أكد عدد من مديري المدارس والخبراء التربويين أن تزايد الاهتمام بمخرجات التعليم أفرز طرقاً حديثة لتقييم مستوى الطلاب إلى جانب ومدى كفاءة استيعابهم، إلى جانب استخدام الطرق التقليدية والمعتادة كالاختبارات التحريرية، تشمل الأبحاث العلمية والمشاريع الخاصة والواجبات المنزلية والاختبارات الشفوية والتفاعل الصفي وغيرها من الأساليب التي تساعد في تقييم مدى فهم الطالب للمادة العلمية، والمواضيع التي ينبغي التركيز عليها في الحصص القادمة لتقوية فهم الطالب لها، كما يعرف الطالب نقاط ضعفه وقوته والمواضيع التي ينبغي عليه بذل الوقت والجهد فيها لكي يستوعبها بشكل جيد.
وقالوا في تصريحات لـ «العرب» إن من أهم مميزات هذه الوسائل هو معرفة قدرة الطالب على شرح المعلومات التي تعلمها، بالإضافة إلى قدرته على استخدام أي مهارات جديدة تدرب عليها، إلى جانب منح الطالب فرصة لتقييم نفسه من حيث المجهود والوقت الذي بذله ومستوى نجاحه.
عصمت الشيخ: التقييم التكويني يحدد نقاط الضعف
استعرضت الأستاذة عصمت منير الشيخ، مديرة أكاديمية الكون العالمية، أبرز الطرق الفعّالة لتقييم مستوى الطلاب ومدى كفاءة استيعابهم إلى جانب استخدام الطرق التقليدية والمعتادة كالاختبارات التحريرية، ومنها التقييم الدولي، والتقييم التكويني، والذي يتضمن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها المعلمون من أجل تعديل أنشطة التدريس والتعلم لتحسين تحصيل الطلاب من خلال تحديد نقاط القوة والضعف لديهم والمجالات المستهدفة التي تحتاج إلى عمل، وكذلك التعرف على المواضع التي يعاني منها الطلاب ومعالجة المشكلات على الفور، ويتضمن التقييم التكويني ملاحظات نوعية (بدلاً من الدرجات التقليدية) والتي تركز على تفاصيل المحتوى والأداء.
ومن الطرق الأخرى في تقييم مستوى الطلاب وفقا لمديرة أكاديمية الكون التقييم الإجمالي والذي يفيد في معرفة ما حققه الطالب من أهداف ولكن بشكل إجمالي، ويتم ذلك من خلال طرح المدرس عددا من الأسئلة التي تتفق مع المرحلة التعليمية للطالب، ويفيد في معرفة الأهداف المختلفة التي استطاع المدرس تحقيقها من خلال التأثير المباشر على الطالب أثناء العملية التعليمية، ويتم معرفة ذلك من خلال مدى نجاح المدرس في توصيل المعلومات إلى الطالب.
وأضافت «كذلك التقييم التشخصي ويعد من أهم أنواع عملية التقويم، حيث يهدف إلى معرفة البداية الحقيقة والصحيحة التي لابد أن يستخدمها المدرس مع الطالب، كما يشمل هذا التقويم بعض المناهج والدروس الخاصة بالعملية التعليمية، ويفيد في معرفة القدرات والخبرات المختلفة للطالب».
وتابعت «كذلك تقييم المحفظة وهي طريقة توفر للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور نظرة متعمقة في تطور الطلاب على مدى العام الدراسي، وتستغرق الحافظات وقتًا طويلاً للبناء ولكن يمكن أن تكون سهلة نسبيًا إذا جعلها المعلم جزءًا منتظمًا من الفصل الدراسي».
إبراهيم العبيدان: نحتاج لتطبيق المناقشات الفردية مع الطلبة
أكد الأستاذ إبراهيم العبيدان، مدير مدرسة اليرموك الإعدادية للبنين، أن الاختبارات كانت وسيلة التقييم الأكثر شيوعاً في المؤسسات التعليمية.
