مستشفى للأطفال يلغي طوارئ السد وينهي الازدحام
اسماعيل طلاي

كشف الدكتور محمد حمود العامري، نائب مدير طوارئ السد للأطفال في حوار لـ «العرب» عن مشروع قيد الدراسة لإنجاز مستشفى للأطفال، من شأن أن يقضي إشكالية الازدحام التي تشهدها مختلف مراكز طوارئ الأطفال، مؤكداً في الوقت ذاته أن أشغال التوسعة الجارية بطوارئ السد ستنتهي بحدود شهر يوليو المقبل، على أن يبدأ تشغيل المباني الجديدة للطوارئ مع نهاية العام الجاري، بما يسمح بتوسعة الطاقة الاستيعابية لطوارئ السد بنسبة 25 - %30، بما يرفع الطاقة الاستيعابية إلى 55 سريراً بغرف الملاحظة و17 بالفحوصات و4 للعلامات الحيوية بعد التوسعة. في وقت تم تسجيل أزيد من نصف مليون مراجع عبر 5 مراكز لطوارئ الأطفال «السد، المطار، الريان، الشمال، الضعاين»، منها 326 ألف في طوارئ السد. ودعا العامري الأولياء إلى الامتثال لقرار مرافقة أطفالهم للطوارئ، لأجل ضمان أفضل خدمة علاجية لهم، مشدداً على أن أطباء الطوارئ لن يفحصوا أي طفل حالته مستقرة، إلا بحضور أحد والديه. سيما وأن الطوارئ تسجل 60-90 طفلاً شهرياً يحضرون للعلاج من دون أوليائهم. وعلى الجانب الآخر، كشف الدكتور العامري أن أطباء طوارئ السد عاينوا 26 حالة اعتداء وإساءة ضد أطفال من قبل أولياء أمور وجهات مختلفة، تم إحالة ملفاتهم للجهات المعنية لضمان حمايتهم ومتابعة المعتدين عليهم، وحالات أخرى لأطفال من مجهولي النسب، عثر عليهم جنب المساجد أو داخل حاويات القمامة أحياناً، كما أكد أن إدارة الطوارئ أحالت حالة أو اثنتين لأولياء أمور قاموا بالاعتداء على الكوادر الطبية، وأحيلت ملفاتهم للنيابة العامة، فيما لم تثبت التحقيقات أي أخطاء طبية من قبل الكوادر الطبية، داعيا الأولياء للتفريق بين الإهمال والأخطاء الطبية، وعدم التوازن عن التبليغ عن أي شكاوى يسجلونها.
دخل قرار إدارة طوارئ السد بمنع فحص الأطفال الذين يراجعون طوارئ الأطفال من دون أوليائهم حيز التنفيذ يوم 1 أبريل الجاري، فكيف كان تجاوب الأولياء؟
- في الواقع هذا القرار ليس وليد اليوم، وكان الأولياء ملتزمين، ولكننا قررنا إضفاء صرامة أكبر في تطبيقه بعدما سجلنا في السنوات الأخيرة بعد الإهمال والتسيب من قبل أولياء يتعمدون عدم الحضور برفقة أطفالهم، ويرسلونهم مع الخدم، الأمر الذي يضر بالأطفال أولاً، ويعرقل مهمة الأطباء الذي يحتاجون لتفاصيل التاريخ المرضي للأطفال، الأمر الذي لا يمكن للخدم مثلاً أن يضطلعوا به. لكنني أود التنبيه أننا نراعي بعض الظروف القاهرة التي تحول أحياناً أمام حضور الأولياء في حالات قاهرة، مثل المرض أو السفر، وأسباب أخرى قد تكون منطقية، لكن أحياناً لا يوجد سبب واضح لتبرير غياب أحد الأولياء، ما يجعلنا نعاني في الحصول على المعلومات الصحيحة حول التاريخ المرضي للطفل: إن كانت له حساسية من أدوية مثلاً، أو لديه مشاكل مزمنة، كما أن حضور أحد الوالدين ضروري للغاية للاطلاع على الخطة العلاجية، من قبيل معرفة متى ينبغي عليها العودة إلى الطوارئ، أو الأعراض العلاجية التي تتطلب إعادة الطفل فوراً للعلاج في حال حدوثها، أو كيفية إعطاء الأدوية ومواعيدها، خاصة أن معظم الأطفال من جاليات آسيوية ويصعب التعاطي معهم في أمور حساسة ودقيقة تتعلق بصحة الأطفال، كما أننا نحتاج أحياناً لإجراء بعض التحاليل الطبية للأطفال مثل القسطرة، وهذه التحاليل بموجب القانون تستلزم موافقة ولي الأمر، فلا يمكنني القيام بقسطرة أو تحليل دم دون معرفة الولي للسبب. والمشكلة أننا أحياناً حينما نتصل بالولي لإطلاعه بالأمر، يكون ردة فعل الأم مثلاً بالرفض القاطع لأي تحليل دم، دون أن يكون لها دراية بحالة الطفل! وهنا يطبق قرار إلزام حضور أحد الأبوين لمرافقة الطفل في الحالات المستقرة فقط.
