إنشاء صندوق لدعم انتداب 25 ألف تونسي لقطر خلال الفترة المقبلة
حوارات
09 مايو 2012 , 12:00ص
أجرى الحوار: محمد عمار
كشف السيد عبدالوهاب معطر وزير التشغيل التونسي, النقاب عن بحث الحكومتين القطرية والتونسية إنشاء صندوق لدعم آليات انتداب قطر لنحو 25 ألفا من أبناء بلده خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن المفاوضات جارية حول مسألة الأجور وارتفاع مستوى العيش.
وأضاف الوزير في حوار خاص مع «العرب» أنه من الصعوبة بمكان انتداب هذا العدد الكبير في ظرف سنة واحدة.
وكشف معطر أن تونس اقترحت إدارة مستشفى قطري بالكامل، كما بين أنه خلال الشهر المقبل (يونيو) سيتم افتتاح مركز تكوين بتونس لفائدة شركة قطر للبترول لتأهيل كل الكوادر الراغبة في انتدابهم بقطر.
وأضاف أن غرفة تجارة وصناعة قطر ستتكفل باحتواء نحو 500 معطل عن العمل من التونسيين المقيمين في الدوحة, والذين كانوا ضحية الشركات الوهمية، وذلك بالتعاون مع السفارة التونسية في قطر.. وهذا نص الحوار:
¶ ما آليات تطبيق توجيهات سمو الأمير بتوفير نحو 25 ألف فرصة عمل في السوق القطرية؟
- قبل الحديث عن القطاعات التي يمكن للشقيقة قطر أن تجذب فيها يدا عاملة تونسية، يجب الحديث عن مسائل أخرى والتي تهم ما قبل تنفيذ القرار. صحيح أن قطر أعلنت رسميا عن استقبالها لنحو 25 ألف فرصة عمل لكنها لم تتقيد بموعد زمني محدد إن كانت على سنتين أو ثلاث أو أكثر, لكن المفهوم من القرار أن قطر تريد الآن استقطاب التونسيين, نحن نتعاون مع قطر في مسألة العمالة منذ عام 1982، فلماذا لم يتم استقطاب هذا العدد منذ زمن بعيد. وعند البحث في الأسباب تبين أن انتداب التونسيين في قطر يسير بخطى بطيئة جدا لأن هناك معوقات عديدة.
¶ ما هذه المعوقات؟
- أولا هناك شريحة عالية من الكفاءات ليس لدينا فيها مشكل سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الإعلامية أو الصحة أو قطر للبترول أو الكوادر في المجال الرياضي، لذلك فإن هذه القطاعات لن توفر البتة 25 ألف فرصة عمل بل يمكن أن تضيف 200 أو 300 شخص في أحسن الظروف. وفي هذا السياق فان العدد المطلوب حاليا يفرض علينا النظر في الشروط المتوفرة للانتداب التي من دونها لا يمكن انتداب عدد وافر من العمالة التونسية لأن عدد 25 ألفا يعد صعبا جدا تحقيقه خلال سنة, بل ما يمكن توفيره لن يزيد على 3000 فرصة عمل هذه السنة في أحسن الأحوال. ما وجدناه أن هناك مسائل عالقة مثل الأجور, اعتبارا أن فتح الباب أمام عدد كبير يحتم بالضرورة النزول عن المستويات العالية في الشركات الكبرى إلى القطاعات ذات العمالة الوفيرة. ولا يمكن في هذا الإطار الحديث عن الكفاءات العليا لأنها تدافع عن نفسها بنفسها وليست في حاجة لأن تبحث لها الحكومة عن فرصة عمل.
نحن نتباحث مع الجانب القطري في مجال الكفاءات المتوسطة والمهن الصغرى وهي الأساس والمكون الرئيسي للبطالة في تونس. وعند النظر لمستوى الأجور في هذه الفئات وجدنا أنها ليست مغرية بالنسبة للعمالة التونسية ولا تحفزه اعتبارا أن الحد الأدنى للموظف البسيط في تونس يحوم حول 500 دولار وهو ما يعادل 2000 ريال، هذا بالإضافة إلى أن مستوى العيش في قطر يعتبر مرتفعا جدا من حيث السكن والإيجارات والاستهلاك, لذلك كانت المفاوضات مع الجانب القطري حول الأجور ومستوى العيش.
إن هذه الزيارة إلى الدوحة كانت بطلب من وزير العمل القطري لوضع الآلية المناسبة لتنفيذ قرار سمو الأمير لأنها المفصل الأساسي في موضوع العمالة. لقد اقترحت تغيير هذه الآلية وذلك بمعاملة التونسي مثل معاملة المواطن الغربي، اعتبارا أن هناك عددا من الحالات التي لا توجد فيها المعاملة بالمثل. وما لاحظناه أن قطر تتعامل مع العمالة الوافدة حسب الجنسيات حيث تتم معاملة التونسي مثل باقي البلدان العربية والآسيوية وهو ما لا نقبله اعتبارا أن التعليم في تونس متطور, خاصة في مجالات الاختصاص, والشهادات التونسية توازي نظيراتها الغربية، لذلك يجب معاملة هذه الشهادات مثل نظيراتها في نفس المستوى، وهو ما لم يجد قبولا من الطرف القطري.
¶ كيف سيتم تجاوز هذا الإشكال؟
- لقد اقترحنا بعد مفاوضات ماراثونية إيجاد آلية ثانية، وتتمثل في دعم الأجور من خلال إنشاء صندوق دعم للأجور بعد أن يتم تحديد الأجور الدنيا للعاملين التونسيين، وقد وافق سعادة السيد ناصر بن عبدالله الحميدي على الفكرة التي سيتم عرضها على الحكومة خلال الفترة القليلة المقبلة قبل الرد نهائيا على هذا الموضوع.
