نؤمن بضرورة أن تؤدي المرأة دوراً مركزياً في المجتمع لضمان تطوّر البلاد
المدينة التعليمية تتيح للنساء والرجال على حدٍّ سواء فرص الازدهار
نواصل التصدي لكل أوجه اللا مساواة المعوّقة لمسيرة المرأة بسوق العمل
بالنظر إلى شعار مؤسسة قطر بإطلاق قدرات الإنسان، يُمكنني أن أصف هذه المؤسسة بأنها الرئة التي تتنفّس من خلالها التنمية الشاملة في دولة قطر ومنطقة الشرق الأوسط، فهي مركز للابتكار في التعليم والبحوث وتنمية المجتمع.
لقد انغرست بذور هذه الرؤية قبل 25 عاماً من قِبل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
وبصفتي من أوائل طلاب مؤسسة قطر، وتحديداً أكاديمية قطر، أذكر تماماً مشاركات صاحبة السمو في فعاليات الأكاديمية وأنشطتها، وكيف كانت تُلهمنا وتؤكد لنا أننا كطلاب نُمثّل «مستقبل» هذه البلاد. كان ذلك بمثابة حلم حملته معي طوال تلك السنوات.
اليوم، تُشكّل نسبة النساء من طالبات التعليم العالي بمؤسسة قطر 63 %، كما أن أكثر من نصف طلبة الهندسة بجامعة تكساس أي أند أم في قطر، و60 % من طلاب وايل كورنيل للطب- قطر، وجامعة كارنيجي ميلون في قطر، الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، هنّ من النساء، وهي نسبة تمثيل نسائي تفوق نظريتها في الجامعة الأم.
وعلى مستوى المؤسسة ككل، تُشكل الإناث 40 % من قيادات المؤسسة. إنها إحصائيات وأرقام جديرة بالملاحظة، وتعبّر عن رؤية مؤسسة قطر والمهام التي نقوم بها: التمكين من خلال القيادة.
إننا نؤمن تماماً بضرورة أن تؤدي المرأة دوراً مركزياً في المجتمع لضمان تطوّر البلاد والمنطقة على المدى البعيد. وندرك الاختلافات بين المرأة والرجل، بل ونرحّب بها ونغتنمها ونستفيد منها لتلبية الاحتياجات المختلفة، كل منّا يُكمل الآخر سعياً لدعم مجتمعنا وتحسينه. وبما أن نسبة النساء تُشكّل أكثر من نصف التعداد السكاني في العالم، فلا بُد أن نضمن استفادة المجتمعات من هذه القدرات الهائلة، من خلال إتاحة فرص متساوية للمرأة.
نحن فخورون بأن النسبة ضمن الفئات العمرية المنتجة اقتصادياً بين النساء في قطر، تصل إلى حوالي 57 %، وهي أعلى من المتوسط العالمي، وبالتأكيد فإن هذه النسبة ستواصل في الارتفاع مع جهودنا في توفير المزيد من الفرص أمام المرأة، للالتحاق بالدراسة الجامعية، وسوق العمل، وريادة الأعمال.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن ريادة المرأة في المجتمع قد تأخذ أشكالاً متنوعة: كأن تؤدي دوراً نشطاً وفاعلاً كفرد في المجتمع، ودور الأمومة الذي تعمل من خلاله على تنشئة جيل جديد واعٍ ومتمكّن، أو توليها منصباً قيادياً تزدهر من خلاله، وتعمل على تأسيس بيئة عمل صحية، أو كرائدة أعمال تغتنم الفرص التكنولوجية والابتكارات. كلّ هذه الأدوار وغيرها الكثير تتطلب مهارات مشتركة: التعليم، والمهارة، والإصرار.
عندما تخرجتُ من المدرسة الثانوية، وقررت أن أعمل في مجال القانون، كانت أمامي خيارات محدودة محلياً. لذلك اخترت السفر للخارج، وكنت محظوظة لأنني تمكّنت من فعل ذلك. ومع تأسيس مؤسسة قطر، لم تُعد النساء في قطر أو في المنطقة تواجه هذه العقبة، بل أصبحت لديهنّ فرصة الحصول على تعليم عالمي محلياً، والعمل معاً من أجل صناعة التاريخ.
هنا، يتساءل الناس عادة: هل التاريخ هو نتاج بعض النساء والرجال؟ أو نتاج بعض الحروب؟ هل هو ثمرة الابتكارات العظيمة؟ أم أنه عملية دائمة ومتطورة؟
بالنظر إلى مساحة الابتكار في مؤسسة قطر، ومنذ أن كنت طالبة فيها، حتى أصبحت جزءاً من فريق قيادتها، يُمكنني أن أستنتج خلاصة مفادها أن التاريخ، حاله كحال الابتكار، هو عملية تطورية. إنه عملية متواصلة يقوم بها المفكرون والقادة والمجتمعات، مستفيدين من التجارب والجهود السابقة.
وفي هذا السياق، تلعب مؤسسة قطر دوراً رئيسياً كمحرك للتطوّر السريع في المنطقة؛ لأننا ندرك أهمية هذه التجربة، والاستفادة من الدروس، ونعوّل على النجاحات التي أحرزناها، وما حققناه من اكتشافات لنواصل الابتكار. وقد كان للمرأة دور أساسي في ذلك، وهذا ينعكس في حقيقة أن حوالي 40 % من الباحثين في مؤسسة قطر هنّ من النساء، اللاتي يجدن وجهة للتعاون وتطوير بحوثهنّ في المدينة التعليمية.
فالمدينة التعليمية قلب مجتمع مؤسسة قطر، وهي مدينة حقيقية ورقمية تتيح للنساء والرجال -على حدٍ سواء- الفرص للازدهار، وتُمكّن الأسر من التواصل، وتوفّر للشباب فرصة أن يكون لهم دور هادف في حياتهم اليومية، وهي حقل من الأفكار المتنوعة بين الاستدامة، والثقافة، والرياضة، وأبعد من ذلك، والأهم أنها مكان يحوّل تلك الأفكار لحلول تلبّي التحديات الأكثر إلحاحاً. إنها مكان نُعزز فيه القيم الأخلاقية؛ لأننا نعتبرها حجر الأساس لأي تطور، فهي تُرسخ الأُسس التي يقوم عليها مجتمعنا، وتُسطر المبادئ التي يجب نلتزم بها كأفراد في مجتمع مؤسسة قطر.
إنّ إطلاق العنان لقدرات الإنسان يأتي في صميم كلّ ما نقوم به، وهو شعارنا الذي نتمسك به. إننا في مؤسسة قطر نُدرك أن تمكين المرأة يتطلب ابتكاراً اجتماعياً، وسوف نواصل التصدي لكلّ أوجه اللامساواة التي تعيق طريق المرأة في المجتمع ومسيرتها في سوق العمل.