د. المريخي: مقولة «لا حياء في الدين» باطلة
الصفحات المتخصصة
06 نوفمبر 2015 , 01:40م
الخور - العرب
انتقد د. محمد بن حسن المريخي ظواهر تشبه النساء بالرجال، وتقليد غير المسلمين تقليدا أعمى، يتعارض مع ثوابت الإسلام، وذكر أننا نعاني من قلة الحياء في اللباس الواصف والمفصل والمفتح والفاتن والشفاف.
وأكد بطلان القوْل "لا حياء في الدين"، موضحا أن الإسلام دين الأدب وأن الحياء زينة الرجال والنساء. وأوضح أن أعظم درجات الحياء الخوف من الله ورسوله ومراعاة مشاعر الناس.
وقال - في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، بجامع عثمان بن عفان بالخور - إن لكل أهل ملة خُلقا وأدبا يتميزون به، وأهل ملة الإسلام خلقهم الحياء.
وأوضح أن الحياء شعور داخلي يبعث على الكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، مستدلا بقول ابن رجب رحمه الله: (هو من خصال الإيمان، بل من أعلى خصال الإيمان ودرجات الإحسان)، وقول ابن مسعود رضي الله عنه: "الاستحياء من الله أن يحفظ الرأس وما وَعَى، والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبِلَى".
وذكر المريخي أن الحياء يكون من الله تعالى ومن رسوله والناس، مبينا أنه يكون من الله تعالى حين يعرف العبد ربه ويعرف عظمته وقربه منه واطلاعه عليه وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويتولد الحياء عند العبد ويستقر في قلبه وفؤاده حين يطالع نعمة الله عليه ويطالع تقصيره نحوها في شكرها، ويكون الحياء من رسول الله حين يعرف حقه عليه وما قدمه له رسول الله من التسبب في الهداية والنجاة من النار، فيكثر من الصلاة عليه ويجعل في نفسه تعظيماً له صلى الله عليه وسلم، وتوقيراً فيحب سنته ويقدمها على كل قول بعد قول الله تعالى، ويحترمه ويصدقه ويتبعه احتراماً وتوقيراً وطاعة لله تعالى وعرفاناً وجزاءً .
زينة الإنسان:
وأكد خطيب جامع عثمان بن عفان أن الحياء زينة الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، وهو أوكد للمرأة وهو خلق النبيين والمرسلين والصالحين والصحابة والأئمة والفائزين والناجين في الحديث الصحيح (كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عَرَفناه في وجهه)، رواه البخاري.
وأشار إلى وصف الله تعالى بنت شعيب عليه السلام بأنها كانت تتحلى بهذا الخلق الكريم؛ فقال سبحانه: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن موسى كان حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء استحياء من الله، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ... ) رواه البخاري ومسلم.
الحياء من الإيمان:
وبيَّن أن الحياء من الإيمان، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه مصدر الخير، فإذا تحلى العبد بالحياء جاءته كل الحلى تباعاً، ورأى رسول الله رجلاً يعظ أخاه في الحياء كأنه يقول له: أضعت بسببه خيراً كثيراً، أو فاتك خير كثير بسبب حيائك، فقال له: (دعه فإن الحياء من الإيمان)، وفي رواية قال: (الحياء لا يأتي إلا بخير)، وقال: (الحياء خير كله)، رواه البخاري ومسلم، فإذا أراد الله بعبده خيراً زيَّنه بهذا الخُلُق وحلَّاه به.
لا إنسانية بلا حياء:
وقال د. المريخي: ما أقبح الإنسان بلا حياء ولا أدب، يقترف القبائح ويفعل ما شان من الرذائل والسواقط والدنايا، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، رواه البخاري.
وأورد قول ابن رجب: المعنى أن من لم يستح صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وقال: الحديث فيه التهديد والوعيد.
وأبدى خطيب جامع عثمان بن عفان أسفه؛ لأن حياة المسلمين بدأت تطرد هذا الخلق الكريم وتعمل عبثاً على تفريغ المسلمين منه.
