الدوحة لعبت دوراً مهماً في وقف العدوان الأخير على القدس وغزة
الانقسام فصل أسود في القضية.. ومؤلم لكل فلسطيني وعربي ومسلم
نعلم أن قطر دفعت ثمناً كبيراً في وقفتها ضد صفقة القرن ودعم موقفنا
ندرك حجم الضغوط التي تعرضت لها قطر بالوقوف مع قضايا بلادنا
أكد دولة السيد محمد إبراهيم أشتية، رئيس الوزراء الفلسطيني، أن قطر تعد داعما مهما وأساسيا للقضية الفلسطينية سياسيا ومعنويا وماديا، مشيرا إلى أن زيارته للدوحة جاءت لطلب الاستمرار في مواقف الدوحة المشرفة لإتمام المصالحة الفلسطينية والمساهمة في الوصول لنتائج إيجابية في هذا الموضوع، بعد أن لعبت دورا مهما في وقف العدوان الأخير على الفلسطينيين في القدس وغزة.
ولفت دولة رئيس الوزراء الفلسطيني، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية «قنا»، إلى وجود تفاهم وتناغم على أعلى المستويات بين القيادتين القطرية والفلسطينية، وهناك زيارات متبادلة وتواصل دائم بين الجانبين للتنسيق في جميع المحافل الدولية، سواء في مجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية للأمم المتحدة وفي مجلس حقوق الإنسان، أو بخصوص القضايا المتعلقة بالشأن الدولي، كما أن التشاور مستمر فيما يتعلق بمجلس الجامعة العربية، مشددا على أن دولة قطر تقف دائما مع الصف الفلسطيني وتساهم في قضيتين كبيرتين وحساستين، القدس وما تشكله من أيقونة للشعب الفلسطيني كونها أولى القبلتين، والمساعدات لأهلها لتعزيز صمودهم.
وقال «نعلم أن قطر دفعت ثمنا كبيرا في وقفتها ضد صفقة القرن ودعم الموقف الفلسطيني، ونعلم حجم الضغوط التي تعرضت لها بوقوفها مع القضايا الفلسطينية ضد ضم القدس والأغوار وصفقة القرن، فقطر تقدم الكثير لقطاع غزة، تلك الجغرافيا المظلومة والمحاصرة التي تضم فقراء يستحقون الدعم»، لافتا إلى أن قطر قدمت لقطاع غزة في الأعوام الماضية أكثر من مليار و600 مليون دولار، في صورة مشاريع تنموية وتطويرية ومبان وبنى تحتية وأموال نقدية، وهو ما يعزز قدرة الناس على التكيف مع الحال الصعب التي يعيشونها مع الحصار.
وتابع دولة السيد محمد إبراهيم أشتية أن قطر دعمت الفلسطينيين على المستوى الدبلوماسي والسياسي والمادي والمعنوي والمنصات الدولية والعربية والوطنية، وأسهمت في تقريب وجهات النظر لإتمام المصالحة الفلسطينية، كما لعبت دورا مهما في تيسير وتسهيل الوصول لاتفاق حول الانتخابات الفلسطينية التي كان مزمعا إجراؤها في مايو الماضي، لكن إسرائيل وضعت أمامها كل العراقيل لإحباط إمكانية إجرائها، مبديا استغرابه ممن يدعي أن المساعدات التي تقدم للقطاع تزيد الانقسام الفلسطيني، ومرحبا بكافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني حيثما كان، وبكل دعم من شأنه أن يرفع المعاناة والظلم ويخلق فرص عمل ويعزز البنى التحتية ويساعد الفقراء.
وعن أهداف الزيارة، أوضح دولة رئيس الوزراء الفلسطيني، أن زيارته للدوحة في هذا التوقيت تهدف إلى تقديم الشكر والعرفان لدولة قطر ولحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على وقفته السياسية والمعنوية والمادية مع الشعب الفلسطيني وقضيته بشكل عام والقدس وخصوصية الحال فيها، وكذلك إطلاع القيادة القطرية على نتائج العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة بعد أن لعبت دورا مهما في الوصول إلى وقف العدوان وأيضا لنقل رسالة شكر إلى سمو الأمير من الرئيس أبو مازن تعكس تقديره لهذه المواقف خاصة وأن العلاقة بينهما تاريخية وقديمة.
وذكر أن الزيارة أيضا جاءت بهدف التشاور مع القيادة القطرية وتبادل وجهات النظر في كيفية ملء «الفراغ السياسي» في القضية الفلسطينية وإعادة دوران العجلة السياسية ونقل الوضع الحالي من «دبلوماسية السلام» إلى «عملية سلام» جدية وحقيقية مبنية على القانون الدولي والشرعية الدولية، إضافة إلى إطلاع القيادة القطرية على عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة وتعزيز العلاقات الثنائية بين قطر وفلسطين والتشاور في مجريات الأمور بالمنطقة، منوها بأن علاقات قطر وفلسطين تاريخية ومتشعبة الجذور فمكتب منظمة التحرير الفلسطينية تم افتتاحه في الدوحة عام 1965 وعندما تم إعلان الاستقلال عام 1988 كانت قطر من أولى الدول التي اعترفت بفلسطين، والجالية الفلسطينية في الدوحة قديمة وتحظى برعاية كاملة، لذلك نسعى أن تستمر هذه العلاقات في التطور وأن يساهم الفلسطيني في تقدم وعزة ورفاهية قطر وأهلها.
