أطفال بغزة بُترت أطرافهم يواجهون مخاطر لنقص الرعاية

alarab
حول العالم 05 يناير 2024 , 02:15ص
غزة - وكالات

تمزقت الساق اليسرى بالكامل تقريبا لنور البالغة من العمر 11 عاما حين تعرض منزلها في جباليا بغزة لانفجار في أكتوبر. والآن قد تضطر أيضا لبتر ساقها اليمنى المدعومة بقضيب معدني ثقيل وأربعة براغٍ مثبة في العظم.
وقالت من سريرها في المستشفى وهي تحدق في جهاز التثبيت الثقيل «بتوجعني كتير وبدي أطلع على الإمارات أعالج رجلي قبل ما يبتروها التانية، أنا أخاف ليبتروها».
وأضافت «أنا كنت ألعب وأجري، وكنت مبسوطة بحياتي لكن الآن فقدت رجلي وصارت حياتي بشعة وحزينة... باتمنى أني أركب طرف» اصطناعي.
وقالت السلطات الإسرائيلية في وقت سابق إنها تعمل على تقليص الأضرار التي تلحق بالمدنيين. وأشارت وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى ما أسمته إستراتيجية حماس المتمثلة في «استغلال المباني المدنية لأغراض إرهابية» لكنها لم تقدم أي تعليق محدد عن الأطفال مبتوري الأطراف.
ويقول الأطباء وعمال الإغاثة إن النظام الطبي المنهار في غزة غير مؤهل لتوفير رعاية المتابعة الدقيقة التي يحتاج إليها الأطفال لإنقاذ عظامهم التي بترت أجزاء منها وما زالت في طور النمو. وقالت منظمة الصحة العالمية إنه لا يعمل من المسعفين إلا 30 بالمائة من عددهم قبل النزاع بسبب القتل والاعتقال والتهجير.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن أكثر من 1000 طفل أجريت لهم جراحات بتر السيقان، وخضع بعضهم لأكثر من جراحة أو لبتر كلتا الساقين، بحلول نهاية نوفمبر، في صراع تقول السلطات الصحية في غزة إن نحو ربع الإصابات فيه طالت الأطفال.
ويقول الأطباء إن الافتقار إلى النظافة ونقص العقاقير يؤدي إلى مضاعفات وبتر في إصابات موجودة ربما لا يمكن النجاة منها.
وقال الطبيب البريطاني كريس هوك المتخصص في طب الطوارئ الذي يعمل لدى منظمة أطباء بلا حدود وعاد من غزة في أواخر ديسمبر «عدد من الأطراف كان تم إنقاذها فيما يبدو، ستتطلب البتر. وعدد من (الأشخاص) الذين بترت أطرافهم والأطراف التي نعتقد أنه تم إنقاذها قد يموتون بسبب العواقب طويلة الأمد».
لا يستطيع طاقم المستشفى الأوروبي في غزة الذي تتلقى فيه نور العلاج والذي يعمل بثلاثة أضعاف طاقته توفير الطرف الجديد الذي تحلم به.
ويقول العاملون إنه حتى مسكنات الألم التي تساعد مبتوري الأطراف الذين يعانون من آلام مزمنة بدأت تتناقص. وكان الذباب يطن في أنحاء الجناح حين زاره صحفي من رويترز.
وقالت الممرضة وفاء حمدان «والله باحاول قدر المستطاع إني أخفف عنهم وأمارس دوري كممرضة، لكنهم طبعا بيعانون معاناة نفسية شديدة يشعرون بالنقص وبالآلام الحادة. وطبعا مش متوافر كمان الأدوية اللي هي مسكنة مش متوفرة بكثرة، نعاني من نقص فيها وهم يحتاجون إلى توافر هذه الأدوية بشكل دائم».
وتقول السلطات الصحية في غزة إن المركز الرئيسي للأطراف الاصطناعية في القطاع، وهو مستشفى حمد الذي تموله قطر في مدينة غزة، أُغلق منذ أسابيع بعد أن قصفته إسرائيل.
ولم ترد وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب للتعليق بشأن مستشفى حمد.
ويقول خبراء إن الأطفال الذين تعرضوا لعمليات بتر بسبب الحرب سيحتاجون إلى ما يصل إلى اثنتي عشرة عملية جراحية لأطرافهم حتى مرحلة البلوغ لأن العظام تستمر في النمو.
وقال مسعفون إنه حتى قبل الصراع كان هناك نقص في جراحي الأوعية الدموية والتجميل. وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن أكثر من 300 من العاملين في مجال الرعاية الصحية استشهدوا منذئذ.
لكن نور التي قد تظل ساقها اليمنى سليمة، هي أوفر حظا من بعض الأطفال الذين بترت أطرافهم بسرعة بسبب ضيق الوقت أو الافتقار للخبرة الطبية، وأحيانا دون تخدير.
وقال شون كيسي، منسق فرق الطوارئ الطبية بمنظمة الصحة العالمية «للأسف، كثير منها غير ضروري حقا».
وفي أحيان أخرى، يكون البتر هو الخيار الوحيد لأن الأطفال المصابين يصلون إلى المستشفى بعد أيام من الإصابة.
وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم يونيسف، إنه رأى طفلا بدأت ساقه اليسرى المصابة تتقيح لأن السبل تقطعت به في حافلة لأكثر من ثلاثة أيام بسبب التأخير عند نقطة تفتيش عسكرية.
وقال الجراح البريطاني الفلسطيني غسان أبو ستة إنه أجرى ست جراحات بتر في غزة في ليلة واحدة. وذات مرة، اضطر إلى إعادة فتح فخذ طفل بعد البتر لتطهيره من الصديد.
وتحدث البريطاني كريس هوك، من منظمة أطباء بلا حدود، عن كثيرين كانت جروحهم أصيبت بعدوى عندما عادوا إلى العيادات لتغيير الضمادات في رفح.
وقالت ميريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنها لا تستطيع أن تنسى صور الأطفال، ومعظمهم من الأيتام، وقد بترت أطرافهم في عنابر المستشفيات بعد زيارتها لغزة في ديسمبر.
وقالت «علاوة على الجروح التي ترونها ونقص مسكنات الألم، فإنهم يرقدون هناك ولا يأتي أحد لرؤيتهم».