قطر يمكنها لعب دور محوري في إعادة بناء البنية التحتية في قطاع الطاقة وتحريك الاقتصاد
الدوحة تواصل جهودها لتمكين سوريا من تجاوز التحديات الدولية بما في ذلك العقوبات
المشروع القطري «مدينة الأمل» هدفه إنهاء معاناة اللاجئين واستبدال الخيام بمساكن كريمة
الجاليات السورية أحد أهم عوامل إعادة الإعمار التي نعتمد عليها خاصة الجالية الموجودة بالدوحة
نقول لرجال الأعمال في دولة قطر إن الاستثمار الزراعي في سوريا هو استثمار في محله الصحيح
لابد أن تشمل المرحلة الجديدة كافة فئات المجتمع لاسيما أن شعبنا هو الذي استعاد الوطن
أكد سعادة الدكتور بلال تركية، القائم بأعمال السفارة السورية في الدوحة، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى دمشق عقب نجاح الثورة السورية، حملت العديد من الرسائل على كافة المستويات، كما أنها كانت قريبة من قلب الشعب السوري، ومثلت مرحلة مفصلية هامة.
وقال د.تركية لـ «العرب» في أول حوار صحفي يجريه عقب الثورة السورية: «زيارة صاحب السمو أكدت التزام دولة قطر الثابت بدعم تطلعات الشعب السوري نحو بناء بلد الحرية والكرامة.. وقطر يمكنها لعب دور محوري في إعادة بناء البنية التحتية في قطاع الطاقة وتحريك الاقتصاد. ودعا سعادته المستثمرين القطريين إلى الاستثمار في القطاع الزراعي بسوريا، باعتباره استثمارا في محله الصحيح».
وحول متطلبات المرحلة المقبلة، أكد أنها لابد أن تشمل كافة فئات المجتمع لاسيما أن الشعب هو الذي استعاد الوطن. ولفت إلى إنه جار الاستعداد لاستقبال مزيد من السوريين المتوقع عودتهم إلى ديارهم خلال فترة الصيف بعد انتهاء الدراسة في الدول التي يقيمون فيها، مشيرا إلى أن خدمات السفارة للسوريين سوف تتزايد مع بدء إصدار جوازات السفر وتسجيل المواليد.
وبشأن عودة الحركة السياحية مرة أخرى إلى البلاد، توقع تركية بدء استئناف الحركة السياحية إلى سوريا في فصل الصيف وعقب إعادة تأهيل البنية التحتية السياحية في البلاد.
وشدد سعادة القائم بأعمال السفارة التركية، على أن الجاليات السورية هي أحد أهم عوامل إعادة الإعمار التي تعتمد عليها سوريا الجديدة، خاصة الجالية الموجودة بالدوحة.
وبشأن اختيار أحمد الشرع رئيسا للبلاد في هذه المرحلة، أكد أن هذا الاختيار جاء بالتوافق مع كافة الفصائل وأفراد المجتمع ورجال القانون و«البديل كان الفوضى» وفق تعبيره.
وعن علاقات بلاده الخارجية أكد أن سوريا حاليا منفتحة على كل دول العالم وتسعى لأن تكون هي مصدر الاستقرار والأمن، وعن زيارة الشرع إلى كل من المملكة العربية السعودية وتركيا، قال: «السعودية تمثل قلب الوطن العربي وتربطنا بتركيا علاقات ثقافية وتجارية وإنسانية عميقة». وإلى نص الحوار:
◆ ظهر الدعم القطري للشعب السوري جلياً بقيام حضرة صاحب السمو بزيارة دمشق كأول زعيم على مستوى العالم يزور البلاد عقب الثورة.. فكيف تقيمون تأثير هذه الزيارة على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين في المستقبل؟
¶ زيارة سمو الأمير إلى دمشق كانت أول زيارة لزعيم عالمي بعد انطلاق الثورة السورية، وحملت هذه الزيارة العديد من الرسائل، ولكنها كانت زيارة قريبة من القلب لكل سوري، وهي مرحلة مفصلية في حياة كل السوريين، خاصة أنها جاءت بعد أقل من 24 ساعة فقط من تولي الرئيس أحمد الشرع للرئاسة في سوريا، مما يعكس الدعم المبكر لدولة قطر في تحقيق مطالب الثورة والدعم لمسيرة التحول السياسي في سوريا.
