كاميرات المراقبة.. بين مطلب أمني واعتداء على الخصوصية

alarab
تحقيقات 05 نوفمبر 2015 , 02:17ص
محمد سيد احمد
تباينت آراء الجمهور حول تثبيت كاميرات المراقبة حول البيوت والأماكن العامة في الشوارع والأسواق بين مؤيد ومعارض؛ ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أن كاميرات المراقبة أصبحت ضرورية في العصر الحديث الذي أصبح فيه الأمن مطلبا رئيسيا هاما في الحياة، وبين فريق يرى أن المبالغة في تثبيت كاميرات المراقبة فيه اعتداء على خصوصية العائلات والأفراد والمجتمع.

ومع طغيان الحياة المعاصرة وتطور التكنولوجيا وزيادة السكان والعيش في المدن المكتظة وما تشهده شوارعها وأماكنها العامة من تجاوزات، واعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة، تبرز أهمية كاميرات المراقبة التي باتت عينا ثالثة تساعد أجهزة الأمن في مختلف دول العالم على حفظ الأمن والاستقرار، فبواسطتها انخفض مستوى الجريمة في مدن كثيرة، وعن طريقها كشفت جرائم داخل المنازل وخارجها، وأمام المصالح العامة من بنوك ومؤسسات.

«العرب» استطلعت آراء الجمهور حول هذا الموضوع، فرغم اعتراف الجميع بأهمية كاميرات المراقبة، إلا أن البعض لا زالت لديه هواجس منها ويعتبر أن فيها نوعا من الاعتداء على الخصوصية وتشعره بأنه مراقب، بينما رأى البعض الآخر ألا خصوصية في الأماكن العامة وبالتالي يجب تعميم الكاميرات عليها، فيما تحدثت اختصاصية في علم الاجتماع عن هذا الموضوع مؤكدة أن وضع كاميرات مراقبة خارج المنازل وفي الأماكن العامة مطلب أمني، لكن وضعها داخل المنازل يجب أن يسبقه تفكير عميق، مطالبة من يقوم بذلك بدافع الخوف من العمالة المنزلية، بناء الثقة مع هذه العمالة وعدم إشعارها عند أول دخول للمنزل أنه مراقب بالكاميرات، حفاظا على خصوصية العمالة المنزلية وحقوقها التي يجب أن تصان.

كما استعاد آخرون حكاياتهم مع غياب كاميرات المراقبة وما نتج عنه من هدر لحقوقهم، بعد أن وجدوا سياراتهم وقد تعرض لتكسير زجاجها من عصابة، مشيرين أن تعميم الكاميرات يزيد ثقة الجميع ويشعرهم بالأمن على أنفسهم وعلى سياراتهم الموجودة في المواقف، وإن كان البعض طالب بوضع ضوابط على الموضوع، وسن قوانين تجرم تسريب محتويات الكاميرات، سواء أكانت خاصة أو عامة، لأن ذلك يتنافى مع الخصوصية، ويجب أن يكون من اختصاص الجهات الأمنية فقط؛ لأنها هي التي تعرف واجبها القانوني حيال هذا الأمر.

