محمد أسد مؤلف «رسالة القرآن»

alarab
الصفحات المتخصصة 04 ديسمبر 2015 , 07:13ص
غادة غزال
ليوبولدْ وايسْ مفكر نمساوي يهودي الأصل، ولد عام 1900 ببلدة (لمبرغ) في أوكرانيا؛ ينحدر من أسرة يهودية عريقة في دراسة التوراة والتلمود. درس الأدب والفلسفة في جامعة فيينا، ثم اتجه إلى برلين للعمل في الصحافة. سافر لزيارة عمٍّ له في فلسطين عام 1922، فأقام مدة في القدس، وهناك بدأ يراسل صحيفة (فرانكفورتر زيتونغ).
اعتنق الإسلام في برلين عام 1926 حينما كان يقرأ ترجمة سورة (التكاثر)، وتسمّى باسم «محمد أسد».

يقول أسد في مقدمة كتابه «الإسلام على مفترق الطرق»: «جاءني الإسلام متسللاً كالنور إلى قلبي المظلم، ولكن ليبقى فيه إلى الأبد، والذي جذبني إلى الإسلام هو ذلك البناء العظيم المتكامل المتناسق الذي لا يمكن وصفه، فالإسلام بناء تام الصنعة، وكل أجزائه قد صيغت ليُتمَّ بعضها بعضاً... ولا يزال الإسلام بالرغم من جميع العقبات التي خلّفها تأخر المسلمين أعظمَ قوة ناهضة بالهمم عرفها البشر، لذلك تجمّعت رغباتي حول مسألة بعثه من جديد». ذهب أسد إلى الحج فور إسلامه، وأمضى في الجزيرة العربية ستَّ سنين، درس فيها اللغة العربية والثقافة الإسلامية. وتعرَّف هناك على الملك سعود بن عبدالعزيز، وابنه الأمير فيصل، وتزوج زوجته السعودية (منيرة) التي أنجبت له ابنه طلال الأسد، عالم الأنثروبولوجيا، والأستاذ بجامعة نيويورك.

من المشاهد المثيرة في حياة أسد رحلتُه الشاقة من الحجاز إلى ليبيا للقاء شيخ المجاهدين عمر المختار. كما زار أسد إيران وأفغانستان والهند، حيث التقى الفيلسوف محمد إقبال الذي أقنعه بالاستقرار هناك ليساعد في «وضع الأساس العقلي للدولة الإسلامية». وبعد وفاة محمد إقبال وتأسيس دولة باكستان حصل محمد أسد على جنسيتها، وعمل بإدارة (الإحياء الإسلامي)، فصاغ أفكار الدستور الإسلامي للدولة. ثم عمل أسد في وزارة الخارجية الباكستانية مسؤولاً عن علاقة باكستان بالعالم العربي، ثم سفيراً لها في الأمم المتحدة في نيويورك.

وفي العام 1952 استقال محمد أسد من عمله سفيراً لباكستان في الأمم المتحدة، ليتفرغ لتحرير كتابه (الطريق إلى مكة)، ثم رحل إلى إسبانيا عام 1955 ليعيش بقية حياته مكباً على ترجمة القرآن الكريم وتفسيره باللغة الإنجليزية، وهو ما تحقق في كتابه (رسالة القرآن).

توُفِّي محمد أسد عام 1992 مخلّفاً إرثاً فكريّاً نقرأ فيه: «الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة.. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا، ولا يؤجَّل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية... نجد الإسلام وحده يتيح للإنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى حدٍّ من غير أن يضيع اتجاهه الروحي دقيقة واحدة... إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيها كيما يُشرّف هذه الحياة التي أنعم الله عليه بها، وكيما يساعد إخوانه من بني آدم في جهودهم الروحية والاجتماعية والمادية».