وتابع دولة السيد محمد إبراهيم أشتية رئيس الوزراء الفلسطيني «إن السلطة الفلسطينية تسعى إلى إبقاء وهج القضية الفلسطينية على أعلى مستوى فما جرى في مدينة القدس وقطاع غزة نقل القضية الفلسطينية نقلة نوعية ودفعها إلى سلم الأولويات الدولية»، الأمر الذي على ضوئه كانت هناك اتصالات من الرئيس الأمريكي وزيارات لوزراء الخارجية الأمريكي والبريطاني والألماني واجتماعات متعددة مع الرئيس محمود عباس الذي تجمعت لديه حصيلة كبيرة جدا من المردود السياسي لما جرى في مدينة القدس ووقفة أهلها الشجاعة وما جرى في قطاع غزة أيضا.
وعن توقيت الزيارة، أوضح دولة السيد محمد أشتية رئيس الوزراء الفلسطيني، في حواره الخاص مع «قنا»، أن زيارة دولة قطر تأتي ضمن عدة زيارات إلى المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الكويت وسلطنة عمان بهدف التواصل وتبادل وجهات النظر، بشأن الكثير من القضايا خاصة بعد تولي إدارة جديدة رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ووقف إطلاق النار «الذي نسعى لأن يكون وقفا دائما، فلا نريد الذهاب لعملية إعادة الإعمار تحضيرا لإعادة الدمار».
وأشار إلى الدعوة المصرية لحوار فلسطيني - فلسطيني الأسبوع المقبل، حيث قال بخصوصه «نحن نريد لهذا الحوار أن يأتي بنتائج جدية وحقيقية، إضافة إلى وجود متغيرات مهمة في الإقليم ومصالحة قطرية مع أشقائها وعودة اللحمة العربية من جديد بما يخدم عمق القضية الفلسطينية لأن قوة القضية وزخمها تأتي من العرب وموقفهم الواحد المتماسك، كما أن هناك حكومة جديدة وانقشاع لنتنياهو رغم أن الحكومات الإسرائيلية كلها متشابهة».
وعن تواصل الحكومة الفلسطينية مع الدول التي طبعت مؤخرا مع الكيان الإسرائيلي، كشف دولة رئيس الوزراء الفلسطيني أن جدول زيارته لا يشمل هذه الدول، موضحا أن مشكلة «دول التطبيع» ليست مع فلسطين فقط لكنها بالأساس مع الجامعة العربية ومبادرة السلام العربية، لأنها خرقت مبادرة السلام العربية التي قالت إن «الأرض مقابل السلام» وليس «السلام مقابل السلام».
وبشأن إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية ومدى الاستعداد لتقديم تنازلات لإتمامها، قال دولة السيد محمد إبراهيم اشتية «إن نجاح المصالحة الوطنية يعتمد على النوايا الجيدة، فإذا صدقت النوايا فنحن بخير، ونحن في اللجنة المركزية لحركة «فتح» والحكومة نريد لهذه المصالحة أن تتم لأن هذا الشرخ لا يمكن أن يستمر في الجسد الفلسطيني.. فلا سلام ولا تفاوض بناء دون وحدة الصف سياسيا وإداريا وماليا، ولا يمكن للحال الفلسطيني أن يكون بحالة سوية بدون الوحدة».
وتابع «بابنا مفتوح للمصالحة، لأننا نصارع استعمارا واحتلالا إحلاليا.. والماكينة الإسرائيلية تجبرنا على أن نكون في حالة وحدة، فما جرى في القدس وغزة وحد الشعب الفلسطيني وجعله يهب في مواجهة الاحتلال، والرئيس أبو مازن واللجنة المركزية يريدون للمصالحة أن تتم.. وبابنا مفتوح لفتح صفحة جديدة لمواجهة التحديات التي تقابلنا مثل الاحتلال وجرائمه في القدس وحصار غزة وعمليات الإعمار وغيرها من الأمور التي تحتاج للوحدة.. وكل ما تحتاجه عملية إنهاء الانقسام.. ونحن جاهزون لها وسوف نأتي على أنفسنا، لكن يجب أن ندرك تمام الإدراك بأن المصالحة وإنهاء الانقسام تعني أن الأرض واحدة والمؤسسة السياسية واحدة والإدارة واحدة والحكومة المسؤولة بشكل كامل عن كامل الأراضي الفلسطينية واحدة.. وكل النوايا الإيجابية من طرفنا ستكون موجودة».
كما أبدى دولة رئيس الوزراء الفلسطيني أسفه من استمرار هذا الفصل الأسود من تاريخ القضية الفلسطينية وهو الانقسام، «فهو مؤلم لكل فلسطيني وعربي ومسلم»، مشيرا إلى أن الرئيس أبو مازن حينما كلف الحكومة أكد على أن تسهيل كل ما يمكن للوصول إلى الانتخابات وإنهاء الانقسام أهم بند في عملها»، مستعرضا محاولات إنهاء الانقسام التي باءت كلها بالفشل منذ عام 2007 في القاهرة ثم في الدوحة ثم في القاهرة ثم في مخيم الشاطئ، ومشددا على جاهزية حركته وجميع الفصائل للحوار الفلسطيني والاتفاق على مجموعة من القضايا أهمها وضع برنامج نضالي لمواجهة الاحتلال وبرنامج سياسي «فلا ذهاب إلى الحرب أو السلام إلا مجتمعين وموحدين».