«الشبكة العنكبوتية» مصيدة الشباب في عطلة الصيف
تحقيقات
05 أغسطس 2011 , 12:00ص
الدوحة – هدى منير العمر
قد توفر عطلة الصيف –غير المنظمة- وقتاً أطول للجلوس أمام جهاز الكمبيوتر وتصفح الإنترنت، ورغم مزايا ما تسخره الشبكة العنكبوتية من خدمات ومعلومات فورية تغني عن الوسائل التقليدية، فإن هذا لا يلغي من وجهها السلبي لاسيَّما عند إدمان الإنترنت واستخدامه لساعات تتجاوز الحد المعقول، فكيف هو حال مدمني الإنترنت خلال الإجازة بالذات، والتي لا تتخللها أوقات مفيدة أو رحلة سفر تغني عن صفحات الإنترنت وملهياتها! فدون سابق إنذار تفرض مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل والأخبار الإلكترونية نفسها على متصفحيها، والتي يمكن دخولها حتى عبر الهواتف النقالة، وبضغطة زر ينخرط الشباب في عالم الإنترنت إلى وقت غير محدد قد يأخذهم حتى وقت خلودهم إلى النوم.
من جانبه يقول الدكتور عبدالكريم أحمد الأمير حسن الأستاذ المساعد في قسم العلوم الاجتماعية في جامعة قطر، إن ساعات الإدمان على استخدام الإنترنت تحدد بحسب طبيعة استخدامات الفرد له والفئة العمرية، ويوضح: «بوجه عام لو كان الفرد (أياً كان عمره) يستخدم جهاز الكمبيوتر والإنترنت يومياً لأغراض التسلية وبعيداً عن واجبات العمل والتعليم والمعرفة أكثر من أربع ساعات يومياً، فهذا بلا شك يعد إدماناً سلبياً وله أضرار كبيرة، فأربع ساعات مضيعتها في أمور غير مفيدة علمياً مسألة خطيرة جداً. لكن إن كان استخدام الإنترنت لأغراض مفيدة فهنا يجب تحديد ساعات معينة ومناسبة حسب الفئة العمرية، فبالنسبة للأطفال مثلاً فلا يجوز أن يتعدى استخدامهم الجهاز أكثر من ساعتين لثلاث ساعات في اليوم الواحد».
ويتابع أستاذ علم الاجتماع حول محاسن ومساوئ الإنترنت بالقول: «بلا شك وجود التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال وتلقي المعرفة من خلالها يعد تطوراً إيجابياً يصب في خانة المنفعة، ولا نستطيع نكران أهمية أجهزة الكمبيوتر إن كانت من نوع الأجهزة المحمولة «اللاب توب» أو أجهزة سطح المكتب الكبيرة أو حتى الهواتف الذكية الحديثة، للحصول على المعرفة بأقصى سرعة وتسهيل عملية الاتصال، لكن للأسف الشديد هناك استخدام سلبي لهذه التكنولوجيا والمتمثل في الإدمان عليها دون إشراف أو مراقبة الأهل وترك الأمور بدون تدقيق، وهذا الإهمال يشكل انعكاسات سلبية عديدة، فكما للإنترنت جوانب إيجابية فهو أيضاً يحوي جوانب سلبية حسب كيفية استخدامه».
استخدام ينحدر نحو السلبيات
ويوضح الدكتور عبدالكريم ما هو سائد في أسرنا العربية بالقول: «استخدامات الإنترنت بوجه عام في مجتمعاتنا وأسرنا العربية تنحدر نحوه التأثير السلبي أكثر من الإيجابي للأسف الشديد، والسبب يعود إلى أن استخدامه لا يعتمد في أسرنا العربية لتلقي المعرفة أو بهدف الحصول على المعلومات وتسهيل الاتصال بين الناس، بل للتسلية ولتصفح مواقع الأغاني على سبيل المثال، وهذا ناجم عن غياب الرقابة وسوء عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية والإعلامية للأطفال والمراهقين والشباب من قبل أهاليهم، فالأسرة مطالبة بتأمين مثل هذه الميسرات التكنولوجية للتعلم عليها، لكنها في الوقت نفسه مسؤولة عن عملية استخدام الأبناء لهذه الأجهزة بالمراقبة وواجب التدقيق والتوجيه للاستخدامات الصحيحة والاستفادة الإيجابية من هذه التقنية المهمة دون إدمان على الإنترنت، فمثلا بالنسبة للأطفال أو الطلاب يجب عدم تعويدهم على تلقي المعلومات من جهاز الكمبيوتر فحسب، بل تعويدهم على قراءة الكتب والقصص حتى لا يصابوا بالكسل والاعتماد الدائم على التقنيات فقط في تلقي المعلومات، فحصولهم على المعلومات من الإنترنت بشكل دائم قد يسيء ويخالف حاجات تكوينهم الاجتماعي ويقلل من عملية التكيف بينهم وبين أسرهم في تلقي التعليم، مما سيؤثر على علاقاتهم مع الآخرين، وقبل سن عشر سنوات قد تؤثر مثل هذه التقنيات على عملية تفاعلهم الاجتماعي فيما لو أدمنوا استخدامها بمفردهم، وفقدان التواصل الاجتماعي مع الأسرة سينعكس أيضا على تواصلهم مع المجتمع الخارجي، والإدمان يصيب بنوع من الانطوائية لأن كل رغباتهم وحاجياتهم ستتحقق من خلاله الإنترنت، لكن استخدام الإنترنت بحرص ومراقبة شديدة من قبل الأهل لأبنائهم سيضيف ما هو مفيد.
القراءة الإلكترونية
أما فيما يتعلق باعتماد الشباب على الإنترنت كمصدر للمعلومات والقراءة المفيدة في الصيف فيقول الدكتور عبدالكريم: «نتيجة التطور ووسائل الاتصال أصبح عندنا نوعان من القراءة، القراءة الإلكترونية والقراءة الورقية، وبدأت تطغى القراءة الإلكترونية على الورقية، لكن للأسف الشديد القراءة الإلكترونية لها محاذير ومخاطر كثيرة على ذهنية وعقلية القارئ، ولها تأثيرات سلبية بسبب عدم الاعتماد على الأمانة العلمية والدقة في النقل والترجمة، وأحياناً تحوي بعض الدسائس التي تكون موجودة ضمن هذه المقالات والكتب الإلكترونية، فيتم فيها تغيير بعض المفاهيم، وبالتالي تغير وجهات نظر القارئ، لذلك القراءة الإلكترونية تشكل خطرا على القارئ، لكن مع ذلك هذا لا يقلل من أهمية القراءة الإلكترونية، شريطة أخذها بحذر شديد ومن مواقع موثوق بها، كي نستفيد من معلوماتها الثمينة».