ناقشت مبادرة «إضاءات» في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي أمس الثلاثاء، خلال ندوة تحت عنوان: الهوية الوطنية...تربية وتعليم»، التحديات التي تواجه المجتمع والمتغيرات المتسارعة للحفاظ على هُويته الوطنية ودور المجتمع بكافة أطيافه وقطاعاته ومؤسساته.
وتحدث في الجلسة التي عقدت على مسرح الوزارة بمقرها الدائم، كل سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، والدكتور حسن السيد أستاذ القانون العام بجامعة قطر والقاضي بمحكمة قطر الدولية، والدكتورة فاطمة المعاضيد المستشار التعليمي بمكتب الوكيل المساعد لشؤون التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. واستعرضت الجلسة -التي أدارتها الأستاذة مريم المهندي المشرف العام على مبادرة إضاءات والخبير التربوي بمكتب سعادة الوزير - العديد من المحاور منها: مفهوم الهوية الوطنية، وتحدياتها إضافة لدور التعليم في كيفية تعزيز الهوية الوطنية.
سعد الرميحي: التحول الديموغرافي وثورة المعلومات خطر على هويتنا
قال سعادة السيد سعد الرميحي: إن قضية الهوية الوطنية تعتبر من أهم القضايا التي تواجه المجتمع، لارتباطها بمقومات كثيرة كالعقيدة واللغة والعادات والتقاليد والاقتصاد ونظام الحكم السياسي الذي ينظم هذه الهوية، مؤكداً تغيرها بالتغير والتطور المستمر الذي تعيشه المجتمعات، مستشهداً في ذلك بتغير نظرة المجتمع نحو دور المرأة وتقديره لمشاركتها الفاعلة في البناء والتطوير في وقتنا الحاضر مقارنة بالماضي.
وأكد سعادته أن أخطر ما يواجه الهوية في الوقت الراهن هو التحول الديموغرافي المتسارع وثورة المعلومات، مشيراً إلى أن المجتمع يتعرض لعادات جديدة وثقافات جديدة ما يستدعي المحافظة على الهوية لدى النشء.
وأشاد سعادته في مداخلته بالجهود التي تبذلها الدولة في تعزيز الهوية الوطنية وهنأها على اهتمامها بالهوية وبالوطن وأبنائه، مثمناً في هذا السياق دور سمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، الممثل الشخصي لسمو الأمير حفظه الله، منوهاً بالفعاليات الكثيرة ذات الصلة بموضوع الهوية مثل القلايل ومرمي، ومؤكداً أهمية الدور المنوط بأولياء الأمور والمجتمع المدني في هذا الصدد.
وفي إجابته عن سؤال حول المسؤول عن تعزيز الهوية الوطنية، قال سعادته ان المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع وأجهزة الإعلام، ودعا للمحافظة على الموروث الثقافي القديم كمكون من مكونات الهوية، مثمناً دور صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في المحافظة على الهوية والتراث.
كما أشاد بدور المعلم ومهنة التدريس، قائلا إن مهنة التدريس مهنة عظيمة وتحمل رسالة خالدة ودعا أبناء الوطن للانخراط في مهنة التدريس ليضطلعوا بمهام تنشئة الأجيال، وقال إن المعلم يعتبر اهم ركيزة ترتكز عليها الأوطان، وطالب بمنح المعلم المزيد من الامتيازات.
د. فاطمة المعاضيد: إلزام تدريس اللغة العربية والإسلاميات والتاريخ
أعربت الدكتورة فاطمة المعاضيد المستشار التعليمي بمكتب الوكيل المساعد لشؤون التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي عن فخرها باللغة العربية وارتباطها بالهوية، مضيفة إن اللغة والهوية وجهان لعملة واحدة، وان الهوية هي الماضي والحاضر والمستقبل وهي عملية متغيرة وليست جامدة وهناك مسلمات وثوابت تعزز الهوية تبدأ بالتشريعات وتنتهي بالتربية والتعليم، حيث ثمنت صدور قانون حماية اللغة العربية.
وسردت الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لحماية الهوية الوطنية في القطاع الخاص التعليمي، مشيرة في هذا السياق إلى الالتزام بتدريس مادة اللغة العربية والتربية الإسلامية وتاريخ قطر وإشراف الوزارة على ذلك.
