إليزابيث الثانية .. رحيل بعد مسيرة ممتدة في حكم المملكة المتحدة

alarab
إليزابيث الثانية .. رحيل بعد مسيرة ممتدة في حكم المملكة المتحدة
حول العالم 08 سبتمبر 2022 , 09:46م
قنا

 برحيل الملكة إليزابيث الثانية اليوم، يسدل الستار على أطول فترة حكم لملكة، فقد حطمت جميع الأرقام القياسية عندما كرّست حياتها لأداء واجباتها الملكية وخدمة شعبها منذ أن أدت اليمين في سن الـ25.. وقد عانت الملكة الأطول بقاء في حكم المملكة المتحدة والأكبر عمرا بين ملوك العالم، بما وصفه قصر باكنجهام مؤخرا بمشكلات عرضية في الحركة منذ نهاية العام الماضي.

واضطرت الملكة التي احتفلت بعيد ميلادها الـ96 إبريل الماضي، منذ أكتوبر من العام الماضي إلى تقليص ارتباطاتها العامة منذ ذلك الحين، وألغت /الأربعاء/ الماضي اجتماعا افتراضيا كان مقررا مع كبار الوزراء، بعدما نصحها الأطباء بالراحة.
وفي آخر ظهور علني لها، صادقت الملكة رسميا أول أمس / الثلاثاء / على تعيين ليز تراس في منصب رئيسة الوزراء، لتصبح رئيس الحكومة الـ15 خلال 70 عاما من تولي الملكة العرش. وكانت قررت البقاء في بالمورال باسكتلندا بدلا من العودة الى لندن، حيث ينظم عادة حفل التسلم والتسليم بين رئيسي الوزراء، بسبب مشاكلها الصحية.
وفي مطلع يونيو احتفل البريطانيون على مدى أربعة أيام بمرور سبعين عاما على اعتلاء الملكة إليزابيث الثانية العرش، ولم يسبق لأي عاهل بريطاني أن جلس على العرش لهذه الفترة الطويلة، ومن غير المرجح أن يحقق أي ملك آخر ذلك، فالأمير تشارلز وريث العرش يبلغ 73 عاما، فيما نجله وليام سيحتفل بعيده الأربعين قريبا.
وفي مايو ألقى الأمير تشارلز بدلا عنها للمرة الأولى خطاب العرش أمام البرلمان وهو من أبرز مهامها الدستورية، وأطلت خلال هذه الاحتفالات من على شرفة قصر باكينجهام لتحية عشرات الآلاف، وبعد أسابيع خرجت في مناسبات عامة عدة مرات في اسكتلندا وظهرت مبتسمة وهي تستعين بعصا خلال عرض للقوات المسلحة في أدنبره في نهاية يونيو، وقد أثارت صحة الملكة إليزابيث الثانية التي تحظى بشعبية كبرى في البلاد، قلقا في الفترة الأخيرة.
وظهرت اليوم مؤشرات قوية على رحيل الملكة قبل الإعلان الرسمي عن رحيلها، عكستها الأنباء التي تواردت حول وصول ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز (73 عاما) مع زوجته كاميلا إلى بالمورال، حيث تمضي الملكة سنويا نهاية الصيف، كما وصل حفيدها الأمير وليام، الثاني في ترتيب خلافة العرش، الى نفس المكان.
كما توجه الأمير هاري وزوجته ميغان الى اسكتلندا بعدما أعرب أطباء الملكة اليزابيث الثانية عن قلقهم إزاء وضعها الصحي، حيث كان يفترض أن يحضرا حفلا خيريا في لندن لكنهما قررا الغاء مشاركتهما للتوجه الى اسكتلندا حيث تتواجد الملكة.

