المونديال في قطر كرنفال ثقافي وملتقى حضاري
على أرض الملعب تبارت الفرق الغنائية والموسيقية في الترفيه عن الجماهير
قطر أهدت مونديال العمر لكل العرب والأجانب من كل القارات
اللجنة المنظمة وفرت كل شيء
مهما كتبنا عن استاد البيت لن نوفيه حقه من التقدير والاعتزاز ليس كمنشأة عالمية نتحدى بها العالم بل كقيمة حضارية تسكن قلوبنا وسط مدينة الخور.
فعلا من لم يزر استاد البيت حتى الآن فكأنه لم ير حلاوة المونديال في قطر، فقد أسعدني الحظ أن منحنى احد الأصدقاء أول امس تذكرة عبور لاستاد البيت لمشاهدة مباراة السنغال وانجلترا في الدور ربع النهائي، وكنت أتخيل أنها ستكون رحلة شاقة خاصة وأنها الأولى بعد غياب طويل بسبب المرض، الذي حرمني من حجز تذاكر المباريات التي أنوي حضورها، وكانت الأسعار بسيطة وخلال ذهابي مع ابني كانت الأمور ميسرة، فرغم أن المباراة شهدها ما يقرب من 65 ألف متفرج كانت حركة السير في الطريق من الغرافة إلى الخور حيث يوجد استاد البيت ميسرة جدا وانسيابية رغم الزحام.
فكانت التوقفات قليلة والكل ملتزم بتعليمات رجال المرور ووصلنا خلال نصف ساعة إلى ساحات مواقف السارات بلا أية مشقة بتنظيم رائع بوجود عدد كبير من الموجهين، وكانوا يدعون الجميع إلى تصوير مكان الوقوف لتذكره عقب المباراة.
ولأنني كنت أتكئ على العصا فقد دعوني إلى ركوب عربة الجولف التي كانت تقودها إحدى السيدات وخلال بضع دقائق وجدت نفسي أمام أبواب الاستاد وبابتسامات كل رجال الشرطة تم التأكد من التذكرة وبطافة هيا وعدم حملي لأي ممنوعات داخل شنطتي أصبحت أمام ساحة الدخول الأخيرة وتوفرت محلات الأكلات والشراب بأسعار جيدة.
كما توفرت دورات مياه كثيرة 7 نجوم ثم قام المرشدون بأدب وأخلاق جميلة باصطحابي إلى رقم المقعد المخصص لي ومن حظي انه في الدور الأول من ضمن ثلاثة أدوار امتلأت عن آخرها بالجماهير.
وفى ارض الملعب تبارت الفرق الغنائية والموسيقية في الترفيه عن الجماهير السعيدة في المدرجات.
جلس في المربع من حولي جماهير اسر وكبار وصغار السن وسيدات ورجال من مختلف الجنسيات من جميع دول العالم، وهكذا في كل المدرجات بدون تفرقة بين الجماهير الأعداد محدودة من جماهير السنغال جلسوا معا في نصف مدرج على اليمين.
وبعيداً عن حماس المباراة والتنافس على إحراز الفوز فقد اظهر مونديال قطر الوجه الآخر الجميل، وانه ملتقى التسامح والمحبة والسلام والألفة فهو بحق مهرجان تعارف وتحاب وسلام وتآخ وتضامن وتوحيد بين شعوب العالم. المونديال في قطر هو كرنفال ثقافي وملتقى حضاري إنه أكبر تجمع إنساني هو اكبر من مجرد مباراة في كرة القدم فقد تحول بأفكار قطرية عيداً رياضياً.. ورسالة سلام من العرب إلى العالم.
وكما كانت الجماهير هادئة كان نجوم انجلترا والسنغال قمة المثالية في علاقاتهم داخل الملعب فقد تفوق لاعبو السنغال في أول نصف ساعة وضاع منهم اكثر من هدف وتمنى بعضنا فوز السنغال كبلد مسلم وأفريقي، وتمنى آخرون فوز انجلترا عشقا في نجومها وتاريخها، وتمنى بعض المصريين خسارة السنغال لأنها سرقت مباراة الحسم للتأهل للمونديال بطريقة غير حضارية وأيضا بركلات الجزاء الترجيحية التي شابها اللجوء إلى توجيه أشعة الليزر إلى عيون نجوم مصر فأضاعوا الركلات واحدة وراء الأخرى وحرمونا من المشاركة في مونديال قطر الذي كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر.
وكان منتخب السنغال يرغب في أن يصبح أول فريق أفريقي يتغلب على إنجلترا بكأس العالم. كما يسعى المنتخب الإنجليزي بقيادة هدافه هاري كين، هداف مونديال روسيا برصيد 6 أهداف، إلى أن يفوز بكأس العالم للمرة الثانية بعدما توج بها عام 1966 عندما استضافت انجلترا المسابقة على ملاعبها.
وكان منتخب السنغال، الذي توج بكأس الأمم الأفريقية لأول مرة في تاريخه مطلع العام الحالي، يحلم بإقصاء نظيره الإنجليزي من المونديال، والصعود لدور الثمانية في البطولة، ليكرر الإنجاز الذي حققه في نسخة المسابقة عام 2002، عندما كان حينها ثاني منتخب أفريقي يبلغ هذا الدور بكأس العالم بعد المنتخب الكاميروني.
وبعد نصف ساعة من بدء المباراة استطاع المنتخب الإنجليزي تسجيل هدفين في الدقائق الخمس عشرة الأخيرة من الشوط الأول عن طريق جوردان هندرسون، والثاني هاري كين وذلك بتمريرة حاسمة من جود بيلينجهام. وفي الدقيقة 58 استطاع بوكايو ساكا تسجيل الهدف الثالث مع عرضية متقنة من فيل فودين، من ثم أصبحت المباراة أميل للهدوء وسط سيطرة من جانب المنتخب الإنجليزي، وحاول المنتخب السنغالي التقدم للأمام لكن المنتخب الإنجليزي مسيطر بالطول والعرض على المباراة.
وكان وراء الأهداف الثلاثة فارق السرعة الكبير بين الهدافين الثلاثة ولاعبي خط دفاع السنغال فأصابت التسديدات الثلاث عمق مرمى السنغال الذين رفعوا الراية البيضاء، ورغم الأهداف الثلاثة الانجليزية اقتصرت الاحتفالات الجماهيرية على أوقات إحراز الأهداف فقط
وبدأت بعض الجماهير في مغادرة الاستاد مبكرا تفاديا للزحام وتقبل نجوم السنغال الخسارة بروح رياضية وتبادلوا التيشيرتات فيما بينهم.
في النهاية استطاع المنتخب الإنجليزي تحقيق الفوز على السنغال رغم المحاولات للمنتخب القادم من غرب أفريقيا للتسجيل، وصعد «الأسود الثلاثة» إلى دور ربع النهائي ليواجه فرنسا يوم السبت 10 ديسمبر 2022 على استاد البيت.
واختتمت المباراة باستعراضات موسيقية غنائية داخل وخارج الاستاد الذي ارتفعت خارجه صيحات المناداة بالميكرفون لمن يريد كروة أو كريم أو أوبر ووفرت اللجنة المنظمة سيارات الجولف للأسر وكبار السن وباصات كالعادة لنقل الجماهير إلى محطة المترو للعودة إلى بيوتهم وتنتهى واحدة من اجمل الذكريات الكروية في حياة كل الجماهير المحبة لكرة القدم وخاصة في مونديال العمر الذي أهدته قطر لكل العرب والأجانب من كل القارات.