مهرجان المحامل يودّع محبيه

alarab
محليات 06 ديسمبر 2020 , 12:35ص
سندس رفيق


اختتم مهرجان كتارا للمحامل التقليدية في نسخته العاشرة، فعالياته وأنشطته التراثية المتنوعة أمس، وسط إقبال جماهيري كبير.
وعلى امتداد شاطئ كتارا، رست أنواع ونماذج متعددة من سفن الغوص على اللؤلؤ ومراكب الصيد والتجارة التي كان يستخدمها أهل قطر والخليج قديماً، والتي تتفاوت فيما بينها من حيث الحجم والشكل والغرض والأسماء التي تطلق عليها، وتميزها على أساس تصميم أجسامها؛ إذ تتعدد أنواع السفن بحسب استخدامها لأغراض صيد السمك أو النقل البحري أو الغوص على اللؤلؤ، فمنها سفينة البوم التي تعتبر من أشهر أنواع السفن المخصصة لنقل البضائع عبر موانئ دول الخليج وبحر العرب والهند وباكستان والمحيط الهندي وبعض دول أفريقيا، والسنبوك الذي كان يجتاز البحار والمحيط ليصل إلى الهند وزنجبار، ومحمل البتيل الذي يُستخدم لأغراض الغوص على اللؤلؤ، ومحمل الجالبوت المفضل خليجياً، إلى جانب محمل البغلة وهو أقدم السفن الشراعية للنقل البحري، والتي استخدمت قديماً للأسفار البعيدة من أجل نقل البضائع من التمور الخيول وغيرها، بالإضافة إلى البقارة والشوعي وغيرهما.
وفي ظلِّ هذه الأجواء التراثية الجميلة تعرّف الزوار على تاريخ عريق يجسّد الارتباط الوثيق بين البحر وأهالي المنطقة. كما جذبت الفعاليات بتنوعها عشاق التصوير الفوتوغرافي، وهو ما يؤكد ما يوفره المهرجان من مادة تراثية وتثقيفية وترفيهية متميّزة، تعكس ما يختزنه تراث الأجداد من أصالة وعراقة.
واستطاع متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني أن يجذب اهتمام الزوار من مختلف الجنسيات، وينال إعجابهم لما يضمه من أدوات الغوص والمراكب وأسماء الطواشين والنواخذة، بالإضافة إلى الأدوات التي كانت تستخدم في صناعة السفن والمحامل التقليدية، كما عرض المتحف عدة الغواص التي كانت تصنع من قرون الماعز، ويستخدمها الغاصة ليغلقوا بها أنوفهم عند نزولهم السريع لأعماق البحر المعقودة والمربوطة بواسطة حبل من ألياف السيسال لجذب الغواص إلى خارج المياه، وشبكة اللؤلؤ التي تُسمى الدن وهي عبارة عن حلقة خشبية ملحق بها سلة من الخيوط، إلى جانب أدوات القلاف، كالقلافة التي كانت تُستخدم لفتح المحار واستخراج اللؤلؤ، فضلاً عن عرضه لمجموعة من الموازين التي كانت تستخدم في تجارة اللؤلؤ، ويتراوح وزنها ما بين 72 و5 غرامات، حيث تعادل أصغر الوحدات المثقال الهندي من مومباي، والتي كان يبلغ وزنها 8.4 غ، كما يحتوي المتحف على عدد من الصور الوثائقية القديمة لرحلات الغوص على اللؤلؤ، والتي ترسم صورة زاهية عن ماضي أصيل صنعه الأجداد بعرق الجباه.
مشاركة عمانية مميّزة
  بداية لقاءات اليوم الأخير من المهرجان مع السيد حمود عبد الله العمراني، المشرف على متحف أمجاد عمان، والذي أوضح أن مشاركة سلطنة عمان في مهرجان المحامل كانت شاملة؛ حيث ضمت السوق الشعبي، والأدوات البحرية، والسعف، والمحامل التقليدية، مشيراً إلى أنها المشاركة التاسعة على التوالي، وهذا يدل على أهمية هذا المهرجان بالنسبة له .
ويضيف أن المهرجان في كل سنة يكون أفضل من النسخ السابقة، حيث تزداد الفعاليات، ويشهد إقبالاً أكبر من الزوار وتتنوع الأنشطة. ويؤكد أن «كتارا» استطاعت إقامة مهرجان ناجح وسط تحديات كبيرة.
أما عن محتويات متحف عمان، فيقول إنه يحتوي على 17 قسماً، وهناك قسم خاص للتراث البحري، يضم مجسمات السفن التقليدية، وأدوات الملاحة، والإسطرلاب والسدس التي تحدد الاتجاهات، واللؤلؤ، بالإضافة إلى صور الخرائط، وهناك إضافة خاصة بهذه النسخة من المهرجان وهي الأدوات اليومية التي كان يستخدمها الغوص.
وعن إقبال الجمهور، أوضح العمراني أن الناس مهتمة بشكل كبير بمعرفة كل ما يرتبط بالماضي، وإحياء الموروث الشعبي وخصوصاً فترة الغوص، وكل ما يخصها، وينوه بأن المبيعات في المهرجان جيدة جداً، حيث يقبل الناس على شراء النحاسيات والسعفيات والمقتنيات التراثية.
 ويؤكد في ختام حديثه أن هذا المهرجان يعد الأفضل خليجياً، وقبلة لعشاق التراث البحري، ويرى أن الجمهور في الدوحة لم يتأثر بتطور الحياة، كما في دول أخرى، وبقي متمسكاً بتراثه.
ومن خلال جولتنا في المهرجان، بدا بشكل واضح أن مشاركة سلطنة عمان قوية، ومتنوعة، وحاملة للتراث بمختلف تفاصليه وليس فقط البحري. كما لمسنا تمسك العمانيين بتراثهم وموروثهم وسعادتهم بالانضمام لمهرجان كتارا للمحامل التقليدية.
ويقول فضل محمد غانم الذي يشارك بحرفة الحدادة: نصنع المسامير التي كانت تستخدم في السفن القديمة، وأدوات أخرى خاصة بالزراعة. وهذه الأشياء ما زالت مستخدمة في عمان بشكل جيد.
ويرى أن المهرجان «من أفضل المهرجانات تنظيماً ويوفر لنا كل ما نحتاجه»، واعتبرها مشاركة مثمرة بالنسبة له، لافتاً إلى أن مثل هذه المهرجانات تساهم في ربط الناس بماضيهم وحماية التراث من الاندثار.

شغف بالمحار 
السيد عبد الله أحمد، مختص بصناعة الفطام الذي يفتح الأصداف التي تحوي على المحار والأصداف، وهو يحرص على المشاركة في مهرجان المحامل سنوياً؛ لأنه يعيده إلى البساطة وتفاصيل الماضي، وخصوصاً فترة الغوص على اللؤلؤ. ويعبر عن سعادته بإقبال الزوار في المهرجان، مشيراً إلى أنهم يحرصون على التعرف على ما يصنعه ويعيدونه إلى زمان الأجداد.