

جاسم البوعينين ينوه بجهود»الثقافة»لتعزيز الوعي بالمخاطر
السفير الإيطالي يؤكد التزام بلاده بصون التراث المهدد بمناطق الأزمات
السفير الفرنسي يشدد على ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمنع الاتجار
انطلقت أمس فعاليات ورشة عمل بعنوان (مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية والتراث الوثائقي) التي تقيمها مكتبة قطر الوطنية، بصفتها مركز «الإفلا» الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربية والشرق الأوسط، بالشراكة مع وزارة الثقافة والسفارات الإيطالية والأمريكية والفرنسية في الدولة.
وتسلط الورشة، التي تستمر حتى 8 سبتمبر الجاري الضوء على أفضل الممارسات في مكافحة الاتجار بالآثار، وتناقش البرامج والسياسات التي تحمي وتصون التراث الثقافي وحقوق الملكية ويشارك فيها خبراء ومتخصصون من عدد من دول المنطقة.
وتتضمن الورشة مجموعة من المحاضرات والجلسات المتخصصة بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين والمحليين من متاحف قطر، وفريق الجرائم الفنية من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي)، ووحدة الكارابينيري الإيطالية (قوات الشرطة الوطنية والأجنبية المعنية بحماية التراث الثقافي)، والإدارة الوطنية لاستخبارات وتحقيقات الجمارك في فرنسا، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية بالإمارات العربية المتحدة، ضمن العديد من الجهات الأخرى.
وفي كلمته الافتتاحية في الورشة، أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، أن هذه الورشة تعكس الاهتمام الدائم والمتواصل الذي توليه المكتبة لهذه القضية المصيرية التي تهدد تراث العالم العربي، بل وتراث الإنسانية جمعاء انطلاقا من دور المكتبة كمركز إقليمي لاتحاد «الإفلا» لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربية والشرق الأوسط.
وأشار سعادته إلى جهود دولة قطر في مكافحة الاتجار بالتراث الثقافي، منوها بدور مكتبة قطر الوطنية المهم في هذا الشأن عندما أطلقت في 2020 مشروع «حماية» وهي مبادرة كبرى تهدف إلى تعزيز وتنسيق جهود مكافحة الاتجار والتداول غير المشروع بالتراث الوثائقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحذر الدكتور الكواري من الآثار المدمرة لنهب التراث الثقافي الإنساني قائلا «لقد صار الاتجار غير القانوني وتهريب الممتلكات الأثرية والمواد الثقافية أقرب إلى الوباء الذي يجتاح العالم ويهدد ذاكرة العالم بالنسيان وصلته بماضيه بالانقطاع. وواجبنا في المؤسسات الثقافية هو التصدي لهذا الخطر الداهم بقدر ما نستطيع، مشيرا إلى أنه منذ السبعينيات، أبرمت اتفاقيات دولية عديدة كان لها دور كبير في توفير الإطار القانوني لمكافحة تهريب المواد الأثرية والثقافية.
وتابع «مازال أمامنا تحديات متنامية تحتم علينا الاستمرار في مضافرة الجهود وتنسيق التعاون بين الأمم لمواجهة انتشار عمليات التهريب والاتجار غير القانوني بالممتلكات الثقافية لأن المهربين يزدادون براعة، ويستغلون الإمكانيات التي أتاحتها لهم التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، وإذا كان خطر تهريب المواد التراثية والثقافية يمثل تحديا يهدد الكثير من الدول المتقدمة والمستقرة، فلنا أن نتصور تفاقم الخطر، وفداحة التهديدات التي ابتليت بها الدول ذات الصراعات والاضطرابات السياسية، حيث يتعرض العديد من الدول الشقيقة والصديقة التي توصف بأنها مهد للحضارات الإنسانية لأخطار الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، ومن أمثلتها العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفغانستان.
وأكد السيد جاسم البوعينين، مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة اهتمام وزارة الثقافة بحماية التراث الوثائقي وحماية الملكية الفكرية وبشكل أساسي المخطوطات والتي ازداد الاتجار غير المشروع بها في السنوات الأخيرة وبشكل خاص في البلدان التي يوجد بها نزاعات مسلحة.
وقال إن وزارة الثقافة لن ندخر جهدا في التعاون مع المكتبة والمؤسسات الأخرى لتعزيز الوعي وسن التشريعات والتصدي لهذا التهديد الخطير بما يسهم في صون الحقوق التاريخية للأمم والشعوب والمحافظة عليها.
وأكد سعادة السيد إليساندرو برونس سفير الجمهورية الإيطالية لدى الدولة، خلال الجلسة الافتتاحية لورشة مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية والتراث الوثائقي، على التزام بلاده بصون التراث الثقافي وحمايته، وأن إيطاليا تولي عناية خاصة لصون التراث المهدد في مناطق الأزمات، ومنها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على اتساعها، منوها بالعديد من المبادرات الدولية التي تنفذها بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو ومجموعة العشرين ومؤتمر وزراء الثقافة في المنطقة الأورومتوسطية الذي كانت إيطاليا إحدى الدول الرئيسية الداعمة لإقامته، كما شملت المبادرات الإيطالية إنشاء وحدة شرطة الكارابينيري المعنية بحماية التراث الثقافي.
بدوره، استعرض سعادة السيد جان باتيست فافر سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة، دور فرنسا في حماية التراث الثقافي للإنسانية، مشيرا إلى أن مشاركة الخبراء الفرنسيين في هذه الورشة تعكس تعزيز التعاون بين الخبراء الدوليين لتحديد أفضل الممارسات ووضع الإرشادات لمنع الاتجار بالممتلكات الثقافية والتراث الوثائقي.
ومن جهتها، قالت السيدة ريتشيل ميكيسكا، مسؤولة الدبلوماسية العامة بالسفارة الأمريكية: «لا نبالغ إذا قلنا إن المواقع الأثرية والأغراض التراثية والوثائق التاريخية هي الوشائج المتينة التي تربط كل أمة بأصولها وجذورها الثقافية، وهي أدوات لا غنى عنها ليس لأغراض البحث والتعلم فحسب بل أيضا لتوريث قيم كل مجتمع وهويته إلى أبنائه جيلا بعد جيل.
وأوضح سعادة السيد راجح حسين فرحان بادي، سفير الجمهورية اليمنية لدى الدولة في تصريح لوكالة الأنباء القطرية «قنا» على هامش الورشة، أن اليمن لديه مخزون ثقافي كبير ومتنوع ولكنه يتعرض لمخاطر حقيقية، نتيجة الحرب التي استمرت سبع سنوات تقريبا.
وقد بدأت أولى جلسات الورشة الدولية متضمنة عدة أوراق عمل كان أهمها: ورقة بعنوان «جرائم الممتلكات الثقافية: التداول والجهات المعنية من الألف إلى الياء» قدمها ستيفان ايبيرت مدير شؤون المجموعات المميزة في مكتبة قطر الوطنية، و» الاتجار عبر الحدود بالممتلكات الثقافية من منظور القانون الدولي» وقدمها البروفيسور أتيلا تانزي رئيس قسم القانون الدولي بجامعة بولونيا في إيطاليا، و»أهمية التعاون بين متخصصي التراث والآثار وموظفي مؤسسات إنفاذ القانون» وقدمها السيد عبداللطيف الجسمي مدير إدارة حماية التراث الثقافي في متاحف قطر، وجهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية وقدمها الدكتور ضيف الله العتيبي من هيئة التراث بوزارة الثقافة السعودية.