النعمة: إياكم والغلو في الدين

alarab
محليات 03 ديسمبر 2022 , 12:35ص
الدوحة - العرب

أكد فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ أن التوازن والاعتدال والتوسط في الحياة، سنة الله تعالى في خلقه وكونه، وسمة التشريع الإسلامي العظيم، وصفة الأمة المسلمة التي اصطفاها الله تعالى على الناس، وجعلها خاتمة الأمم، شاهدة عليهم يوم الدين، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).
وأضاف: إن المرء المسلم ليقرأ كل يوم في صلاته مرات ومرات الدعاء الرباني العظيم الذي علمه الله إياه ووجهه إليه في قوله: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) وذكر الشيخ عبدالله النعمة أنه من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام ورفقه بها أن جعل شريعته لهذه الأمة شريعة سهلة ميسورة، قائمة على اليسر والعدل والسماحة والتوسط، بعيدة عن المشقة والحرج والتكلف والرهبنة والغلو، فدين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، روى البخاري في صحيحة ما وصى به النبي أمته قائلاً: ( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ والقصد القصد تبلغوا)، وأكد الخطيب أن الوسطية والتوسط في الدين هو: ‏أن يتحرى المسلمُ الاعتدالَ ويبتعدَ عن التطرف قولاً وفعلاً بحيثُ لا يُقصرُ ولا يُغالي، وعدم التوسط في الدين يودي بصاحبه إلى الغلو في الدينِ آفةُ الأمَمِ السابقةِ وسببُ هلاكِ أقوامٍ اتخذوهُ دنيا.
وأوضح أن الوسطيةُ السمحةُ هي منهجُ الدين وحقيقيةٌ لهديِ الإسلامِ، هي إتباعٌ لمنهجِ الاعتدالِ والرحمةِ واليُسرِ والرِفقِ، هي دفعٌ عن ظلمِ النفسِ وظلمِ الناسِ، بل من كان بعيداً عن الوسطية والاعتدال هو للجهلِ أقربُ ومن العلمِ والعلماءِ أبعد، قال ابنُ المُنيرِ – رحمهَ الله -: « رأينَا ورأىَ الناسُ قَبْلَنَا، أنَّ كُلَ مُتنطِع في الدينِ ينقَطِعُ».
‎وأضاف إن الوسطيةُ سمةٌ بارزةٌ لهذه الأمة في الزمانِ والمكانِ في الاعتقاد والتشريع، في التكليف والعبادة، في الأخلاق والمعاملة، في كسب المال وإنفاقه، في مطالب النفس وشهواتِها، والروح واحتياجاتِها. ‎
وقال النعمة إن الابتعاد عن الوسطية والاعتدال في الدين، يؤدي إلى منهج الغلوُ وهو سببٌ لتشديدِ اللهِ على العبدِ وعلى الأمةِ يقولُ ابنُ القيمِ: نهى النبيُ صلى الله عليه وسلم عن التشديدِ في الدينِ بالزيادةِ على المشروعِ، وأخبرَ صلى الله عليه وسلم أن تشديدَ العبدِ على نفسِهِ هو السببُ لتشديدِ اللهِ عليهِ إِمَّا بالقدرِ وإِمَا بالشرعِ، لافتا إلى أن القدرِ كَفِعلِ أهلِ الوَسواسِ فإِنَّهُمْ شدَّدُوا على أنفسِهِم فشدَدَ عليهِمْ حتى استَحكَمَ وصَارَ صِفةً لازمَةً لهم.
وأوضح أن التشديدُ بالشرعِ، كمن شَدَدَ على نفسِهِ بالنَّذرِ، فشدَدَ اللهُ عليه فألزَمَهُ الوفاءَ بهِ.
بل هذا كانَ دأبُ الصحابةِ والتابعينَ من بعدِهِم تأسياً بهديِ النبيِ صلى الله عليه وسلم وأتباعاً لهذهِ الشريعةِ الغراءِ التي جاءتْ للتوسطِ والاعتدالِ، والتيسيرِ والرفقِ، ناهيةً عن الغلوِ والتكليفِ والإفراطِ والتفريطِ.
ودعا النعمة إلى الابتعاد عن الغلوَ والتكلفَ والتزام الوسطية السمحة، ومجالس العلم والعلماء لا المتعالمينَ، والاقتداء بأهلِ الهدي لا أهلِ الهوى الذين لا حظَ لهم من العلمِ الشرعي.