استهلتها بـ «عاشت قطر حرة.. والمجد لكم».. العرب 52 عاماً من العمل لأجل «الحقيقة عن كثب»

alarab
الأخبار العامة 06 مارس 2024 , 01:05ص
حامد سليمان

مرت «العرب» طوال تاريخها الممتد لأكثر من نصف قرن بالكثير من المحطات، فبين بزوغ نجمها في بعض الأحيان وأفوله في أحيان أخرى، ظلت الصحيفة حاضرة في الإعلام القطري بدورها الريادي، وعمرها الطويل، لتستمر «الشقيقة الكبرى» للصحف القطرية على مدار 52 عاماً واجهت فيها ما واجهته الصحافة الورقية سواء في قطر أو العالم، وتغلبت على الصعوبات سواء بالإصدار الأول عام 1972، أو الثاني في عام 2007، أو الثالث في عام 2020. ورغم كل العوائق التي واجهت الصحيفة، إلا أنها صادفت رجالاً حرصوا على قهر الصعاب لتستمر في خدمة القراء، صوتاً لكل من يقيم على أرض قطر، ومنبراً لإيصال المعلومة من مصادرها الموثوقة إلى القارئ، ليحمل كل من عمل بها إرث الشعار الذي وضعه مؤسسها في العدد الأول الذي صدر 6 مارس 1972، وليظل «عاشت قطر حرة.. والمجد لكم» شعاراً للصحيفة ووساماً على صدور كل من عملوا بها، وحقاً لكل قارئ.

أسباب الصدور.. وإزالة العوائق

بالعودة إلى العدد الأول من «العرب» للتعرف على أسباب الصدور وأبرز التحديات، نجد على صدر العدد الأول مقالاً يوضح أسباب تأخر اصدار الصحيفة، جاء فيه: 
يتساءل القارئ الكريم وهو يفاجأ بالعدد الأول من «العرب» يتساءل لماذا اليوم.. وليس قبل شهور؟ والقارئ صاحب حق ثابت في السؤال.. وصاحب حق مؤكد في تلقى الاجابة. لقد كان مقررا أن تصدر العرب وفي شكلها النهائي قبل فترة.. فالامتياز حصلنا عليه منذ مدة.. ومع هذا وذاك تأجل صدور العرب لأسباب منها أن كل مشروع كهذا لابد أن يمر بمراحل مختلفة من الاعداد والتهيئة بالإمكانيات الطباعية والمادية والبشرية. هذه مرحلة من مراحل المشروع.. وهي مرحلة عسيرة وشاقة لا يقدرها حق قدرها الا الذين يعرفون ما تحتاجه الصحيفة.. وما تكلفه من مشاق..
وثمة سبب آخر.. وهو قد يبدو صغيرا للوهلة الأولى في نظر البعض غير انه أكبر من سابقه.. وهذا السبب هو ان الصحيفة اليومية على غير ما عليه المجلة تعتمد على الخبر الداخلي.. تعتمد على الانجازات المتلاحقة السريعة الكبيرة.. تعتمد على الحركة الايجابية من القمة المسئولة لتكون مادتها للقارئين في الداخل والخارج.. ولتؤدي وظيفتها كمؤسسة وطنية في مجالي الاعلام والتثقيف.. ومتى فقدت هذه المادة عادت صحيفة غريبة على البلد الذي تصدر منه وباسمه وتساوت في نظر القارئ مع عشرات ومئات الصحف اليومية التي تصدر في الدنيا. وكنا كلما جلسنا نتدارس أمر اخراج العرب يعترضنا هذا السؤال: ماهي المادة المحلية؟ ولا نجيب.. نلوذ بالصمت.. ويعتري الذبول حماسنا.