وأضاف العبيدان إن لم تكن الوسيلة الوحيدة في كثير من الأحيان، لكن بما أنّ الطلبة يتعلمون وفق استراتيجيات متنوعة فإنه من الطبيعي أن يتمّ تقييمهم بطرق متنوعة أيضاً، مثل المناقشات الفردية، الواجبات المنزلية، والمشاريع الخاصة مع ضرورة مراعاة خصوصية كل مادة وخصوصية المراحل التعليمية المختلفة.
محمود سعد: الابتكار ضرورة ملحة في التقييم
قال محمود إبراهيم سعد مدرب ومستشار معتمد في التدريب والتنمية وجودة التعليم إن عملية تقييم أداء الطلبة تهدف للوقوف على نسب مئوية ودرجات وعلامات خاصة بالتحصيل الأكاديمي، ولكن يجب ألا يكون هذا الهدف هو الوحيد منها؛ لأن التقييم وسيلة لتطوير أداء الطلبة وليس غاية في حد ذاته، ولذا يجب على جميع القائمين على عمليات تقييم أداء الطلبة أن يقدموا تغذية راجعة للطلبة عن مدى تقدمهم نحو الأهداف المرسومة والمحددة سلفا، ليس المعرفية فقط، وإنما أيضا الأهداف الوجدانية، وبذلك يكون التقييم طريقا نحو توفير فرص النجاح المختلفة للطلبة كي يصبح التعلم أمرا محببا لهم، وتحقق عملية التقييم الأهداف المنوطة بها.
وأوضح سعد أن هناك عدة أسباب تجعل من الاجتهاد والابتكار والبحث عن أساليب جديدة لتقويم تعلم الطلبة ضرورة قصوى وملحة، ومن هذه الأسباب: ما نلحظه جميعًا من متغيرات تخص عمليتي تعليم وتعلم الطلبة، ومن أبرزها وضع وتفعيل الإطار العام للمنهج التعليمي الوطني لدولة قطر، والذي أصبح بمثابة الدستور التعليمي لقطاع التعليم، وكذلك تطوير وتعديل وثائق معايير المناهج المختلفة، وإنتاج نتاجات تعليمية جديدة للمقرات الدراسية، وارتكاز التعليم بصورة رئيسية على مجموعة منتقاة من الكفايات، وما صاحب هذا كله من تطوير وتعديل في إستراتيجيات التعليم والتي أصبحت ترتكز بصورة رئيسة على الطالب؛ كإستراتيجيات التعلم الاستقصائي والتعلم بالاكتشاف والتعلم النشط.
وطالب بضرورة اكتساب الطلبة لمهارات التعلم مدى الحياة للاستفادة من الزخم المعلوماتي والتكنولوجي لعصر العولمة، وبالإضافة لما سبق تطبيق ما يعرف بالتعلم عن بعد والتعلم المدمج بالمدارس، وهذا يتطلب أدوات جديدة لتقويم مهارات الطلبة تختلف عن الأدوات المستخدمة في تقويم مخرجات التعلم التقليدي، وهذا كله دون شك يعزز الجهود الرامية نحو تعزيز رؤية دولة قطر 2030، ولاسيما في مجال التنمية البشرية وبناء الإنسان العصري.
خميس المهندي: تطوير طرق التقييم يحقق نتائج أفضل للطلبة
أكد الأستاذ خميس مبارك المهندي، مدير مدرسة أم القرى الابتدائية للبنين، أهمية الاختبارات في تقييم مستوى الطلبة الى جانب طرق التقييم المرنة التي تناسب وسائل التعلم الحديثة لضمان تحسين تعلم الطلبة من حيث المعرفة المطلوبة، والفهم، والمهارات والكفايات التي تم اكتسابها.
وأكد المهندي أن طرق التقييم الحديثة تغطي جوانب التحصيل لجميع الطلبة، بحيث يستخدم التقييم لتحسين فرص جميع الطلبة للتعلم في كل مجالات الأنشطة التربوية، كما يساعد جميع المتعلمين على تحقيق نتائج أفضل مما يحقق التقييم التقليدي.