أما في الحالات المستعجلة، كأن يكون الطفل مصاباً بتشنج لحظة وصوله إلى الطوارئ، أو مصاباً بإغماء، فهذا يعالج مباشرة وفورا، دون الاتصال بولي أمره، ولو حضر برفقة أي شخص كان، سواء الخادمة، أو السائق، أو موظف بالمدرسة، أو أي شخص فنمنح للطفل العلاج المناسب، مثل وضع الكمامات أو إعطائهم أدوية الربو في بعض الحالات. ولكن رغم ذلك، نتواصل مع الوالدين لإخبارهم بحالة الطفل.
في الحالات المستقرة، هل يعني أنكم ستعيدون الأطفال من باب الطوارئ، إن لم يكن مرفقاً بأحد والديه؟
- طبعا لا، في حالة الأطفال الذين يدخلون الطوارئ وحالتهم مستقرة، يتم تقييم حالة الطفل، ويسجل، ثم تتولى الممرضات فحص علاماته الحيوية، ويوضع في غرفة الانتظار، ثم يبلغ أحد والديه بضرورة الحضور، ولا يعاين الطفل من قبل الطبيب، قبل حضور أحد والديه.
ما هي الأعذار التي تتقبلونها، وتسمحون بفحص الطفل ولو من دون حضور أحد والديه؟
- مثل حالة سفر الأب مثلاً، أو الأم مريضة، بينما لا نقبل مبرر الدوام، لأن الوالد يمكنه أن يستأذن في هذه الحالة لمرافقة ابنه للعلاج.
لكن أي شخص يمكنه أن يدعي سفره مثلاً، لتبرير الغياب؟
- هنا المسألة تعود بدرجة أولى لضمير كل ولي أمر، لأن الأمر في نهاية المطاف في مصلحة فلذة كبده، ونحن لم نتخذ القرار إلا حرصاً على مصلحة الطفل.
هل تم إعادة بعض الأطفال الذين حضروا وحالتهم مستقرة بسبب إصرار ولي الأمر على عدم الحضور؟
- لم نقوم بإعادة أي طفل، ولن نرفض أي طفل يدخل الطوارئ، لكن في الحالات المستقرة لن يفحص الطفل، ما لم يحضر أحد والديه.
كم حالة تصلكم سنوياً لأطفال مصحوبين بالخدم أو السائقين؟
- بمعدل حالة إلى ثلاث حالات يومياً، و60- 90 حالة شهرياً. والأعذار دوما أن الأب والأم مشغولين.
كم عدد المراجعين في مختلف مراكز الطوارئ الأربعة بنهاية 2014؟
- أحصينا 553.961 مراجعاً عبر 5 مراكز لطوارئ الأطفال «السد، المطار، الريان، الشمال، الضعاين» بنهاية العام الماضي، منها 326.031 في طوارئ السد، و156.032 بطوارئ الريان، و61831 بطوارئ المطار، و3930 بطوارئ الشمال، و10067 بطوارئ الضعاين.
ماذا عن مشروع تطوير وتوسعة طوارئ السد، متى تنتهي، وما الإضافات التي ستقدمها؟
- مركز طوارئ السد في تطور مستمر، ولدينا مشروع للتوسعة قيد الإنشاء، سيضيف من 25- %30 من الطاقة الاستيعابية، لدينا حاليا 42 سريراً في قسم الملاحظة، ستضاف إليها 13 سريراً، لصبح المجموع 55 سريراً. ولدينا 13 غرفة فحص، ستضاف إليها 4 غرف جديدة، لصبح المجموع 17 سريراً. وغرف أخذ العلامات لدينا حالياً سريران (02)، سيضاف إليهما اثنان آخران، ليصبح المجموع 4 أسرة.
