

هـذا الكتابُ يتحدّث عن اليوم الآخر، الذي أخبرنا به الخالق العظيم، الرحمـن الرحيم، القوي العزيز، في كتابه المجيد .ومن خلال مسيرتي في عالم التاريخ رأيتُ كيف قامت الدول وزالت، وتوسّعتِ الحضارات ثم تبخرت، كأن لم تغنَ بالأمس، وكم من ملوك وأمراء، وقادة وحكام، وعلماء وفقهاء، وفلاسفة وعوام من الناس، لا يحصيهم إلاّ الذي خلقهم، قد ماتوا، وأصبحوا في الأمس الغابر، ودخلوا في عالم البرزخ العظيم .
هـذا الكتاب يتحدّثُ عن مصير البشرية من دون استثناء، ويجيبُ عن أسئلة حيَّرت الكثيرَ من العقول لبعدِها عن كتاب الله وسنة رسوله (ﷺ). وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ *فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ*﴾ [المؤمنون: 115 ـ 116] .
في هـذا الكتاب إجاباتٌ شافية ووافية لتساؤلات الكثير من بني الإنسان قد جمعتُها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، واسترشدتُ بأقوالِ علماء راسخين، وفقهاء ربانيين، حفظ الله جهودهم العلمية في أمهات الكتب القديمة والحديثة والمراجع والمصادر الموثوقة.
هذا الكتاب هو ضمن سلسلة أركان الإيمان، ويتألف من أربعة فصول، وهي:
في الفصل الأول: تحدثت عن حقيقة الروح، والموت، وحياة البرزخ، ويجيبُ على أسئلة متعلقة بها، هل الروحُ قديمة أم مخلوقة؟ وهل النفس هي الروح؟ وما هي مراتب النفوس؟ وهل تموت الأرواح؟ وهل للروح كيفية تُعْلَمُ؟
وكيف تقبض الروح في النوم؟ ومتى يُغْلَقُ باب التوبة ؟ وكيفية نَزْعُ الروحِ وخروجُ روح المؤمن؟ وتحدثت عن الموت وحقيقته، والحكمة من الموت. وأنّ ساعة الموت أخطرُ لحظةٍ في عمر الإنسان.
وأشرتُ إلى أسباب حُسنِ الخاتمة، كإقامة التوحيد لله عز وجل، والاستقامة، والتقوى، والصدق، والتوبة، والدعاء، والإكثار من ذكر الموت، وغلبة الرجاء، وحسن الظن بالله. كما بينت أسباب سوء الخاتمة كالشكِّ، والجحود، والتعبد بالبدع، وتسويف التوبة، وعدم الاستقامة، وتعلق القلب بغير الله، وسوء الظن بالله، والإصرار على الذنوب والمعاصي، ونسيان الآخرة، وعدم ذكر الموت، والظلم.
وتناولت الحديثُ عن حياة البرزخ، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة الدالة على عذاب القبر، وما ينتفع به الميت من عمل الأحياء، وما يتبعُ الميتَ إلى قبره، وأنَّ القبر أول منازل الآخرة، والحكمة من عذاب القبر ونعيمه، وهل عذابُ القبر دائمٌ أم منقطع ؟ وعن أسبابِ عذاب القبر والنجاةِ منه؟ وأينَ مستقَرُّ الأرواح في البرزخ، كأرواح الأنبياء، وأرواح الشهداء، وأرواح المؤمنين الصالحين وأرواح العصاة وأرواح الكفار.
