«الإرث» وفرت خصوصية فريدة لصالحهم .. قطر: مونديال 2022.. الأكثر ملاءمة لذوي الإعاقة في تاريخ البطولة

alarab
محليات 04 ديسمبر 2022 , 12:25ص
الدوحة - قنا

«منتدى التمكين» لعب دوراً مهماً في تخطيط مرافق رياضية وبنية تحتية مناسبة

استحداث غرف مخصصة لإراحة الأشخاص المصابين بالتوحد في 3 ملاعب 

تطبيق مجاني لمن يعانون مشكلات بصرية لمتابعة الوصف الصوتي للمباريات

المجتمع المدني القطري يؤدي دوراً حيوياً وفعالا في مجال تقديم الخدمات المختلفة
 

تمثل المساهمات في تيسير إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن المجتمع ومع التقنيات المتطورة، إحدى مرتكزات التنمية الشاملة في الدول الحديثة والأنظمة التي تضع في سلم أولوياتها، دعم الابتكار والدفع قدما نحو عالم يحرص على إنصاف جميع فئاته وأفراده.
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992 القرار 47/‏3، للاحتفال العالمي باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، ليكون بتاريخ 3 ديسمبر من كل عام في جميع أنحاء العالم، حيث يحشد اليوم الدولي الدعم لكيفية مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في مفاصل الحياة وسبل مشاركتهم في المنظومة الاجتماعية والعمل في المؤسسات الحكومية، وتعزيز الوعي بشأن قضايا الإعاقة والتغلب على الصعوبات المرتبطة بها.
وقد كانت دولة قطر في طليعة الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فوقعت على بنودها عام 2008. ويأتي تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مقدمة أولوياتها، حيث لا تدخر الدولة جهدا من أجل دمج القضايا الخاصة بهؤلاء الأشخاص واحتياجاتهم في كافة سياساتها وبرامجها، وتعمل بشكل دائم على رصدها ومتابعة تنفيذها، كما يمثل دعم هذه الفئة ركنا أصيلا في رؤية قطر الوطنية 2030، وذلك إيمانا منها بأهمية حماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص.
وتؤمن دولة قطر بأهمية استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصال في مجال إطلاق القدرات الكامنة للأشخاص ذوي الإعاقة ومساعدتهم من أجل تحقيق الاستقلالية والاعتماد على الذات، ولذلك تم إنشاء مركز قطر للتكنولوجيا المساعدة «مدى» كمنظمة غير ربحية تلتزم بربط ذوي الإعاقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسيلة لتعزيز إمكانياتهم وإثراء قدراتهم، ويتعامل «مدى» مع كافة أشكال الإعاقة الأربعة: السمعية والبصرية والذهنية والجسدية.
ويلعب المجتمع المدني في قطر دورا حيويا وفعالا في مجال تقديم الخدمات المختلفة للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يقوم مركز «الشفلح» للأشخاص ذوي الإعاقة بتقديم خدمات الرعاية الشاملة والخدمات التربوية والصحية والاجتماعية والتأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة وأفراد عائلاتهم، إلى جانب خدمات الدعم والمشورة. وينشط المركز في مجال التوعية بالإعاقات وينظم الفعاليات التي من شأنها زيادة الوعي بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما تسعى الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة لتحقيق التأهيل الاجتماعي والنفسي والأكاديمي والصحي لذوي الإعاقة داخل المجتمع، بما يتفق والدين الإسلامي والعادات والتقاليد وخصوصية المجتمع القطري مع الأخذ في الاعتبار مراعاة تحديث الخدمات والبرامج بما يتفق والنهضة العمرانية والإنسانية الحاصلة في المجتمع.
ويقدم أيضا «معهد النور» للمكفوفين الخدمات التعليمية، ليس فقط لمن يعيشون في قطر، ولكن لأي شخص يحتاج إلى خدمات المعهد طوال العام.