متى تنتهي أشغال التوسعة بطوارئ السد؟
- نترقب استلام المباني الجديدة بعد التوسعة شهر يوليو المقبل، على أن تصبح جاهزة للاستعمال مع نهاية 2015 بحول الله. والمقر الحالي سيربط بالمباني الجديدة.
كم سريراً ينبغي توفيره لأقسام الطوارئ للقضاء على الطوابير؟
- المشكلة ليست في توفير الأسرة بالطوارئ، بل في نقصها بالمستشفيات. ولو وجد منفذ بالمستشفيات وارتفعت طاقتها الاستيعابية، فسيتم إدخال الحالات التي تتطلب إقامة طويلة، ولن نعاني في الطوارئ من إشكال نقص الأسرة خاصة في فضل الشتاء الذي يعد موسم الذروة من حيث أعداد الأطفال المراجعين للطوارئ.
وهل أشغال التوسعة ستقضي نهائياً على الازدحام والانتظار؟
- لا طبعاً، التوسعة ستساعد، لكنها لن تقضي على الانتظار بطوارئ السد للأطفال، ونحن محتاجون لقسم الطوارئ بمساحة أكبر من المركز الحالي، ويكون جزءاً من مستشفى، وهذا بحول الله ضمن الخطة الجديدة الرامية، بحيث يكون مستشفى كاملاً للأطفال، يخصص الدور الأرضي منه للطوارئ، والأدوار العليا لباقي تخصصات الأطفال. وإلى ذلك، سنستمر في طوارئ السد حالياً. والفكرة من المشروع أن تكون الطوارئ جزءاً من المستشفى، لأن وجودنا حالياً بعيداً عن مستشفى حمد يصعب عملنا. وغرفة الملاحظة مثلا، يفترض أن الطفل يجلس بها أربع ساعات كحد أقصى، ويغادر إلى المنزل، أو يحول إلى المستشفى، لكن في طوارئ السد بعض الحالات تظل عندنا 48 ساعة إلى 4 أيام أحياناً، فصرنا نقدم خدمة الطوارئ، وخدمة المرضى الداخليين في آن واحد.
وما مصير طوارئ السد، بعد بناء المستشفى الجديد؟
- بناء مستشفى جديد للأطفال، يعني أن طوارئ السد يلغى.
هل تعتقدون أن مستشفى السدرة سيخفف الضغط؟
أمام الكثافة السكانية المتزايدة باستمرار، فإن مستشفى السدرة سيساعد، وسيكون بمثابة مركز أبحاث، لكنه ليس لدرجة تخفيف الازدحام عن طوارئ الأطفال بمؤسسة حمد الطبية التي ستبقى المقر الرئيس لطب الأطفال.
ماذا عن توظيف الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية لاستيعاب التوسعة الجديدة؟
- لتغطية التوسعة الجديدة قمنا بتوظيف 18 اختصاصياً، و6 استشاريين، وتوسعة في طاقة التمريض أيضاً. وأنهينا التوظيف، وهم الآن ينهون الإجراءات بإدارة الموارد البشرية لمؤسسة حمد الطبية.
هل تنوون توسعة بقية مراكز الطوارئ في المطار والريان والضعاين والشمال؟
- لا، ليس في الوقت الراهن.
ما هي التحديات والمشاكل الأخرى التي تعانون منها في الطوارئ؟
- أبرز الإشكالات هي عدم تعاون الأولياء، وعدم تقبلهم الانتظار، والكل يصر أن يكون أول من يفحص، والمعروف أن الأولوية في الطوارئ للحالة، وليس للجنسية.
كم معل الانتظار حالياً؟
- معدل الانتظار للحالات المستعجلة 0 دقيقة، لأنه يدخل فوراً لتلقي العلاجات المناسبة. أما الحالات المستقرة، فمعدل الانتظار للحالات من الدرجة الثانية، فمعدل الانتظار 15 دقيقة تقريباً. والدرجة الثالثة 21 دقيقة تقريباً. ويحدث أن يصل الانتظار أحيانا ساعتين في حالات نادرة بسبب الازدحام، في حالات الأولوية من الدرجة الثانية، خصوصاً في فصل الشتاء. ويصل الزحام ذروته ما بين الساعة الرابعة عصراً إلى منتصف الليل.