د. حسن السيد: مراعاة التقاليد الوطنية والأعراف واجب دستوري
تحدث الدكتور حسن السيد أستاذ القانون العام بجامعة قطر والقاضي بمحكمة قطر الدولية، حول ملامح الهوية في الدستور القطري، موضحا أن الدستور يعتبر قمة هرم التشريعات، تأتي بعده القوانين ثم اللوائح، مستعرضا التطور الدستوري في قطر حتى دخول الدستور القطري الدايم حيز النفاذ في 2005.
وأشار الدكتور حسن إلى أن الباب الأول من الدستور عني بالدولة وأسس الحكم، حيث جاء في المادة الأولى أن قطر دولة عربية ذات سيادة مستقلة دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية وشعب قطر جزء من الأمة العربية، وقال حتى القسم لمن يتولى منصباً دستورياً يتضمن الالتزام بالشريعة الإسلامية.
وأوضح أن الدستور حدد المقومات الأساسية للمجتمع القطري الذي يقوم على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق. وهي عناصر أساسية لأي هوية وطينة.
وأضاف أن الدستور يعتبر الاسرة وقوامها الدين والأخلاق وحب الوطن كأساس للمجتمع وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها، وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها. كذلك أشار الدكتور حسن السيد إلى أن الدستور يعتبر مراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة، واجب على جميع من يسكن دولة قطر أو يحل بإقليمها.
وحول صدور قانون حماية اللغة العربية قال الدكتور حسن إن صدور القانون كان بسبب تحديات كثيرة منها التحول الديموغرافي وعدّد الممارسات التي تؤتى منها الهوية الوطنية والتي بلغت (30) ممارسة على حسب قوله، ونوّه إلى أن القانون حدد المؤسسات الحكومية والخاصة التي تلتزم بالقانون وكذلك الجانب الخارجي أي الالتزام بالقانون سواء دخل البلاد او خارجها.
تساؤلات تثري النقاش
طرح الحضور العديد من التساؤلات والمداخلات، إذ تحدث الأستاذة مريم الحمادي من وزارة الثقافة عن مفهوم الهوية وقالت إنها مجموعة من الصفات والخصائص التي تميز أي شخص أو مجموعة عن غيرها، كما حذر أحد أولياء الأمور من محاولات طمس الهوية من خلال التعليم والتشريعات والإعلام. بينما أشار الأستاذ عادل السيد المستشار بجامعة قطر في مداخلته إلى دور الدولة وجهودها في الحفاظ على الهوية منوهاً بأن الاسرة هي الجزء الصلب والاصيل الذي يحفظ هوية المجتمع من كل التغييرات، مشدداً على دور الدين واللغة والزي كمكونات أساسية للهوية الوطنية بجانب العوامل الأخرى.
اما السيد صلاح المناعي مدير مركز نوماس فقال إن وزارة الثقافة هي الجهة الوحيدة المهتمة بموضوع الهوية الوطنية واقترح في مداخلته تخصيص شيء عن الاهتمام بالعادات والتقاليد والهوية القطرية في المناهج الدراسية الوطنية. بينما دعت الأستاذة وفاء المناعي في مداخلتها إلى الحفاظ على ثوابت ومرتكزات الهوية القطرية.
كذلك تحدث في الجلسة الشاب سعود عبد العزيز الأحمد خريج جامعة جورج تاون-قطر، عن بحثه الذي قدمه خلال دراستة بالجامعة والذي حمل عنوان «جيل الطيبين»، وقال إنه اختار عنوان البحث أسوة بأهل قطر الطيبين حينما جمع معلومات بحثه من مقابلاته مع الكثير منهم ومن مختلف الأعمار مقارناً بين آرائهم، حيث ركز على الزي الوطني والمتاحف والمناطق التاريخية وتالتراثية، وناشد أبناء جيله بالاهتمام بالتدوين والتوثيق لأن هناك نقص في التاريخ الاجتماعي لقطر.
وفي ختام الجلسة قام الدكتور خالد العلي القائم بأعمال وكيل الوزارة المساعد لشؤون التعليم العالي بتكريم المتحدثين في الجلسة لإثرائهم موضوع الجلسة بالنقاش والحوار البناء.