خصوصية فريدة 
كما وضعت اللجنة العليا للمشاريع والإرث لذوي الإعاقة خصوصية فريدة وغير مسبوقة ضمن بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، فهي النسخة الأكثر ملاءمة للمشجعين من ذوي الإعاقة في تاريخ المونديال بحسب الأرقام، وكانت اللجنة العليا قد أسست «منتدى التمكين» في العام 2016، وهو منصة تجمع ذوي الإعاقة والمؤسسات الممثلة لهم في أنحاء قطر، ولعب دورا مهما في التخطيط لضمان تصميم وإنشاء مرافق رياضية وبنية تحتية تناسب كافة احتياجات ذوي الإعاقة في جميع أنحاء الدولة.
بل إن الجديد في هذه النسخة من كأس العالم في كرة القدم، هو استحداث غرف مخصصة لإراحة الأشخاص المصابين بالتوحد، أو الذين يعانون اضطرابات في المعالجة الحسية، في ملاعب «البيت» و«لوسيل» و«المدينة التعليمية»، في حين ستكون 6 غرف أخرى مماثلة موجودة على مقربة من مناطق المشجعين الرئيسية، ومن ملعب المدينة التعليمية.
فضلا عن ذلك، أنشأت اللجنة المنظمة بالتعاون مع مؤسسة قطر للتعليم والبحوث وتنمية المجتمع، تطبيقا مجانيا سيسمح للأشخاص الذين يعانون مشكلات بصرية بمتابعة وقائع كل المباريات، بالإضافة إلى حفلتي الافتتاح والختام، من خلال وصف صوتي باللغتين العربية والإنجليزية.
ويشمل مصطلح «الأشخاص ذوي الإعاقة» كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم عند التعامل مع مختلف الحواجز، من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين، ومنها الإعاقة البصرية والسمعية والعقلية والجسمية والحركية، وصعوبات التعلم، واضطرابات النطق والكلام، والاضطرابات السلوكية والانفعالية، والتوحد، والإعاقات المزدوجة والمتعددة، وغيرها من الإعاقات التي تتطلب رعاية خاصة.

إعادة البناء بعد الجائحة 
ويحمل احتفال هذا العام عنوان «إعادة البناء على نحو أفضل ما بعد جائحة كوفيد- 19»، والتركيز على نقطة جوهرية مفادها «ليست كل الإعاقات مرئية»، حيث تأتي الإعاقات بأشكال مختلفة، فلا يعني كون الإعاقة غير مرئية، أنها ليست مهمة أو مؤثرة، إذ يعيش كثير من الناس مع إعاقات مثل اضطرابات الصحة العقلية والألم المزمن والتعب، ولا يظهر أي منها للوهلة الأولى، ومع ذلك، فإن حياة هؤلاء الأشخاص وتجاربهم تتأثر بشكل كبير بإعاقاتهم، ومن أجل ذلك خصص هذا العام وقتا للتركيز بشكل خاص على الإعاقات غير المرئية.

حلول التنمية الشاملة
ويتمحور الاحتفال العالمي للعام 2022 باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة حول الموضوع الشامل المتمثل في الابتكار والحلول التحويلية للتنمية الشاملة، الذي يناقش في ثلاثة حوارات تفاعلية مختلفة، أولها الابتكار من أجل التنمية الشاملة للإعاقة في التوظيف، من خلال دراسة الروابط بين التوظيف والمعرفة والمهارات المطلوبة للوصول إلى العمل في مشهد تكنولوجي مبتكر وسريع التغير للجميع، وثانيها الابتكار من أجل التنمية الشاملة للإعاقة في الحد من غياب المساواة بتحقيق الأدوات العملية والممارسات الجيدة لتقليل أوجه التفاوت في كل من القطاعين العام والخاص وتعزيز التنوع في مكان العمل، وآخرها الابتكار من أجل التنمية الشاملة للإعاقة، عبر التركيز على الرياضة بوصفها حالة نموذجية، وقطاعا مناسبا تتحد فيه جميع هذه الجوانب.

