شهد موسم الندوات في نسخته الثالثة مساء أمس جلسة حوارية، بعنوان “المتغيرات الثقافية في المجتمع القطري”، وأقيمت في فندق الشيراتون، وشهدها عدد كبير من المثقفين والمهتمين، الذين تفاعلوا مع أطروحات المتحدثين.
وشارك في الجلسة كل من: سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، والكاتب عبدالعزيز الخاطر، والفنان سعد بورشيد، والدكتور مرزوق بشير الأستاذ في كلية المجتمع، وإدارتها الإعلامية إيمان الكعبي.
وتأتي هذه الجلسة ضمن فعاليات موسم الندوات تجسيداً لرؤية وزارة الثقافة الهادفة إلى تعزيز الهوية الثقافية والفكرية في المجتمع، ودعم المشهد الثقافي من خلال مد جسور التواصل بين المثقفين والمفكرين، وما ينتج عن هذا التواصل المثمر من أطروحات وأفكار ومبادرات قيّمة تسهم في دعم مسيرة التنمية، وإيجاد حلول لقضايا المجتمع.
** سعد الرميحي: إقبال كبير من الشباب القطري على الشأن الثقافي
تناول السيد سعد بن محمد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، أبرز المتغيرات الثقافية في المجتمع القطري، مستهلاً حديثه بالتأكيد على أنه منذ عام 2007 كانت لديه رغبة في أن يتحول مجلسه الخاص إلى صالون ثقافي، حتى أصبح منتدى للنقاش والحوار، يرتاده كثير من القطريين والمقيمين. لافتا إلى تعدد المجالس الثقافية في قطر، والتي يقبل عليها العديد من النخب ممن يمثلون الشباب القطري.
وقال الرميحي : إن الثقافة لا تتمثل في كثرة القراءات ولكن في كل ما يتعلق بتناول الشأن المحلي والإلمام به. مشددا على أهمية أن يظل النسيج الثقافي قويا ومدعوما في ظل هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي. مشيرا إلى أنه يلاحظ في معارض الكتاب التي تشهدها الدولة سيلا متدفقا من الققطريين والقطريات للتعرف على الأدباء والكتاب واقتناء الكتب، ما يعكس الرغبة في القراءة، والنهل مما تحتويه الكتب من علوم ومعارف.
وأشار إلى أن المشهد الثقافي في قطر بحاجة إلى كثير من الأطر ليتوازن مع المتغيرات الثقافية الراهنة. مؤكدا أهمية الدور الذي تقوم وزارة الثقافة في هذا الاتجاه.
واستحضر الرميحي في هذا السياق الدور التاريخي لنادي الجسرة، التابع لوزارة الثقافة، والأسابيع الثقافية التي كان يقيمها في الخارج، علاوة على استضافته للعديد من الرموز الثقافية والفكرية العربية، الأمر الذي جعله مركز إشعاع فكري وثقافي، ليس فقط على الصعيد المحلي، ولكن العربي أيضا.
كما استذكر الرميحي فترة توليه إدارة تلفزيون قطر، حيث كان يتلقى اتصالات من أبناء الوطن يطالبونه بفتح المجال لهم وتسليط الضوء على الأنشطة والجوانب الثقافية المختلفة التي تشهدها الدولة، ما يعكس أن أفراد المجتمع لديهم وعي ثقافي لافت.
** د. محمد كافود: نشهد انعطافة كبيرة في المسارين الثقافي والاجتماعي
وقال الدكتور محمد عبدالرحيم كافود وزير التربية والتعليم الأسبق، إن هناك متغيرات ثقافية تؤثر في المشهد الثقافي القطري باستمرار، وهي متغيرات مستمرة من جيل إلى جيل.
وعرج الدكتور كافود على الدور الذي لعبته جامعة قطر في تشكيل المشهد الثقافي القطري منذ إنشائها قائلا إن جامعة قطر انفتحت على المجتمع، وأصبح هناك تفاعل إيجابي بين الأستاذ والمجتمع، ونظمت الجامعة الكثير من الندوات والمحاضرات بمساهمة مشاركين على مستوى عالمي من داخل قطر وخارجها، كما أن مراكز أبحاثها المتخصصة لعبت دورا في تشكيل المشهد الثقافي القطري.
وقال الدكتور كافود إن دولة قطر شهدت في السنوات الأخيرة انعطافة كبيرة في المسارين الثقافي والاجتماعي، ما أعطى المجتمع فرصة للتغير والتطور في كثير من المجالات.
وأشار كذلك إلى الدور الكبير للمتاحف في إحداث التغير الاجتماعي والتأثير في المسار الثقافي القطري.
وتحدث الدكتور كافود أيضا عن التدفق الكبير للمعلومات الذي أصبحنا نشهده اليوم، سواء عن طريق وسائل الإعلام أو المطبوعات ومعارض الكتب وغيرها من وسائل الاتصال التي أدت لتسريع التغير في المجتمع القطري.
وقال إنه من الضروري أن تكون هناك ضوابط لتدفق المعلومات على وسائل التواصل للحد من تأثيرها على الهوية الوطنية، مؤكدا أن هناك ثوابت ثقافية يجب أن نحافظ عليها في المجتمع.