الخضوع للضوابط
في البداية يوضح محمد الخالدي أن تعميم الكاميرات مطلب عام، لكن يجب أن يخضع لضوابط، وتسن له قوانين حتى لا يستخدمها البعض لأغراض التجسس على الآخرين والتعدي على خصوصياتهم، فالذين يقومون بتشغيل هذه الكاميرات يجب عليهم عدم تسريب أي من محتوياتها، مهما كانت الظروف؛ لأنهم وحدهم المعنيون بالاطلاع على ذلك، كما أن القائمين على كاميرات المحلات التجارية ينبغي لهم عدم تسريب ما تصوره الكاميرات، فهذه الأمور هي التي تجعل بعض المواطنين لا يحبذون تعميم الكاميرات في كل مكان حفاظا على خصوصياتهم، ففي بعض البلدان تم تسريب مقاطع فيديو مصورة بواسطة كاميرات، وكانت تسريب هذه المقاطع سببا في التشهير بنساء ورجال دخلوا مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة بعد رؤيتهم لأسرارهم يتداولها سكان المعمورة؛ لذا علينا عدم المبالغة في هذا الموضوع، فنحن ولله الحمد نعيش في دولة تعمل فيها أجهزة أمن باحترافية وتوفر الأمن والأمان لكل السكان، وهو ما يجعلني أطالب بالحد من كاميرات المراقبة واقتصارها على المجال الأمني في المؤسسات العامة فقط، لأن تعميمها وإدخالها للمجالات الأخرى يشعر المجتمع بأن حريته مقيدة، بل ويرى فيها البعض اعتداء على خصوصياتهم، للأسباب التي ذكرتها آنفا.

الأماكن العامة
يؤيد على الشمري وجود كاميرات مراقبة في الأماكن العامة، خصوصا مواقف السيارات سواء في الأسواق والإدارات، أو مواقف سيارات العمارات والمساكن التي تتعرض أحيانا للاعتداء وتكسير الزجاج وسرقة المحتويات، مثل ما حصل قبل فترة لبعض سكان مدينة خليفة الجنوبية، إذ لو كانت في تلك المواقف كاميرات مراقبة لاستطاع الشرطة العثور على الجناة بيسر وسهولة، فالكاميرات في عالم اليوم وفي المدن المكتظة بأصناف البشر تعتبر أبرز الأدلة لإثبات الجرائم وكشف مرتكبيها، خصوصا وأن المراقبة تردع من يحاول الإقدام على أي تصرف طائش، وبالتالي تقلل من نسبة هذا النوع من الحوادث، وأرجع الحاجة لوجود كاميرات الى التطور الطبيعي للحياة وزيادة السكان التي فرضت علينا مساكنة جنسيات يحملون ثقافات وأخلاقا تختلف عن تلك التي كانت سائدة في مجتمعنا، فلم يعد هناك حي من الأحياء يحافظ أهله على خصوصيتهم بسبب سكن المئات من العزاب وسط منازلهم، وهذا ما يستدعي تعميم الكاميرات وتثبيتها أمام المنازل لتراقب أي حركة غريبة، خصوصا وأن الأطفال والخادمات يتعرضون أحيانا للتحرش من العمالة التي تسكن مقابل المنازل.

وأوضح أن تسارع وتيرة الحياة العصرية وزيادة السكان وما يشكله ذلك من تباين في مستويات الأخلاق وغياب القيم لدى بعض أفراد المجتمع، ووجود عمالة سائبة، كل هذه الأمور تؤدي لا شك إلى ارتفاع معدلات الجريمة، وهو ما يجعل كاميرات المراقبة من الضروريات الأمنية المطلوب توافرها في شتى الأماكن لتردع ضعاف النفوس، ولتساعد الأجهزة المختصة على حفظ الأمن، فليس بمقدورنا وضع رجل أمن في كل شارع أو زاوية، أو أمام كل مؤسسة أو سوق أو مجمع تجاري، لكن باستطاعتنا وضع كاميرة مراقبة في كل هذه الأماكن، فهي تؤدي نفس الدور الذي يؤديه رجل الأمن، وبالتالي نحن في أمس الحاجة لتعميمها، لأنها أصبحت أولوية في الوقت الراهن.