هذه الزيارة تؤكد التزام دولة قطر الثابت بدعم تطلعات الشعب السوري نحو بناء بلد الحرية والكرامة. وتاريخياً، كانت دولة قطر السباقة في دعم الشعب السوري، سواء عبر فتح السفارة أو من خلال دعم الجهود السياسية والدبلوماسية.
ولزيارة حضرة صاحب السمو العديد من الانعكاسات على علاقة البلدين ومنها تعزيز التعاون في قطاعات رئيسية، مثل إعادة الإعمار، الطاقة، والبنية التحتية، والاستثمارات الاستراتيجية، مما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد السوري.
إن قطر يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة بناء البنية التحتية، خاصة في قطاع الطاقة، والاستفادة من موارد الغاز والطاقة المتجددة.
وسياسياً، تواصل دولة قطر جهودها لتمكين سوريا من تجاوز التحديات الدولية، بما في ذلك العقوبات، وفتح آفاق جديدة للعلاقات الاقتصادية على المستوى العربي والدولي.
زيارة تأسيسية
◆ ما هي أبرز الملفات التي تناولتها زيارة سموه والتي من شأنها تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات؟
¶ أعتقد أنه في هذه المرحلة من المبكر الحديث عن الملفات، فالزيارة كانت تأسيسية، تهدف إلى رسم معالم التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وتضمنت موضوعات مثل التعاون السياسي والدبلوماسي، سواء على مستوى الخليج العربي أو الوطن العربي، إضافة إلى الساحة الدولية.
ومن الناحية الاقتصادية، تم التطرق إلى مشاريع إعادة الإعمار، والاستثمار، وقطاع الطاقة، وإعادة تحريك الاقتصاد السوري.
وتم التأكيد على أهمية تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتحقيق الاستقرار وضمان نجاح المرحلة الانتقالية.
◆ وهل هناك تطورات جديدة في التعاون بين البلدين في مجالات مثل الاستثمار وإعادة الإعمار وغيرها من المجالات عقب زيارة سمو الأمير؟
¶ بكل تأكيد هنالك تطورات ملموسة في مسار التعاون، وإن كانت بحاجة إلى المزيد من الوقت لكي تظهر نتائجها.
وعلى الرغم من أن موقف دولة قطر لم يتغير من مساعدة الشعب السوري طيلة 13 عاما، وكانت تقدم الدعم بأشكال مختلفة، فهذا سوف سيتمر، لكن صيغ التعاون سوف تختلف بشكل جذري.
المساعدات القطرية في السابق كانت إنسانية وتنموية، وذلك لعدم إمكانية بناء العلاقات مع الهياكل الحكومية في حينها، لكنها تتجه اليوم إلى التعاون الاستثماري وإعادة الإعمار، وقد أصبحت المساحة متاحة أمام البلدين لعقد اتفاقيات الاستثمار وإعادة الإعمار في سوريا.
إن دولة قطر لديها خبرة في مشاريع الإعمار في أفغانستان، غزة، السودان، ويمكن لسوريا الاستفادة من هذه التجربة.
كما أن التحول الجديد يسمح بفتح آفاق اقتصادية أوسع من خلال الاتفاقيات الثنائية التي يجري العمل على بلورتها.
رسالة إلى رجال الأعمال القطريين
◆ تمتلك سوريا موارد طبيعية كبيرة، فضلاً عن تقدمها في مجال الزراعة، ماذا تقول لرجال الأعمال القطريين للاستثمار في سوريا؟ وما هي الحوافز التي يمكن تقديمها لهم لتشجيعهم على إنشاء مشروعات في دمشق وغيرها من مدن ومحافظات البلاد؟
¶ سوريا دولة زراعية غنية بالموارد، وذات مناخ متنوع وتضاريس مختلفة، بالتالي ذات تنوع في الثروة الزراعية والحيوانية، ما يجعل الاستثمار الزراعي فيها خيارا استراتيجيا، وهناك فرص كبيرة في تحديث التكنولوجيا الزراعية بعد سنوات من التراجع بسبب سياسات النظام البائد.
إن الاستثمار القطري يمكن أن يكون في إعادة تأهيل الأراضي الزراعية، التصنيع الغذائي، والأسواق التصديرية. وتتوفر العديد من الحوافز المهمة حاليا فالأراضي الزراعية السورية خصبة، وتؤمن الجودة العالية للمنتجات، لذلك الاستثمار الزراعي في سوريا سوف يؤمن أضعاف النتائج عن بلدان أخرى.
