لا يخفي محمد منصور قلقه، من أن يكون السياح الروس الموجودون في فندقه الفخم في شرم الشيخ، آخر زائريه لوقت طويل بعد قرار "موسكو"، تعليق الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، إثر تحطم الطائرة الروسية.
وقال "منصور" الذي يدير فندقاً من فئة الخمسة نجوم، في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر: "نحن مصدومون".
وأضاف لوكالة فرانس برس "نحو 50% من رواد فندقي من الروس. الضربة جاءت قبل ذروة موسم الإجازات في أعياد نهاية السنة".
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بناء على توصية من أجهزة الإستخبارات، بتعليق جميع رحلات الطيران المدني الروسي إلى مصر، بعدما تعززت فرضية أن "قنبلة" أدت إلى اسقاط الطائرة الروسية ومقتل 224 شخصا هم ركابها وأفراد طاقمها، السبت الماضي، بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ.
وفي ضوء ذلك أيضا، حذرت حكومات رعاياها من السفر لشرم الشيخ، أو عمدت إلى إجلائهم منها. لكن قرار بوتين الجمعة شكل ضربة موجعة لجوهرة السياحة المصرية، والملاذ المفضل للسياح الروس.
وأوضح منصور أن "الألمان والفرنسيين وباقي السياح الأوروبيين، يأتون في مجموعات صغيرة منذ ثورة 2011"، في إشارة للانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في فبراير من العام المذكور.
وأضاف "الان إذا ما امتنع الروس عن المجيء، فإن شرم الشيخ ستموت".
ولفت إلى وجود مئة سائح روسي حاليا في فندقه، وأن تسعة من الركاب الروس الذين قتلوا في حادث السبت كانوا يقيمون في فندقه بينهم إمراة وطفلاها.
وشيدت شرم الشيخ كمدينة منتجعات سياحية، قبل عشرين عاماً وأصبحت من أهم أماكن الغطس في العالم. وفي العام 2013، زارها 2,5 مليون سائح اقلتهم عشرات من رحلات التشارتر يوميا وخصوصا من روسيا وبعض دول اوروبا الغربية.
وتطغى ثلاثة الوان على هذه المدينة الحديثة الواقعة في اقصى جنوب شبه جزيرة سيناء: البحر الازرق والجبال ذات الاصفر الداكن وابيض الفيلات والفنادق الراقية.
وحتى عشية الحادث، كانت نحو 20 رحلة تنقل الافا من السياح الروس يوميا الى شرم الشيخ.
واعلنت موسكو ان نحو ثمانين الف روسي موجودون حاليا في مصر خصوصا في شرم الشيخ والغردقة على البحر الاحمر.
لكن مئات منهم لا يزالون ينتظرون في طوابير طويلة في مطار شرم الشيخ املين بمغادرة المدينة.
وقالت السائحة الروسية اليساندرا كوندراتيفا لفرانس برس "حقيقة لا اهتم بما سيحدث للسياحة في مصر الآن. اريد فقط السفر سالمة الى بلدي".
-ادارة سيئة-
ويبدي السياح في مطار المدينة استياءهم من الطريقة السيئة، التي تعاملت فيها شركات الطيران مع الازمة بعد سقوط الطائرة الروسية.
وقال مستثمر من لندن يدعى بوافيش باتيل، علق في شرم الشيخ مع ابنه البالغ ثلاث سنوات وزوجته الحامل في شهرها السابع "انظر الى هذه الفوضى. لا احد يعلم اي شيء".
وبين عامي 2004 و2006 شهدت شرم الشيخ ومنتجعا طابا ودهب على البحر الاحمر موجة اعتداءات. وفي 23 يوليو 2005 اوقعت سلسلة من الاعتداءات في المدينة 90 قتيلا.
ومهما كان سبب سقوط الطائرة الروسية فان شرم الشيخ ستدفع الثمن غاليا.
وقال مسؤول في شركة طيران اجنبية لوكالة فرانس برس رافضا كشف هويته ان "الروس يقودون دفة السياحة في شرم الشيخ".
وتدارك "لكن السياح الروس منظمون جدا. ياخذون قرارات حكومتهم بجدية بالغة. على الاقل في المدى القريب فان السياحة في شرم الشيخ ضربت".
-شريان حياة-
ويعد قطاع السياحة احد القطاعات الرئيسية للاقتصاد المصري، لكنه تضرر بشكل كبير وتراجعت عائداته منذ اطاحة مبارك في العام 2011 نتيجة الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار السياسي والامني.
والعام الماضي زار مصر عشرة ملايين سائح يشكلون نحو ثلثي الـ 15 مليون سائح الذين زاروها في العام 2010.
وتؤمن السياحة نحو 15% من عائدات العملات الاجنبية ونحو 12% من اجمالي الناتج المحلي.
وتضطلع شرم الشيخ بدور رئيسي في محاولة انعاش الاقتصاد المصري المتداعي، وخصوصا ان فنادقها ومطاعمها ومقاهيها ونواديها النابضة بالحياة تجتذب السياح طوال العام.
ويقول مرشد سياحي لفرانس برس "كل هذا سيموت اذا احجم الروس والبريطانيون عن المجيء".
واعتبر "فواز جرجس"، الاستاذ في كلية لندن للاقتصاد ان هناك "اجماعا لدى وكالات الاستخبارات ان قنبلة زرعت في الطائرة ما يعني ان مطار شرم الشيخ جرى اختراقه".
وأضاف "تصوروا تأثير ذلك الطويل الأمد. شرم الشيخ شريان حياة. إنها البقعة المضيئة الوحيدة في السياحة المصرية والان تعرضت لضربة موجعة".
م.ن