د. عمر العجلي في «حوار مع»: الإسلام يدعم أدب المناظرة.. والقرآن يبرز فوائدها

alarab
ثقافة وفنون 04 يناير 2022 , 12:50ص
الدوحة - العرب

استضاف الملتقى القطري للمؤلفين ضمن حلقة جديدة من برنامج «حوار مع»، الدكتور عمر بن معن العجلي، الأستاذ المحاضر في كلية المجتمع بدولة قطر. سلطت الجلسة الضوء على موضوع «أدب المناظرة في الحضارة الاسلامية» وتم بث الحلقة مساء الاثنين في قناة يوتيوب الملتقى.
وقد عرف البرنامج الذي يقدمه الدكتور علي عفيفي علي غازي، ضيف الحلقة د. العجلي بأنه حاصل على الدكتوراه في التراث الفكري والعلمي العربي، والماجستير والبكالوريوس في الادارة والاقتصاد من جامعة البصرة بالعراق، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، ومدير مركز نهاوند للوثائق والدراسات التاريخية بسنغافورة، وعضو الهيئة الدولية للأنساب والأرشفة العربية والأوروبية، وأعد وراجع مواد تاريخية ووثائقية للأعمال التاريخية في فضائيات عدة، وله عدد من المؤلفات منها: قطر.. رحلة التأسيس قراءة في المشهد السياسي في القرن التاسع عشر الميلادي، وفجر النهضة الحديثة في سلطنة عمان، وداهية العرب الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وهيكلية النظام الاقتصادي للدولة العباسية منذ قيامها ولغاية التسلط البويهي.
من جانبه أكد الدكتور العجلي أن الحضارة الاسلامية عرفت أدب المناظرة، حيث كان العرب قبل الإسلام يتناظرون، ويتبارون في سوق عكاظ، وهو ما خلف موروثًا أدبيًا ثريًا، حتى إن تسمية سوق عكاظ مشتقة من فعل عكظ، بمعنى غلب أو قهر، وبذلك يكون سوق عكاظ سوق التباري الفكري.
وقال» إن الإسلام عزز من أدب المناظرة، وقد برز هذا الأدب في العصر الأموي، حيث ظهرت المقامات، ثم ازدهر في العصر العباسي، وانتقل إلى الأندلس، حيث عرف عصره الذهبي، ومن أشهر المناظرات التي عرفتها بلاد الأندلس مناظرة ابن برد الأندلسي، ومحاورته بين السيف والقلم، ثم انتقلت إلى ابن الوردي، ثم ابن نباته، وهي سجلات حافلة من المناظرات.
وقال العجلي إن المناظرة هي إحدى أدوات الوصول إلى الحقيقة، وتنمية المهارات والملكات الفكرية ليصل المتناظران إلى النقطة المشتركة، لكن تم التحريف قليلا في المفهوم واستخدام هذا المصطلح ليعبر عن الجدال، الذي يراد به تجريح الخصم والإساءة إليه وإحراجه، وهو ما جعل أدب المناظرة يخرج عن معناه الحقيقي، وهدفه الأسمى. وأكد أن القرآن الكريم أشار إلى عدد من المناظرات، حيث إن الله سبحانه وتعالى يتحاور مع إبليس، وقد ناظر الأنبياء أقوامهم بداية من نوح، عليه السلام، وانتهاءً بنبينا وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وكان في مناظرتهم من الدروس، ومن التعليم والتوجيه والفائدة العظمى، وقد أبرز القرآن الكريم فوائد المناظرة واستشهد بالحوار بين موسى، عليه السلام، وفرعون، حيث برزت قوة الحجة وسرعة البديهة من كليم الله.
وأكد أن المناظرات التي شهدها التاريخ الإسلامي كثيرة منها المناظرة بين المهاجرين والأنصار، وهي قصيرة وتلقائية، وكانت سببًا في وحدة المسلمين واجتماعهم على كلمة واحدة، وانتهت المناظرة بالوصول إلى اليقين، وكذلك مناظرة بين الهمذاني ومحمد عباس الخوارزمي، وذلك بناء على طلب الهمذاني، الذي كان شابًا متمكنًا، ومؤيدًا بقومه وأنصاره ومحبيه، واستعرضا غرائب الشعر والألفاظ فأحرج الخوارزمي، الذي توفي مبكرًا لإحساسه بالهزيمة، ومنها المناظرة الزنبوربة، التي دارت بين سيبوية أستاذ المدرسة النحوية البصرية، والكسائي أستاذ المدرسة النحوية الكوفية، في بعض المسائل اللغوية والنحوية. واحتكموا لمجموعة من الأعراب الذين أيدوا رأي الكسائي، ومنها كذلك المناظرة الشهيرة لابن تيمية مع ابن العطاء السكندري، إذ تقابلا في المسجد بصلاة المغرب، ودار بينهما التناظر. ولكن أظرف مناظرة في التاريخ الإسلامي هي مناظرة الإمام أبو بكر البقلاني مع أحد الرهبان النصارى، في زمن البويهيين، وأرسله عضد الدولة إلى القسطنطينية، لمحاججة النصارى، وهي مناظرة فيها الحزم وقوة الحجة، ويأتي الأدب فيها في المرتبة الثانية. 
وأكد أن التاريخ الإسلامي شهد العديد من المناظرات بين المذاهب المختلفة، من بينها مناظرة الإمام أحمد حنبل مع كبير المعتزلة قاضي المأمون أحمد بن أبي دوءاد، حول موضوع خلق القرآن، وكانت المناظرة في كل مرة تصل بينهما إلى طريق مسدود، وتعاد مرة ثانية، ولولا ثبات الإمام أحمد لتراجعت الأمة، وكانت الأندلس الخزينة الأدبية للمناظرات في الفلسفة والأدب، التي عاشت ازدهارًا فكريًا ببروز العدد الكبير من الصالونات والمنتديات الأدبية.
وأكد العجلي أن مختلف هذه المناظرات كانت وسيلة لاظهار عظمة الإسلام والحضارة الاسلامية، وتألق فيها المتناظرون، ووردت العديد من الأسماء اللامعة، وأعرب عن أمله في إقامة مناظرات منظمة، وإحياء ثقافة التناظر على مستوى المدارس والجامعات والأندية الثقافية، لأنها تنظم أفكار المجتمع، تقوده إلى كلمةٍ سواء، وتعلم الناشئة تنظيم الأفكار، وتقصر الطريق للوصول إلى الحقائق.
وأكد أن المناظرة إضافة إلى المخزون الفكري والثقافي العربي، ومن الممكن الاستفادة منها في طرق التدريس في المدارس والجامعات؛ بل هي استراتيجية تعليمية تقوم على لغة الحوار.