تتواصل فعاليات مهرجان كتارا للمحامل التقليدية، حيث يقدم المهرجان نموذجاً جيداً في التنظيم وتنوع الفعاليات التراثية البحرية، لتترك نسخة هذا العام، مثل النسخ السابقة، بصمة لدى المهتمين ومحبي إحياء الموروث القديم، ويصبح المهرجان جسراً رابطاً بين الماضي والحاضر.
«العرب» تجوّلت في أرجاء المهرجان، خلال يومه الثالث، لرصد الأجواء الجمالية هناك، واستمتاع المشاركين والزائرين بهذا الاحتفال. والتقينا بحرفيين ما زالوا يحرصون على نقل التراث للأجيال الشابة والأطفال.
صناعة شباك الصيد
خالد يوسف عبّر عن سعادته بمشاركته للمرة الأولى في مهرجان كتارا للمحامل، وقال إنه مهتم بالتراث، وخصوصاً البحري؛ لذا حرص على التواجد في المهرجان.
ويضيف أنه مختص بصناعة الغزل المخصص لصيد السمك، وخصوصاً الكنعد، وما زال يحافظ على الطريقة التقليدية القديمة في إصلاح الشباك المخصصة للصيد، منوهاً بأنه عاد للماضي بكل تفاصيله، من خلال مشاركته في مهرجان المحامل.
وأشار إلى أن الحياة في الماضي لم تكن سهلة، حيث كان الشخص يستغرق نصف يوم لصناعة الغزل، وكان كل شيء فيه مشقة وجهد. ويختتم حديثه بأنه يأمل المشاركة بلا شك في النسخ القادمة من المهرجان الذي يحمل رسالة إحياء التراث والمورث الشعبي، خصوصاً البحري.
أجواء الصيد القديمة
عبد الغفور محمد حرمي، المختص في إصلاح أنواع الشباك التقليدية، يوضح الاختلاف بين الشباك المستخدمة في صيد الأسماك، ومنها ما يسمّى البجيج، وهناك نوع آخر يسمّى النصاب الذي يوضع في الماء ويترك مع ضوء ليتعرف الغواص على مكانه، ويرى ما تم صيده.
ويشير إلى أن هذه الطريقة ما زالت تستخدم على نطاق كبير في الصيد، وهي بحاجة للطعوم، وإرفاق أدوات كثيرة حتى تنجح عملية الصيد، ويؤكد معرفته واهتمامه بالسفن التقليدية التي تستخدم في الغوص، مثل الورجيه المصنوعة من السعف التقليدي، والتي أضيفت إليها الأشرعة، واستمر تطورها إلى أن أصبحت تصنع بالماكينات الخاصة بها.
وعن مشاركته في المهرجان، يقول إنه يحب الأصالة والعراقة، والمهرجان فرصة لاسترجاع الذكريات، وفي الوقت نفسه ربط الماضي بالحاضر، ويمكّن الأجيال التي أصبحت التكنولوجيا محور حياتها من معرفة تراثها والافتخار به، بالإضافة إلى الرحلة الطويلة التي مرّ بها الآباء والأجداد للوصول إلى التطور الذي نعيشه اليوم.
وفي النهاية أثنى حرمي على التنظيم الرائع للمهرجان، وإقبال الناس عليه.
الزوار مصدر سعادة
عبد الله محمد الحداد، حرفي مختص بصناعة المقتنيات التراثية القديمة، يقول إنه شعر بعودة الحياة إليه مجدداً، من خلال مشاركته بالمهرجان، ونوّه بحرصه على تعليم الأطفال تلك الصناعة حتى يبقيها حية، ويربطهم بالفترة الماضية، خصوصاً فترة الغوص على اللؤلؤ التي كانت مصدر رزق الناس في ذلك الوقت.
ويقوم عبد الله بصناعة كثير من الأدوات الخاصة بالغوص، مثل السلة التي كان يحملها الغواص لجمع المحار، والفطام الذي كان يستخدم لفتح المحار. ويضيف: يمر الغوص بمراحل كثيرة، وبعد جمع الأصداف واللؤلؤ يتم بيعه عن طريق الطواش الذي كان يعمل وسيطاً بين الغواصين والتجار، ولديه خبرة في تسويق اللؤلؤ. وكانت الهند من أكبر مستوردي اللؤلؤ، حيث يستخدم في صناعة التاجيان والعقود.
ويشير إلى أنه مشارك دائم في مهرجان المحامل بحكم عمله كحرفي، وهو حريص على نقل التراث للأجيال الشابة، وذلك لإطلاعهم على نمط المعيشة سابقاً، ويؤكد أن الناس قديماً لم تتنظر المساعدة من أحد، بل عملت بكل إصرار للحصول على مصدر رزقها.
ويؤكد عبدالله أنه سعيد جداً بزائري المهرجان الذين أحبوا ما يصنعونه، والمهتمين بأحياء موروثهم الشعبي.
شغف صناعة السفن
ومع استمرار الجولة في مهرجان المحامل، كانت لنا وقفة مع السيد عبد الله درويش مقبالي، من سلطنة عمان، وهو مختص بصناعة السفن التقليدية القديمة. يقول إنه يستمتع بهذا العمل الذي يعيده لما كان يفعله الآباء.
ويضيف: إلى الآن ما زالت السفن تستخدم، خصوصاً المصنوعة من سعف النخيل، في السباقات والمهرجانات في عُمان. وصناعة سفينة من سعف النخيل تستغرق عشرة أيام كاملة، إذا قام شخص واحد بصناعتها، وبالطبع تأخذ وقتاً أقل إذا كانت مجموعة تقوم بإنجازها.
أما عن خطوات صناعتها، فيوضح: بداية يجمع السعف الجيد من النخيل، ثم يترك في الماء أسبوعاً، وبعدها يجمع، ثم تبدأ عملية الفرز، وبعدها تجمع حتى تشكل السفينة كاملة.
ويلفت مقبالي إلى أنه يحضر المهرجان من النسخة الأولى إلى العاشرة؛ لأنه عاشق للتراث البحري، والذي يجب نقل تجربته للناس، مشدداً على أن مهرجان كتارا من أفضل المهرجانات على مستوى الخليج.