السادة: يوم الأضحى رمز لامتثال الطاعة
محليات
04 أكتوبر 2014 , 04:10م
الدوحة – محمود مختار
قال الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة، إن يوم الأضحى هو رمز لامتثال الطاعة والانتصار على هوى النفس إذ يقوم الحجاج ببيت الله الحرام برمي الجمرة الكبرى رجما للشيطان وطاعة الرحمن اقتداء بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وأكد السادة،خلال خطبة العيد التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب،على ضرورة
أن يلتزم المسلمون بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام بالعطف على الفقراء وزيارة المريض وبر الوالدين وإدخال البهجة والسرور على الأهل والجيران.
استهل فضيلته الخطبة، قائلاً: "اللهُ أكبَرُ كُلَّمَا وفدَ الحجاجُ مِنْ كلِّ فجٍّ عميقٍ، ليؤدُّوا المناسكَ وليطوَّفُوا بالبَيْتِ العَتيقِ، اللهُ أكبرُ كُلَّما كبَّرَ المكبرونَ، ولَبَّى المُلبُّونَ ورجمَ الراجمونَ الشيطانَ، وأعلنُوا
طَاعتَهُمْ للرحمنِ، اللهُ أكبرُ كبيراً والحَمْدُ للهِ كثيراً، وسبحانَ اللهِ وبحمدِهِ بكرةً وأصيلاً، وأَشهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرسُولُهُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدِنَا محمدٍ وَعَلَى آلِهِ وأَصْحابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ".
وأضاف: قالَ تعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)،أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذَا يَوْمٌ أَبانَ اللهُ فَضْلَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَوَفَّقَ لَهُ مِنْ خلقِهِ صَفْوَتَهُ، يَومٌ يُحيِي فيهِ المُسْلِمُونَ سُنَّةَ أَبيهمْ إِبْراهيمَ عليهِ السلامُ بِمَا يَذْبَحُونَهُ فِي هَذَا اليَوْمِ العَظيمِ مِنَ الأضاحِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً".
وأضاف : "أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِنَّ هَذَا اليَوْمَ يَومُ عِبادَةٍ وَعَمَلٍ وَنُسُكٍ وَدُعاءٍ، فالحَاجُّ مشْغُولٌ بأَداءِ المَنَاسِكِ، وغيرُ الحاجِّ مشْغُولٌ بَعَمَلِ الأَضَاحِي وأَدَاءِ الَواجبِ نَحْوَ الأَهْلِ والجَارِ والقَرِيبِ، إِنَّ يَوْمَ الأَضْحَى هُوَ رَمْزٌ لامتثالِ الطَّاعةِ والانتصارِ عَلَى هَوى النَّفْسِ، إذْ يقومُ اليومَ حجاجُ بيتِ اللهِ الحرامِ برميِ الجمرةِ الكبرَى رجماً للشيطانِ وطاعةً للرحمنِ اقتداءً بسيدِنَا محمدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، متذكرينَ قولَهُ تعالَى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ). عبادَ اللهِ، هَذا يَومُ الصَّفَاءِ والصِّدْقِ، يومُ الحُبِّ والوَفاءِ، يومُ البَذْلِ والعَطَاءِ، يومُ الإنفاقِ والعَطْفِ عَلَى الفُقَراءِ، هَذَا يَوْمٌ تُمْسَحُ فيهِ دَمْعَةُ اليَتيمِ، هذا يَوْمُ بِرِّ الوَالدينِ، وتفقدِ المَسَاكينِ، وَزِيارةِ المَرْضَى، وإِدْخالِ البَهْجَةِ والسُّرُورِ عَلَى الأَهْلِ والجِيرانِ، فَهُوَ بَحِقٍّ أَعْظَمُ الأَيَّامِ، كما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَحْرِ".
إِنَّهُ يَوْمٌ تُوصَلُ فيهِ الأَرْحامُ إِرضاءً لربِّ الأَنَامِ، فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لَكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَخَيْرٌ لَكُمْ فِي آخِرَتِكُمْ". نعمْ أيهَا المسلمونَ هذَا يومٌ يَسْعَى فيهِ الصَّالحُونَ لإصلاحِ ذَاتِ البَيْنِ بينَ المُسْلِمينَ، فعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟"، قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ".
وتابع: "أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، هذَا يومُ إفشاءِ السلامِ، وقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيءٍ إِذا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ". وإِنَّهُ لَحَرِيٌّ فِي هَذَا اليَوْمِ الأَغَرِّ أَنْ تَتَصَافَحَ الأَيْدِي وَتَتَآلَفَ القُلُوبُ، وَيَكُونَ العَفْوُ والتَّسَامُحُ، ويَعُمَّ البِشْرُ والسُّرُورُ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقةٌ". عبادَ اللهِ، نحمدُ اللهَ تعالَى أنْ بلَّغَنَا هذَا اليومَ العظيمَ، وهذَا الموسمَ الكريمَ، ومِنْ تمامِ الشكرِ أنْ نجتهدَ فِي عبادةِ اللهِ تعالَى، ونؤدِّيَ مَا افترضَ علينَا، ونجتنبَ مَا نَهانَا عنْهُ، فلنحافِظْ علَى صلاتِنَا، فإِنَّها عَمودُ الإِسلامِ، وناهيةٌ عَنِ الفَحْشَاءِ والآثامِ، وهِيَ آخرُ مَا وصَّى بهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: "الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ".
برُّوا آباءَكُمْ وصِلُوا أرحامَكُمْ، فإنَّ اللهَ تعالَى يُعجِّلُ ثوابَ البرِّ فِي الدنيَا قبلَ الآخرةِ، وأحسنُوا إلَى جيرانِكُمْ وواسُوا الأيتامَ والفقراءَ والأراملَ والمساكينَ يكتبْ لكُمْ الأجرُ العظيمُ. اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُمَّ اجْعَلْ فَرَحَنَا بطاعتِكَ، وَسَعادَتَنَا برِضاكَ، ولا تُخْزِنَا يَوْمَ نَلْقاكَ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبَرُ وللهِ الحَمْدُ .
وفي الخطبة الثانية، قال فضيلته: " اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ للهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أَكبَرُ، وللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ الذِي أعادَ علينَا العيدَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيِّدَنَا مُحمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدِنَا محمدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ البَرَرةِ الأَمْجادِ. أَمَّا بَعْدُ، فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أَنَّهُ فِي هذَا اليومِ العظيمِ تُشْرَعُ الأَضَاحِي، وهِيَ سُنَّةٌ، فَلاَ يَنبَغي لِعَبْدِ مسلمٍ أَنْ يَدَعَهَا وَهُوَ قادِرٌ عَلَيْهَا، فَقَدْ ضحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نفسِهِ وعنْ أمتِهِ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عبداللَّهِ رضيَ اللهُ عنهُمَا، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأَضْحَى بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ، وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّى وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي".
ويُسْتَحَبُّ للمضحِّي أَنْ يَأكلَ مِنْ أضحيتِهِ ثُلُثاً، ويهديَ ثُلُثاً، ويَتَصَدَّقَ بثُلثٍ، ولاَ يَبِعْ جِلْدَهَا ولاَ شيئاً مِنْهَا، ولاَ يُعطِ الجَزَّارَ أُجرتَهُ مِنْهَا، وَوَقْتُ الذَّبْحِ بعدَ صلاةِ العِيدِ إِلَى غروب الشمسِ من آخرِ أَيَّامِ التَّشْريقِ. اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمْدُ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).