ماذا عن الأخطاء الطبية في طوارئ الأطفال؟
- أحيانا والد الطفل، وحرصا منه على ابنه، مثل حرصنا تماماً، قد يعتبر بعض الأشياء أخطاء من وجهة نظره، ونحن ندرس الحالات من قبل استشاريين في حال قدم شكوى، من كافة النواحي، وفي حال ثبوت أي تقصير يحاسب المسؤول عليه، لكن الحمد لله، فنحن نطبق معايير عالمية عالية جداً، ولا يعني ذلك أننا معصومون، ولكن هناك فرق بين الخطأ الطبي والإهمال. وإلى الآن لم يثبت أي تحقيق طبي حدوث خطأ طبي فعليا على أطباء الطوارئ.
وماذا عن شكاوى الأطباء ضد المراجعين بسبب تعرضهم لعنف لفظي أو جسدي مثلاً؟
- نعم، مع الأسف، هناك أولياء أمور يتعدون لفظيا بألفاظ جارحة، سواء على الطاقم الطبي أو التمريضي، وفي حالات بسيطة وصلت لغاية الاعتداء باليد. وبالنسبة إلينا، فهناك إجراء قانوني يتخذ لأن مؤسسة حمد الطبية حريصة جداً على حماية كافة طواقمها، مثلما هي حريصة على تقديم خدمات عالية، وبجودة عالية للمرضى. وهناكم لوائح تكفل حقوق المرضى، وفي حال تسجيل تجاوزات من قبل أولياء الأمور، يتقدم الضحية أو الطبيب المعتدى عليه بشكوى إلى مصالح الأمن والشرطة بمؤسسة حمد الطبية، بالحالة والواقعة، ورقم المعتدي، وترفع القضية إلى النيابة ويتخذ إجراء قانوني في حق المعتدي.
وهل هناك حالات اعتداء على الأطباء اتخذت مجراها القانوني؟
- نعم، هناك حالات وصلت إلى النيابة، ولكن أعدادها قليلة جدا، ممكن حالة أو حالتين بطوارئ الأطفال بالسد.
هل استقبلتم حالات لأطفال تعرضوا لأي نوع من الإساءة والعنف؟
- نعم أحصينا 26 حالة خلال 2014، أثبتت الفحوصات تعرضهم للإساءة والعنف من مصادر مختلفة، وفي هذه الحالات، نستقبل الضحية المعتدى عليه جسديا بالضرب أو التعذيب، ويتم الاطمئنان على سلامته وتقديم العلاجات المناسبة له، وبطبيعة الحال، يتم إخبار الجهات الأمنية فوراً ثبوت حالة الاعتداء على الطفل، حتى من دون علم الولي، ولو كانت مجرد حالة اشتباه بالاعتداء، ومخاطبة إدارة الخدمة الاجتماعية بمؤسسة حمد الطبية، والمؤسسة القطرية للحماية والتأهيل «حماية المرأة والطفل سابقا» لمتابعة الحالة وظروف الاعتداء عليها. وهناك حالات يتم إدخالها للمستشفى لمتابعة العلاج أو لحماية الطفل، وفي حال كان مصدر الخطر على الطفل من المنزل، سواء الوالد أو الأم، تتخذ إجراءات لحمايته، ولا تتم إعادته إلى المنزل، أما إن كان الاعتداء من المدرسة، فيقدم الطفل لوالديه.
هل سجلتم حالات لأطفال من مجهولي النسب، أحضروا للطوارئ لتلقي العلاج والمتابعة؟
نعم سجلنا حالات للأسف، وأحيانا نجدهم للأسف جنب المسجد أو حاويات القمامة، والحمد لله أنهم كلهم على قيد الحياة. وتقدم لهم رعاية خاصة، وإدخالهم إلى قسم الأطفال بمؤسسة حمد الطبية، ثم اتباع ترتيبات معينة، ينقل بموجبها إلى مؤسسة لرعاية الأطفال الأيتام.
