140 ألف شركة بالإمارات في مهب الريح
حول العالم
09 يونيو 2018 , 02:32ص
الدوحة - العرب
تدفع حالة القلق المتزايد لدى السلطات الإماراتية، من هروب المستثمرين، وتناقص أعداد المقيمين في البلاد نتيجة القرارات الاقتصادية الأخيرة القاضية بفرض رسوم جديدة على مختلف أنشطة السوق، إلى البحث عن حلول يمكن من خلالها إيجاد مخرج للتحديات المتفاقمة التي تواجهها قطاعات الأعمال، ووقف تدهور النمو الاقتصادي، وتراجع البيئة الاستثمارية إلى مستويات غير مسبوقة في أي وقت مضى.
فخلال الفترة القريبة الماضية، أعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن رفع نسبة تملك الأجانب لشركاتهم من 49% إلى 100%، فضلاً عن زيادة مدة تأشيرات الإقامة للمستثمرين من 3 سنوات إلى 10 سنوات، ومثلها للمتخصصين من أطباء ومهندسين، لهم ولأسرهم. وقبل بضعة أيام، أعلنت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي عن قرار جديد بإعفاء المنشآت الاقتصادية من الغرامات، وتسهيل إجراءات تجديد ترخيصها في دبي. ويشمل القرار 140 ألف شركة متخلّفة عن السداد.
ويعتقد كثير من المراقبين أن هذا القرار يأتي على خلفية تزايد حالات إفلاس الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، بسبب الرسوم الباهظة التي تتكبدها، فضلاً عن تراجع أرباح العديد من الشركات الأخرى أو تكبدها خسائر فادحة، ما أدى إلى تخلفها عن سداد الرسوم المترتبة عليها.
أوضاع صعبة
ويقول بعض المراقبين إن عشرات الشركات التجارية العاملة في الإمارات، وخصوصاً في دبي وأبوظبي، لم تستطع دفع رواتب وأجور موظفيها ومستحقاتهم المالية، فكيف ستتمكن هذه الشركات من الإيفاء بالتزاماتها تجاه دفع الرسوم المترتبة عليها للدولة؟!
ويرى هؤلاء أن معظم الشركات العاملة في دبي وأبوظبي حالياً تعاني من أوضاع صعبة للغاية، بسبب ضعف العوائد المالية أو تراجعها، وهو الأمر الناجم عن تراجع الوضع الاقتصادي في البلاد، خصوصاً بالنسبة للبيئة الاستثمارية، وفشل جهود استقطاب المستثمرين في ظل الأوضاع الراهنة، فضلاً عن مغادرة كثير من المستثمرين والمقيمين للبلاد في الآونة الأخيرة، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وارتفاع الأسعار.
ويؤكد المراقبون أن ما دفع الجهات المسؤولة في الإمارات إلى إصدرار قرار بإعفاء المنشآت الاقتصادية من الغرامات بسبب تخلفها عن سداد الرسوم الإدارية، يعود إلى معوقات كبيرة وحقيقية بدأت تواجه الاقتصاد الإماراتي، في ظل تراجع معدلات النمو، وارتفاع التضخم، وتباطؤ المشاريع الجديدة، واستقطاب رؤوس الأموال الخارجية، فضلاً عن تراجع معدلات السيولة في الأسواق المحلية في الإمارات، ما أدى إلى إضعاف النشاط الاقتصادي، وتراجع حركة البيع والشراء بشكل ملحوظ، وبالتالي بدء ظهور حالة من الانكماش الاقتصادي الذي يخشى المسؤولون في الإمارات من تطوره سلباً إلى ركود عام يسود الأسواق، ما ستكون له عواقب وخيمة قد لا يستطيع اقتصاد دبي مثلاً تحملها، في ظل اعتماده على قطاع الخدمات، وليس الطاقة مثل إمارة أبوظبي.
التزامات مالية
ومنحت السلطات الإماراتية المنشآت الاقتصادية وأصحاب الشركات التجارية مهلة حتى نهاية العام الحالي، لتصويب أوضاعهم، ومعالجة تراخيصهم المنتهية والقديمة، لكن يشكّك بعض الاقتصاديين في مقدرة آلاف الشركات على تصويب أوضاعها، والإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدولة، في ظل تراجع النشاط الاقتصادي على مستوى الإمارات بشكل عام، وتباطؤ نمو حركة الأسواق، الأمر الذي سيفاقم من الأوضاع المتدهورة لشريحة واسعة جداً من تلك الشركات، ويحول دون مقدرتها على تصويب أوضاعها حتى في ظل المهلة التي تم منحها إياها.
وبشكل متزامن مع هذه الأعباء التي يواجهها أصحاب الأعمال والمنشأت الاقتصادية والشركات في الإمارات، تسود لدى هؤلاء مخاوف عميقة وعميقة جداً من المستقبل إذا ما بقيت الأوضاع الراهنة على ما هي عليه، فبعضهم -وفقاً لمصادر عديدة- كان يخطط لتوسيع أعماله، لكنه عدل عن ذلك، لأنه سيكون من الجنون قيام بعض الشركات بالتوسع في أعمالها، في ظل مصير مجهول لبيئة الأعمال والمناخ الاستثماري، وفي ظل قرارات اقتصادية وغير اقتصادية متضاربة ومتخبطة، لا يعرف لها زمان، ولا سبب أو معيار.
عقلية اقتصادية منفّرة
ويعقتد الكثيرون ممن يتابعون تطورات الشأن الاقتصادي في الإمارات أن السلطات هناك، ومهما فعلت لإنقاذ اقتصادها من الغرق، فإن جهودها لن تجدي نفعاً مع وجود عقلية اقتصادية منفّرة، وفي ظل تخبط واضح في كيفية التعامل مع الوضع الاقتصادي الذي بات بالفعل على المحك أكثر من أي وقت مضى.
ويقول هؤلاء إنه في ظل استمرار تلك العقلية في اللجوء إلى أسلوب الجباية، لتحسين مالية الدولة، وزيادة معدلات السيولة التي بلغت مستويات خطيرة وغير مسبوقة من التراجع، فإن كل الجهود الرامية إلى تغيير الوضع الاقتصادي على الأرض ستبوء بالفشل، ولن تؤدي إلى شيء ملموس، لأن استمرار فرض الضرائب الجديدة، وانخفاض أسواق الأصول متواصل في الإمارات، وسيؤدي إلى مزيد من الأعباء على الشركات، ويدفع العشرات منها إلى الخروج من السوق خلال وقت بات وشيكاً جداً.
وتواجه الشركات المتخلفة عن سداد الرسوم 60 غرامة، نتيجة مخالفات تجارية تصل قيمة بعضها إلى آلاف الدولارات. وفي مطلع العام الحالي، بدأت هذه الشركات تواجه وضعاً جديداً بفعل تطبيق ضريبة القيمة المضافة البالغة نسبتها 5%، والآن تفاجأت هذه الشركات بالغرامات، وارتفاع الرسوم الإدارية، التي تعتقد أنها ستكون أسوأ شيء يمكن أن يواجهه قطاع الأعمال في الإمارات.
سوق العقارات السكنية في الإمارات، تراجعت أسعاره على سبيل المثال بنسبة 4.2% خلال الربع الأول من العام الحالي من مستواه قبل عام، ما ألحق أضراراً بالغة بشركات العقارات، وأدى إلى خفض مؤشرات أسهم تلك الشركات بنسبة 13% في أسواق دبي وأبوظبي.