بعد مقترح «الشورى» بامتيازات تضاهي «الحكومي».. هل تتعزز جاذبية القطاع الخاص؟

alarab
تحقيقات 03 مايو 2023 , 12:37ص
يوسف بوزية

خالد العماري: الامتيازات يجب أن تشمل الأجور وساعات الدوام

خالد فخرو: مزايا بعض الشركات الخاصة أفضل من «الحكومي»

خالد اليافعي: مطلوب حوافز لتشجيع المواطنين على شغل المهن الفنية

أشاد مواطنون بجهود مجلس الشورى في طرح القضايا ومناقشة الاحتياجات الفعلية للمواطنين بما فيها المقترحات الأخيرة المتعلقة بموضوع «الباحثين عن عمل من القطريين، وتحديد احتياجات الدولة من التخصصات التي يحتاجها سوق العمل وتنمية الموارد البشرية»، منوهين في هذا السياق بما تضمنته من مطالب جوهرية، مثل تحسين بيئة العمل في بعض القطاعات من حيث الامتيازات الوظيفية وأوقات العمل، عبر تطبيق نظام الدوام المرن وتطوير نظم العمل عن بعد، لتشجيع القطريين على العمل فيها.
 وأكدوا لـ «العرب» أهمية توفير الدعم التأهيلي والمالي للقطاع الخاص لتوظيف القطريين فيه، بما يعادل الامتيازات الوظيفية في القطاع الحكومي من حيث ساعات العمل والامتيازات المالية وغيرها.

رفع الامتيازات 
وأشاروا أن رفع امتيازات العمل في القطاع الخاص بما يوازي القطاع الحكومي يعزز جاذبية العمل في الشركات الخاصة «خاصة أن معدلات التقطير في القطاع الخاص لا تزال متدنية في كثير من القطاعات» إن لم نقل معدومة في قطاعات أخرى، ولفتوا ان الجهود التي بذلت على مدار السنوات الماضية لم تكن كافية لتلبية طموح المواطنين الذين يبحثون عن عمل في ظل استمرار عجز العديد من مؤسسات القطاع الخاص عن استقطاب الكفاءات القطرية، أو تراخي بعضها الآخر في تعيين المواطنين، بذريعة «الفجوة الكبيرة» بين تكلفة توظيف الأجنبي والمواطن القطري، والتي تدفع بالعديد من أصحاب الشركات الخاصة الى «مقاومة» عملية التقطير، أو تجاهلها، بذريعة عدم معرفتهم بضرورة توطين نسبة معينة من الوظائف الإدارية والفنية، وغيرها من المبررات التي لا تعد ولا تحصى.

استقرار وظيفي
وأرجع خالد العماري توجه الشباب للعمل في القطاع الحكومي، إلى ما تتميز به الوظائف الحكومية في قطر من إمتيازات ورواتب قد لا تتوفر للكثير من الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص؛ فضلا عما تتميز به الوظائف الحكومية من استقرار وظيفي إلى حد كبير، بالإضافة إلى أنها لا تحتاج في العادة لجهد كبير، وعدد ساعات العمل بها تكون أقل من الوظائف في القطاع الخاص.. كما ان مؤسسات القطاع العام ما زالت تستطيع استيعاب أعداد الخريجين والمتقدمين للعمل..
وأعرب العماري، عن اعتقاده باستمرارية هذه المعادلة حتى يتشبع القطاع الحكومي، وعندها سيتوجه الشباب لاستكشاف الفرص الجديدة او المستجدة في القطاع الخاص. فالقطاع الخاص يتميز بالقدرة على إكساب الموظفين قدرا كبيرا جداً من الخبرات بشكل أكبر وأسرع من القطاع الحكومي، وكذلك سهولة التنقلات وتغيير التخصص وإكتساب خبرات ومهارات جديدة، بعكس القطاع الحكومي البيروقراطي.
وقال العماري انه في أثناء الأزمة المالية في الولايات المتحدة في ٢٠٠٨، تأثرت معظم قطاعات الأعمال، وقامت الكثير من الشركات والمؤسسات بالقطاع الخاص بتسريح عدد كبير من الموظفين. ولكن أقل الوظائف تأثراً هي الوظائف الحكومية، فلم يشعر الموظفون بأي تأثير يذكر من جراء الأزمة المالية.

