الانتخابات التشريعية المغربية.. اختبار جدي لشعبية «العدالة والتنمية»
حول العالم
05 أكتوبر 2016 , 11:31ص
الدوحة - قنا
يتوجه الناخب المغربي بعد غد الجمعة لصناديق الاقتراع لاختيار ممثلي الشعب في ثاني انتخابات تشريعية تشهدها البلاد منذ التعديل الدستوري الذي أقر عام 2011 ، إذ تأتي محملة بوعود انتخابية جديدة حول ملفات حيوية على رأسها الاقتصاد والبطالة ورفع الأجور وصندوق التقاعد والإصلاح.
وتجرى هذه الانتخابات بعد الولاية الأولى للحكومة التي يقودها الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" "عبد الإله بنكيران"، حيث يرى مراقبون أنها ستشكل اختبارا جديا لقياس شعبية الحزب الحاكم وتقييم أدائه السياسي، وسط تنافس تتصاعد حدته بين الأحزاب المرشحة، كلما اقترب موعد الانتخابات المقرر في السادس من أكتوبر الجاري.
ووفقا للجنة الحكومية لتتبع الانتخابات التي يرأسها وزيرا الداخلية والعدل، فقد يبلغ عدد من يحق لهم التصويت 15 مليونا و702 ألف و592 ناخبا وناخبة، منهم 55%من الرجال مقابل 45%من النساء، و55%من الناخبين هم من الوسط الحضري مقابل 45%ينتمون للوسط القروي، حيث تتنافس الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات على 395 مقعدا في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان المغربي)، 92 منها دوائر محلية.
وتسبق الانتخابات حملة دعائية لتشجيع الإقبال على عملية الاقتراع، وسط إصرار بعض التشكيلات السياسية على مقاطعتها مثل جماعة العدل والإحسان الإسلامية وحزب النهج الديمقراطي اليساري، وحركة "20 فبراير"، حيث بلغ عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المغربية ثلاثين حزبا والتي تنحصر فيها المنافسة بين حزبي العدالة والتنمية المتزعم للائتلاف الحكومي، والأصالة والمعاصرة أكبر أحزاب المعارضة، إضافة إلى منافسة بين أحزاب أخرى.
وتشتد المنافسة على تصدر هذه الانتخابات كذلك بين أحزاب مشاركة في الحكومة وأخرى معارضة، من بينها الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية – مشاركون في الحكومة، ومن معارضين مثل الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري.
وبعدما قاطع آخر الانتخابات البرلمانية في عام 2011، يشارك "تحالف فيدرالية اليسار الديمقراطي" في انتخابات 2016 ، حيث يتكون هذا التحالف من ثلاثة أحزاب يسارية هي "الاشتراكي الموحد، الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المؤتمر الوطني الاتحاد"، هذا ويعول "فيدرالية اليسار" على حصد مقاعد تضمن له تشكيل فريق برلماني يشترط 16 نائبا على الأقل.
وفي ملمح ذي صلة وبمقابل الأحزاب المشاركة في الانتخابات، توجد أحزاب وتنظيمات أخرى تعلن مقاطعتها لها ولكل العمليات السياسية المغربية، منها أساسا جماعة العدل والإحسان، - وهي جماعة إسلامية- ، وحزب النهج الديمقراطي، وهو حزب اشتراكي، كما انضم للمقاطعين هذا العام طرف ليبرالي هو الحزب المغربي الليبرالي الذي يقوده وزير سابق، زيادة على شرائح أخرى لا تنتمي لتنظيم أو حزب بعينه، لكنهم يعلنون مقاطعتهم للانتخابات تحت مبررات كبيرة، منها عدم الثقة في الأحزاب أو عدم الثقة في البرلمان أو تنكر المرشحين لوعودهم، في سياق حملات تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي التي طوعت لإظهار آراء وأفكار الهيئة الناخبة سواء من المقبلين على التصويت أو من المقاطعين.
ويقوم نظام الانتخابات في المغرب على أساس القوائم النسبية، الأمر الذي يتعذر معه حصول أي حزب على أغلبية عدد مقاعد في مجلس النواب، ما يجعل الحزب الذي يتصدر الانتخابات مجبرا على التحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة، فيما يعين ملك المغرب محمد السادس رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي يتصدر الانتخابات، كما يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، حسب نص الدستور.