ما سر عزوف القطريين عن التوظيف بطوارئ الأطفال، تحديداً؟
- والله السؤال يوجه للتعليم الطبي في مؤسسة حمد الطبية، وإدارة الموارد البشرية ومكتب المدير الطبي، حول الحوافر التي يمكن تقديمها للقطريين لتشجيعهم على مزاولة مهنة الطب والتمريض، وتحديدا في طوارئ الأطفال. والواقع الحالي، أنه لدينا ثلاثة أطباء قطريين فقط للأسف! مقابل ممرضة واحدة، هي رئيسة التمريض، و6 موظفين في الإدارة فقط. والسبب معروف، ذلك أن العمل بنظام المناوبة والورديات في طوارئ الأطفال مرهق، ومعظم القطريين يرفضونه، رغم أننا نشجع الأطباء القطريين ممن يحملون الزمالة العربية أو البورد الأميركي للالتحاق بطوارئ الأطفال. وسبق أن حاولنا مع أطباء قطريين أثناء فترة الإقامة والتدريب لجذبهم إلى طوارئ الأطفال. لكن العزوف أيضا بسبب غياب إجازة ثابتة، وعطلة نهاية أسبوع ثابتة، ولا وجود لإجازة ثابتة في الأعياد. فالأكيد أن القطريين يحتجون تحفيزات أكبر للإقبال على العمل الطوارئ، سواء في الطب أو التمريض أو المختبرات أو الإدارة. ورغم أن الرواتب التي تمنح للقطريين اليوم جيدة ومناسبة، مقارنة بسنوات التسعينيات مثلا، إلا أن الناس تفضل العمل في الدوام الصباحي وتكون لها إجازات محددة. وتبقى طوارئ الأطفال تحديدا مهنة مشوقة رغم متاعبها.
دخل قرار إدارة طوارئ السد بمنع فحص الأطفال الذين يراجعون طوارئ الأطفال من دون أوليائهم حيز التنفيذ يوم 1 أبريل الجاري، فكيف كان تجاوب الأولياء؟
- في الواقع هذا القرار ليس وليد اليوم، وكان الأولياء ملتزمين، ولكننا قررنا إضفاء صرامة أكبر في تطبيقه بعدما سجلنا في السنوات الأخيرة بعد الإهمال والتسيب من قبل أولياء يتعمدون عدم الحضور برفقة أطفالهم، ويرسلونهم مع الخدم، الأمر الذي يضر بالأطفال أولاً، ويعرقل مهمة الأطباء الذي يحتاجون لتفاصيل التاريخ المرضي للأطفال، الأمر الذي لا يمكن للخدم مثلاً أن يضطلعوا به. لكنني أود التنبيه أننا نراعي بعض الظروف القاهرة التي تحول أحياناً أمام حضور الأولياء في حالات قاهرة، مثل المرض أو السفر، وأسباب أخرى قد تكون منطقية، لكن أحياناً لا يوجد سبب واضح لتبرير غياب أحد الأولياء، ما يجعلنا نعاني في الحصول على المعلومات الصحيحة حول التاريخ المرضي للطفل: إن كانت له حساسية من أدوية مثلاً، أو لديه مشاكل مزمنة، كما أن حضور أحد الوالدين ضروري للغاية للاطلاع على الخطة العلاجية، من قبيل معرفة متى ينبغي عليها العودة إلى الطوارئ، أو الأعراض العلاجية التي تتطلب إعادة الطفل فوراً للعلاج في حال حدوثها، أو كيفية إعطاء الأدوية ومواعيدها، خاصة أن معظم الأطفال من جاليات آسيوية ويصعب التعاطي معهم في أمور حساسة ودقيقة تتعلق بصحة الأطفال، كما أننا نحتاج أحياناً لإجراء بعض التحاليل الطبية للأطفال مثل القسطرة، وهذه التحاليل بموجب القانون تستلزم موافقة ولي الأمر، فلا يمكنني القيام بقسطرة أو تحليل دم دون معرفة الولي للسبب. والمشكلة أننا أحياناً حينما نتصل بالولي لإطلاعه بالأمر، يكون ردة فعل الأم مثلاً بالرفض القاطع لأي تحليل دم، دون أن يكون لها دراية بحالة الطفل! وهنا يطبق قرار إلزام حضور أحد الأبوين لمرافقة الطفل في الحالات المستقرة فقط.
أما في الحالات المستعجلة، كأن يكون الطفل مصاباً بتشنج لحظة وصوله إلى الطوارئ، أو مصاباً بإغماء، فهذا يعالج مباشرة وفورا، دون الاتصال بولي أمره، ولو حضر برفقة أي شخص كان، سواء الخادمة، أو السائق، أو موظف بالمدرسة، أو أي شخص فنمنح للطفل العلاج المناسب، مثل وضع الكمامات أو إعطائهم أدوية الربو في بعض الحالات. ولكن رغم ذلك، نتواصل مع الوالدين لإخبارهم بحالة الطفل.
