن الاستراتيجية الزراعية بدولة قطر ترتكز على التوسع في المنتجات الزراعية، مثل الخضراوات والفواكه والتمور وغيرها، مع مراعاة المحافظة على الموارد الطبيعية في البلاد والعمل على حسن استغلالها، مما أدى إلى تضاعف الإنتاج المحلي بما يزيد على 400%. وقد وضعت الوزارة برنامجاً لتأهيل المزارع، بحيث تستطيع توريد إنتاجها من الخضراوات ذات الجودة العالية إلى السوق المحلية بشكل يومي، وقد تم تأهيل نحو 200 مزرعة في هذا البرنامج من خلال تطوير قدراتها الإنتاجية للخضراوات.
وفي إطار جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع الزراعية، تتبنى الوزارة العديد من المبادرات الهادفة في هذا الخصوص، مثل طرح المشاريع الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق توفير الفرص لمستثمري القطاع الخاص في المجال الزراعي، ومن ذلك طرح أربعة مشاريع استراتيجية كبيرة لإنتاج الخضراوات بمساحة قدرها مليون متر مربع للمشروع الواحد، إضافة إلى طرح عشرة مشاريع زراعية من أصل 34 مشروعاً.
كما تضطلع وزارة البلدية والبيئة بمسؤولية تنمية الموارد الطبيعية لزيادة الإنتاج وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مع المحافظة على البيئة القطرية وتنميتها بصورة مستدامة، لا سيما أن التنمية المستدامة نتاج لسياسات وخطط تقوم على أسس علمية مدروسة، يتم على ضوئها اتخاذ القرارات السليمة التي تشجع مسيرة التقدم الاقتصادي، مع المحافظة على الموارد الطبيعية في وقت ترتكز فيه الاستراتيجية الزراعية على زيادة نسب الاكتفاء الذاتي، وإنتاج السلع الزراعية التي تتمتع بها الدولة بميزة نسبية.