عبد الرحمن اليافعي: الاختبارات لا تناسب لتقييم جميع الطلاب
قال عبد الرحمن اليافعي، ولي أمر، إن طريقة اكتساب المعلومات تختلف من طالب لآخر، مشيرا إلى وجود ثلاثة أنماط من الشخصيات هي البصري والسمعي والحسي، وهو ما يعني أن الطالب البصري يعتمد بشكل خاص في التعلم عن طريق الصور والفيديوهات والرسوم البيانية، بينما يميل الطالب السمعي إلى التعلم عن طريق الصوت، أما الطالب الحسي فهو يفضّل مشاهدة وإجراء التجارب العملية.
وأوضح اليافعي أن الامتحانات الشفهية والتحريرية ليست مناسبة لجميع أنواع الطلاب، بناء على ذلك، يضيف، فإن تقييم الطلاب يجب أن يتبع طرقاً أخرى غير الامتحانات التقليدية مثل التجارب العملية، والألعاب التعليمية، وكذلك قياس السلوكيات والقيم طوال العام الدراسي. إذ لا ينبغي أن يُقيّم الطالب علمياً فقط بل يجب أن يشمل التقييم الجوانب القيمية والسلوكية والأخلاقية.
يوسف سلطان: الأبحاث العلمية والمشاريع مهمة
دعا يوسف سلطان -خبير تربوي- إلى مواكبة أساليب التعليم الحديثة بما فيها طرق التقييم الشفهية والتحريرية ذات الأثر المباشر على جودة تلقي المعلومات من قبل الطلاب، منوهاً في هذا السياق بطرق التواصل التفاعلي مع الطلبة وليس مجرد سرد المعلومات.
وأكد سلطان لـ العرب أن تقييم مستوى الأداء لا يتوقف على إجراء الاختبارات التقليدية، بل يشمل وسائل أخرى بما فيها الأبحاث العلمية، والمشاريع، والاختبارات المقالية والتي تقيس مستوى عالياً من القدرات المعرفية وخاصة ما يتعلق منها بمهارات التفكير الناقد والتفكير الإبداعي واتخاذ القرار، بينما تعد المشاريع المستقلة من أدوات التقييم في التعلم، نظراً لأنها تدور حول الاستقصاء المستقل، حيث ينتج الطلاب عملاً واحداً جوهرياً يتم تقييمه عبر معايير متعددة بدلاً من معيار واحد أو معيارين.
وسائل جديدة لتقييم مستوى الطلبة
اعتمد كثير من الأنظمة التعليمية على الاختبارات كوسيلة لعملية تقييم الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة سواء في المدارس أو الجامعات، لكن أخيرًا بدأت هذه الطريقة تلاقي نقدًا واسعًا من قبل أولياء الأمور والخبراء التربويين، حتى شرع المهتمون بالدراسات العلمية في البحث عن سبل جديدة للتقييم تكون أكثر تنوعًا ودقة في تحديد مستوى الطلاب، وتساعد في تنمية القدرات العقلية لدى الطلبة.
ولعل من بين الانتقادات التي وُجهت للاختبارات والتي تجعلها طريقة غير دقيقة في تحديد مستويات الطلاب؛ هي أنها:
– تكشف نقاط الضعف لدى المعلم والمتعلم متأخرًا بعد انتهاء الدراسة وفوات الأوان.
– كما أنها تحقق المتابعة المستمرة مع الطالب على مدار العام الدراسي.
– تضع الطلاب تحت ضغط الاختبار الذي يخضع لمزاجية المعلم متى حدده سواء كانت شهرية أو نصف شهرية و3 مرات خلال الفصل الدراسي.
– التوتر الذي يصيب الطالب يتسلل إلى الأسرة قبل الاختبار وبعده أيضا، وإلى أن تظهر النتيجة.
– ضياع وقت المعلم في تصحيح أوراق الإجابات.