ويتم حاليا العمل على تطوير برامج حكومية داعمة لتوفير بيئة استثمارية مستقرة، لكن تحتاج إلى بعض الوقت لاستكمالها.
ونقول لرجال الأعمال في دولة قطر إن الاستثمار الزراعي في سوريا هو استثمار في محله الصحيح، ونحن جاهزون لفتح الأبواب وضمان الاستثمار الناجح.
◆ دعت دولة قطر إلى ضرورة أن تشمل المرحلة الجديدة كافة فئات المجتمع السوري، من وجهة نظركم كيف يتم ذلك.. وهل من دور يمكن أن تلعبه السفارة في هذا الأمر؟
¶ لابد أن تشمل المرحلة الجديدة في سوريا كافة فئات المجتمع السوري لاسيما أن شعبنا السوري هو الذي استعاد وطنه.
إن شعبنا عبر تاريخه وحضارته كان بلداً متنوعاً ويفسح المجال للجميع. وبالتالي من الطبيعي أن نعود إلى هذه الحالة الصحية في هذه المرحلة الجديدة، فسوريا تنتقل من دولة «العصابة» إلى دولة المواطنة، حيث يتم إشراك المواطنين بناء على إسهامهم في بناء الدولة بدون النظر إلى عوامل الدين والعرق التي كان يعتمد عليها النظام البائد وفق سياسة (فرق تسد).
والمستقبل يتطلب إشراك جميع الفئات على أساس الكفاءة والمواطنة، وسوريا بلد كبير، ولا يمكن لفئة منفردة أن تستأثر بالبلد.
لقد تم تهجير أكثر من 6 ملايين خارج البلاد إضافة إلى الجالية المتواجدة في المهجر قبل الثورة، وتعتبر الجاليات السورية أحد أهم عوامل إعادة الإعمار التي نعتمد عليها، لذلك فإن الجاليات السورية، خصوصًا في دولة قطر، ستكون عنصرا مهما في إعادة الإعمار، نظراً لما تمتلكه من موارد مالية وخبرات متنوعة. أما عن السفارة فإنها تسعى إلى تعزيز دور المغتربين في دعم سوريا الجديدة من خلال ربطهم بالفرص الاستثمارية والمشاريع التنموية.
شراكة إستراتيجية قطرية- سورية
◆ كيف تصفون تطور العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وقطر خلال الفترة الأخيرة؟
¶ العلاقات بين دولة قطر وسوريا ليست علاقة اعتيادية بين دولتين شقيقتين، بل هي علاقة شراكة استراتيجية وشاملة، فالدوحة شريك على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني والشعبي لذلك نعتقد أنه العلاقة الدبلوماسية مع دولة قطر ستكون في أرقى مستوياتها
وأوضح دليل على ذلك أن دولة قطر كانت أول دولة عربية تعيد فتح سفارتها في سوريا، أيضا مستوى الزيارات رفيعة المستوى، وفي مقدمتها زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وقبلها معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية.
◆ قطر أولى الدول التي سيّرت جسراً جوياً للمساعدات بعد سقوط النظام.. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟
¶ لقد كان هذا ديدن دولة قطر دوماً، وهكذا عهدناها، فهي أول من سيرت جسرا جويا في الزلزال أيضا، وفي كل مناسبة هي الأولى دوماً، والجسر الجوي رسالة واضحة من دولة قطر بأن دعمها لسوريا مستمر ولن يتأخر.
إخواننا من شعب قطر لمسنا منهم دوماً مواقف إنسانية شجاعة، في سوريا، وفي السودان، وفي غزة، وغيرها، لذلك أقول (ما هو بغريب على أهل قطر).
◆ حدثنا عن مدينة الأمل السكنية التي افتتحت مؤخراً.. والدور القطري في إنشائها. وكم تستوعب من سكان، ولمن الأولوية؟
¶ نتقدم بالشكر لسعادة الوزيرة مريم بنت علي المسند على حضورها الشخصي لافتتاح هذه المدينة، ومرافقة صاحب الهمة العالية غانم المفتاح.
