نظّمت حملة الفرقان يوم السابع من ذي الحجة زيارة إيمانية لحجاجها إلى مصنع كسوة الكعبة المشرفة، وذلك ضمن برنامجها التثقيفي والديني لحجاج الحملة قبل بدء مناسك الحج. وجاءت الزيارة بهدف تعزيز الوعي الديني والروحي لدى الحجاج، عبر الاطلاع على واحدة من أبرز مفاخر الأمة الإسلامية، حيث يمثل مصنع الكسوة رمزًا عريقًا لتاريخ الكعبة المشرفة، وواجهة فنية تعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بالعناية بالحرمين الشريفين ومقدساتهما.
وخلال الجولة، استمع الحجاج إلى شرح مفصل عن تاريخ إنشاء مصنع كسوة الكعبة وتطور المراحل التي مرّ بها منذ تأسيسه، واطلعوا على الخطوات الدقيقة والمتقنة التي تُتبع في إنتاج الكسوة، من اختيار أجود أنواع الحرير الطبيعي، وصبغه، ونسجه، إلى تطريزه بخيوط الذهب والفضة، وكتابة الآيات القرآنية بخطوط فنية مبهرة. وتأتي هذه الزيارة في إطار حرص حملة الفرقان على الجمع بين أداء الشعائر والتزود بالمعرفة، بما يُثري تجربة الحجاج الدينية والثقافية، ويُعزز من ارتباطهم بتاريخ الحرم المكي وكسوة الكعبة التي تُجدد كل عام في يوم عرفة، في مشهد مهيب يترقبه المسلمون في كل أنحاء العالم.
وفي سياق تعزيز الوعي الثقافي والديني بأمور الحج، استضافت اللجنة الثقافية بالحملة فضيلة الشيخ د. مطلق الجاسر حول تزكية النفس في الحج، حيث قدم فضيلته درساً أوضح فيه أن الحج يُعد واحداً من أعظم العبادات التي شرعها الإسلام لتطهير النفوس وتهذيب السلوك، إذ يحمل في طياته أبعاداً إيمانية وتربوية عميقة تُسهم في تزكية النفس وتربيتها على معاني الطاعة والخضوع لله عز وجل.
وقال إن من صور التزكية في هذه الرحلة المباركة، الامتثال التام لأمر الله عز وجل، استجابة لندائه (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وهو امتثال يعكس خضوع العبد الكامل لله، وتجرده من مظاهر الدنيا وتعلقه بالمولى وحده، ويعيش الحاج خلال هذه الرحلة الروحية أعلى درجات الإيمان، حيث ينقطع عن التفكير في المعصية والآثام، كما يتجلّى في الحج تدريب عملي على الصبر بأنواعه الثلاثة: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على البلاء، بما يواجهه الحاج من مشقة الطريق، وزحام المشاعر، والبعد عن الأهل والراحة، ويصبح الصبر سمة راسخة ترافق المسلم في حياته بعد الحج. وأضاف: يُعد الحج أيضاً مدرسة للتجرد من الترف والتكلف، وميداناً للتضحية والبذل، إذ يترك الحاج متاع الدنيا، وينفق من ماله وجهده ووقته، ويتجرد من ملبسه، ليرتدي لباساً موحداً يُشبه الكفن، مذكراً بيوم الرحيل والوقوف بين يدي الله، ما يعمّق الإيمان بلحظة الحساب.وفي أجواء الحج، تذوب الفوارق بين البشر، وتجتمع القلوب على ذكر الله، فيتجسد معنى وحدة الأمة الإسلامية، ويشعر الحاج بأنه فرد من أمة واحدة تتجه إلى قبلة واحدة وتهتف بنداء واحد، فالحج رحلة تهذيب وتنقية للنفس، يعود بعدها المسلم بروح جديدة، ونفس زكية، وقلب موصول بالله، ليبدأ حياةً أقرب إلى الطاعة وأبعد عن الغفلة.
الشيخ د. عثمان الخميس:
جزاء الحج المبرور الجنة
كما استضافت حملة الفرقان فضيلة الشيخ الدكتور عثمان الخميس، وألقى محاضرة قيمة للحجاج بمجلس الحملة، تناول خلالها الحديث عن الحج المبرور وأنه عبادة عظيمة لا جزاء لها إلا الجنة، فالحج موسم تتجدد فيه الرحمة وتُغفر فيه الذنوب، يُقبل ملايين المسلمين من مختلف بقاع الأرض إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، طمعًا في نيل أعظم الجزاء الذي وعد الله به عباده.والحج المبرور غاية يسعى إليها كل حاج، وهو الحج الذي يخلو من المعاصي والرفث والجدال، وتُؤدى مناسكه بإخلاص واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع العلماء على أن برّ الحج يتحقق بأداء المناسك على وجهها الصحيح، مع الإكثار من الطاعات وطيب المعاملة وترك الذنوب، ومن علامات الحج المبرور: أن يعود الحاج وقد تغيّرت حاله إلى الأفضل، فيستقيم على طاعة الله، ويجتنب ما كان عليه من تقصير أو معصية، ويتجلى ذلك في سلوكه وأخلاقه بعد عودته.وذكر الشيخ عثمان الخميس أن فضل الحج المبرور لا يقتصر على نيل الجنة فحسب، بل هو سبب لمغفرة الذنوب، كما ورد في الحديث: «من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، وهي بشارة عظيمة تُعلي من شأن هذه العبادة وتدل على مكانتها الرفيعة في الإسلام.