الإسلام أعز العمال والخدم واعتنى بحقوقهم

alarab
محليات 06 مايو 2016 , 06:13م
الدوحة -محمد سيد أحمد
ركز الداعية الإمام والخطيب الشيخ أحمد البوعينين في خطبته أمس بجامع صهيب الرومي بالوكرة على حقوق العمال والخدم، مبينا أن الإسلام جاء للعناية بالطبقات المسحوقة، والرفع من شأنها، والمحافظة على حقوقها، لأن المحافظة على حقوق الضعفة من أهم مظاهر العدل، وأساس من أسس الاستقرار.

ثم تساءل البوعينين عن طبيعة حقوق العمال والخدم التي تتطلب من الجميع أداء والوفاء لهم بحقوقهم كاملة غير منقوصة، فقال: أعز الإسلام الخدم والعمال ورعاهم وكرمهم واعترف بحقوقهم لأول مرة في التاريخ بعد أن كانوا في بعض الشرائع القديمة يعانون الرق والتبعية والمذلة والهوان، وإذا ما نظرنا إلى صور من حقوق العمال والخدم في الإسلام فسنجد أن سيرة رسول الله كانت شاهدة على عظمة النظرة الإسلامية للخدم والعمال، وكانت إقراراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليهم، فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الأعمال إلى معاملتهم معاملة إنسانية كريمة وإلى الشفقة عليهم والبر بهم وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال وإن كان شيئاً يسيراً وإن كان "قضيباً من أراك".

حقوقهم المالية

وأشار إلى أن من بين حقوق العمال والخدم أن تحفظ حقوقهم المالية من الغبن والظلم والاستغلال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي، قال الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى عمله ولم يعطه أجره".

إن حقوق العاملين تعتبر علامة مضيئة في الشريعة التي شددت على أهمية الرفق والتواضع مع الخدم وعدم إهدار حقوقهم أو التجاوز بحقهم، لافتاً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرغب أمته قائلاً: "ما استكبر من أكل معه خادمه، وركب الحمار بالأسواق واعتقل الشاة فحلبها"، فحياة رسول الله، كما تقول عنها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمثل الأنموذج والأسوة بالنسبة لنا، حيث تؤكد أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضرب شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً، بل كان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه دائماً بقوله: "إخوانكم.. إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم".


الحياة الكريمة

من هنا يتضح لنا أن تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم إخوانكم خولكم يرفع درجة العامل والخادم إلى درجة الأخ، لتصبح هذه الضوابط العامة بمثابة ما يوفر الحياة الكريمة ويراعي جميع طوائف وفئات بني الإسلام عموماً، فالإسلام ألزم كل صاحب عمل بأن يوفي للعامل الخادم أجره المكافئ لجهده دون ظلم أو مماطلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»، كما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار"، ليعلم كل من ظلم عاملاً أو خادماً أن الله رقيب عليه وخصم له يوم القيامة، داعياً إلى عدم إرهاق العامل أو الخادم إرهاقاً يضر بصحته لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما خففت عن خادمك من عمله كان لك أجر في موازينك".

وهذا أنس بن مالك خادم رسول الله يحكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أحسن الناس خلقاً، حيث أرسلني يوماً لحاجة، فقال: فقلت: والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله، قال: فخرجت حتى أمر على صبيان يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال: "يا أنس اذهب حيث أمرتك"، قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته سبع أو تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعت: لم فعلت كذا أو كذا؟ ولا لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا؟

فلا بد لنا أن ننظر إلى من تحتنا من خدم وسائق وعامل وأن يعطيهم حقوقهم قبل أن يجف عرقهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم برعاية خدمه إلى درجة أنه يحرص على تزويجهم، فعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "يا ربيعة ألا تتزوج؟" فقلت: لا يا رسول الله ما أريد أن أتزوج، ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء، وكررها في الثانية، يقول ربيعة في نفسه: إن قالها في الثالثة لأقولن: نعم، فقال في الثالثة: "يا ربيعة ألا تتزوج؟" قال قلت: بلى يا رسول الله مرني مما شئت أو بما أحببت، قال: "انطلق إلى آل فلان" إلى حي من الأنصار.

أهمية العمل ونبذ الكسل

وفي الجزء الثاني من خطبته واصل الشيخ البوعينين حديثه عن حقوق العمال، مذكرا بأن عظم الإسلام من شأن العمل، فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه، قال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" فالأنبياء هم أفضل خلق الله قد عملوا، فقد عمل آدم بالزراعة وداود في الحدادة وعيسى بالصباغة ومحمد صلى الله عليه وسلم برعي الغنم والتجارة فلا يجوز للمسلم ترك العمل باسم التفرغ للعبادة أو التوكل على الله ولو عمل أقل الأعمال فهو خير من أن يسأل الناس.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو إلى الجبل فيحطب ويبيع فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس ووصيتي للعمال والخدم الأمانة وحفظ الأسرار وعدم القيل والقال الخادمة أصبحت جزءا من البيت تعلم كل ما يدور في البيت وكذلك السائق هو الذي تكون الأسرة معه من الصباح حتى المساء الذهاب إلى المدارس والأسواق فعليك أن تكون أمينا على أسرار البيت، فقد كان ابن عمر في إحدى ضواحي المدينة فمر على غلام يرعى الغنم فقال: أتبيعني شاة من هذه الشياه قال له: لا أملكها إنما أنا راع، فقال له ابن عمر مختبراً إياه: قل لسيدك أكلها الذئب، قال الغلام: فأين الله؟ إذا قلت هذا لسيدي فما أقول لله؟ فدمعت عينا ابن عمر رضي الله عنه، وسأل عن صاحب الغنم فاشترى الغنم واشترى الغلام وأعتقه ووهبه الغنم، وقال للغلام كلمة: أعتقتك في الدنيا وإني لأرجو الله أن تعتقني يوم القيامة.

وخلص فضيلته في الخطبة إلى الدعوة إلى الزهد في الدنيا وعدم الركون إلى متاعها الزائل فقال: يا عباد الله: ما نراه بأعيننا تراب فوق تراب يخدع الأبصار ويشغل القلوب ونحن ضيوف راحلون قد يكون هذا العامل أو السائق الخادم خير عند الله منك فلنحسن إلى خدمنا.

أ.س/س.س