– الهدف من العملية التعليمية ليس التدريب وتنمية القدرات؛ لكن لتلقين الطالب ومن ثم كتابة ما حفظه في ورقة الإجابة، لثبت جدارته على التأهل للمرحلة التالية.
ولإثبات عكس ذلك، والتخفيف من توتر الطالب وأسرته، يمكن للمعلم أن يخبر الطلاب أن الاختبار ما هو إلا طريقة لقياس مدى نجاحه شخصيًا في التدريس والهدف منه تحسين أدائه وطرق شرحه، فضلًا عن استخدام كلمة أخف من كلمة “اختبار” تكون أقل أثرًا في نفسية الطالب كما لو كانت “لعبة أو تمرينا أو تدريبا”.
التقييم المباشر
وتوصل الخبراء إلى أن البديل الأفضل في هذا المجال هو التقييم المباشر، واقترحوا له عدة طرق منها أن يتفق المعلم والطلبة على إشارات معينة باليد يستخدمها الطلبة ويلاحظها المعّلم أثناء عرض الدرس، ما يمُكن المعلم من تحديد نقاط الضعف والقوة لدى الطالب والتركيز على ما يستدعي الوقوف عنده لتحسين القدرات والمهارات التربوية، كما أنها لا تسبب مقاطعة الشرح أو الفوضى.
ويخلق التقييم المباشر اليومي نوعًا من العلاقة بين الطالب وموضوع الدرس ويجعل الطالب أكثر اهتماماً وأقلّ توتراً بشأن الدرجات، وليس من الضروري أن يكون التقييم تعجيزياً ومرهقا للطلبة، بل على العكس يجب أن يكون سهلاً وخفيفاً، والمعلم الناجح هو الذي يسعى لأن يكون جميع طلبته ناجحين، ويشركهم في عملية التقييم، سواء في وضع الأسئلة أو في تقييم الطلبة بعضهم بعضاً.
التقليل من الواجبات المنزلية
من الأفضل ألا يلجأ المعلّم إلى تكليف الطلبة بواجبات منزلية إلا عند الضرورة، وكلّ ما يمكن حلّه داخل الصف يجب أن يُكلّف به الطلبة داخل الصف وهذا أفضل، لأنّ الطالب يقوم بالإجابة في بيئة تعليمية تخضع لسيطرة المعلّم ومراقبته، وعندها يستطيع المعلّم أن يراقب الطلبة ويقدّم لهم الذي يحتاجونه، كما أنه يستطيع أن يفعل ذلك كله بجوّ من المتعة بالنسبة للطلبة.
وإذا ما وجد المعلّم ضرورة لتكليف المتعلمين بواجب منزلي فإنّ عليه أن يراعي أن يكون هذا التكليف مرتبطاً بالدرس الذي تعلّمه داخل الصف، وأن يشجّع الإبداع، وأن يكون ممتعاً في الوقت نفسه؛ كأن يطلب منه قراءة قصة قبل النوم مصحوبة بموسيقى هادئة تساعده على التركيز والاحتفاظ بما يقرأ لأطول مدة ممكنة، ولكن لابدّ من الإشارة هنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو ضرورة متابعة الطالب في هذا التكليف مباشرة في الدرس التالي.
ويجب أن يكون الواجب المنزلي قصيراً، مقبولاً، عملياً، وله قيمة، أما العمل الذي يحتاج وقتاً طويلاً فيستثنى.
التقييم غير الرسمي
والمقصود بهذا النوع من التقييم أن يُعطي الطلبة مشكلة ويطلب منهم حلّها، وهذه المشكلة لها عدة حلول مختلفة، ثمّ يلاحظهم، ويفعل مثل ذلك في مجموعات صغيرة ويلاحظهم أيضاً، ثمّ يعطيهم الخيار في الأنشطة ويراقبهم، ويستطيع بذلك أن يكتشف ما هي اللعبة التي اختاروها، ثمّ يلاحظهم أثناء اللعب، وبعد ذلك يلجأ إلى المناقشة، وهذا يدل على أن المعلّم يجب أن يلاحظ طلابه ويراقبهم طوال الوقت.