مزايا وعيوب 
أما خالد فخرو، فيرى أن العمل بالقطاع الخاص قد يكون أفضل من ناحية المميزات والبدلات من القطاع الحكومي، لكن هناك بعض العيوب التي تنتاب القطاع الخاص في بعض الأمور المتعلقة بالمعاشات والتأمين الصحي وخلافه هي التي تجعل المواطن يتردد كثيرا في العمل فيه، نظرا لتميز القطاع الحكومي عن الخاص فيما يتعلق بالأمان الوظيفي وأيام الإجازات والبعثات الدراسية، وحتى التفرغ للدراسة أو للعلاج، وفي اعتقادي –يضيف فخرو - أن هذه الأمور هي التي تدفع الشباب القطري إلى العزوف عن العمل بالقطاع الخاص الذي يصنف العمل فيه بغير المضمون النتائج للتغييرات التي تحدث به بين الفترة والأخرى، مما يشعر الموظف بحالة من القلق والخوف على مستقبله، لكن هناك العديد من مؤسسات القطاع الخاص تستقطب العديد من الشباب القطري، مثل قطاع البنوك، والشركات المختلطة كشركات البتروكيماويات، وهذه القطاعات لا تقل عن القطاع الحكومي من حيث الرواتب والحوافز، بل تتفوق عليه أحياناً.. ولذلك أرى توجها جديدا من الشباب نحو العمل في القطاع الخاص لان المزايا في العديد من الشركات اصبحت تضاهي القطاع الحكومي وتتفوق عليه. 

المهن الفنية والإدارية
وقال خالد صالح اليافعي، خبير التنمية البشرية ان نسبة حضور المواطنين في القطاع الخاص تبقى هزيلة ولا تلبي تطلع المواطنين واستراتيجية الدولة في تعزيز التقطير في مختلف القطاعات، خاصة في ظل العدد الكبير من الخريجين سنوياً من الجامعات الباحثين عن فرص عمل، ما يحتم على شركات القطاع الخاص لعب دور الشريك في استيعابهم، وأكد صالح في تصريحات لـ العرب على أهمية تقديم الحوافز للقطريين لتشجيعهم على شغل المهن الفنية والإدارية العليا في قطاعات الأعمال والصحة والتعليم، وإيجاد فرص تدريبية عالية الجودة لجميع المواطنين كل حسب طموحاته وقدراته، بهدف بناء قوة عمل ملتزمة وذلك بتحقيق مشاركة متزايدة ومتنوعة لقطريين في قوة العمل من خلال استثمارات واسعة لمؤسسات القطاعين العام والخاص في برامج التأهيل والتدريب، مع تحسين السياسات وتحسين معلومات وأبحاث سوق العمل وتوفير خدمات عالية الجودة في مجال التوظيف وتقديم الاستشارة المهنية من خلال استحداث أساليب وطرق وأدوات جديدة للتوطين.

الأمان الوظيفي
واستعرض علي الكبيسي الاسباب التي تعزز من رغبة المواطنين للعمل بوظيفة حكومية، من بينها وجود نسبة من الامان الوظيفي أكثر منها في القطاعات الأخرى، وكذلك إمكانية انتزاع جزء من الحقوق عند التقاضي.. مؤكدا أن القطريين اثبتوا نجاحا في القطاعات غير الحكومية، لكن ما يقلق هؤلاء الموظفين هو وجود إدارة غير مسؤولة بيدها كل شيء، والحل الافضل هو اعتماد عقود عمل لا تقل عن خمس سنوات والتجديد لنفس المدة، وانهاء الخدمات يجب أن يعتمد من لجنة فض المنازعات لضمان الحياد والنزاهة على الأقل، منوهاً بأن انهاء العقد يجب صدوره قبل التجديد بما لا يقل عن 8 اشهر وذلك لمنح الموظف فرصة لإيجاد وظيفة بديلة وكذلك منحه الفرصة الكافية للدفاع امام لجنة فض المنازعات.

