زورق واحد لمكافحة الهجرة غير الشرعية في مدينة زوارة الليبية
حول العالم
07 مايو 2015 , 02:03م
أ ف ب
يتعامل المسؤولون الأمنيون في مدينة زوارة الليبية، أحد أبرز مواقع انطلاق رحلات المهاجرين إلى أوروبا، مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية بموارد محدودة في ظل انحسار الدعم الرسمي بفعل استمرار النزاع المسلح في البلاد: زورق واحد، وسيارة واحدة.
وتضم زوارة التي تقع على بعد نحو 160 كلم غرب العاصمة طرابلس، و60 كلم عن الحدود التونسية، ساحلا يمتد على مسافة 77 كلم، وتمثل بذلك إحدى نقطتي انطلاق رئيسيتين للمهربين إلى جانب منطقة القره بوللي شرق طرابلس.
ويقول أنور العطوشي امر "سرية إسناد حرس وأمن السواحل" لوكالة فرانس برس "ليس لدينا إي إمكانيات فعلية في ميناء زوارة البحري. هناك زورق واحد ورثناه عن النظام السابق، غالبا ما يتعطل، يغطي وحده ساحل زوارة بكامله".
ويضيف العطوشي وهو يقف إلى جانب الزورق الرمادي الصغير على الرصيف البحري والذي يكاد لا يتسع لأكثر من عشرة أشخاص "هناك 15 عنصرا فقط يعملون بجهود ذاتية ويتركز عملهم على إنقاذ المهاجرين من البحر وإعادتهم إلى الميناء ثم تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية".
وتصطف في هذا الميناء الصغير مراكب صيد مختلفة الأحجام تعود إلى أبناء المدينة، طلي معظمها باللون الأزرق.
وأوضح العطوشي "عندما تكون أعداد المهاجرين كبيرة، نستعين بهذه المراكب الخاصة بعد موافقة أصحابها".
وتشهد ليبيا فوضى أمنية ونزاعا مسلحا سمحا بتزايد الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الإمكانات المحدودة لقوات خفر السواحل الليبية وانشغال السلطات بالنزاع المسلح الدائر في ليبيا منذ الصيف الماضي.
ومع ساحل طوله ألف و770 كلم، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.
كانت إيطاليا قد دعت الاتحاد الأوروبي الاثنين إلى اتخاذ "تدابير ذات مغزى" لمواجهة التدفق المستمر للمهاجرين في المتوسط، وذلك بعد إنقاذ نحو ستة آلاف من هؤلاء في نهاية الأسبوع الفائت.
وشرعت مؤخرا السلطات الليبية في طرابلس والتي لا يعترف المجتمع الدولي بشرعيتها، إلى إبراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الإعلان عن كل عملية توقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين إلى مراكز الإيواء التي تضم نحو سبعة آلاف مهاجر أوقفوا خلال محاولتهم الهجرة.
ورغم ذلك، يؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، أن السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد الإمكانات للحد من محاولات الهجرة إلى أوروبا والتي تشمل آلاف الأشخاص أسبوعيا.
ويقول العقيد رضا عيسى امر القطاع الأوسط لحرس السواحل لفرانس برس "نستخدم في المنطقة الوسطى مركبين، وزوارق مطاطية صغيرة، معظمها متهالكة وغير مجهزة بل نحن أدخلنا عليها تعديلات تناسب عملياتنا في مكافحة الهجرة".
وتابع "نحتاج إلى عشرة زوارق على الأقل متخصصة في هذه المسألة حتى نتمكن من الحد من الهجرة بشكل كبير".
ويقول العقيد محمد سالم امر الغرفة الأمنية المشتركة في زوارة "مهمتنا الأساسية حماية المدينة من أي خروقات أمنية، وبينها الهجرة غير الشرعية، لكننا لا نملك شيئا لتحقيق ذلك. نحتاج مراكز إيواء، وميزانية كاملة، حتى إننا ندفع من جيوبنا الخاصة أحيانا ثمن الغذاء للمهاجرين الذين نوقفهم".
ويضيف وهو يتحدث في غرفة صغيرة في مركز أمني في المدينة "وجدنا فجأة أنفسنا نتعامل مع قضية لم تستطع أكبر الدول الأوروبية الحد منها".
وتابع سالم "إمكاناتنا بدائية جدا والحكومة لا تقدم شيئا، نحتاج إلى سيارات دفع رباعي وزوارق وطيران ودعم مادي لإيواء المجموعات التي يتم القبض عليها، وأسلحة لمواجهة المهربين وأجهزة مراقبة الاتصالات وأجهزة رؤية ليلية".
وذكر سالم أن في زوارة "سيارة واحدة، تتحرك، وتقبض، وتراقب".
ومنذ عهد معمر القذافي لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الأشخاص القادمين خصوصا من جنوب الصحراء والحالمين بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وتتقاسم ليبيا حدودا برية بطول حوالي خمسة آلاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.
وأكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل هؤلاء عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.
وفي ظل نظام القذافي، كانت ليبيا تستخدم موضوع الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا، من خلال فتحها أو إغلاقها صمام الخروج وفقا لتقدير حالة العلاقات مع الدول الأوروبية خصوصا إيطاليا.
ويأتي معظم المهاجرين من دول إفريقية، بينها مالي وغانا وتشاد، لكن بعضهم الآخر يأتي من العراق الذي يشهد أعمال عنف متواصلة منذ العام 2003، وسوريا التي تعيش على وقع نزاع مسلح منذ 2011.
ويرى سالم أنه حتى وإن توفرت الإمكانات، فإن وقف الهجرة بشكل نهائي أمر مستبعد.
ويوضح "لو جاء الاتحاد الأوروبي كله ووضع قطعه البحرية الواحدة إلى جانب الأخرى، فلن يمكنه" وقف الهجرة غير الشرعية نحو سواحله.