واقع معكوس:
مشيرا إلى أننا في زمانٍ الحياءُ فيه عيب وسبة وعار، زماننا أو تصرفات بعضنا يقول لسان حاله: لا تستحِ واترك الحياء جانباً فقد ولى زمن الحياء.
النساء وقلة الحياء:
ولفت النظر إلى أننا نعاني من قلة الحياء في اللباس والهيئة، فالهيئة النسائية ليست إلى خير تسير ولكنها إلى شر مستطير، التشبه بالكافرات المشركات اللائي لا يؤمن بالله ولا بلقائه، اللباس الواصف والمفصل والمفتح والفاتن والشفاف.
وأشار إلى أن قلة الحياء عند الذكور من التشبه بالنساء واستعمال حوائج النساء كالأصباغ والعطور وما شابه ذلك ومخالطتهن والتطبع بطبائع الإناث، كما تظهر قلة الحياء في اختلاط المرأة بالرجل باسم المسميات المتعددة والأعذار الواهية والتعليلات الهزيلة؛ فتظهر المرأة أمام الرجل الأجنبي عليها وتخاطبه كأنها تخاطب زوجها أو أباها أو وليها، وتناقشه ويناقشها كأن تحذيرات القرآن والسنة لم تكن ولا كأن الله تعالى لم يأمر بفصل الجنسين عن الآخر، حتى تجرأ البعض فجاء بالرجال المغنيين يغنون لهم في الأعراس فأدخلوهم على النساء، حسبنا الله ونعم الوكيل.
تقليد أعمى:
واعترف د. المريخي بأننا نعاني من تقليد المجتمعات المنهارة التي انهدمت أسوارها، وخر عليهم السقف من فوقهم في لباسهم وسلوكياتهم، وندخل كل جحر دخلوه، وكل سبب نزل به العذاب فعلوه (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
ونبه على أن قلة الحياء توجد في النشر والكتابة، نشر الصور شبه العارية وكتابة المقالات والأخبار عن الشذوذ والفواحش، كل ذلك وغيره ينشر في ديار المسلمين، وتسبب في فقدهم لأكثر أخلاقهم كالحياء والأدب التي تبنى بها النفوس وتبصر بها القلوب.
القرآن أكمل المناهج:
وأكد الشيخ المريخي أن منهج القرآن الكريم يعد أكمل المناهج بلا شك، وأشرفها وأرفعها، ولن يبلغ منهجٌ أسلوبَ القرآن وهو شرع لا بد من تبليغ الناس به، فلما أراد أن يبلغ ما يخص الطهارة بعد قضاء الوطر نجده يلمح ويكنى ولا يكشف ويصرح؛ كما في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله)، وقدِّموا لأنفسكم أي مما يهيئ الحال من المقدمات، ويقول سبحانه: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا)، وملامسة النساء هنا يعني الجماع، فلم يكشف القرآن ولم يصرح ولم يفتح الباب على المكشوف، إنما اكتفى بالكفاية والتلميح والتزام الأدب الرفيع، وهو شرع منزل لا بد من تبليغه للناس، فأين الذين يفضحون ويكشفون المغطى باسم العلم كما يزعمون أنهم من منهج القرآن وأسلوبه.
مقولة خاطئة:
وعلق د. المريخي على ما يردده البعض في مقولة: "لا حياء في الدين"؛ مؤكدا أن الدين الحنيف يبرأ إلى الله تعالى من هذه المقولة؛ لأن الإسلام دين الحياء والأدب، بل عد رسول الله الحياء من الإيمان، وهدد من لا أدب له ولا حياء، والنبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء وصحابته، وامتلأ القرآن من ذكر الحياء داعياً إليه ومثنياً على أهله، وواصفاً عباد الله الفائزين عنده بهذا الخلق النبيل.
وختم المريخي الخطبة بالدعوة لتقوى الله عز وجل، وتأكيد أن الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير، وما بنيت المجتمعات ولا عمرت البلدان إلا بأخلاق الإسلام والشيم الفاضلة.
س.ص /أ.ع