وتطرق الدكتور كافود إلى وسائل التواصل الاجتماعي قائلا إنها بحاجة إلى وقفة تقييم وتأمل، مشيرا إلى وجود ضغوط ثقافية خارجية تؤثر في الهوية الخاصة للمجتمع القطري، ومن بينها انتشار ثقافة العمالة الأجنبية التي تلعب دورا في التأثير على أطفالنا واجيالنا وخصوصيتنا الثقافية، مؤكدا أنه ليس كل ما يرد إلينا من الخارج يمكن قبوله ويجب أن نحافظ على الهوية الثقافية القطرية.
** عبدالعزيز الخاطر: التغيرات الاجتماعية المتلاحقة شكلت طبيعة المثقف
من جهته قال الكاتب عبدالعزيز الخاطر أن طبيعة المثقف اختلفت، وتشكلت حسب التغيرات الاجتماعية المتلاحقة، مؤكدا أن نمط ووتيرة الحياة تركت آثارها في المجتمع وبالتبعية في نمط المثقف، فضلا عن اشكالية الهوية التي تحكمت بالأمر.
وقسم الخاطر المثقفين القطريين إلى ثلاثة مراحل، موضحا أن طبيعة المثقف ما قبل عام ١٩٧٠ كان لها شكل مرتبط بطبيعة المجتمع في هذا التوقيت حيث كان تقليدياً، والمثقف خلالها غير مرئي و يتسم بالأصالة، ويحمل على كاهله مسؤولية مجتمعه كما كانت تتحلى فترته بالترابط والعلاقات الافقية، واوضح ان الامر قد تغير منذ العام ١٩٧٠ الى بداية التسعينيات، وهي المرحلة التي قال إنها فترة المثقف المتعلم، حيث حصل عدد من أبناء المجتمع على شهادات دراسية رفيعة من الخارج، وجاءوا ليشغلوا الوظائف العليا في مؤسسات الدولة، وشكلوا بما جاءوا به من علم فئة مثقفي تلك المرحلة.
وقال إن المرحلة الثالثة هي التي قد بدأت بعد ذلك، وأطلق عليها مجتمع الاستهلاك الوفير والتي تحلى خلالها المثقف بسمات مختلفة عمن سبقوه، لافتا إلى أن كل مرحلة نتج عنها نمط مغاير للمثقف.
** سعد بورشيد: المؤسس أثرى الثقافة كجزء رئيسي من الحياة
من جهته تناول الفنان سعد بورشيد، أستاذ الدراما المسرحية بكلية المجتمع، تاريخ الثقافة في قطر منذ عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني باعتباره عالما وشاعرا كبيرا، مسلطاً الضوء على دوره في إثراء الثقافة لتكون جزءا رئيساً في الحياة، حتى أضحى الاهتمام بها من كل أفراد المجتمع فكان هناك الشعراء والأدباء، بجانب من كانوا يروون القصص والحكايات شفاهة وكذلك الفنون الشعبية التي عبرت عن المجتمع.
وأشار بورشيد إلى حدوث تطور مشهود عبر العصور حيث تم الاهتمام بالتعليم في فترة الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الملضي، حتى شملت الثقافة كل مناحي الحياة، فعمت الندوات والمحاضرات والمؤتمرات لتصبح قطر واحة للثقافة والإبداع. وساعد في تعزيز ذلك وجود بعثات علمية خاصة بمجالات الثقافة والإبداع مما ساهم في إبراز الأعمال الإبداعية القطرية لثقافتنا وتاريخنا.
ودعا بورشيد، في معرض حديثه عن واقع الثقافة والمتغيرات التي طرأت على المجتمع القطري، إلى مواصلة الجهود المبذولة من مختلف مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الثقافة، من أجل تركيز جهودها لتعزيز الثقافة في المجتمع ، مشددا على ضرورة تفاعل المثقفين أنفسهم ومشاركتهم بشكل أكبر في المشهد الثقافي.
د. بشير مرزوق: على الدور الأكاديمي مواكبة التحولات الحاصلة
قال الدكتور مرزوق بشير الأستاذ في كلية المجتمع إن المتغيرات الثقافية والتحولات الاجتماعية تعود إلى أن القيم والعادات والتقاليد هي حالة سائدة وليس هناك ثبات، وأضاف أن المدخل الثقافي الذي يأتي من التعليم والتراث أو من الدين هو متغير غير ثابت، واستند الدكتور مرزوق في حديثه إلى نظرية الإعلام القائلة بأن المتلقي يلجأ دوما إلى الوسيلة التي يشعر أنها تفيده أكثر في اشباع الحالة المعرفية، وهنا ذكر أن التأثير يأتي من عدة اتجاهات، لكن التأثير الأكبر والذي يجب أن ننتبه له يأتي من وسائل الإعلام الحديثة.
وعاد الدكتور مرزوق إلى الحديث عن الإعلام التقليدي وقال: قديما كان يوجد ما يعرف بحارس البوابة وهو من كان ينتقي ما يريده المجتمع والمتلقي، في حين أن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الحديثة قد افتقدت نهائيا للرقابة أو الإشراف والتوجيه.
