«التحفيز» يعالج سلوكيات الأبناء غير المرغوبة.. والتحقير «مدمر»

alarab
محليات 07 يناير 2017 , 01:33ص
هبة فتحي
أكد أحمد العيس، الخبير النفسي والتربوي، أهمية تطبيق سياسة التجاهل في التعامل مع الأبناء الصغار دون سن 12 عاماً في تعديل سلوكياتهم نحو الإيجابية حال ارتكابهم أخطاء أو سلوكيات غير مرغوبة، وأضاف أن التحفيز الإيجابي للأطفال سوف يعزز لديهم السلوكيات المحمودة.

وحذر في حوار مع «العرب» أن لجوء أولياء الأمور إلى العقاب البدني المفرط أو التحقير من شأن أطفالهم، داعياً إلى ضرورة أن يكون العقاب متدرجاً غير مبالغ فيه، وقال: «إن لجوء الوالدين لضرب الطفل المخطئ والشعور بالذنب بعدها مباشرة، ومحاولة استرضاء الطفل، يتسبب في تأثير سلبي كبيرة لصورة الوالدين عند الطفل، واهتزاز صورة الطفل أمام نفسه.. إلى تفاصيل الحوار

مم تتكون شخصية الطفل ومتى تحدث المشكلات السلوكية؟
- الشخصية تتكون من ثلاثة جوانب وهي السلوك والمعرفة والعاطفة، وغالباً ما يكون السلوك مضطربا أو غير مرغوب إذا كانت المعلومات أو المعرفة بالنسبة للطفل غير واضحة فكيفية التصرف عند المواقف الجديدة يجب أن يسبقه تهيئة من قبل الأهل وبعدها يمكن للأهل تقديم النصح والتدخل في حال قام الطفل بتصرف خاطئ.

هل كل سلوك يقوم به الطفل غير مرغوب فيه من قبل الأهل هو سلوك سيئ؟
- بالتأكيد لا، لأن لكل مرحلة عمرية من مراحل نمو الطفل مظاهر سلوكية فسنوات الطفولة الأولى خصوصاً بها الكثير من السلوكيات التي يعتبرها الآباء سلوكيات تسبب مشكلات، بينما هي طبيعية وجزء من النمو الطبيعي ومثال على ذلك أن الطفل في عمر 20 شهراً يزداد تعلقه بوالدته ويستمر هذا التعلق إلى عمر 30 شهراً وبعدها يخف قلق الانفصال تدريجيا ويبدأ سن الروضة والاندماج مع الرفاق، لذا لا نستطيع أن نقول أن هذا التعلق الزائد سلوك سيئ أو مشكلة مع أنه سلوك غير مرغوب فيه من الأهل.

ما هي أفضل الطرق لمساعدة الطفل على اكتساب السلوكيات الحسنة والتخلص من السلوكيات السيئة؟
- يعتبر التعزيز أو المكافأة من أهم الطرق التي تساعد على بناء السلوكيات التي نرغب بها وكذلك يساعد التعزيز على التخلص من السلوكيات غير المرغوب فيها، فالإنسان يميل بطبعه لتكرار السلوكيات التي ينتج عن القيام بها مكافآت حتى وإن كانت المكافآت بسيطة ويتجنب السلوكيات التي يتبعها ألم سواء كان نفسيا أو جسدياً.

ما شروط المكافأة التي تساعد في تعديل السلوكيات غير المرغوبة؟
- أن يكون تكرار المكافأة مقترنة بالسلوك المرغوب فقط، وأن يكون المعزز مناسبا للطفل ومحببا له.
وأن تكون المكافأة متناسبة مع السلوك، وأن تكون فورية بعد القيام بالسلوك المرغوب والتخلي عن السلوكيات السيئة.

ما هي الاستراتيجيات التي يجب أن يتبعها الأهل لتعديل بعض السلوكيات غير المرغوب فيها لاطفالهم دون عمر 12 عاماً؟
- من الاستراتيجيات المهمة في تعديل السلوك هي التجاهل ومثال على ذلك توقف الأم عن حمل ابنها عندما يبكي بعد أن كانت تحمله يؤدي في النهاية إلى عدم بكاء الطفل.

ما هي شروط نجاح استراتيجية التجاهل مع الطفل؟
- التجاهل يكون فوريا عقب ظهور السلوك غير المرغوب، واستخدام اللغة البدنية الملائمة عند تطبيق التجاهل وتجنب الاحتكاك البصري بالطفل حتى لا يرى تعبيرات الوجه، وأن تبعد نفسك مكانياً أي لا تكون قريباً منه خلال ظهور السلوك الذي أدى إلى استخدامك التجاهل، وغالباً سيتوقف الطفل عن البكاء إذا كان متأكدا من أن أحدا لا يسمعه أو يراه.
كما يجب الاحتفاظ بتعبيرات وجه محايدة بدون أي ملامح إيجابية أو سلبية، وعدم الدخول في حوار مع الطفل أثناء تطبيق استراتيجية التجاهل، ومع العلم أن الاستمرار في تطبيق التجاهل سوف يؤدي إلى زيادة السلوك غير المرغوب فيه أكثر من ذي قبل، وهذا دليل على نجاح الاستراتيجية، لأن الطفل يلجأ لزيادة الضغط بسلوكه اللافت للانتباه، ولكن يجب على الأهل الاستمرار في تطبيق أسلوب التجاهل وعدم الاستجابه لضغوط الطفل.

ما هي العوامل التي تساعد الأهل على نجاح تعديل سلوكيات أبنائهم؟
- هناك عاملان أساسيان يلعبان دوراً مهماً في تعديل السلوك الإنساني أولهما:
أن يكون الشخص الذي يقوم بتعديل السلوك أقوى من العواطف حتى يستطيع اتخاذ الإجراءات المناسبة أمام الطفل لأن الكثير من الأبناء يتعمد استجلاب عطف الأمهات، خصوصاً للحصول على ما يريدون مع أن الأم غير راضية عن سلوك الطفل، لكنها تقوم بما يريد أو تتغاضى عن بعض التصرفات، لأنها تشعر بالضعف أمام مشاعر الأمومة.
العامل الثاني أن نمتلك استراتيجيات علمية وعملية في تعديل السلوك تساعدنا في التكيف مع السلوك وخصوصاً في مراحل الطفولة المبكرة.
ماذا عن استراتيجية العقاب وتأثيره على الطفل؟
- لايزال الكثير من المعلمين والأهل يستخدمون العقاب في تعديل السلوك ولكن بصور مقبولة منها اللوم الصريح والتوبيخ والضرب وفق اعتبارات معينة والتهديد والوعيد.

ما هي شروط استخدام العقاب لتعديل سلوكيات الطفل غير المرغوب فيها؟
- يجب أن يستخدم بعد فشل الأساليب والإجراءات الإيجابية في تعديل السلوك مع تجنب العقاب البدني العنيف الذي يلحق الأذى بالطفل، وتفادي العقاب الذي يؤدي إلى تحقير وتصغير الطفل، وأن يتناسب العقاب من حيث شدته ونوعه مع مبررات استخدامه.
كما يجب تدعيم السلوك المرغوب فيه وتعزيزه عند توقيع العقاب على السلوك المرفوض، خاصة أن الآباء سوف يندمون على ضرب أبنائهم بعد لحظات، وربما يأخذون رد فعل مغايراً عن الذي كانوا يدعمونه، وهو ما يؤدي إلى تأثير سلبي جداً على شخصية الوالدين أمام الطفل، وعلى شخصية الطفل ذاته.