النعمة.. المؤسس في سطور

يرجع إلى العميد الراحل عبد اللَّه حسين النعمة الفضل في تأسيس الصحافة القطرية، حيث أصدر العدد الأول من صحيفة (العرب) في السادس من مارس سنة 1972، وقد قام بمبادرة صحفية أولى سنة 1970، حين أسس أول مجلة أسبوعية في قطر وهي مجلة (العروبة) التي صدر عددها الأول يوم 5 فبراير عام 1970،
ولد عبد اللَّه حسين النعمة في الأول من أكتوبر سنة 1915 وهو أخ لسبعة من الذكور هم: علي ومحمد وعبد العزيز وأحمد ومحمود وعبد الحميد ونعمة، وأربع إناث تلقى تعليمه في مدرسة (هكن) التابعة للمستشفى الأمريكي في المنامة، وانتقل للعمل في الكويت والسعودية وبعد عدة سنوات عاد إلى وطنه، حيث عمل مسؤولا في جمرك قطر.
اشترى أول مطبعة تعمل بالرجل من الهند عام 1955، وفي عام 1957 أسس أول مكتبة لتوزيع الصحف والمجلات في قطر.
– حصل على وسام مجلس التعاون عام 1989.
– حصل على وسام الاستقلال من ملك الأردن الراحل الملك الحسين بن طلال.
– حصل على وسام الاستحقاق من الرئيس أنور السادات.
يعتبر عبد اللَّه حسين النعمة أحد أهم أعلام قطر وأحد الرجالات المهمة في دولتنا الحبيبة التي تزخر بكم كبير من الشخصيات التي عاصرت البدايات الأولى للنهضة في دولة قطر.

أقلام قطرية تساهم في بدايات الصحيفة

بدأ الكتابة في «العرب» بانتظام قلم قطري جديد وهو أحمد عبد الملك الذي حرر باب (من حياتنا) وخصصت الصحيفة بابا جديدا آخر بعنوان (اقلام شابة) أتاحت فيه الفرصة لكل من لديه موهبة الكتابة لنشر انتاجه، وقد أسهم في تحرير هذا الباب بعض الكاتبات وكن يكتبن بأسماء مستعارة مثل (بنت الفريج) و(بنت الدوحة) لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد، وشهدت هذه المرحلة ايضا الاعتناء بنشر بعض القصص القصيرة لأدباء قطريين، كما تنوعت التحقيقات الصحفية والمحلية ونزلت الجريدة إلى الشارع وتناولت موضوعات تتعلق باحتياجات المواطنين واهتماماتهم، وتابعت أخبار الصحيفة ولقاءاتها التطورات والمشروعات والانجازات السريعة التي بدأت تعيشها البلاد في ذلك الوقت، وأبرز باب (وجه في الزحام) بشكل خاص جهود بعض العاملين والمسؤولين في إدارات الدولة ومشروعاتها، واستحدثت الجريدة صفحة للخدمات تنشر فيها برامج الاذاعة والتليفزيون طوال الاسبوع والصيدليات المناوبة وبعض المعلومات الأخرى التي تهم القراء.
كما خصصت صفحه كاملة لنشر رسائل القراء للجريدة.. وعلى مستوى التغطية الاخبارية وجهت (العرب) عناية أكبر إلى الاخبار الخارجية فزاد عدد الاخبار الخليجية والعربية والعالمية وبدأت ترد للجريدة رسائل اخبارية خاصة بها مندوبيها في بعض العواصم العربية في الخليج وبيروت وعمان.
وأضيفت مساحات جديدة خاصة بالتحليلات والتعليقات السياسية فاستحدثت على الصفحة الأولى عمودا ثابتا بعنوان (كلمة العرب) يتضمن تعليقاً سياسيا مختصرا حول أهم الاحداث العربية والعالمية.
كما اضافت الجريدة بابا جديدا للتحليلات السياسية بعنوان (الموقف العربي في أسبوع).
واهتمت الجريدة بموضوعات الثقافة العامة فأدخلت بابا جديدا تعرض فيه ملخصات لبعض الكتب الثقافية، كما نشرت بعض الموضوعات والمقالات العلمية ومتابعة خلفيات الاحداث.

