هدوء كاميرون قد يكون مكلفاً له في الانتخابات البريطانية
حول العالم
07 مايو 2015 , 12:09م
أ ف ب
متسلحا بنسبة شعبية لا مثيل لها ونجاحات اقتصادية مثبتة انطلق ديفيد كاميرون في حملة الانتخابات التشريعية بشدة النبيل الذي تبتسم له الدنيا على الدوام، قبل أن يعتمد فجأة نبرة هجومية عند بروز إمكانية خسارته أو فوزه بفارق ضئيل.
وقالت المحللة السياسية في كلية لندن للاقتصاد كيت جنكينز متفاجئة "لفترة طويلة أوحى بأنه كان يفضل أن يكون على الشاطئ". لكن قبل عشرة أيام على موعد الاستحقاق سجل أنصار رئيس الوزراء ومعارضوه بذهول التبدل المفاجئ لخطابه وحتى "تعبيره الجسدي".
هنا انتهى الخطاب الرصين، واتخذ نبرة جديدة هجومية مستندا إلى شعار "إما أنا أو الفوضى"، مرفقا بقبضات مرفوعة وحنك متشنج، فيما تخللته أحيانا عبارات لم يكن يمكن تخيلها بالأمس. والمثال الأوضح هو عندما انتقد بلغة خالية من الدبلوماسية برنامج حزب العمال المعارض.
في مقابلة أكثر هدوءا مع صحيفة ذا أيكونوميست تحدث كاميرون عن سوء فهم. وأكد "يخال لي أحيانا أن البعض يعتبرونني بارد الأعصاب أكثر مما يجب. لكنني لا أوافق على ذلك، هذا ليس ما أنا عليه".
وسيقرر الناخبون إن كان فعل أقل من اللازم في الحملة، لكن في الواقع، ليس سؤال "ماذا يؤمن بالضبط" تساؤلا جديدا بخصوصه. فقد لازم لفترة طويلة محيطه المشكك في رغبته في السلطة وقدرته على ممارستها، بحسب كاتب سيرته أنتوني سيلدون.
وأثناء الحملة الانتخابية ارتكب كاميرون ثلاث "هفوات" اعتبرت إثباتات على ابتعاده عن أعماق البلاد. فقد تناول الهوت دوج بالشوكة والسكين، وأخطأ في اسم نادٍ لكرة القدم يفترض أنه يؤيده، كما زل لسانه فقال إن "هذه الانتخابات محورية لمسيرتي..عفوا.. للبلاد".
في مطلع ولايته اعتبرت قدرته على تفويض غيره بمهام بسرور والترويح عن نفسه بلعب كرة المضرب وإمضاء نهايات الأسبوع "مسترخيا" مع زوجته سامانثا وأبنائهما الثلاثة، علامات توازن.
لكن داعميه لم يرتاحوا للامبالاته عند استبعاده ولاية ثالثة في حال إعادة انتخابه في استحقاق 7 مايو التشريعي، حيث تحدث في مقابلة مع البي بي سي فيما كان يقشر الجزر في مطبخه. والأسوأ هو أنه ذكر أسماء ثلاث شخصيات توقع أن تخلفه، من بينها رئيس بلدية لندن المثير للجدل بوريس جونسون.
كما ينتقده متمردو معسكره على خروجه أكثر ضعفا من انتخابات 2010 حيث أجبر بسبب عدم إحراز أكثرية مطلقة على ارتجال تحالف غير مسبوق مع الليبراليين-الديمقراطيين، لم يناسب الجناح اليميني والرافض لأوروبا في حزبه.
وتوقع كاتب سيرته أنتوني سيلدون إمكانية "سيناريو كارثي في 2015" حيث يحصل كاميرون أيضا على أقلية ويضطر إلى إبرام تحالف إشكالي آخر، ما سيجعله أكثر ضعفا.
ويعرف كاميرون بمرونته أيديولوجيا، هو الذي شبه نفسه برئيس الوزراء السابق توني بلير محدث حزب العمال الذي اعتمد شعار "الاقتصاد ليس يمينا ولا يسارا"، عندما تولى رئاسة الحزب في 2005 في
الـ39 من عمره، بعد 4 سنوات على انتخابه نائبا لويتني في مقاطعة أوكسفوردشير الريفية.
وطرح نفسه في تلك الفترة بصورة مصلح ساعٍ إلى تبديل صورة حزبه الموروثة عن حقبة "المرأة الحديدية" مارجريت تاتشر، مؤيدا العودة إلى الوسط وإلى "تيار محافظ تعاطفي" ومصمما على منح أولوية لقطاعات الصحة والتعليم والبيئة وحتى "مشاطرة ثمار النمو" .
وهذا الخطاب يشكل ابتعادا عن خلفية ديفيد وليام دونالد كاميرون، الذي يمثل الطبقة الراقية. فوالده وكيل تصريف عملات ثري ووالدته قاضية، وهو من سلالة الملك وليام الرابع ومتزوج من ابنة بارون، وتلقى التعليم في جامعتي إيتون وأوكسفورد منشأي النخبة البريطانية.
مع نهاية ولايته الأولى، نجح كاميرون في مضاعفة النمو والوظائف وأثبت مهارته بالنجاح المتفاوت عاما بعد عام في إبقاء التحالف الحاكم في البلاد، الأول منذ 65 عاما. كما تمكن من فرض إقرار زواج المثليين بالرغم من معارضه معسكره.
لكن معارضيه يتهمون سياساته بأنها في خدمة الأثرياء أكثر من أي وقت مضى، وأدت إلى مضاعفة الفروقات الاقتصادية، وإضعاف جهاز الصحة العامة تحت غطاء سياسة التقشف.
كما يتهمونه بالخداع بعد أن انصاع لضغط المشككين بأوروبا ووعد بإجراء استفتاء ينطوي على مجازفة كبرى قبل 2017 حول انتماء بلاده إلى اتحاد أوروبي تبدو فيه مهمشة.
وفي سبتمبر أوشك الاستفتاء الذي وافق عليه حول استقلال اسكتلندا على تقسيم المملكة المتحدة.
وأسر كاميرون أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يناديه "أخي". أما على الساحة الدولية فتميزت سنوات حكمه الخمس بفك الارتباط عسكريا من العراق وأفغانستان، وبحملة غير منتهية في ليبيا وأخرى أجهضت مبكرا في سوريا، وغياب شبه تام في الأزمة الأوكرانية وعزلة متنامية في أوروبا.