العقود الحالية
وأضاف الكبيسي ان العقود الحالية لا تلبي احتياجات القطاعات ولا تضع القطريين بدائرة الامان.. مشيرا الى ان المواطنين يتقدمون للوظائف من خلال مواقع الكترونية يشرف عليها غير المواطنين، وهم من يستقبلون طلبات التوظيف، وهذه معادلة لا تضمن تحقيق العدالة والنزاهة والشفافية.. مؤكدا على وجود مالا يقل عن 4 الاف وظيفة في قطاعات مختلفة يمكن تقطيرها.
وحول المطالب بوضع حد أدنى لأجر المواطنين العاملين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بحيث يكون راتب موظف القطاع الخاص مقارباً لراتب زميله في القطاع الحكومي، قال محمد بن كليب ال الشيخ الكواري، انه ليس لدينا اعتراض على مبدأ توحيد الرواتب لكننا نطالب بتسهيل الدوام وتحديده بـ 8 ساعات عمل بدلا من 12 ساعة، كما نطالب بدوام مكتبي واعطاء اجازات على غرار العمل الحكومي بدلا من 24.

معدلات هزيلة
ومن جانبه أرجع الخبير التكنولوجي خليفة هارون، معدلات التقطير الهزيلة خصوصاً في قطاع تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، إلى «عدم تحفيز القطريين على الدخول لهذا المجال»، على رغم الأهمية الكبيرة لمجال التكنولوجيا بوصفة المحرك الرئيسي لكل مجالات الحياة ودوره في تحقيق النمو الإقتصادي و»خاصة اننا مقبلون على احداث هامة ستشكل التكنولوجيا عصب جميع المجالات ولذلك لابد من دعم التقطير في هذا المجال». مؤكداً أن نسبة كبيرة من الشباب يحتاجون إلى تحديد تخصصاتهم بالشكل الصحيح في تلك المجالات، مطالبا جميع القطاعات الاقتصادية والحكومية في الدولة بالمساهمة في توفير التدريب لجميع اختصاصيي التكنولوجيا الذين يعملون في هذه المجالات. ولفت هارون إلى أن أغلب الشركات الخاصة على غرار المنشآت الحكومية، تحتاج إلى توظيف متخصصين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالنظر إلى زيادة الحاجة لأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذ قفز عدد منشآت الأعمال التي لديها سياسة لأمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطر بشكل ملموس، مؤكدا على ضرورة توافر البرامج التدريبية ووجود مدارس ومراكز للطلاب لتشجيعهم للدخول لهذا المجال لزيادة أعداد القطريين في مجال أمن المعلومات.

رقابة على التقطير
من جانبه قال عبدالرحمن ابراهيم ان خلق وظائف جديدة للخريجين الجدد يتطلب خطة تبدأ من الموارد البشرية في الجهات مروراً بوزارة التنمية ثم وزارة المالية، هذه الخطة يجب ان تضع تصورا لاحتياجات سوق العمل للسنوات الخمس القادمة، داعيا الى تحويل مفهوم التقطير من التوظيف من اجل الاستيعاب فقط الى خلق فرص وظيفية مناسبة لكل تخصص.
وأكد ان واجب الشركات الوطنية والشركات التي تساهم بها الدولة باكثر من 50% من رأس المال، تجاه الوطن والمواطن، ان تفتح ابوابها للخريجين القطريين وتخفف الضغط على القطاع الحكومي، حتى لا تتحول الكوادر في وزاراتنا الى بطالة مقنعة أو المساهمة في حدوث تضخم اداري.. ودعا الى اعتماد برنامج رقابي لمراقبة التوظيف ونسب التقطير في تلك الشركات بما فيها قطاع البنوك، وغيرها من المؤسسات التي دعمتها الدولة واصبح من واجبها ان توفر وظائف برواتب تنافس القطاع الحكومي، وذلك لمواكبة اعداد الخريجين التي ستتزايد في في السنوات القادمة وما يفرض وجود التخطيط والاستعداد لذلك.
وأكد ان الموظفين القطرييين المتخصصين او اصحاب الخبرة الذين تركوا مناصبهم هم ثروة يجب استغلالها، من خلال اعتماد برنامج للاستفادة من الكفاءات القطرية في مؤسسات ووزارات اخرى مختلفة.