في الحالات المستقرة، هل يعني أنكم ستعيدون الأطفال من باب الطوارئ، إن لم يكن مرفقاً بأحد والديه؟
- طبعا لا، في حالة الأطفال الذين يدخلون الطوارئ وحالتهم مستقرة، يتم تقييم حالة الطفل، ويسجل، ثم تتولى الممرضات فحص علاماته الحيوية، ويوضع في غرفة الانتظار، ثم يبلغ أحد والديه بضرورة الحضور، ولا يعاين الطفل من قبل الطبيب، قبل حضور أحد والديه.
ما هي الأعذار التي تتقبلونها، وتسمحون بفحص الطفل ولو من دون حضور أحد والديه؟
- مثل حالة سفر الأب مثلاً، أو الأم مريضة، بينما لا نقبل مبرر الدوام، لأن الوالد يمكنه أن يستأذن في هذه الحالة لمرافقة ابنه للعلاج.
لكن أي شخص يمكنه أن يدعي سفره مثلاً، لتبرير الغياب؟
- هنا المسألة تعود بدرجة أولى لضمير كل ولي أمر، لأن الأمر في نهاية المطاف في مصلحة فلذة كبده، ونحن لم نتخذ القرار إلا حرصاً على مصلحة الطفل.
هل تم إعادة بعض الأطفال الذين حضروا وحالتهم مستقرة بسبب إصرار ولي الأمر على عدم الحضور؟
- لم نقوم بإعادة أي طفل، ولن نرفض أي طفل يدخل الطوارئ، لكن في الحالات المستقرة لن يفحص الطفل، ما لم يحضر أحد والديه.
كم حالة تصلكم سنوياً لأطفال مصحوبين بالخدم أو السائقين؟
- بمعدل حالة إلى ثلاث حالات يومياً، و60- 90 حالة شهرياً. والأعذار دوما أن الأب والأم مشغولين.
كم عدد المراجعين في مختلف مراكز الطوارئ الأربعة بنهاية 2014؟
- أحصينا 553.961 مراجعاً عبر 5 مراكز لطوارئ الأطفال «السد، المطار، الريان، الشمال، الضعاين» بنهاية العام الماضي، منها 326.031 في طوارئ السد، و156.032 بطوارئ الريان، و61831 بطوارئ المطار، و3930 بطوارئ الشمال، و10067 بطوارئ الضعاين.
ماذا عن مشروع تطوير وتوسعة طوارئ السد، متى تنتهي، وما الإضافات التي ستقدمها؟
- مركز طوارئ السد في تطور مستمر، ولدينا مشروع للتوسعة قيد الإنشاء، سيضيف من 25- %30 من الطاقة الاستيعابية، لدينا حاليا 42 سريراً في قسم الملاحظة، ستضاف إليها 13 سريراً، لصبح المجموع 55 سريراً. ولدينا 13 غرفة فحص، ستضاف إليها 4 غرف جديدة، لصبح المجموع 17 سريراً. وغرف أخذ العلامات لدينا حالياً سريران (02)، سيضاف إليهما اثنان آخران، ليصبح المجموع 4 أسرة.
متى تنتهي أشغال التوسعة بطوارئ السد؟
- نترقب استلام المباني الجديدة بعد التوسعة شهر يوليو المقبل، على أن تصبح جاهزة للاستعمال مع نهاية 2015 بحول الله. والمقر الحالي سيربط بالمباني الجديدة.
كم سريراً ينبغي توفيره لأقسام الطوارئ للقضاء على الطوابير؟
- المشكلة ليست في توفير الأسرة بالطوارئ، بل في نقصها بالمستشفيات. ولو وجد منفذ بالمستشفيات وارتفعت طاقتها الاستيعابية، فسيتم إدخال الحالات التي تتطلب إقامة طويلة، ولن نعاني في الطوارئ من إشكال نقص الأسرة خاصة في فضل الشتاء الذي يعد موسم الذروة من حيث أعداد الأطفال المراجعين للطوارئ.