إن المشروع يهدف إلى إنهاء معاناة اللاجئين واستبدال الخيام بمساكن كريمة. وتم إنشاؤه بتمويل من صندوق قطر للتنمية ومن تنفيذ جمعية قطر الخيرية. والمدينة تضم 1400 منزل مجهز لاستيعاب أكثر من 8800 شخص، إلى جانب المرافق الخدمية الأساسية، حيث تضم مدرستين وروضة للأطفال ومدرسة مهنية، ومسجدا ومركزا صحيا وناديا رياضيا وصالة اجتماعية ومركزا اجتماعيا.. المدارس، والمركز الصحي والمسجد والأسواق.
كما أنها تشكل نقلة نوعية في حياة مئات العائلات، حيث انتقلوا من خيام اللجوء إلى بيوت تحفظ كرامتهم وتوفر لهم الأمان.
والمشروع مثال رائع للبصمة الخيرية القطرية، التي تركز على الحلول المستدامة، وتركز على كرامة الإنسان، وتقدم حلا متكاملا من كل الأركان.
والأولوية تُمنح للعائلات الأكثر احتياجا، وفق معايير تحددها المنظمات الخيرية في المنطقة، بالتعاون مع المجالس المحلية في المنطقة.
◆ هل هناك خطط مستقبلية لتنفيذ مشروعات مثل مدينة الأمل مجدداً في مناطق أخرى في سوريا؟
¶ التنسيق سوف يستمر ولكن على مستوى أعلى في المشاريع القادمة سيما أن سوريا ستنتقل إن شاء الله من مرحلة إنهاء الخيام إلى مرحلة إعادة الإعمار واستقبال العائدين إلى مناطق سكنهم الأصلي.
وعلينا أن نتذكر أن سبعة ملايين سوري مهجر داخليا وستة ملايين سوري تم تهجيرهم خارج سوريا بالتأكيد أن هناك الكثير من مشاريع إعادة الإعمار
وكما أنني لا أبالغ إذا قلت إن أكثر من ثلث سوريا مهدم بشكل كامل - وبالتالي فإن عملية البناء ستكون حجر الزاوية في انتعاش سوريا واستقرارها.
نحن واثقون من أن قطر يمكن أن تلعب دورا مهما في هذه المرحلة، لكن ستتخذ ربما طرق تعاون مختلفة
وسيكون هناك توزيع في المشاريع بين الإغاثية والتنموية وبين المشاريع الاستثمارية.
تعزيز الاستقرار الإقليمي
◆ ما أبرز الملفات التي يتم التعاون بشأنها بين البلدين حاليا؟
¶ التعاون السياسي والدبلوماسي لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وإعادة الإعمار والاستثمارات في البنية التحتية، والطاقة والتكنولوجيا، بما يشمل مشاريع الغاز والطاقة المتجددة. بالإضافة إلى التعاون الأكاديمي وبناء القدرات، مثل دعم المؤسسات التعليمية والتدريبية. ويمكن أن نذكر هناك أن المشاريع تسير على قدم وساق، آخرها افتتاح قرية الأمل الجديدة، وقبلها توقيع مذكرة التفاهم بين لخويا والدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء). ودولة قطر لديها خبرة كبيرة في بناء المساكن سريعة التجهيز، فنحن في حاجة إلى الاستعداد لاستقبال عودة السوريين بشكل كبير خلال الفترة المقبلة وعلى الأخص خلال فصل الصيف بعد انتهاء الدراسة في العديد من الدول التي يقيم فيها السوريون.
◆ ما هي الرسالة التي تحملها سوريا الجديدة إلى العالم ؟
¶ سوريا الآن ليست هي سوريا القديمة، والمرحلة الحالية تختلف عن مرحلة الثورة التي كانت لها خصوصيتها. أما سوريا الآن فتمر بمرحلة جديدة ومختلفة، ونسعى إلى أن نكون نحن مصدر الاستقرار، وبناء علاقات ثنائية مع كافة الدولة قائمة على الاحترام المتبادل، وبناء شراكات اقتصادية تعود بالنفع على البلد بغض النظر عما كان قبل الثورة. ومصالح سوريا هي الأهم فنحن الان في مرحلة التعافي، أولوياتنا هي الاستقرار والأمن وتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، وبالتالي فنحن في حاجة إلى دعم جميع الاشقاء في الدول العربية والإسلامية.