بداية الصدور اليومي

حول الإصدار اليومي من «العرب» قال مؤسس الصحيفة الأستاذ عبدالله حسين النعمة في كتابه «مشوار حياتي»: اتخذت دار العروبة للصحافة والطباعة والنشر استعدادات خاصة لمواجهة عملية الصدور اليومي، فمن الناحية الفنية استوردت الدار ماكينات طباعة سويسرية جديدة مساحة الطباعة فيها 70 X 100، كي تتيح للجريدة الصدور في الحجم العادي بدلا من الحجم النصفي، ومن ناحية أخرى دعمت الدار طاقمها البشرى فعينت مدير تحرير مسئولا للجريدة هو الصحفي سامى جوهر، كما عينت بعض المحررين والمندوبين الجدد وعددا من الفنيين في اقسام الطباعة والتصوير والاخراج، وبعد اتمام كل الاستعدادات التنظيمية خرج إلى الوجود العدد اليومي الأول من الجريدة اعتبارا من تاريخ 22 فبراير عام 1974 واستمرت الارقام المسلسلة لأعدادها تابعة لأرقام الاعداد السابقة وكان الرقم هو عدد يومي رقم (104)، وقد حدث تغييرات في حجم الجريدة وتبويبها تحولت من الحجم النصفي إلى الحجم العادي وأصبح عدد صفحاتها ست صفحات بدلا من عشر بالحجم النصفي وكان شعار الجريدة هو أن نقول الحق وأن نعمل على خدمتك.
وأضاف النعمة: مثل الصدور اليومي للجريدة مرحلة جديدة من مراحل تطورها ورافق ذلك تحسن ملموس في مستواها من حيث الشكل والمضمون ولذا يعتبر البعض أن صدور الجريدة يوميا كان بمثابة ولادة حقيقية جديدة لها. فمن ناحية الاخراج أتاح الحجم الجديد لصفحات (العرب) المجال للتوسع في إبراز بعض الموضوعات والاخبار المهمة.
وتابع: لم تتبع العرب نظرية محددة في اخراج صفحتها الأولى لكنه كان أقرب إلى أسلوب التوازن الشكلي التقريبي وإخراج المدرسة الحديثة الذي يعتمد على الذوق العام وتوزيع المواد على الصفحة بحيث تحقق في مجموعها توازنا غير ملحوظ فقد خصصت الصفحة الثانية للأخبار العالمية والصفحة الثالثة للأخبار المحلية والعربية والصفحة الرابعة للقاءات الصحفية والتحقيقات المحلية والصفحة الخامسة للرياضة والمعلومات حول المرافق والخدمات القطرية وزوايا للتسلية أما الصفحة السادسة والأخيرة فقد تضمنت بعض الاخبار المحلية والخارجية الخفيفة والمصورة واخبارا حول الأنشطة الفنية وبرامج الاذاعة والتليفزيون.
وواصل النعمة: بدأ التفكير في تطوير الخدمة الصحفية التي تقدمها لقرائها وتوالت تدريجيا خطوات التطوير في الجريدة حيث بدأ الاتصال مع بعض الصحف العربية الشهيرة كالسياسة الكويتية والأهرام المصرية والتنسيق معها لنشر بعض اللقاءات التي تجريها تلك الصحف مع كبار الشخصيات العربية المسئولة، ونقلت الجريدة كذلك بالتنسيق مع بعض الصحف الخليجية والعربية مقالات كاملة للصحفي الكبير محمد حسنين هيكل.

رحلة التطور قبل تأسيس «قنا»

