

بعد سنوات من العطاء الأكاديمي والمهني، تستعد جامعة كالجاري في قطر لإسدال الستار على رحلتها التعليمية، التي انطلقت عام 2006، وامتدت قرابة عقدين، خرّجت خلالها أكثر من 1100 طالبٍ ممّا يزيد على 40 جنسيةً، بينهم أكثر من 120 خريجًا من القطريين. ومع استعدادها لإقامة حفل تخرّج دفعتها الأخيرة في 11 مايو المقبل، تطوي الجامعة صفحةً حافلةً بالإنجازات. إذ لم تكن الجامعة مجرّد جهة مانحة للشهادات، بل كانت حاضنة للطموح، وبيئة تعليمية وإنسانية أسهمت في بناء جيل جديد من الكوادر التمريضية المؤهّلة، التي أصبحت اليوم ركنًا أصيلًا في قطاع الرعاية الصحية بدولة قطر. وقد سعت الجامعة منذ انطلاقها إلى إرساء أعلى المعايير في تعليم التمريض عبر برامج أكاديمية متكاملة، بدأت ببرنامج « التمريض التأسيسي» الذي هيّأ الطلبة لدخول مرحلة البكالوريوس، وزوّدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لدراسة التمريض، وصولًا إلى برنامج «بكالوريوس التمريض» الذي جمع بين المعرفة النظرية والتدريب العملي، وأسهم في إعداد خريجين متمكّنين للارتقاء بالخدمات الصحية وتقديم الرعاية السريرية عالية الجودة في الدولة.

وفي عام 2013، أطلقت الجامعة ثلاثة بَرَامِجِ مَاجِسْتِير في الأورام والقيادة في التمريض والتمريض السريري، جنبا إلى جنب مع برنامج التَّطْوِيرُ اَلْمِهْنِيُّ اَلْمُسْتَمِرُّ لتلبي الحاجة المتزايدة إلى قيادات تمريضية وأكاديمية في الدولة. وقد أتاحت البرامج لخريجيها فرص التخصّص في مجالات دقيقة، مثل تمريض الأورام، والقيادة الصحية، والبحث المبني على الأدلة، وذلك بالشراكة مع مؤسسات طبية مرموقة مثل مستشفى الأمل التابع لمؤسسة حمد الطبية. وفي عام 2014، أُضيف إلى البرنامج مسارٌ متخصّصٌ في القيادة التمريضية، بالشراكة مع مؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية. وقد بلغ عدد خريجي الماجستير أكثر من 80 شخصًا، يشغل العديد منهم اليوم مواقع مؤثرة في القطاع الصحي.
ومع مرور الوقت، ترسّخت مكانة الجامعة كمؤسسة أكاديمية رائدة، بفضل اعتماد برامجها دوليًا، وتعاونها الوثيق مع أبرز الجهات الصحية في قطر، مثل مؤسسة حمد الطبية، وسدرة للطب، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، ما جعلها مرجعًا في تعليم التمريض على مستوى المنطقة.
ومن أبرز إنجازاتها، حصولها على اعتماد «المنظمة الدولية لأفضل الممارسات»، لتكون بذلك أول مؤسسة تعليمية في الشرق الأوسط تحصد هذا التقدير المتميّز. وقد شكّل هذا الاعتماد نقطة تحوّل في تعزيز ممارسات الرعاية المبنية على الأدلة داخل الحرم الجامعي وخارجه.
وإلى جانب برامجها الأكاديمية، كانت الجامعة سبّاقة في تقديم فرص التطوير المهني المستمر للعاملين في القطاع الصحي.
وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة جانيت رانكين، عميد الجامعة: «خلف كل إنجاز حققناه على مدار العقدين الماضيين، كان هناك فريق مخلصٌ من أعضاء هيئة التدريس الذين قدّموا علمًا وخبرة، وأثروا تجربة طلابهم سواءً في التميّز الأكاديمي أو الممارسة العملية. ونحن اليوم، إذ نستعد لحفل التخرّج الأخير، نستحضر هذه الرحلة بكل فخر وامتنان».
أما الأستاذة الدكتورة هالة سلطان سيف العيسى، رئيس الجامعة، فقد عقّبت قائلةً: «لقد كانت جامعة كالجاري في قطر مساهمًا رئيسيًا في بناء منظومة تمريض قوية في الدولة. وها هم خريجونا اليوم يقودون التحوّل في ميادين الرعاية الصحية، والتعليم، والبحث العلمي، ويواصلون إسهاماتهم في تشكيل مستقبل المنظومة الصحية بالمنطقة».
ومن جهته، صرّح سعادة الشيخ الدكتور خالد بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس أمناء الجامعة، قائلًا: «لقد كانت رسالة الجامعة متناغمة مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، من خلال تأهيل كفاءات قادرة على قيادة قطاع صحي متطوّر. ونحن فخورون بالأثر العميق الذي تركته الجامعة في المجتمع القطري».
في هذا العام، ينضم 120 خريجًا جديدًا إلى مجموع خريجي الجامعة، ليكملوا مسيرة التميّز التي بدأتها قبل نحو عقدين، ويواصلوا العمل على تطوير الرعاية الصحية داخل دولة قطر وخارجها.
ومع اقتراب نهاية رحلتها، تتقدّم جامعة كالجاري في قطر بخالص الشكر لدولة قطر، ولوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي على وجه الخصوص، لما قدّموه من دعم متواصل مكّنها من أداء رسالتها التعليمية على الوجه الأمثل.
وإن كانت الجامعة ستغيب كمؤسسة، فإن إرثها سيبقى حاضرًا في كل غرفة عناية، وكل محاضرة، وكل مبادرة يقودها خريجوها من خلال إسهاماتهم المتواصلة في قطاع الرعاية الصحية محليًا وعالميًا.