وبالنسبة للدول الغربية والولايات المتحدة، نحرص على أن تكون العلاقات متوازنة مع الكل ولن نكون في جانب أحد على حساب الآخر، فعلى سبيل المقال استقبل الرئيس أحمد الشرع وفدا من روسيا، كما أن سعادة السفير الصيني في الدوحة زارني في مكتبي بالسفارة، اننا نبني لمستقبل جديد مع كل الدول التي لا تبدي كراهية للشعب السوري.
◆ ما هي دلالات زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى كل من المملكة العربية السعودية وتركيا؟
¶ زيارة الشرع إلى السعودية وتركيا لها العديد من الأبعاد فالسعودية تمثل قلب الوطن العربي بالنسبة لسوريا، والزيارة تحمل رسالة كبيرة خاصة وان النظام السابق أفسد علاقتنا مع كل الدول وأثار المشاكل مع الدول العربية، بسبب سعيه إلى تحقيق مصالح شخصية، ونحن في مرحلة بناء علاقات مع المحيط العربي والخليجي والإسلامي.
وبالنسبة لتركيا فلها مكانة كبيرة لدينا كما يوجد تبادل تجاري وثقافي ودعم بين البلدين وفي تركيا حوالي 4 ملايين سوري، بعضهم مجنسون فحجم تداخل المصالح بين البلدين كبير.
◆ هل يجري الآن الإعداد لزيارات جديدة بالخارج؟
¶ لا توجد لدي معلومات مؤكدة في هذا الشأن ولكن بالتأكيد سيكون هناك زيارات لعدد من الدول المحورية في المنطقة.
◆ متى تتوقعون عودة الحركة السياحية في البلاد ؟
¶ مرت سوريا بفترة حرب طويلة وحكم فئة فاسدة، لم تكن تهتم بتطوير البلد وبنيتها التحتية، خاصة خلال 14 سنة وهناك حاجة كبيرة لإعادة تأهيل المناطق السياحية، والمرافق والفنادق لتكون جاهزة لاستقبال السياح، واعتقد أن حركة السياحة يمكن أن تبدأ في العودة مع دول في فصل الصيف إن شاء الله، خاصة وأن العديد من شركات الطيران بدأت رحلاتها إلى سوريا وفي مقدمتها طبعا الخطوط الجوية القطرية بالإضافة إلى الطيران السوري، والتركي والاردني وشركات اخرى سوف تبدأ.
تحديات استقبال ملايين اللاجئين
◆ هل الدولة السورية على استعداد لاستقبال ملايين اللاجئين في الخارج حال عودتهم إلى البلاد ؟
¶ استقبال السوريين العائدين من الخارج يعتبر تحديا كبيرا ونحن في حاجة إلى مشاريع كثيرة وسريعة حتى نتمكن من ذلك، بشكل كبير بدأت عودة أعداد كبيرة من اللاجئين من لبنان وتركيا والأردن والعراق، لكن أوضاع السوريين في الخارج ليست متشابهة، فالسوري عندما يتواجد في دولة ما يسعى إلى الاعتماد على نفسه وليس المساعدات، فالكثير منهم يؤسسون اعمالا، لذلك يوجد عدد كبير من السوريين في الخارج، مستقرون ولديهم أعمال لا يستطيعون تركها، لذلك فالبعض سوف يأتي على سبيل الزيارة والبعض الآخر سيأتي للاستقرار، كل على حسب ظروفه. والدولة تستعد حاليا لاستقبال الجميع.
◆ ما هي أبرز التحديات التي تواجهها الإدارة السورية الحالية ؟
¶ بالتأكيد حفظ الأمن في البلاد هو التحدي الأكبر، ونحن نشهد تحسنا يوميا في هذا الأمر، والأسبوع الماضي تم تخريج أكثر من ألف شخص في دورة سريعة للشرطة.
◆ هل اختيار أحمد الشرع رئيسا للبلاد جاء في الوقت المناسب؟ وهل كانت هناك بدائل أخرى ؟
¶ كان هناك العديد من المشاورات السياسية مع الفصائل ومع فئات المجتمع الاخرى، ومع بعض الدول الصديقة بالإضافة إلى رجال قانون ودستوريين، للخروج بحل يجنب البلاد أي مشاكل، واكيد لم يكن هناك خلاف بالنسبة لاختيار الرئيس فهو قائد العمليات، لذلك كان الشرع موضع توافق من الجميع، والبديل عن ذلك هو الفوضى والتنازع الفصائلي ونحن في مرحلة نحتاج فيها إلى قيادة موحدة.