مهم وضروري
بدوره يرى عبدالله البرّاق أن تعميم كاميرات المراقبة أمر مهم وضروري، وأضاف: قبل فترة تعرضت سيارات متوقفة لكسر الزجاج السيارات ، وكل المتضررين قدموا بلاغات، لكنهم في نهاية المطاف قاموا بإصلاح سياراتهم على حسابهم الخاص، وكان سؤال الجهات المختصة لكل المتضررين عند تقديمهم لبلاغات : هل توجد كاميرا مراقبة في المكان؟ وهو ما يؤكد الحاجة الماسة لتعميم هذه الكاميرات على المباني والجهات الخدمية، ومواقف السيارات المختلفة، لتساعد الجهات الأمنية على ضبط الجاني، وهو نظام معمول به في العديد من البلدان التي باتت الكاميرات جزءا من منظومتها الأمنية، وأعتقد أنني غني عن ضرب المثال بكاميرات ورادارات المرور التي استطاعت التقليل من حوادث السير بنسبة كبيرة جدا، وبات سائق السيارات يلتزم بالقانون وبالسرعة المحددة على الشوارع، والالتزام بالتوقف عند الإشارة الحمراء، لثقته أن عينا الرقيب تلاحقه، من هنا يجب علينا أن تشجيع وضع الكاميرات في كل الأسواق ومختلف الأماكن العامة، كما تفعل بعض دول العالم من أجل رصد من تسول له نفسه مخالفة القانون.

لا خصوصية في الأماكن العامة
أما على عبدالقادر فيرى أن من البديهي أنه ليس لأحد خصوصية في الأماكن العامة حتى نطالب باحترام خصوصيته، لذا لا يمكن لأحد أن يعترض على وجود كاميرات مراقبة توضع في الأسواق أو الطرقات والشوارع والميادين العامة ومواقف السيارات بشرط أن تكون الجهة التي تضع هذه الكاميرات جهة مسؤولة لهدف فيه مصلحة للمجتمع، لذا أتمنى أن يعمم تثبيت هذه الكاميرات في كل مكان لمتابعة كثير من السلبيات ولردع كثير من الناس الذين سيترددون كثيراً قبل أن يقدموا على بعض الأعمال المخالفة للقانون، عندما يشعرون بوجود عين ثالثة تراقبهم.

وروى علي تجربته في هذا الجانب بقوله: شخصيا لدي تجربة تؤكد أهمية وجود كاميرات المراقبة؛ حيث قمت بالتسوق من أحد فروع جمعية الميرة الاستهلاكية، وبعد تسديدي للمبلغ وخروجي أحسست أن المبلغ الذي قمت بتسديده مقابل البضائع التي اشتريتها هو مبلغ كبير، ولدى عودتي للمنزل مع زوجتي، أخذت الفاتورة ورصصت ما اشتريته في الصالة وبدأت أحسب لأفاجأ أن الفاتورة بها مواد ليست ضمن القائمة الموجودة، وأنا على ثقة أنني لم أطلبها أصلا، فقمت بمراجعتهم، فطلبوا مني الانتظار حتى يتأكدوا عن طريق كاميرات المراقبة، حيث قاموا باستعادة الشريط منذ أول دخولي والأماكن التي وقفت بها، والمواد التي وضعتها في العربة، لحظة بلحظة، حتى عند الصندوق فتأكدوا من عدم أخذي لتلك المواد، بعد التدقيق وجدوا أن الزبون الذي كان أمامي تراجع عن شراء بعض المواد التي أخذها بعد ما أدخلتها الموظفة في جهاز الكومبيوتر الخاص بحساب البضائع، وعندما قامت بعملية إزالة المبلغ من قائمة المشتريات بقي عالقا في الجهاز، وتمت إضافته لفاتورتي، وبعد التدقيق أرجعوا لي النقود الزائدة واعتذروا مني، مؤكدين أنه خطأ في نظام السيستم، ولو لم توجد كاميرا مراقبة في المكان لضاع حقي ولما استطعت استرداد نقودي؛ لذا أعتقد أن تعميم الكاميرات على الأماكن العامة، وأمام الوحدات السكنية أمر هام تستدعيه الظروف التنظيمية، للمدن العصرية، ناهيك عن دور كاميرات المراقبة في ردع المخالفين، ففي البلدان المتقدمة بات الأجهزة الأمنية تعرف مرتكبي الجرائم والمستعدين لها عن طريق الكاميرات .