وفي الفصل الثاني، كان الحديث عن علامات الساعة الصغرى والكبرى، والنفخ في الصور كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، كنزول عيسى، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، والمهدي، المسيح الدجال، والخسوفات الثلاثة، والنار التي تَحْشرُ الناسَ. والحديث عن النفخُ في الصور، وما هو الصُّوْر؟ وما هي عدد النفخات؟ والحديث عن البعث، والحشر، وأهوال القيامة، وأحوال الناس، والحديث عن البعث والأدلة على ذلك وأسماء يوم القيامة. وخُصِّصَ للحشر وأهوال يوم القيامة، وتكلّمتُ عن مكان الحشر، وصفة الناس في الحشر، وأحوالهم، وخوفهم الشديد، وبيّنتُ أهوال يوم القيامة التي ذُكِرَتْ في القرآن الكريم، كدكّ الأرض، ونسف الجبال، وقبض الأرض، وطي السماء، وتفجير البحار وتسجيرها، ومَوَرَان السماء وانفطارها، وتكوير الشمس، وخسف القمر، وتناثر النجوم، وسجود الخلائق لله سبحانه عند إتيانه للفصل بين العالمين، ونزول الملائكة. وعن أحوال الكفار وأحوال الموحدين وعصاة الموحدين. وعن الأتقياء، ووجوههم البيضاء يوم القيامة.
وفي هذا الفصل، تكلّمت عن الشفاعة، وذكرت الأدلة القرآنية والنبوية في ثبوتها، وأقسامها، وشروطها وأنواعها، كاختصاصه (ﷺ) باستفتاح باب الجنة، والشفاعة في أهل الكبائر، والشفاعة في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب، وعن الشفعاء غير النبي (ﷺ)، كالملائكة والأنبياء عليهم السلام، والمؤمنين الصالحين، والشهداء، وأولاد المؤمنين، والقرآن الكريم. وتحدثت عن الحساب، والميزان، والحوض، والصراط.
وفي الفصل الرابع: كان الحديثُ عن النار والجنة، وتناولت الحدثين عن خلودِ الجنّةِ والنارِ، وكونهما مخلوقتين موجودتين الان، ومكانهما، وأصحاب الأعراف. وتكلّمتُ عن النار، وأسمائها، وخزنتها، وصفتها، وما أعد الله لأهلها، ومطالبهم فيها، وصور من عذابها. وأشرتُ إلى موانع إنفاذ الوعيد، كالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، ودعاء المؤمنين، وإهداءِ القرباتِ، والشفاعة لأهل الكبائر، والمصائب المكفرة والعفو الإلـهي.
وفي هذا الفصل، كان الحديثُ عن الجنّة، وفصّلت في نعيم أهل الجنة، كالحديث عن طعامهم وشرابهم، ولباسهم، وحليهم، وخدمهم، ونسائهم، وعن أفضل ما يُعطاه أهل الجنة من النظر إلى وجه الله الكريم ورضوانه العظيم .
وختمت الكتاب بدعاء أهل الجنة قال تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *﴾ [يونس: 10].
إنَّ أعقل الناس هم الذين يعملون للآخرة، لأنها خيرٌ وأبقى، وإنَّ أحمقَهم الذين يرون أنَّ هـذه الدنيا هي قرارهم ودارهم، ومنتهى أمانيهم، فتجدُهم أجزعَ الناس عند المصائب، وأندَمهم عند الحوادث، لأنّهم لا يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة، ولا ينظرون إلا إلى هـذه الفانية، ولا يتفكرون في غيرها، ولا يعملون لسواها، فلا يريدون أن يعكَّر لهم سرور، ولا يكدَّرُ عليهم فرح، ولو أنّهم خلعوا حجاب الران عن قلوبهم، وغطاءَ الجهل عن عيونهم، لحدّثوا أنفسهم بدار الخلد ونعيمها وقصورها، ولسمعوا، وأنصتوا لخطاب الوحي في وصفها، إنها واللهِ الدارُ التي تستحقُّ الاهتمام والكَدَّ والجهد.
هـذا وقد انتهيت من هـذا الكتاب يوم الأحد في الساعة التاسعة إلا خمس دقائق ليلاً بتاريخ 11/ ذي الحجة/ 1430هـ الموافق لـ: 28/ 11/ 2009م بمدينة الدوحة، والفضل لله من قبل ومن بعدُ، أسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هـذا العمل، ويشرح صدور العباد لانتفاع به ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده قال تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *﴾ [فاطر: 2].
كتاب الإيمان باليوم الآخر، متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/647