◆ هل هناك خطط لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين في المستقبل القريب؟
¶ أعتقد أن هذا من البديهي في مستوى العلاقات الدبلوماسية الاستراتيجية بين البلدين أن يكون هناك رفع لمستوى التمثيل، كما يجب توسيع البعثات الدبلوماسية ناحية المكاتب المتخصصة والملحقيات في البعثات الدبلوماسية، بالإضافة إلى العلاقات والزيارات البينية المتبادلة.
وعلينا أن نتذكر أن سوريا لا تزال في مرحلة قريبة من التحرير، وأتوقع أن يتم الأمر تدريجيا مع زيادة الاستقرار في سوريا وتخفيف الأعباء الداخلية.
◆ ما هي أبرز المهام التي تقوم بها السفارة السورية بالدوحة حاليا من أجل تعزيز العلاقات مع قطر؟
¶ التنسيق مع المؤسسات القطرية على مختلف المستويات: الرسمية، الثقافية، الرياضية، والخيرية، لتعزيز التعاون في المجالات المختلفة، واستكشاف الفرص الاستثمارية والتجارية بين البلدين.
قطر شريك جوهري
◆ ما هي نظرة الإدارة السورية الجديد للدور القطري في القضايا الإقليمية، خاصة في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة؟
¶ لقد أثبتت دولة قطر نفسها للعالم أنها شريك جوهري لا يمكن الاستغناء عنه في تقدم المنطقة وتحقيق استقرارها. وتمتلك الدوحة خبرة في الوساطات وإدارة الأزمات الدبلوماسية.
وقطر لديها وصول عال في المنصات الإقليمية سواء في مجلس التعاون أو جامعة الدول العربية، كما أنها ذات هيبة واحترام في مؤسسات الأمم المتحدة، لذلك حريصون على التواصل المستمر مع دولة قطر للاستفادة من هذه الخبرات.
◆ هل يوجد حاليا تنسيق بين رجال الأعمال القطريين للمشاركة في مشروعات حيوية في سوريا خلال إعادة الإعمار؟
¶ الوقت ما يزال باكرا، لكن بصورة عامة، ومنذ اللحظة الأولى تجري محادثات جارية لاستكشاف الفرص الاستثمارية، والعمل يجري على وضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لضمان بيئة استثمارية مستقرة.
◆ متى تتوقعون رفع العقوبات عن سوريا والتي تسبب بها النظام السابق؟ وما تأثير رفع العقوبات على إعادة إعمار البلاد؟
¶ للأسف فإن سوريا ترزح تحت حزمة كبيرة من العقوبات أحادية الجانب منها الأمريكي والأوروبي والأمم وهنالك أيضا دول أوروبية فرضت عقوبات منفردة أيضا، وتمثل العقوبات تحديًا هائلا للانفتاح الاقتصادي وعملية إعادة الإعمار، وإزالتها تتطلب عملا مضنيا على مستويات متعددة
وهناك مؤشرات إيجابية بشأن تخفيفها تدريجياً، حيث بدأت مرحلة تخفيف العقوبات وإصدار استثناءات وإعفاءات لمدد زمنية محدودة من الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ونرحب بهذه الإجراءات السريعة إلا أننا بحاجة إلى عمل لإزالة العقوبات بشكل كامل
وأتوقع أن إزالة العقوبات بشكل كامل يحتاج إلى سنة أو أكثر، ولا سيما أن العمل على الإزالة سوف يصطدم بعوائق البيروقراطية
وأكثر ما يقلقني هي عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب وجود الفيتو الروسي والصيني، والعمل جارٍ على التواصل الدبلوماسي مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات بما يخدم عملية إعادة الإعمار.
خدمات للجالية السورية
◆ ما هي الخدمات التي تقدمها السفارة للجالية السورية المقيمة في قطر؟
¶ السفارة تقدم خدمات قنصلية تشمل الاصدارات والتصديقات، وخدمات قانونية لأبناء الجالية السورية ولدينا أيضا مكتب الحج والعمرة، ومكتب تعليمي، كما أن السفارة تشكل منصة للتواصل بين السوريين في دولة قطر لتعزيز الروابط المجتمعية.
