

حذر استشاريون وأخصائيون في الصحة النفسية، أولياء الأمور بأن يكون الاستنفار مصدراً من مصادر الضغوط النفسية على أبنائهم الطلبة خلال الاختبارات المدرسية، مؤكدين أن استنفار الأسرة بأكملها وقت الامتحانات يشعر الطالب بأنه في اختبار نفسي واجتماعي يحدد مصيره المستقبلي.
وقالوا في تصريحات لـ «العرب» إن المجتمعات العربية يجب ألا تُشعر أبناءها بالقلق والتوتر خلال الاختبارات، وإن تغيير ثقافة «الاهتمام الزائد» بالامتحانات النهائية التي تجعل الطلبة في ضغوط زائدة، يجب أن يكون ضرورة حتمية، لافتين إلى أهمية أن يتعامل الطالب مع الاختبار كأمر اعتيادي كجزء من الحياة المدرسية يحتاج فقط للمذاكرة والتخطيط بشكل جيد.
ونصح الخبراء أولياء الأمور بترك الفرصة لأبنائهم بتحديد مواعيد المذاكرة وتهيئة الأجواء اللازمة لذلك، ومراعاته من خلال توفير الوجبات الصحية التي تساعد على تنشيط الذاكرة ومنع السهر، مشددين على ضرورة تجنب إلقاء اللوم والعتاب حال عدم حصد درجات مميزة في الاختبارات، بل الحرص على التشجيع بتقديم الأفضل في المرات القادمة.

د. مأمون مبيض: 4 أمور تؤدي لانهيار الطالب.. أبرزها الجائحة
قال الدكتور مأمون مبيّض استشاري الطبّ النفسي، مدير إدارة العلاج والتأهيل، بمركز دعم الصحة السلوكية، إن الاختبارات المدرسية مصدر من مصادر الضغوط النفسية التي يمكن أن يتعرض لها الطالب، فمن المعروف أن هذه الفترة يشعر الطفل بكثير من التوتر، خاصة في ظل جائحة كورونا ونظام التعليم عن بُعد وعدم اليقين بمواعيد الدوام والظروف التي فرضتها الجائحة على العالم أجمع، مؤكدا أن تلك العوامل أيضا أثارت التوتر لدى الوالدين مما ينعكس بالطبع على الأبناء.
ورأى مبيض أن 4 أمور تسبب الضغوط النفسية خلال الاختبارات، أولاً: عدم قيام المدرسة بدورها في تطمين الطالب وتخفيف توتره، ولا شك أن التعليم خلال الجائحة ليس كالتعليم في الأوضاع الطبيعية، لذلك لابد للمدرسة من العمل على تهيئة نفوس الطلاب، ثانياً الأسرة التي يؤثر توترها على أبنائهم الطلبة، حيث إن الأسر العربية بما فيها قطر تستنفر بجميع أفرادها خلال الاختبارات المدرسية على عكس المجتمعات الغربية.
واستكمل «ثالثا الطالب نفسه الذي تعود عليه مسؤولية كبيرة حسب سنه أو المرحلة التعليمية، وأن لا يؤخر مذاكرته أو مراجعة الدروس التي تعلمها أولا بأول، رابعا أمور تتعلق بجائحة كورونا التي فرضت على الطالب الابتعاد عن المدرسة ورؤية المعلمين والأصدقاء أو عدم السفر كالمعتاد».
وأكد أن التوتر له تأثير على الكبار والصغار وتكون على 3 جوانب بيولوجية نفسية واجتماعية، فمن الناحية البيولوجية يؤثر التوتر على الطالب بأن يشعر بالصداع والألم في البطن والفم وأحيانا الرعشة، أما الجانب النفسي يشعر الطالب بعدم الاستقرار الداخلي وقد يصل إلى الخوف ونوبة الذعر والتجمد وعدم استذكار المعلومات، أما الجانب الاجتماعي يكون بانعزال الطالب عن أصدقائه وأقاربه مثلما يحدث لكبار السن ويتجنب الخروج وممارسة الرياضة.
عن النصائح لتجنب الضغوط النفسية على الطالب، أكد على دور المدرسة في تعليم الطلبة كيفية المذاكرة والاستعداد للامتحان بطريقة تساعده على تخفيف التوتر، موضحا أن الأسرة يجب أن تنتبه إلى 3 أمور؛ أولا: عدم تغيير المعاملة مع أبنائهم أثناء الامتحانات وتظل طبيعية مثلما هي في بداية العام الدراسي. ثانياً: التأكد من نوم أبنائهم لوقت كافٍ لما له من دور في تثبيت المعلومات بأذهانهم، ثالثاً التأكد من تنوع الطعام المفيد وعدم تناول أطعمة من خارج المنزل وتشجيعهم على ممارسة الرياضة.
وطالب بضرورة أن تكون الدروس الخصوصية للطلبة الذي يعانون من ضعف في المستوى التعليمي والاعتماد على ما تقدمه المدرسة، داعيا الوالدين بالجلوس يوميا لمدة ساعة أو ساعتين لمساعدة الطالب في المرحلة الإعدادية.