وعن موضوع الجلسة أكد د مرزوق أن كل حديث عن التحولات والتغيرات التي عرفها المجتمع يأتي بشكل انطباعي وهنا يجب أن يبرز الدور الأكاديمي الذي يجب أن يواكب ويتماشى مع التحولات الحاصلة، وأشار إلى وجود تقصير من الجامعات ومراكز البحوث التي قال بأنها لا تقوم بدراسات وأكد أن ذلك سيجعل تناول موضوع التغيرات بالمجتمع خاضعا للانطباعات ولا يستند إلى خلفية أو مرجعية علمية.
وفيما يخص تأثير الثقافات الخارجية على المجتمع، قال إنه لا يمكن التحكم فيها، ولا يمكن أن نتحكم فيما يتلقاه أبناؤنا من خلال الوسائط المتعددة، وقال إن أبناءنا يعيشون في الحديقة الخلفية للمنازل ولا نعرف ما الذي يصلهم ولا يمكن التحكم فيه.
** مداخلات مثمرة
وفي مداخلة لها خلال الجلسة، قالت الشيخة حصة خليفة آل ثاني، إن السائد في العالم العربي هو أن الثقافة مرتبطة بالتعلم والتعليم، في حين أنها في الأساس مرتبطة بإلمام الشخص بالمعارف بغض النظر عن مستواه التعليمي، مشيرة إلى بعض العادات والتقاليد التي مازالت موجودة في المجتمع وصمدت في وجه التغيرات.
بدوره تحدث الدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، عن الفارق بين المثقف والإعلامي، موضحاً أن المثقف لديه حصيلة من المعرفة، مؤكدا أنه لا يجب الخلط بين المثقف والإعلامي وكذلك المتعلم.
وقال الدكتور المسفر إن هناك خلل في هذه المفاهيم وأسباب هذا الخلل هو التأثير السلبي للمدارس الأجنبية على المجتمعات الخليجية بصفة عامة وليس في قطر فقط، وأن الأبناء في مجتمعاتنا أصبحوا يتحدثون باللغة الإنجليزية مع والديهم وهو ما اعتبره انحراف عن الثقافة والهوية، مشيرا إلى أن ذلك ينعكس ايضا على الطلاب الجامعيين، معتبرا أن هذا ضعف كبير في التعليم.
ثم تطرق الدكتور المسفر إلى العولمة وتأثيراتها قائلا انها قلبت المفاهيم في مجتمعاتنا، وإن وسائل التواصل الاجتماعي كذلك بات لها تأثير سلبي كبير على ثقافتنا ومجتمعاتنا، ضاربا المثل بما يراه في المجالس ومدى انشغال الحضور بتلك الوسائل عبر الهواتف الذكية.
وتحدث الدكتور المسفر كذلك عن المرأة والتي قال إن ثقافتها حاليا باتت استهلاكية وليست إبداعية.
العرب: د. مرزوق بشير: على الدور الأكاديمي مواكبة التحولات الحاصلة
قال الدكتور مرزوق بشير الأستاذ في كلية المجتمع إن المتغيرات الثقافية والتحولات الاجتماعية تعود إلى أن القيم والعادات والتقاليد هي حالة سائدة وليس هناك ثبات، وأضاف أن المدخل الثقافي الذي يأتي من التعليم والتراث أو من الدين هو متغير غير ثابت، واستند الدكتور مرزوق في حديثه إلى نظرية الإعلام القائلة بأن المتلقي يلجأ دوما إلى الوسيلة التي يشعر أنها تفيده أكثر في اشباع الحالة المعرفية، وهنا ذكر أن التأثير يأتي من عدة اتجاهات، لكن التأثير الأكبر والذي يجب أن ننتبه له يأتي من وسائل الإعلام الحديثة.
وعاد الدكتور مرزوق إلى الحديث عن الإعلام التقليدي وقال: قديما كان يوجد ما يعرف بحارس البوابة وهو من كان ينتقي ما يريده المجتمع والمتلقي، في حين أن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الحديثة قد افتقدت نهائيا للرقابة أو الاشراف والتوجيه.
وعن موضوع الجلسة أكد د مرزوق أن كل حديث عن التحولات والتغيرات التي عرفها المجتمع يأتي بشكل انطباعي وهنا يجب أن يبرز الدور الأكاديمي الذي يجب أن يواكب ويتماشى مع التحولات الحاصلة، وأشار إلى وجود تقصير من الجامعات ومراكز البحوث التي قال بأنها لا تقوم بدراسات وأكد أن ذلك سيجعل تناول موضوع التغيرات بالمجتمع خاضعا للانطباعات ولا يستند إلى خلفية أو مرجعية علمية.
وفيما يخص تأثير الثقافات الخارجية على المجتمع، قال إنه لا يمكن التحكم فيها، ولا يمكن أن نتحكم فيما يتلقاه أبناؤنا من خلال الوسائط المتعددة، وقال إن أبناءنا يعيشون في الحديقة الخلفية للمنازل ولا نعرف ما الذي يصلهم ولا يمكن التحكم فيه.