صراع القاعدة وداعش على دولة الخلافة

alarab
حول العالم 06 نوفمبر 2014 , 11:30ص
كابول/ إسلام أباد - د ب أ
لا يعرف تنظيم القاعدة الذي جره زعيمه ومؤسسه أسامة بن لادن لحرب دموية مدمرة منذ 2001 ضد الغرب والولايات المتحدة، كيف يتعامل، مع ذلك التنظيم الإسلامي الجديد الذي قام في الصيف الماضي بالاستيلاء على مناطق شاسعة من سورية والعراق. في البداية أبدت القاعدة مباركتها لنشاط التنظيم في صمت، بوصفه رفيق في مجال الجهاد، إلا أنه بعد ذلك، تعقدت الأمور تماما، حينما أعلن زعيم التنظيم الجديد، أبو بكر البغدادي، نفسه خليفة للمسلمين، مطالبا أيمن الظواهري، خليفة بن لادن، بأن يبايعه والدخول في طاعته والعمل تحت لوائه. 

حركة طالبان التي ناصرت بن لادن، زعيمها الملا عمر، كان قد أعلن نفسه أميرا المؤمنين أو "حاميا للعقيدة" كما لقب نفسه وتمت له البيعة على ذلك بين الآلاف من أنصاره، منذ عام 1996، حينما كانت الحركة تتولى السلطة في أفغانستان، إلا أنه لم يجرؤ مطلقا على إعلان نفسه خليفة أو أن يتخذ أفغانستان عاصمة أو "حاضرة للخلافة".

وفقا لما أكدته لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ ) مصادر مقربة من طالبان، ذهبت سدى، جهود الحركة لتسوية القضية مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). "قالت الدولة الإسلامية لحركة طالبان إن البغدادي هو الخليفة، وليس الملا عمر، وإنهم إن قبلوا بذلك فعليهم بمبايعة الخليفة ويقسموا على الدخول في طاعته"، أوضحت المصادر. حسبما أكدته مصادر من المخابرات الأفغانية "رفضت طالبان العرض"، وقد أكدت المعلومة أيضا عناصر سابقة من طالبان انضمت للدولة الإسلامية. 

اعتبرت حركة طالبان أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يتحداها كما يتحدى قيادة تنظيم القاعدة لحركة الجهاد العالمية حينما أعلن قائده البغدادي نفسه خليفة للمسلمين. وفقا لعناصر سابقة من طالبان، بثت القاعدة شريطا مصورا عمره ثلاثة عشر عاما لأسامة بن لادن، الذي تم تصفيته مع بعض أنصاره في عملية خاصة نفذتها الولايات المتحدة في باكستان، أثناء مراسم تقديم البيعة للملا عمر، وفيديو آخر في تموز/ يوليو الماضي لزعيم التنظيم الجديد أيمن الظواهري، يجدد البيعة للملا عمر كأمير للمؤمنين. 
في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية قال المتحدث الرسمي باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن "أفغانستان لا تنتمي لتنظيم الدولة الإسلامية وليست تحت ولايتها. نحن نحارب من أجل قضايا قومية لا علاقة لها بدول أخرى". ولكن بصرف النظر عن تأكيدات ذبيح الله من الواضح أنه يصعب تحديد مدى تأثير داعش في المنطقة. 

الشهر الماضي، قام تنظيم الدولة الإسلامية بإطلاق حملة دعائية باللغتين المحليتين في المدن الواقعة على الشريط الحدودي بين أفغانستان وباكستان، تحث المسلمين هناك على الدخول في طاعة الخليفة البغدادي، فيما يؤكد وحيد مزهدة، قيادي سابق في حركة طالبان أن هناك احتمالات قوية لانضمام الكثير من الأهالي في تلك المنطقة لتنظيم داعش وتأييد وجودها هناك.

يذكر أنه منذ فترة وجيزة، بايع ستة قادة من طالبان باكستان ومن بينهم متحدثها الرسمي، شهيد الله شهيد، تنظيم داعش على الولاء والطاعة، وبالتالي تم طردهم من الحركة وتعيين آخرين مكانهم. 

يرى المراقبون، أنه بالرغم من أن التنظيمات الراديكالية المتشرذمة في أفغانستان وباكستان، لا تزال تدين بالولاء للملا عمر، زعيم طالبان، وحليف تنظيم القاعدة، هناك مؤشرات قوية على انتشار تأثير داعش في المنطقة، وهو ما تعتبره طالبان تحديا خطيرا لها ولحلفائها. فعلاوة على الخسائر الكبيرة التي تكبدتها طالبان بسبب الضربات المتلاحقة للقوات الأمريكية، وعمليات الجيش الباكستاني ضد قواعدها، تعاني الحركة من عجز هائل في الموارد الاقتصادية فضلا عن المزيد من الانشقاقات والتصدعات بين صفوفها. 

من جانبه تعرض تنظيم القاعدة، العدو الأول للولايات المتحدة في مطلع الألفية الجديد، لتراجع كبيرعلى الصعيد الدولي، بسبب الصعود القوي والمفاجئ لتظيم داعش كمنافس مباشر له، مع الفارق أن صفوفه أكثر تماسكا، ومصادر تمويله لا تزال تتمتع بقوة كبيرة. وفقا لتوقعات المحلل السياسي الباكستاني فضة خان "هذا الضغط الكبير، أثر على المكانة التي كانت تحظى بها القاعدة، فلم تعد متزعمة تيار الجماعات الإسلامية الراديكالية في العالم". 

وإزاء هذا الوضع، يبدو أن تنظيم القاعدة قد بدأ بالفعل في اتخاذ تدابير يائسة للحفاظ على مكانته، من بينها المحاولة الجريئة للسيطرة مؤخرا على مجموعة من السفن الباكستانية بميناء كراتشي. كما يقول خبراء أمنيون إن الإغراء المتزايد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية ربما يكون قد دفع زعيم القاعدة أيمن الظواهري للاعلان عن تأسيس فرع هندي لرفع راية الجهاد في مختلف أنحاء جنوب اسيا حيث يعيش أكثر من 400 مليون مسلم. 

تعليقا على هذا يقول أستاذ العلوم السياسية الأفغاني نجيب شريفي إنه "لا يتعدى رد الفعل الوقائي إزاء تصاعد تأثير الدولة الإسلامية في المنطقة". أما خبير الحركات الراديكالية رحيم الله يوسف زاي فيلخص الأمر في العبارة التالية "يريدون أن يثبتوا للعالم أنه لا زالت لهم أهمية".