◆ هل من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في الخدمات المقدمة السفارة للسوريين في الدوحة؟ وما أبرز تلك الخدمات؟
¶ هناك بالفعل زيادة ملحوظة في الخدمات، خاصة مع تزايد الطلب على الوثائق المرتبطة بالعودة إلى سوريا، الاستثمار، والشراكات التجارية، ونتوقع أن تزداد أكثر، لا سيما مع البدء بالعمل على خدمات جديدة مثل إصدار جوازات السفر وتسجيل المواليد.
◆ هل هناك خطط لتنظيم فعاليات ثقافية تجمع السوريين بمشاركة السفارة وجهات الدولة المختلفة؟
¶ السفارة لم تتوقف عن إقامة فعاليات ثقافية مستمرة، تشمل معارض الخط العربي، مهرجانات الشعر، والأنشطة الثقافية المختلفة.
وحضرت منذ أيام حفل افتتاح السيمفونية السورية للمبدع السوري مالك جندلي على أرض قطر، وشاركت الجالية السورية سابقًا في فعاليات كأس العالم FIFA قطر 2022، وهناك خطط للمشاركة في كأس العرب 2025.
إن السفارة تعمل مع وزارة الثقافة في دولة قطر ومؤسسة كتارا على تنظيم فعاليات ثقافية أكبر مما مضى، بمشاركة شعراء، أدباء، وخطاطين سوريين قادمين من الدوحة ومن سوريا إن شاء الله، ونعمل حاليا لفعالية ثقافية قبل شهر رمضان لتعزيز التفاعل الثقافي السوري-القطري.
تقارب سوري مع قطر وتركيا
◆ نلحظ تقارباً سورياً في عهدها الجديد مع قطر وتركيا.. فما انعكاسات هذا التقارب لخدمة شعوب الدول الثلاث.. وما آثاره على استقرار المنطقة؟
¶ هذه الشعوب هي أصلا شعوب بينها ترابط ثقافي وديني قائم، والتقارب السياسي يعزز من هذا التقارب الشعبي، وهذا التقارب يعزز التعاون الإقليمي في المنطقة أمام مشاريع التفتيت القادمة من الخارج، ويشكل قاعدة لمرحلة استقرار سياسي وتنموي.
ويفتح المجال لتعزيز التجارة، الاستثمار، وإعادة الإعمار في سوريا، بالاستفادة من الخبرات القطرية والتركية.
كما يسهم في تحقيق توافق عربي-إقليمي، ما ينعكس إيجابـــًا على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ان التعاون مع قطر وتركيا قد يساهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية، وتحسين الظروف المعيشية للسوريين.
◆ بعد الإطاحة بنظام الأسد حدث توغل إسرائيلي في المناطق المحررة من هضبة الجولان.. ما الخطوات التي ستتخذها دمشق لإعادة الوضع إلى ما كان عليه؟
- النظام المجرم السابق سمح بتمدد الاحتلال الإسرائيلي في الجولان، ولم يعمل على استعادته، وسوريا الآن تسعى لأن تركز على بناء الداخل ولديها قرار بعدم الدخول في أي صراعات حالياً.
الإدارة السورية الجديدة تلتزم بالمسار الدبلوماسي والقانوني لاستعادة حقوق سوريا المشروعة، وسيتم التحرك عبر مجلس الأمن، جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي لفضح هذه الانتهاكات الإسرائيلية والمطالبة بإنهائها.
وتسعى سوريا لتعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية لدعم موقفها القانوني في هذه القضية.
◆ كيف تُقيم إسهامات الجالية السورية في قطر؟
¶ الجالية السورية في دولة قطر تعد نفسها في بلدها الثاني ولذلك فأبناء الجالية ينتمون إلى قطر ويحبونها، وهي منخرطة في مختلف جواب الحياة في قطر، وتلعب الجالية دورًا محوريًا في القطاعات التجارية، الطبية، التعليمية، والهندسية.
ويوجد عدد كبير من الأطباء السوريين في مؤسسة حمد والمستشفيات الخاصة.
السوريون بارزون في مجال الأعمال والاستثمار العقاري، إلى جانب مساهمتهم في مجال الأدب والفنون، ويحصدون عادة الجوائز في المسابقات الثقافية والأدبية في قطر.
ومن الأمثلة المشرفة، الخطاط السوري عبيدة البنكي، الذي قام بخط مصحف قطر وعملة قطر.