¶ ماذا عن زيارة شركة قطر للبترول, وهل أفضت عن نتائج تذكر؟
- نعم كانت لنا مباحثات مطولة مع إدارة قطر للبترول, وتم التوصل إلى آلية عملية من خلال فتح مركز تكوين في تونس تشرف عليه شركة قطر للبترول ستكون مهمته التكوين المباشر حسب الاختصاصات المطلوبة في قطر في مجال الطاقة وهو ما يعد جيدا جدا، وستزور تونس بعثة من قطر للبترول بمعية مجموعة من الخبراء المختصين في التكوين لتفعيل الآلية على أرض الواقع واختيار المركز الملائم خلال الشهر المقبل.
¶ هل هناك إجراءات أخرى تهم قطاع الصحة؟
- لقد قمنا باقتراح فتح مستشفى تونسي, حيث نقوم بإدارة المستشفى بالكامل. وقد تم تقديم فكرة تسليم مستشفى قطري لإدارته بالكامل وهو ما سيوفر فرص عمل كثيرة. علما بأنه تم فض إشكالية معادلة الشهادات بالنسبة للممرضين التونسيين العاملين في مستشفى حمد الحكومي, وكذلك بالنسبة للبعثات القادمة في هذا الاختصاص في المستقبل القريب من خلال شركة «اماديس العالمية» لمطابقة الشهادات المعترف بها حسب البلد الوافد.
¶ عند زيارتكم لغرفة التجارة والصناعة، هل تم التباحث في هذه المسائل؟
- قد وجدنا تجاوبا كبيرا من مجتمع الأعمال القطري, حيث أكدوا أن لديهم تعليمات من حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى على انتداب التونسيين، وستضع الغرفة لجنة للانتداب بمعية وزارة العمل، حيث سيتم حصر طلبات رجال الأعمال والقدوم إلى تونس للاختيار على عين المكان. كما أريد التأكيد على أن وزارة التشغيل مستعدة لتكوين الأعداد المطلوبة من الإخوة القطريين حسب الاختصاصات المقترحة, وذلك بهدف دفع التعاون المشترك بين البلدين وإيجاد الصيغة الملائمة لانتداب هذا العدد الهائل من التونسيين. لكن ما أريد الإشارة إليه أن القطاع الخاص القطري سيقوم بانتداب التونسيين حسب الأجور المتعارف عليها في قطر, لذلك فإن تفعيل آلية صندوق الدعم ستكون ضرورية.
¶ هناك أكثر من 500 تونسي عاطل عن العمل في الدوحة، هل تم التوصل إلى حلول لهذا الإشكال؟
- نحن نشكر غرفة تجارة وصناعة قطر التي تمكنت من النظر في هذا الموضوع وهي مستعدة لاحتواء هذا العدد الموجود، وقد أكد رجال الأعمال على تشغيل التونسيين في المجالات الإدارية وليس في مجال البناء والتشييد والأعمال اليدوية الشاقة، كما تعهدت وزارة العمل بنقل كفالة كل التونسيين المعطلين عن العمل في الدوحة بالتعاون مع السفارة التونسية.
¶ ماذا عن جذب الاستثمار القطري في القطاعات الإنتاجية بتونس؟
- هناك توجه من قيادة البلدين لتعميق العلاقات حتى تكون نموذجا يحتذى به. نحن نضمن كحكومة تقديم كل التسهيلات إلى رجال الأعمال القطريين عند قدومهم للاستثمار في قطاعات إنتاجية يمكن أن توفر لهم الربح لكن في المقابل توفر لتونس فرص عمل إضافية وهذا ما نسعى إليه. إن مجتمع الأعمال في البلدين سيعطي دفعا لتعميق هذه العلاقات اعتبارا لأنهم يفتحون الجسور بين الدوحة وتونس. الكل يعلم أن التحدي الأكبر الذي تعيشه تونس حاليا هو ملف التشغيل، وبلادنا تزخر بالكفاءات البشرية والمناخ الاستثماري الجيد, إضافة إلى نخبة مميزة من رجال الأعمال المسلحين بالسمعة الطيبة والمستعدة للإسهام في التنمية. نحن مستعدون لتذليل كل العقبات بما في ذلك القانونية والتشريعية، وقد بدأنا ذلك فعليا من خلال تخصيص دار التجمع الدستوري السابق إلى شباك موحد لاستقبال كل المستثمرين الأجانب والمحليين، حيث سيتم إنهاء كل المسائل المتعلقة بإنشاء الشركة خلال يوم واحد, وهذا ما سيدفع المستثمرين الأجانب إلى القدوم إلى تونس. أريد الإشارة أيضا إلى أن وزارة التشغيل مستعدة لتقديم كل الكفاءات المطلوبة لرجال الأعمال القطريين الذين يودون الاستثمار في تونس, إضافة إلى تقديم تدريب عالي المستوى للكفاءات التي تنقصها الخبرات. جدير بالذكر أن هناك طلبا كبيرا من الشركات الألمانية والأميركية في هذا الخصوص, حيث لدينا منطقة صناعية متخصصة في صناعة مكونات الطائرات, وقد قمنا كوزارة بتكوين الكوادر المختصة في هذا المجال. وهو ما جعل هذه الشركات تكثف نشاطها, لذلك فإن الأبواب مفتوحة لكل الشركات القطرية في هذا المجال. ولدينا كل الإمكانات للتكوين حسب الطلب.