د. أمينة الهيل: الغذاء وعدم السهر يمنعان التوتر
قالت الدكتورة أمينة الهيل - المستشارة النفسية والتربوية، إن إحساس الطالب بأن الاختبارات المدرسية مشكلة حياتية يتحول إلى ضغوط نفسية، موضحة أنه إذا اشتدت تلك الضغوط على الطالب تؤدي إلى اضطرابات جسدية مما يؤدي إلى حدوث تعرق وهستيريا داخل لجنة الاختبار وفقدان التركيز وعدم استيعاب الأسئلة، وقد تتحول إلى احتراق نفسي مثل القولون العصبي والصداع وظهور البهق.
وأضافت الهيل أن هناك عوامل مشتركة لحدوث الضغوط النفسية أثناء الاختبارات مثل إقدام الطالب على المذاكرة قبل الاختبار بفترة قصيرة وعدم تخطيطه المسبق للاستعداد للاختبارات، أو قيام الأسرة بوضع أبنائهم في مقارنة مع أبناء أصدقائهم أو أبناء عمومتهم وعدم إدارك أن هناك فروقا فردية من طالب إلى آخر.
وقدمت الهيل، نصائح تربوية يجب اتباعها بشكل دائم مع الطلبة وخاصة خلال فترة الاختبارات، وهي أن تراعي الأسرة اختيار أكل خفيف ومفيد ليلة الامتحان وعدم السهر، حيث إن السهر يرهق الطالب ويفقده جزءا كبيرا من التركيز لذا يجب أن ينام الطالب لفترات طويلة ويأخذ قسطا كبيرا من الراحة حتى يستطيع أن يؤدي الامتحانات.
وحثت الأسرة على ضرورة الاهتمام بغذاء الطالب خاصة في وجبات ليلة الامتحان وأن تكون خفيفة وغنية بالعناصر الغذائية اللازمة لتنشيط الذاكرة عند الطالب، داعية تناول الحليب وتناول البيض والعسل والقليل من الخبز والابتعاد قدر الإمكان عن الوجبات الثقيلة والمشبعة بالدهون لأنها قد تسبب للطالب الخمول.
وحذرت الوالدين بالابتعاد عن المناسبات الاجتماعية والزيارات الأسرية وتهيئة أجواء صحية للطالب خلال فترة الاختبارات، حيث إن استقبال الضيوف وتبادل الزيارات خلال فترة الاختبارات يؤدي إلى تشتيت الطالب وابتعاده عن أجواء الامتحانات.
ولفتت الهيل إلى ضرورة تنظيم الوقت سواء خلال فترة الاختبارات أو قبلها حتى يستطيع الطالب مراجعة دروسه بثقة وبعيدا عن أي توتر أو إرباك وشددت على ضرورة الاعتماد على الملخصات خلال فترة الاختبارات والابتعاد عن المذاكرة من الكتاب لأن الطالب ليلة الاختبار لا يستطيع قراءة كل الكتاب بل مراجعة بعض النقاط المهمة فقط.
د. بتول خليفة: أشياء محظورة على الأسرة
رأت الدكتورة بتول خليفة أستاذ الصحة النفسية المشارك في جامعة قطر، أن أبرز الأسباب وراء تعرض الطلبة لضغوط نفسية يعود إلى إلقاء الأسرة اللوم بشكل دائم عليهم وعدم مساعدتهم، مما يؤدي إلى الشعور بالأسى الداخلي وتدهور الثقة بالنفس والإحساس بعدم القدرة على اجتياز الاختبارات، إضافة إلى أن الامتحانات نهاية كل فصل دراسي أصبحت مرتبطة بإلزامية المذاكرة المكثفة لإثبات ذاته وإنقاذ مصيره المستقبلي مما يحولها إلى اختبار نفسي واجتماعي.
وأضافت خليفة، إن تلك الضغوط النفسية تؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي والشعور بالمغص وضعف النظر والتعرق وأعراض أخرى، مؤكدة أن الأسر تمارس ضغوطا شديدة على الأبناء للقيام بمهام المذاكرة دون ترك مساحة لاستقلاليته في التخطيط لمذاكرته، بزعم أن الأسر تقوم بدور الرقابة.
وأشارت إلى أن المعلم له دور كبير في تهيئة الطالب بأنه مستعد في أي وقت لإجراء الاختبار وأن يمر مرور الكرام دون الاستعداد المكثف أو الخوف، معتبرة أن المعلم ينجح في ذلك إذا قدم شرحاً سلساً للمادة مع إجراء مراجعات مستمرة مع الطلبة مما يجعلهم يفهمون المادة بشكل دائم.
ونصحت الأسرة بتشجيع الطالب بشكل دائم خلال الدراسة وإظهار الرضا على درجاته حتى إذا كانت غير مرتفعة، وتحفيزه على تقديم الأفضل دون توجيه اللوم والعتاب، منادية بضرورة تعليم الأبناء الثقة في أنفسهم وأن عدم حصد درجات مرضية ليست نهاية المطاف.
وعن الأجواء المناسبة للمذاكرة، قالت إنه لابد أن يكون الطالب في مكان ملائم من حيث الإضاءة ودرجات الحرارة وتقديم الأسرة الدعم المستمر والتدريب على أسئلة الاختبارات وتناول الوجبات الصحية التي تقوي المناعة وتنشط الذاكرة والنوم مبكرا وبطريقة منتظمة.