يواصل كتاب «مشوار حياتي» لمؤسس الصحيفة الأستاذ عبدالله حسين النعمة، تناول قصة تطور «العرب»، متحدثاً عن التوسع الذي شهدته الصحيفة، فجاء فيه:
 من العدد الثاني لـ «العرب» بدأت التوسع في نشر الاخبار اذ تضمنت الصفحة الأولى ستة أخبار محلية وعدة أخبار أخرى عربية وعالمية واستقت الجريدة أخبارها المحلية بواسطة مندوبيها ومن مصادرها الخاصة، فلم تكن وكالة الأنباء القطرية انشئت بعد، أما الاخبار الخارجية فقد اعتمدت الجريدة على نشرة وكالة الانباء الفرنسية التي كانت مشتركة فيها، وكان مستوى تحرير الاخبار وصياغة العناوين جيدا. وقد أبدت الجريدة اهتماماً كبيراً بالتحقيقات الصحفية المحلية فنشرت في عددها الثاني أول التحقيقات عن غلاء الاسعار وتضمن ذلك التحقيق المصور دعوة للتجار للالتزام بالأسعار وعدم المغالاة في الأرباح ثم توالت بعد ذلك التحقيقات المحلية التي تناولت قضايا ومشكلات خاصة بالمواطن مثل ارتفاع ايجارات المساكن، توافر اللحوم بالأسواق وغيرها وقد أخذت بعض هذه التحقيقات شكل الحملات الصحفية المنظمة لإثارة الاهتمام بقضية معينة وتوجيه الرأي العام بشأنها مثل: - سلسلة التحقيقات الصحفية حول قضيه المساكن وتضمنت هذه التحقيقات لقاءات مع المواطنين والمسئولين لعرض مختلف وجهات النظر والآراء حول قضية موضوع التحقيق. ولم تتضمن اعداد الصحيفة الأولى لقاءات صحفية مطولة بل اقتصرت على أخذ تصريحات قصيرة لبعض كبار المسئولين. واذكر ان أول لقاء صحفي محلى طويل أجرته (العرب) كان مع سعادة وزير الاقتصاد والتجارة ثم تعاقبت بعد ذلك اللقاءات الصحفية مع مسئولين وسفراء داخل البلاد وخارجها.
ويضيف النعمة: وابتداء من العدد السابع عشر ظهرت ملامح مرحلية جديدة في الجريدة بدأت بدعم كادرها البشرى بتعيين ابنى خالد نعمة نائبا لرئيس التحرير وشهدت الجريدة بعض التغيرات التي تمثلت في زيادة عدد صفحاتها لتصل إلى عشر صفحات من العدد التاسع عشر (3 يوليو 1972) وأضيفت أبواب جديدة مثل (رأى الصحافة). (وجه في الزحام)، (فنجان قهوة). (فنون) وقد تابع هذا الباب بالنقد والتعليق والتحليل الانشطة الفنية الثابتة في البلاد مثل الغناء والموسيقى والمسرح.

انقطاع دام لأكثر من عِقد

لم تستمر  «العرب» طويلاً بعد رحيل مؤسسها عبد الله حسين النعمة، رحمه الله، فقد رحل رائد الصحافة القطرية في 16 مارس سنة 1995، واستمرت «العرب» بالصدور حتى عام 1996، وكان آخر أعدادها يحمل الرقم 7096، صدر في الثاني من يناير، وكان يحتوي على 22 صفحة، بعدها انقطعت الصحيفة لنحو 11 عاما.
وتحت شعار «الحقيقة عن كثب»، استأنفت الصحيفة الصدور في 18 نوفمبر 2007 عن دار العرب للنشر والتوزيع، بعددها 7097، حيث تمسك القائمون على الإصدار الجديد للصحيفة بنفس الاسم لما له من مضامين ودلالات، ملتزمة بما تحمله من تاريخ وإرث الصحافة في قطر، دون أن يمنع ذلك الظهور بحلة جديدة تستلهم التطور والنهضة الحاصلة بدولة قطر. وصدرت العرب حينها كصحيفة بدون ورق، كما أكد الأستاذ عبد العزيز آل محمود رئيس تحرير الصحيفة عام 2007، حيث أوضح في تقرير نشره موقع الجزيرة نت، أن «الورق سنراه بالمطبعة فقط»، فكل شيء من الخطوات الأولى إلى آخر اللمسات تم على أزرار وشاشات و»أحشاء» الحواسيب عبر نظام نشر متطور، لتكون أول نظام من نوعه تستعمله صحيفة خليجية.

إعادة هيكلة.. وعودة سريعة

استمرت «العرب» في إصدار أعدادها من عام 2007، وحتى عام 2020، وصولاً إلى العدد 11715، والذي صدر يوم الخميس 9 يوليو 2020، لتقرر دار العرب استمرار «العرب» كصحيفة إلكترونية عبر موقعها الإلكتروني، وإيقاف طبعتها الورقية لحين استكمال خطوات إعادة الهيكلة التي قامت بها، ما تطلب إيقاف الصحيفة المطبوعة.
وفي سبتمبر من العام 2020 استحوذت مجموعة دار الشرق على دار العرب للنشر والطباعة والتوزيع، لتصدر «العرب» تحت مظلة دار الشرق مع شقيقاتها صحف الشرق والبننسولا ولوسيل.