وهل أشغال التوسعة ستقضي نهائياً على الازدحام والانتظار؟
- لا طبعاً، التوسعة ستساعد، لكنها لن تقضي على الانتظار بطوارئ السد للأطفال، ونحن محتاجون لقسم الطوارئ بمساحة أكبر من المركز الحالي، ويكون جزءاً من مستشفى، وهذا بحول الله ضمن الخطة الجديدة الرامية، بحيث يكون مستشفى كاملاً للأطفال، يخصص الدور الأرضي منه للطوارئ، والأدوار العليا لباقي تخصصات الأطفال. وإلى ذلك، سنستمر في طوارئ السد حالياً. والفكرة من المشروع أن تكون الطوارئ جزءاً من المستشفى، لأن وجودنا حالياً بعيداً عن مستشفى حمد يصعب عملنا. وغرفة الملاحظة مثلا، يفترض أن الطفل يجلس بها أربع ساعات كحد أقصى، ويغادر إلى المنزل، أو يحول إلى المستشفى، لكن في طوارئ السد بعض الحالات تظل عندنا 48 ساعة إلى 4 أيام أحياناً، فصرنا نقدم خدمة الطوارئ، وخدمة المرضى الداخليين في آن واحد.
وما مصير طوارئ السد، بعد بناء المستشفى الجديد؟
- بناء مستشفى جديد للأطفال، يعني أن طوارئ السد يلغى.
هل تعتقدون أن مستشفى السدرة سيخفف الضغط؟
أمام الكثافة السكانية المتزايدة باستمرار، فإن مستشفى السدرة سيساعد، وسيكون بمثابة مركز أبحاث، لكنه ليس لدرجة تخفيف الازدحام عن طوارئ الأطفال بمؤسسة حمد الطبية التي ستبقى المقر الرئيس لطب الأطفال.
ماذا عن توظيف الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية لاستيعاب التوسعة الجديدة؟
- لتغطية التوسعة الجديدة قمنا بتوظيف 18 اختصاصياً، و6 استشاريين، وتوسعة في طاقة التمريض أيضاً. وأنهينا التوظيف، وهم الآن ينهون الإجراءات بإدارة الموارد البشرية لمؤسسة حمد الطبية.
هل تنوون توسعة بقية مراكز الطوارئ في المطار والريان والضعاين والشمال؟
- لا، ليس في الوقت الراهن.
ما هي التحديات والمشاكل الأخرى التي تعانون منها في الطوارئ؟
- أبرز الإشكالات هي عدم تعاون الأولياء، وعدم تقبلهم الانتظار، والكل يصر أن يكون أول من يفحص، والمعروف أن الأولوية في الطوارئ للحالة، وليس للجنسية.
كم معل الانتظار حالياً؟
- معدل الانتظار للحالات المستعجلة 0 دقيقة، لأنه يدخل فوراً لتلقي العلاجات المناسبة. أما الحالات المستقرة، فمعدل الانتظار للحالات من الدرجة الثانية، فمعدل الانتظار 15 دقيقة تقريباً. والدرجة الثالثة 21 دقيقة تقريباً. ويحدث أن يصل الانتظار أحيانا ساعتين في حالات نادرة بسبب الازدحام، في حالات الأولوية من الدرجة الثانية، خصوصاً في فصل الشتاء. ويصل الزحام ذروته ما بين الساعة الرابعة عصراً إلى منتصف الليل.
ماذا عن الأخطاء الطبية في طوارئ الأطفال؟
- أحيانا والد الطفل، وحرصا منه على ابنه، مثل حرصنا تماماً، قد يعتبر بعض الأشياء أخطاء من وجهة نظره، ونحن ندرس الحالات من قبل استشاريين في حال قدم شكوى، من كافة النواحي، وفي حال ثبوت أي تقصير يحاسب المسؤول عليه، لكن الحمد لله، فنحن نطبق معايير عالمية عالية جداً، ولا يعني ذلك أننا معصومون، ولكن هناك فرق بين الخطأ الطبي والإهمال. وإلى الآن لم يثبت أي تحقيق طبي حدوث خطأ طبي فعليا على أطباء الطوارئ.
وماذا عن شكاوى الأطباء ضد المراجعين بسبب تعرضهم لعنف لفظي أو جسدي مثلاً؟
- نعم، مع الأسف، هناك أولياء أمور يتعدون لفظيا بألفاظ جارحة، سواء على الطاقم الطبي أو التمريضي، وفي حالات بسيطة وصلت لغاية الاعتداء باليد. وبالنسبة إلينا، فهناك إجراء قانوني يتخذ لأن مؤسسة حمد الطبية حريصة جداً على حماية كافة طواقمها، مثلما هي حريصة على تقديم خدمات عالية، وبجودة عالية للمرضى. وهناكم لوائح تكفل حقوق المرضى، وفي حال تسجيل تجاوزات من قبل أولياء الأمور، يتقدم الضحية أو الطبيب المعتدى عليه بشكوى إلى مصالح الأمن والشرطة بمؤسسة حمد الطبية، بالحالة والواقعة، ورقم المعتدي، وترفع القضية إلى النيابة ويتخذ إجراء قانوني في حق المعتدي.