تعاون دولي 
وتستغل الهيئات الدولية المناسبة لدعوة منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص من أجل تقديم الدعم لليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال التعاون بشكل حثيث مع المنظمات المعنية بأوضاعهم، بغية تنظيم فعاليات وأنشطة ميدانية وورش تدريبية لهم أو للعاملين في حقول ذوي الاحتياجات الخاصة، للتحقق من إدراج متطلباتهم ضمن الخطط العامة للتطوير والتنمية والابتكار، مع الأخذ بالاعتبار تراجع المخاطر المرتبطة بفيروس «كوفيد- 19» منذ مطلع العام 2022 مثل وقف الاختلاط وتقليل الازدحام وثقافة التباعد التي أثرت بشكل كبير على فرص هذه الفئات الخاصة في نيل استحقاقاتها.
وتمثل الأزمات المعقدة والمترابطة التي تواجه البشرية اليوم سواء الحروب أو المتغيرات المناخية أو المشاكل الاقتصادية أو ثقافة التنمر والعنصرية، أو الكساد والبطالة، جوانب مؤثرة تعيق عملية دمج الفئات التي تحتاج رعاية خاصة مثل ذوي الإعاقة والمسنين والأطفال، إذ يعاني المعرضون للمخاطر من الاستبعاد والتجاهل.
وتشمل سبل التخفيف والتيسير على ذوي الإعاقة المختلفة طرقا كثيرة تناسب نوع الحالة، ومنها «الاتصال» الذي يشمل اللغات وعرض النصوص، وطريقة برايل، والاتصال عن طريق اللمس، وحروف الطباعة الكبيرة، والوسائط المتعددة الميسورة الاستعمال، فضلا عن أساليب ووسائل وأشكال الاتصال المعززة والبديلة، الخطية والسمعية، وباللغة المبسطة والقراءة بواسطة البشر، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصال الميسورة الاستعمال. ومنها «اللغة» وتتضمن لغة الكلام ولغة الإشارة وغيرها من أشكال اللغات غير الكلامية.
ومنها «الترتيبات المعقولة» وتعني التعديلات والترتيبات اللازمة والمناسبة التي لا تفرض عبئا غير متناسب أو غير ضروري، لكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وممارستها.
ومنها «التصميم العام» كتصميم المنتجات والبيئات والبرامج والخدمات لكي يستعملها جميع الناس، بأكبر قدر ممكن، دون حاجة إلى تكييف أو تصميم متخصص.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني نحو 15 بالمائة من سكان العالم من أحد أشكال الإعاقة، بما يقرب من مليار شخص، وتوجد نسبة 80 في المائة منهم في البلدان النامية، وتنبه الدراسات إلى أن من بينهم أكثر من 100 مليون طفل، محذرة من أن الأطفال ذوي الإعاقات أكثر عرضة للعنف 4 مرات من غير المعاقين، وتؤكد الدراسات أن 50 بالمائة منهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الصحية.
وقد وقعت 185 دولة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تشمل حقوق التعليم والرعاية الصحية والتوظيف والوصول إلى المجتمع وحرية الحركة والتنقل وتخصيص ما يناسبهم في وسائل النقل والطرق والمرافق العامة وأماكن وقوف السيارات، ومنحدر سلالم الكراسي المتحركة، وغيرها من الحقوق الأساسية.

تداعيات الحروب 
وخلصت آخر إحصائية أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2012، إلى وجود أكثر من 34 مليونا من ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة، لكن بعد 10 سنين من تلك الدراسة يتوقع المختصون زيادة هذه الأرقام بنسبة كبيرة جدا لحوالي 40 مليونا، خاصة في العراق وسوريا وفلسطين واليمن وليبيا بسبب الحروب.
وباستثناء بعض دول الخليج، يعاني المعاقون من نقص الخدمات المتاحة لهم والعقبات الكثيرة التي يواجهونها في حياتهم اليومية، سواء كانت ناتجة عن قوانين وسياسات أم تصرفات اجتماعية وعنصرية، وتظهر المقارنة بين واقع هذه الشريحة المهمة في دول متقدمة، وفي المنطقة العربية، فجوة كبيرة ومتزايدة.
وترصد التقارير العربية والدولية حجم معاناة ذوي الإعاقة داخل المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال فإن متوسط الدخل الشهري للأشخاص الذين يعانون من أي من صور الإعاقة أقل بكثير من متوسط الدخل العام فيما يتعذر على قرابة 60 بالمائة منهم تحمل تكاليف حياتهم الشهرية.