الكواري يؤكد ضرورة وجود توازن في علاقات الدول وإثراء قيم الحوار
محليات
04 يونيو 2016 , 02:55م
الدوحة - قنا
أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري مستشار بالديوان الأميري، ومرشح دولة قطر مديرا عاما لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" ضرورة وجود توازن في العلاقات بين دول العالم وإثراء قيم الحوار وأن يتم استبعاد كافة أشكال صدام الحضارات.
جاء ذلك خلال حفل تدشين مؤلفه الجديد "المجلس العالمي : نحو حوار الثقافات " الصادر بالفرنسية والذي نظمته دار النشر العالمية أوديل جاكوب في العاصمة الفرنسية باريس بحضور سعادة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، سفير دولة قطر لدى الجمهورية الفرنسية والسيد فرنسا أورب رئيس المجلس التنفيذي باليونسكو والسيد كلود جيان وزير الداخلية الفرنسي السابق وممثلي العديد من دول العالم في المجلس التنفيذي والسفراء العرب في باريس وسعادة السيد علي زينل مندوب دولة قطر الدائم لدى "اليونسكو وعدد كبير من المثقفين والإعلاميين البارزين في فرنسا .
وقال الدكتور الكواري إن هذا النص الذي يقدمه لكل قارئ في العالم يعبّر عن إدانته واستنكاره للتعصّب والتطرّف بكلّ أشكاله، وفي نفس الوقت هو نداء صادق كي يُحكّم الناس العقل ويتحلّوا بالحكمة والبصيرة..وقال " قد حان الوقت لتأسيس علاقات متوازنة بين الدول واستبعاد أي شكل من أشكال صدام الحضارات " .
وأوضح سعادته أن كتاب " المجلس العالمي " يتناول أهمية المجلس في الخليج والذي يشير معناه إلى ما أطلق عليه قدامى اليونانيّين "الأغورا" وهو في الجزيرة العربية يتم فيه تناقل المعارف والتراث الشفوي لشعوبنا، ففي فضاء المجلس يتعلّم شبابنا في الخليج العربي أصول الأخلاق والفضيلة، كما يتدرّبون بالممارسة على فن الحوار والإصغاء واحترام الآخر، وقد ظل المجلس مدرسة حياة رائعة، وفضاءً مفتوحا للجميع تُلقَى فيه الأشعار وتُسرد فيه الحكايات والأقاصيص التراثية والحديثة على السواء، وعلى الرغم من أنّ الثروة الحديثة والمباركة التي تمتلكها قطر اليوم فهي لم تُغيّر البتة أساليب مجالسنا التقليدية ولا أوضاعها.
وتناول في كلمته العلاقة بين المشرق والغرب باعتبارها مسألة مهمة على امتداد التاريخ، ومنذ 1835م ..قال عنها الشاعر الفرنسي لامارتين إنّها قضية عصره، ونلاحظ أنها ما زالت كذلك حتى يومنا الراهن ، مؤكدا أن رغبة الحضارات في التبادل والتثاقف تظل حية ومعاصرة ، مشيرا إلى أنّ نموذج "المجلس" الذي سجّلته اليونسكو سنة 2015 في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، يمكن أن يلهمنا لنبعث الروح مجدّدًا في حوار حقيقيّ ومثمر بين الحضارات ، يعتمد على التربية والتعليم، وتقاسم المعارف، والدبلوماسية الثقافية، وعلى الانسجام الضروريّ بين الحداثة والتراث.
وأشار إلى عمله في المجال الدبلوماسي الذي دعم التعدد الثقافي لديه وسمح له بالعيش والتكيّف في حواضر كبيرة على غرار القاهرة وبيروت ودمشق وباريس ونيويورك ، مؤكدا أنّ رفعة النفس البشرية تنتج عن قوة الفكر والقدرة على تقاسم الأفكار الخيّرة في كنف التسامح والكرامة والاحترام المتبادل. ولا يمكن لأي شعب أو حضارة أن تدّعي احتكارها للفكر البنّاء.
وأكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري مستشار بالديوان الأميري ومرشح دولة قطر مديرا عاما لليونسكو خلال حفل تدشين كتابه "المجلس العالمي" أن تحقيق قيم التعددية الثقافية والحوار بين الحضارات لن يتم إلا بالقضاء على ما يعانيه عالم اليوم الذي يتأوه تحت وطأة الفقر والجهل والحروب والعنف ، معتبرا أن التعليم الجيد هو السبيل للخروج من هذه الأزمات بل يمكن أن نطلق عليها: نضال النخبة لخير البشرية ، منوها بأن كتابه "المجلس العالمي" يمثّل سيرته الفكرية بوصفه بيانًا في خدمة الإنسانية ،معبرا عن شكره لمديرة دار النشر أوديل جاكوب على جهود نشر الكتاب وثقتها الكبيرة في هذا الجهد الإبداعي .
وأشار إلى أنّ الأفكار الجيدة تسافر دون عوائق ويتقاسمها الناس بكل يسر. ولذلك انتشرت أفكار الفيلسوف الفرنسي إدغار موران بعدما كلّفته منظمة اليونسكو بتحرير المعارف السبع الضرورية للتعليم في المستقبل" ضمن برنامج التعليم من أجل التنمية المستدامة ، كما أنه لن يتمكّن المحرومون من هذا الفضاء من الوصول إليه إلاّ بواسطة التعليم وامتلاك التكنولوجيا والأدوات الرقمية ، داعيا إلى أن تكون ثروات فضاء الأفكار متاحة لجميع البشر دون تمييز ولا تفرقة لأنها ملك مشاع للإنسانية جمعاء.
كان الدكتور الكواري قد ذكر خلال حديثه تجربته مع الكتب منذ شبابه سواء تلك المتخصصة في الدراسات والبحوث أو تلك الأدبية ، لافتا إلى تجربته في وزارة الثقافة والفنون والتراث ( سابقا ) حينما قامت الوزارة بترجمة خطابات الأدباء الحائزين على جائزة نوبل للأدب يوم تتويجهم في السويد وكذلك العمل على تقديم نصوص عالمية عالية المستوى لقراء العربية على منوال بيت الحكمة في بغداد خلال القرن التاسع الميلادي.
كما أشار سعادته إلى دوره في احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010 وكيف تفاعلت المدينة مع الثقافات دون أن تفقد روحها وأصالتها واهتمام مختلف المؤسسات الثقافية في قطر بالتراث العربي حتى في الطراز المعماري ،فمتحف الفنّ الإسلامي الشهير في الدوحة مستوحى من التاريخ العربي، وبوجه خاص من مسجد ابن طولون في القاهرة. فيما استوحى متحف قطر الوطني من جغرافيا الصحراء ليكون مظهره الخارجي على شكل تلك الصخرة المعدنية الخاصة بالصحراء، أي وردة الرمال التي اقتبس منها المعماري الفرنسي جان نوفال تصميم المتحف.
هذا وقد ألقت السيدة أوديل جاكوب صاحبة دار النشر كلمة أشادت بالمؤلف وبمحتوى الكتاب الذي يشكل طرحا ثقافيا عالميا جديرا بالتأمل حسب وصفها، وقالت " إن دارها سعيدة أن يكون هذا الكتاب هو أول كتاب تنشره من دول الخليج " وحثت المؤلف على الاستمرار في الكتابة بهذا المستوى الرفيع ..".
م.ب