ولدت إليزابيث الثانية، أو إليزابيث أليكسندرا ماري،يوم 21 أبريل 1926 في المنزل رقم 17 بشارع بروتون في حي مايفير الراقي، لتصبح في المرتبة الثالثة في خط الخلافة بعد كل من ديفيد أمير ويلز وشقيقه ألبرت. ونشأت الملكة إليزابيث بين لندن وقلعة وندسور، وفي العاصمة انتقلت الأسرة إلى شارع 145 بيكاديللي، وهي منطقة تقطنها الطبقة الأرستقراطية الإنجليزية بالقرب من هايد بارك كورنر القريب من قصر باكنغهام.
ورغم الآداب والقواعد الرسمية الصارمة، عاشت إليزابيث حياة متوازنة وروتينية بعيدا عن البروتوكولات، واهتمت والدتها بتعليمها هي وشقيقتها وكانت تقضي وقتا طويلا في جناحهما الذي يطل على هايد بارك.
وبعد وفاة جورج الخامس في 20 يناير 1936 خلفه نجله ديفيد متخذا لقب إدوارد الثامن، وبذلك انتقلت إليزابيث إلى المرتبة الثانية في ترتيب الخلافة لأن الملك الجديد لم يكن له أبناء، ولكن إدوارد الثامن قرر التنازل عن العرش للزواج بواليس سيمبسون في 11 ديسمبر 1936.
واعتلى ألبرت العرش من بعده ونال لقب جورج السادس، لتصبح إليزابيث الوريثة المفترضة للعرش، وفي سبتمبر 1939 أعلنت المملكة المتحدة الحرب على ألمانيا ورفض الملك والملكة مغادرة البلاد.
وفي سن الـ18 أصبحت إليزابيث واحدة من بين 400 عضو في مجلس الملك الخاص، وهو تجمع من المستشارين المسؤولين عن دعم الملك، وبعد بضعة أشهر، عندما كانت في الـ19 من عمرها وتتمتع برخصة قيادة، التحقت إليزابيث ألكسندرا ماري وندسور، صاحبة رقم الخدمة 230873 من مركز تدريب النقل الميكانيكي التابع لخدمة النقل المساعدة، بالجيش الاحتياطي لتكون سائقة شاحنة.
وكانت إليزابيث تسافر مع والديها في رحلاتهما إلى المقاطعات وكذلك في دول الكومنولث، وفي جنوب أفريقيا ألقت خطابا تاريخيا بمناسبة عيد ميلادها الـ21 بثته القنوات العالمية ووعدت خلاله بتكريس حياتها للواجب.
وفي العاشر من يوليو 1947 ارتبطت ولية العهد رسميا بالملازم فيليب اليوناني، وهو مدرب في البحرية الملكية، وبسبب إجراءات التقشف السارية وجهت الدعوة لرؤساء الدول المرتبطين بأحد الزوجين فقط لحضور حفل الزفاف الذي كان بتاريخ 20 نوفمبر 1947 في دير سانت بيتر في وستمنستر.
تجدر الإشارة إلى أن الواجب الأول لوريث أو وريثة العرش هو ضمان الخلافة في أسرع وقت ممكن، وهو ما حدث فعلا إذ أعلن إليزابيث وفيليب بعد 3 أشهر من زواجهما حملها بالأمير تشارلز الذي ولد في 14 نوفمبر 1948، وبعد أقل من عامين ولدت أخته آن.
واضطلعت إليزابيث بدور تمثيلي أكبر عندما تدهورت صحة جورج السادس الذي كان يعاني من السرطان، وفي السادس من فبراير 1952 علمت إليزابيث بوفاة الملك، وفي طريق عودتها من كينيا ظلت تخفي حزنها وكانت تبكي بحرقة في مقصورتها الخاصة بعيدا عن الأنظار. وفي مطار لندن كان في انتظارها القادة السياسيون برئاسة رئيس الوزراء ونستون تشرشل للترحيب بالملكة الجديدة على المدرج المغطى بسجادة سوداء.
وفي الثامن من فبراير 1952 تم إعلان إليزابيث الثانية رئيسة للكنيسة الأنجليكانية والكومنولث، وتوجت في حفل مهيب في دير وستمنستر بعد أكثر من عام. وطلبت الملكة الجديدة بث الحدث على التلفزيون معارضة نصيحة تشرشل، لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن تشرشل وجه خطواتها الأولى توجيها جيدا إلى أن اكتسبت الثقة بنفسها بعد 3 أعوام من توليها العرش.
وإليزابيث الثانية هي الملكة الدستورية لست عشرة دولة من مجموع ثلاث وخمسين من دول الكومنولث التي ترأسها، كما ترأس كنيسة إنجلترا. ومنذ 6 فبراير 1952 هي ملكة المملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، وهي رئيسة الكومنولث وملكة 12 دولة أصبحت مستقلة منذ انضمامها، وهي، جامايكا، وباربادوس، وباهاماس، وغرينادا، وبابوا غينيا الجديدة، وجزر سليمان، وتوفالو، وسانت لوسيا، وسانت فينسنت والغرينادين، وبليز، وأنتيغوا وباربودا، وسانت كيتس ونيفيس.
ومنذ عام 1956 حتى 1992، تراوح عدد الممالك التابعة لها، حيث حصلت بعض الأراضي على استقلالها، والبعض الآخر من الممالك تحول إلى جمهوريات، فاليوم، بجانب أول أربع دول من القائمة المذكورة سابقا، صارت ملكة لجامايكا، وباربادوس، والبهاما، وغرينادا، وبابوا، وجزر سليمان، وتوفالو، وسانت لوسيا، وسانت فنسنت والجرينادين، وبليز، وأنتيغوا وباربودا وسانت كيتس ونيفيس.
والملكة إليزابيث الثانية هي أطول ملوك بريطانيا عمرا، وهي أطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش بعد تخطيها فترة الستة عقود التي حكمت فيها جدة جدها الملكة فيكتوريا البلاد.
ومن ضمن الزيارات التاريخية العديدة التي قامت بها إليزابيث والاجتماعات التي عقدتها، زيارة رسمية إلى جمهورية أيرلندا، وأول زيارة رسمية من الرئيس الأيرلندي إلى بريطانيا العظمى، بالإضافة إلى زيارات متبادلة من وإلى بابا الفاتيكان، شهدت أيضا تغيرات دستورية كبرى، كانتقال السلطة في المملكة المتحدة، والتوطين الكندي، وإنهاء الاستعمار في إفريقيا، وحكمت إليزابيث أيضا خلال حروب وصراعات داخلية في العديد من ممالكها.