أمام غرفة العمليات في مستشفى القدس بمدينة غزة، يقف الأب شريف قنديل منتظراً سماع نبأ نجاح عملية زراعة قوقعة الأذن التي تجرى لطفلته الصغيرة ملك ابنة السبعة أعوام، والتي قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لها بإشراف الوفد الطبي القطري الذي وصل قطاع غزة مساء أمس.

يقول قنديل: "تعاني ملك منذ ولادتها من ضعف شديد في العصب السمعي، وانعكس هذا سلباً على قدرتها على السمع، وحاولنا مراراً تأهيلها لإعادة السمع ولم تتكلل جهودنا بالنجاح. لذلك وبعد تقييم حالتها بمستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية، تقررت الحاجة لإجراء عملية جراحية لها". وتمنى الوالد أن تصبح طفلته قادرة على السمع والنطق لتتفاعل مع محيطها وصديقاتها، ويحلم بأن تدخل ملك المدرسة كونها طفلة شغوفة وطموحة.

وعن أهمية هذه الزيارة، التي تعد الزيارة السادسة التي يقوم بها الوفد الطبي القطري لزراعة قوقعة الأذن إلى قطاع غزة، يوضح د. عبدالسلام القحطاني استشاري ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة ورئيس قسم زراعة القوقعة في مؤسسة حمد الطبية وعضو مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري، أن الوفد سيجري خلال زيارته الحالية ما بين 25 و30 عملية زراعة قوقعة أذن، ليصل بذلك عدد الأطفال الذين استفادوا من برنامج زراعة قوقعة الأذن منذ بدء العمل به في عام 2016 إلى حوالي 130 طفلاً وطفلة في غزة.

وأضاف: "نثمن دور كافة الشركاء في إنجاح مهمتنا الحالية، وخاصةً الطواقم الطبية والتمريضية في مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وكذلك قسم السمعيات في مستشفى سمو الشيخ الوالد، لجهودهم في ترتيب واختيار المرضى المناسبين لإجراء هذه العمليات الهامة لأطفال غزة".

ويؤكد د. القطحاني أن الرؤية المستقبلية للبرنامج تتجه نحو الاعتماد الكلي على الجراحين الفلسطينيين في قطاع غزة لإجراء عمليات زراعة قوقعة الأذن، بدءاً بمنحهم فرصة أكبر خلال الزيارة الحالية لإجراء العمليات تحت الإشراف المباشر من الوفد الطبي القطري لزراعة قوقعة الأذن.

ومن جانبه، يشير د. أكرم نصار مدير مكتب الهلال الأحمر القطري في قطاع غزة إلى أن هذه الزيارة للوفد الطبي القطري تندرج ضمن برنامج متكامل يدعمه الهلال الأحمر القطري ويتناول كافة حلقات التدخل في الإعاقة السمعية بقطاع غزة، حيث يشمل إجراء فحوصات الكشف المبكر عن الإعاقات السمعية لدى الأطفال حديثي الولادة في مراكز الرعاية الصحية الأولية، ثم توفير المعينات السمعية وخدمات التأهيل الأخرى لحالات الإعاقة السمعية المكتشفة، علاوة على التدخل الجراحي للزراعة. 

جدير بالذكر أن برنامج زراعة قوقعة الأذن في غزة، الذي يبلغ إجمالي تكلفته 26 مليون ريال قطري، يلامس احتياجات عشرات الأطفال المصابين وذويهم والمجتمع بأكمله، من خلال تعزيز التدخل المبكر والممنهج في التعامل مع الإعاقة السمعية بغزة، والوصول لأكبر عدد ممكن من الحالات في مراحل مبكرة من العمر، وتقليص النتائج المجتمعية والاقتصادية السلبية الناتجة عن تأخر اكتشاف الإعاقة السمعية، والمساهمة في تعزيز الوعي المجتمعي بقضايا الإعاقة السمعية، وتوفير فرص التعليم لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأمين مستقبل أفضل لهم ودمجهم اجتماعياً وأكاديمياً، وبناء مجتمع آمن يوفر لهم كل فرص الحياة الطبيعية.