أطلقتْ هيئة تنظيم الأعمال الخيرية (RACA)، مشروعَها في إعداد إستراتيجية القطاع الخيري والإنساني بدولة قطر، عملًا بما نصَّت عليه الفقرة الأولى من المادة رقم (5) من القرار الأميري رقم (10) لسنة 2020 بإعادة تنظيم هيئة تنظيم الأعمال الخيرية.
وتهدف الهيئة إلى تنمية ودعم وتشجيع الأعمال الخيرية والإنسانية، والإشراف عليها ومراقبتها في إطار السياسة العامة للدولة، ويكون لها في سبيل تحقيق ذلك ممارسة جميع الصلاحيات اللازمة، وعلى الأخص ما يلي: إعداد استراتيجية العمل الخيري والإنساني بالدولة، بما يتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة والعمل على تنفيذها، والعمل على زيادة الوعي بالعمل الخيري والإنساني، وتنميته بين أفراد المجتمع، والعمل على تنسيق وتوحيد الجهود بين الجهات العاملة في مجالات الأعمال الخيرية والإنسانية، وبالإضافة إلى العديد من الصلاحيات الأخرى ذات العلاقة بالإشراف والرقابة على قطاع المنظمات غير الهادفة للربح، وبناء على ذلك قررت الهيئة البدء بتطوير استراتيجية لقطاع العمل الخيري بالتعاون مع جميع الجهات ذات العلاقة بدولة قطر.
وكان قد سبقَ البدء فعليًّا بالإعداد للمشروع في الربع الأخير من عام 2020 والعمل على تنفيذ المشروع خلال 2021، وتدشينه في 2022م، على يبدأ أن تنفيذ الاستراتيجية بالتزامن مع استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة في يناير 2023م.
وأكدت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية انها التزمت بمنهجية عمليَّة واضحة المعالم، ومحدّدة الأهداف من خلال منهجية «التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج»، حيث تم تقسيم منهجية العمل إلى 6 مراحل رئيسية خلال مدة المشروع، هي: بناء فرق العمل، خطة عمل المشروع، الدراسات المرجعيّة، بناء الاستراتيجية، تطوير المبادرات، تنفيذ المبادرات.
جاءت أولى بواكير هذه الاستعدادات عبر إطلاق سلسلة وِرَشِ من تنظيم هيئةِ تنظيم الأعمال الخيرية (RACA)، أولُّ لقاءٍ تفاعلي ضمن ورشات البناء الاستراتيجي برعايةِ الهيئة، وبالتعاون مع مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS)، تحت عنوان «استراتيجية قطاع العمل الخيري والإنساني لدولة قطر»، وذلك بحضور واسع من روّاد العمل الخيري والإنساني والجهات ذات العلاقة في قطر في فندق هيلتون الدوحة، بمشاركة واسعة من مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني.
وفي الجلسة الافتتاحيّة، أعلنتِ السيدة أشواق العجي، مديرةُ إدارة التخطيط والجودة بالهيئة ومديرة مشروع استراتيجية قطاع العمل الخيري والإنساني في قطر، انطلاقَ الفعاليةِ مشيدةً بالجهات المشاركة، بأهمية هذه اللقاءات التي تعزّزُ روحَ المشاركةِ والمسؤولية في القطاع الخيري، مشيرةً إلى ضرورة تفعيل القيادات القطرية في المشاركة في تفعيل وإدارة هذه الاستراتيجية الوطنية.
وقال الدكتورغسان الكحلوت، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، أن الورشة تأتي في وقت يشهد فيه العمل الخيري والقطري تحولات عديدة نظرًا للظروف الراهنة على مستوى الإقليم والعالم المرتبطة بالتعقيدات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على هذا القطاع ولا سيما ضعف التنسيق والتمويل والبحث العلمي في هذا المجال، والحاجة الماسَّة لتنظيم العمل الخيري والإنساني في ضوء هذه المستجدات، كما دعا إلى ضرورة الجمع ما بين النظرية والسياسة والممارسة العملية لتطوير سياسات تعزيز أفضل الممارسات والسياسات المرتبطة بالعمل الخيري والإنساني والتنموي، منوِّهًا بدور الهيئةِ في هذا الصدد، مشيرًا إلى أن تعاون مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS) مع الهيئة في تنظيم هذه الورشة هي بدايةٌ لمزيد من أعمال التعاون والعمل مع الهيئة.
وأشار السيد محمد علي الغامدي من جمعية قطر الخيرية إلى أهمية استقلال القطاع ليبقى قويًّا، مشيدًا بدور الهيئة في التنسيق والمتابعة المستمرة في قطاع العمل الخيري في دولة قطر.
وقد انطلقت الحلقَات النقاشيّة والتفاعليّة التي استمرت على مدى ثلاث جلساتٍ، بمتابعة من الخبير الدولي الدكتور إياد نصر، وإشراف فريق من المختصّين، وتناولتْ ثلاثةَ محاور رئيسة هي: الأهداف والأولويات والمجالات، آليات التنسيق على المستوى الوطني، بناء القدرات، وشهدتِ الحلقات النقاشية تفاعلًا من جميع المشاركين عن طريق العصف الذهني، وتنوّعت طرائق التدوين والتوضيح بين استخدام الملصقات الجدارية، والتدوين الدفتري، واللوحات الورقيّة، بهدف جمع وترتيب المعلومات والأفكار ومقترحات المشاركين، الذين تمَّ تقسيمهم على ثلاث مجموعاتٍ يقودها أحدُ المختصيّن.
وخلُص المشاركون إلى مجموعةٍ من التوصيات تركز على التخصص، والتفريق بين العمل الإنساني والعمل التنموي، وضرورة تمكين القدرات الشابة، وتنسيق التدخلات الداخلية والخارجية، والتأكيد على أن المناصرة والشفافية في اتخاذ القرار والتنفيذ والمتابعة هي أساسيات لبناء استراتيجية شاملة.
كما دعتْ لتعزيز الثقة بين المانحين والمستفيدين، ودعم الأبحاث والدراسات في هذا الباب، مع التركيز على مجالات الصحة والتعليم والتغير المناخي، كما أشارت إلى أهمية الدور الحكومي في الإسراع للتحول الرقمي والاستجابة العاجلة، وضرورة التكامل في الأداء بين الجهات ذات العلاقة.
وخلُصَ الحاضرون إلى ضرورة التنسيق في مجال الاتصال والإعلام، والتنسيق في مجال التمويل، وإدارة الوصول الآمن للعاملين للأماكن المنكوبة، مع وجود آلية واضحة للإشراف والمتابعة على العمل الخيري، والتنسيق مع الدول عبر سفاراتها، مع التركيز على مسألة توطين الاستجابات وتنسيقها.
ودعا المشاركون إلى تبني قضايا التكنولوجيا، ومشاركة المعلومات بين القطاعات، والتأكيد على التطوير الإداري للأفراد والمؤسسات، والابتكار في الأداء، والتوثيق الممنهج للعمل، والشفافية على مستوى القدرات البشرية، والاهتمام بالتدريب المهني، والتطوع والتوطين.
وأشادتِ السيدة مليحة عبدالكريم الشافعي، مديرة إدارة العلاقات والاتصال بالهيئة، بالمشاركة الفعّالة في الورشةِ من جميع الجمعيات والمؤسسات والجهات الحكوميّة وذات العلاقة بالقطاع الخيري والإنساني، مشيرةً إلى أن هذه الوِرَش تأتي في إطار الاستعدادات المكثفة لتدشين خطة استراتيجية القطاع الخيري والإنساني بدولة قطر.