وهل هناك حالات اعتداء على الأطباء اتخذت مجراها القانوني؟
- نعم، هناك حالات وصلت إلى النيابة، ولكن أعدادها قليلة جدا، ممكن حالة أو حالتين بطوارئ الأطفال بالسد.
هل استقبلتم حالات لأطفال تعرضوا لأي نوع من الإساءة والعنف؟
- نعم أحصينا 26 حالة خلال 2014، أثبتت الفحوصات تعرضهم للإساءة والعنف من مصادر مختلفة، وفي هذه الحالات، نستقبل الضحية المعتدى عليه جسديا بالضرب أو التعذيب، ويتم الاطمئنان على سلامته وتقديم العلاجات المناسبة له، وبطبيعة الحال، يتم إخبار الجهات الأمنية فوراً ثبوت حالة الاعتداء على الطفل، حتى من دون علم الولي، ولو كانت مجرد حالة اشتباه بالاعتداء، ومخاطبة إدارة الخدمة الاجتماعية بمؤسسة حمد الطبية، والمؤسسة القطرية للحماية والتأهيل «حماية المرأة والطفل سابقا» لمتابعة الحالة وظروف الاعتداء عليها. وهناك حالات يتم إدخالها للمستشفى لمتابعة العلاج أو لحماية الطفل، وفي حال كان مصدر الخطر على الطفل من المنزل، سواء الوالد أو الأم، تتخذ إجراءات لحمايته، ولا تتم إعادته إلى المنزل، أما إن كان الاعتداء من المدرسة، فيقدم الطفل لوالديه.
هل سجلتم حالات لأطفال من مجهولي النسب، أحضروا للطوارئ لتلقي العلاج والمتابعة؟
نعم سجلنا حالات للأسف، وأحيانا نجدهم للأسف جنب المسجد أو حاويات القمامة، والحمد لله أنهم كلهم على قيد الحياة. وتقدم لهم رعاية خاصة، وإدخالهم إلى قسم الأطفال بمؤسسة حمد الطبية، ثم اتباع ترتيبات معينة، ينقل بموجبها إلى مؤسسة لرعاية الأطفال الأيتام.
ما سر عزوف القطريين عن التوظيف بطوارئ الأطفال، تحديداً؟
- والله السؤال يوجه للتعليم الطبي في مؤسسة حمد الطبية، وإدارة الموارد البشرية ومكتب المدير الطبي، حول الحوافر التي يمكن تقديمها للقطريين لتشجيعهم على مزاولة مهنة الطب والتمريض، وتحديدا في طوارئ الأطفال. والواقع الحالي، أنه لدينا ثلاثة أطباء قطريين فقط للأسف! مقابل ممرضة واحدة، هي رئيسة التمريض، و6 موظفين في الإدارة فقط. والسبب معروف، ذلك أن العمل بنظام المناوبة والورديات في طوارئ الأطفال مرهق، ومعظم القطريين يرفضونه، رغم أننا نشجع الأطباء القطريين ممن يحملون الزمالة العربية أو البورد الأميركي للالتحاق بطوارئ الأطفال. وسبق أن حاولنا مع أطباء قطريين أثناء فترة الإقامة والتدريب لجذبهم إلى طوارئ الأطفال. لكن العزوف أيضا بسبب غياب إجازة ثابتة، وعطلة نهاية أسبوع ثابتة، ولا وجود لإجازة ثابتة في الأعياد. فالأكيد أن القطريين يحتجون تحفيزات أكبر للإقبال على العمل الطوارئ، سواء في الطب أو التمريض أو المختبرات أو الإدارة. ورغم أن الرواتب التي تمنح للقطريين اليوم جيدة ومناسبة، مقارنة بسنوات التسعينيات مثلا، إلا أن الناس تفضل العمل في الدوام الصباحي وتكون لها إجازات محددة. وتبقى طوارئ الأطفال تحديدا مهنة مشوقة رغم متاعبها.
اقرأ ايضا
_
_