متطلبات العصر
من جانبها رأت أم خليفة أن كاميرات المراقبة باتت ضرورية للجميع، خصوصا الأسر التي لديها خادمات يقمن بالإشراف على أطفالها أثناء غياب الأم لأي سبب كان، وظيفة أو مراجعة لمستشفى أو دراسة، وحتى عند زيارتها لأهلها أو صديقاتها، فبفضل هذه الكاميرات استطاعت نساء كثيرات اكتشاف تصرفات خادمات مع الأطفال، ولو لم توجد تلك الكاميرات لعاش هؤلاء الأطفال في شقاء ما دام هذا النوع من الخادمات في البيوت، من هنا أدعو كل من لديه طاقة أو تفكير بمصلحة أطفاله وأمنهم تثبيت كاميرا مراقبة داخل منزله حفاظا على أطفاله وعلى محتويات بيته أثناء غيابه، فهذه وسيلة أمن وحراسة تؤدي دورا فعّالا في حفظ الأمن، وأهميتها تفوق أهمية الحراس، بالإضافة إلى أنها نظام معمول به في كل الدول المتقدمة، من هنا يجب علينا أن نستفيد من التكنولوجيا في كل شيء.

تفكير
الاختصاصية في علم النفس الدكتورة بتول خليفة ترى أن وضع الكاميرات داخل المنازل يحتاج إلى تفكير عميق ودراسته من مختلف الجوانب، ويجب ألا يكون الهدف منه دائما هو مراقبة العمالة المنزلية التي يجب علينا بناء الثقة معها، ومن تمام بناء الثقة مع العمالة المنزلية إخبارها بأن المنزل مراقب بالكاميرات حتى لا نشعرها بعدم ثقتنا فيها من أول يوم، كما على ربات الأسر أن يعلمن أن للعاملة في المنزل خصوصياتها التي ينبغي احترامها وعدم تصويرها، وأضاف: أعرف حجم المشاكل المتعلقة بهذا الموضوع، فالمشاكل التي حدثت وتحدث والتي تطالعنا بها الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى زادت من مطالب البعض بتعميم الكاميرات داخل وخارج البيوت، وقد اطلعت شخصيا من خلال متابعة حقلة تلفزيونية على جريمة قتل لفتاة، وقد تم تصوير مشهد الجريمة بواسطة كاميرا مثبتة داخل منزل أهلها، بالتالي انتشار هذه الأخبار هو الذي ساهم في إضعاف الثقة بين العمالة المنزلية، وبين ربات الأسر، خصوصا الأمهات، من هنا أنصح الأمهات إذا أردن الخروج من منازلهن أن يحاولن ترك أحد أفراد الأسرة مع الأطفال، أو تركهم مع أجدادهم إن وجدوا حتى لا نضطر لاستخدام الكاميرات داخل البيوت، إلا بشكل ضيق؛ لأن هذه الكاميرات عبارة عن سلاح ذو حدين لأنها تكشف عورات الناس إن لم يتعامل معها بمهنية وأخلاق، فمثلا إذا ما قمنا بوضع كاميرا داخل المنزل، فيجب ألا يطلع أحد أفراد العائلة على المشاهد التي تصور باستثناء رب وربة الأسرة؛ لأننا نخشى من رؤية مراهق أو مراهقة لما تحويه أشرطة الكاميرا ومن ثم يقوم بتسريبه عبر وسائل الاتصال، ويحدث ما لا تحمد عقباه.

وطالبت بتول خليفة بالتفكير مليا قبل وضع كاميرا داخل المنزل، لكنها أيدت وضعها خارج المنزل وفي كل الأماكن العامة؛ لأن ذلك يزيد من درجة الأمن والأمان ويساعد أجهزة الأمن علىA كشف أي جرائم تحدث خارج المنازل أو في الأماكن العامة.

س.ص