متابعون يرون أن التوازن الديمقراطي في المغرب يعود إلى قدرة مؤسسة الحكم على قيامها برفع سقف المطالبات الديمقراطية عام 2011 في أكثر مما توقعت الأحزاب، واعتبروا أن الشرعية الديمقراطية والخطاب الشعبوي لحزب العدالة والتنمية "ساعدته في الانتخابات الماضية في قيادة ائتلاف من "يساريين ووسط"".. متوقعين في الوقت ذاته أن "الخارطة الانتخابية لن تتغير جذريا، وأن حظوظ وحصص حزب العدالة والتنمية جيدة، غير أنه سيضطر لاحقا في الدخول في ائتلافات".
وقد شكلت مواقع التواصل الاجتماعي منصة تفاعلية بين مختلف الأحزاب المشاركة في الانتخابات، تزداد حركتها وفاعليتها اشتعالا كلما اقتربت ساعات التصويت، لاسيما أن عدد مستخدمي الإنترنت في المغرب يصل إلى 20 مليون شخص، ما يفسح المجال إلى اعتماد تلك المواقع كمجسات راصدة للاستحقاق الانتخابي، ومعرفة من يتصدر الاهتمام والمتابعة من الأحزاب المشاركة في الانتخابات، إذ يعتقد محللون أن الإنترنت يشكل مادة غنية لقياس الرأي والرأي الآخر وتوجهات الناخبين وطرق تعبيرهم سواء كانوا من المؤيدين للانتخابات أو المقاطعين لها.
والبرلمان المغربي، ووفقا للفصل "60" من الدستور" يتكون من مجلسين هما "النواب" ويضم 395 عضوا ينتخبون مباشرة لولاية مدتها خمس سنوات، و"المستشارين" ويضم 120 عضوا، وينتخب بطريقة غير مباشرة من ممثلي جماعات محلية ومنتخبة، إذ ينتخب أعضاؤه لمدة ست سنوات.
ويستمد أعضاء البرلمان - الواقع في مدينة الرباط العاصمة - نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت شخصي لا يمكن تفويضه، ويتمتعون بالحصانة البرلمانية، ويضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، إلا أنه لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقته لأحكام هذا الدستور.
وقد جاءت التعديلات الدستورية لعام 2011 نتيجة حراك شعبي وسياسي للمناداة بالإصلاح في المغرب من جانب العديد من الحركات والذي بدأ يوم 20 فبراير 2011 وبعد خطاب الملك محمد السادس يوم 17 يونيو بدأت المشاورات مع الأحزاب السياسية من أجل إعادة صياغة بعض البنود التي كانت تشوبها بعض الشوائب وتلفها نزاعات وخلافات.
كما جاءت التعديلات الدستورية بصلاحيات أكثر لرئيس الوزراء ليصبح رئيسا للحكومة ورئيسا للسلطة التنفيذية بالبلاد، فأصبح لزاما على الملك بموجب الدستور الحديث تعيين رئيس الوزراء من الحزب الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان، ما يوحي بالتقدم الديمقراطي، كما جاء للفصل بين السلطات ولإعطاء البرلمان جميع آليات المراقبة الديمقراطية على الحكومة ولضمان حق المعارضة البرلمانية في التعبير عن الرأي تجاه الحكومة.
ومما جاء بدستور 2011، تخويل المعارضة البرلمانية نظاما خاصا وآليات ناجعة، تعزيزا لدورها ومكانتها في إثراء العمل البرلماني، تشريعا ومراقبة، حيث تم تمكينها من حق التمثيل النسبي في كافة أجهزة البرلمان وترسيخ سلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، تكريسا لاستقلال القضاء، وذلك بالنص صراحة في مشروع الدستور الجديد، على أن النطق بالحكم إن كان يتم باسم الملك، فإنه يتعين أن يصدر بناء على القانون.
وكذلك محاربة الفساد، وتعزيز دور المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المال العام، وفي ترسيخ مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، وعدم الإفلات من العقاب، ودسترة مجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها.
يشار إلى أن الملك محمد السادس يحكم المغرب منذ يوليو 1999 وقد تميز عهده بمجموعة من الإصلاحات، والإنجازات على المستويين الداخلي والخارجي.
م.ب